لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فهمي هويدي عن ''تقسيم'': معارضة ضعيفة وأياد خارجية وإعلام مبالغ

12:22 م الثلاثاء 18 يونيو 2013

القاهرة - الأناضول:

في زمن برامج '' التوك شو''، حيث الانفعالات المتبادلة بين الضيف ومقدم البرنامج، يرسم الحوار مع الكاتب المصري الكبير فهمي هويدي أجواء أخرى، خاصة إذا كان حول تركيا والأحداث التي تشهدها حاليا، حيث كان له العديد من المقالات حول التجربة التركية في النهضة.

هدوء هويدي ورصانته في الحديث، قد لا تكون ملاءمة لمن يبحث عن الإثارة في هذه البرامج، لكنها تبدو ملاءمة لمن يبحث عن الحقيقة.

وخلال 20 دقيقة، هي زمن المقابلة التي أجراها مراسل وكالة الأناضول للأنباء مع الكاتب الصحفي والمفكر الإسلامي، لخص خلالها حقيقة ما يجري بتركيا في ثلاث عناصر هي ''المعارضة الضعيفة'' و''الأياد الخارجية'' و ''الإعلام المبالغ''.

وبدأ هويدي بالحديث عن الأسباب التي أدت إلى الاحتجاجات، مشيرا إلى أنها ''لم تكن سياسية وعقائدية''، لكنها كانت لـ''أسباب بيئية، ثم جرى استثمارها سياسيا من جانب أحزاب ضعيفة، لم تستطيع هزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم في صناديق الانتخاب، فوجدت في احتجاجات ميدان تقسيم بمدينة اسطنبول فرصة لهزيمته في الشارع''.

وذهب هويدي في تحليله إلى أن ''هذه الأحزاب عاونها إعلام مبالغ ومضلل، قام بتضخيم الحدث، فأعطاه حجما أكبر من حجمه، مع أن هذه الاحتجاجات ليست بالأمر الغريب، وحدثت كثيرا بدول أوروبية بينها فرنسا''.

وبسبب هذه ''المبالغات''، لم يستطع هويدي تقدير حجم تأثير الاحتجاجات على شعبية الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) في تركيا، وقال ''أمام التحيزات الإعلامية التي تبدو واضحة في المشهد، ليس أمامنا إلا انتظار الانتخابات المقبلة لقياس تأثيرها''.

ولا يستبعد الكاتب المصري المعروف وجود ''أياد خارجية تعبث في المشهد''، مضيفا أن ''الحفاوة الإسرائيلية بما يحدث تبدو ملفتة للانتباه''، كما أن '' النظام السوري وإن كانت لا توجد دلائل على ضلوعه بالأحداث، إلا أن رغبته الدائمة في تصدير الاضطرابات إلى تركيا من خلال التفجيرات على القرى الحدودية، تجعلنا نضعه في الصورة خلال تقييم الأحداث''.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية ما هي رؤيتك للاحتجاجات التي يشهدها ميدان '' تقسيم'' ومدى تأثيرها على شعبية الحزب الحاكم بتركيا؟

هذه الاحتجاجات لم تكن ذات بعد سياسي وعقائدي، ولكنها كانت ذات بعد بيئي خاص باعتراضات على خطة تطوير ميدان ''تقسيم''، ثم حدث لها استثمار سياسي من جانب المعارضة، ولا أستبعد البعد الخارجي فيها، لأن الحفاوة الإسرائيلية بما يحدث في إسطنبول وأنقرة تبدو ملفتة للانتباه.

أما ما يتعلق بتأثيراتها على شعبية الحزب الحاكم، فهذا أمر يصعب تقديره بسبب التحيزات الإعلامية التي تبدو واضحة في تغطية الأحداث، ومن ثم فإنه ليس أمامنا إلا انتظار نتيجة استفتاء أو انتخابات لقياس هذه الشعبية.

وأتصور أن الانتخابات (المحلية) التي ستشهدها تركيا بعد عدة أشهر ستكون مهمة لكونها ستجيب على هذا السؤال، فمن خلالها يمكن قياس شعبية حزب العدالة والتنمية ليس في أوساط النشطاء فقط، ولكن في أوساط الشعب التركي بأكمله.

البعض يرى في أداء الحكومة التركية عنفا مبالغا في التعامل مع المحتجين، والبعض الآخر يراه عنفا مبررا؟

الحكم من الخارج هو حكم من خلال وسائل الإعلام، ووسائل الإعلام فيما يتعلق بالاحتجاجات في تركيا لم تكن محايدة، فهناك مبالغات تبدو واضحة.

ولكن أتصور أن الذي وسع من نطاق الاحتجاجات هو سلوك الشرطة، التي بدت خشنة أكثر من اللازم، وهو ما أوجد ذريعة لدى البعض للمشاركة في الاحتجاج، فساعد ذلك على توسيع نطاق الاحتجاجات.

وماذا عن البعد الإقليمي في الاحتجاجات، هل تعتقد أنه حاضرا؟

لا شك أن هناك حفاوة من جانب المحور ''السوري - الإيراني''، لكن هناك فارق بين الحفاوة والأيادي التي تعبث في المشهد، ولا أستبعد - على الأقل - من جانب سوريا وجود تدخلات في المشهد.

فالمسعى السوري لتصدير الاضطرابات إلى سوريا أمر مفروغ منه ومفهوم، وحدث قبل ذلك من خلال التفجيرات على القرى الحدودية، ومن ثم فإنه من قبيل الاستنتاج السياسي، نستطيع القول إن لسوريا دور، ولكن ما هي دلائل ذلك.. حتى هذه اللحظة لا يوجد.

بدت أن هناك محاولات لإطلاق وصف ''الربيع التركي'' على الاحتجاجات في تركيا، كيف استقبلت هذا الوصف؟

الربيع كلمة صارت فضفاضة وجرى ابتذالها، ومع ذلك فإن الربيع في العالم العربي أخذ صورتين هما إما اسقاط النظام أو إصلاح النظام، وما حدث في تركيا ليس إسقاطا ولا إصلاحا، فالاحتجاجات بدأت بمشكلة متعلقة بالبيئة، ثم حاولت القوى التي فشلت في الانتخابات أمام حزب ''العدالة والتنمية'' استثمارها، فهي عجزت عن أن تهزمه في الصندوق، فوجدت في هذه الاحتجاجات فرصة.. خلاصة القول، ما حدث لا علاقة له بالربيع، فليس كل تظاهر يعد ربيعا.

ما هي آفاق الحل من وجهة نظركم، فالملاحظ أن المشكلة تهدأ ثم تشتعل، ثم تعود للهدوء، وهكذا؟

إحدى مشكلات تركيا أنها بلد ظلت القوى المختلفة تعمل فيها لأكثر من 40 سنة، الإسرائيليون والأمريكيون وتجار المخدرات والرقيق. فهي بلد مفتوح، موقعة جعله ساحة لعناصر كثيرة، ومعركة الدولة العميقة مع الحزب الحاكم التي بدأت منذ 10 سنوات لم تنته بعد، فهناك أطراف عدة أضيرت مصالحهم بسبب سياسات حزب ''العدالة والتنمية''، لذلك لا أحد يعرف كيف تنتهي ولا متى تنتهي الاحتجاجات، ولكن حكمة الآداء السياسي ستكون العنصر المهم في احتوائها، وإن كنت أرى أن هناك محاولات جادة لاستدراج (رئيس الحكومة رجب طيب) أردوغان لمواجهات داخلية المراهنة فيها على حدة وقسوة الشرطة من أجل توسيع نطاق الاحتجاجات.

وسائل إعلام مصرية حاولت الربط بين الأداء الرسمي المصري والتركي في التعامل مع الاحتجاجات، كيف قرأت ذلك؟

الوضع في الدولتين يبدو مختلفا تماما.. أنت في تركيا أمام نظام سياسي مستقر وأغلبية كبيرة (للحزب الحاكم) في البرلمان، ثم إن المظاهرات هناك لم تخرج في البداية ضد النظام، هي خرجت من أجل موضوع بيئي، ثم انتهت بمظاهرات ضد النظام.

كما أن المتظاهرين لا يتكلمون عن إصلاح سياسي، غاية ما هناك، أنهم قد يعترضون على تغيير الدستور وتحويل تركيا لنظام رئاسي، هذا فضلا عن أن استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية لا يقارن بين مصر وتركيا.

يمكن أن يكون وجه الشبه الوحيد هو ضعف أحزاب المعارضة في مصر وتركيا، ففي كلا الدولتين، لا يوجد البديل المقنع، وهو ما جعل حزب ''العدالة والتنمية'' يحقق شعبية، جعلت المشاركين بالاحتجاجات يرفضون الاحتكام للاستفتاء في قضية تطوير ''ميدان تقسيم''؛ لأنهم يعلمون أن النتيجة ليست في صالحهم، لكن لا أتصور الآن أن الرئيس المصري (محمد مرسي) يمكن أن يكون متمتعا بنفس الشعبية، فشعبيته كانت بعد 100 يوم من الحكم 70 %، ثم وصلت الآن إلى 42 %.

هذه الشعبية التي تحدثت عنها، ألا ترى أنها كافية لتقوية موقف أردوغان في الأزمة؟

لا مجال لاختبار ذلك إلا عبر الانتخابات، ففي كل الديمقراطيات الاحتجاجات واردة بسبب تباين في رؤية بعض القضايا بين بعض فئات المجتمع والسلطة الحاكمة، ولا مجال إلا احتوائها والتعامل معها.

أفهم من ذلك أنك لا ترى أن ما يحدث في تركيا غريبا؟

ليس مستغربا، وفرنسا على سبيل المثال تشهد أشياء كثيرة من هذا القبيل.

وماذا عن '' شرعية الإنجاز '' ودورها في احتواء الأزمة ؟

لا جدال أن حكومة أردوغان تتمتع بشرعيتي ''الصندوق '' و''الإنجاز''، وهذا كاف لتعضيد موقف أي حكومة، فدخل المواطن التركي تضاعف أربع مرات، والديون (الخارجية على تركيا) تم الوفاء بها جميعا.

ولكن إحدى المشكلات أن وسائل الاتصال الحديثة أصبحت قادرة على التهويل من ظواهر اجتماعية لتبدو وكأنها كوارث في حين أنها مسائل محدودة النطاق.

الخلاصة أن هناك انجازات تحققت في تركيا وتفاهمات بين السلطة والمجتمع تخفق في أشياء وتنجح في أخرى، والانتخابات هي السبيل الوحيد لاختبارها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان