خبراء: تصديق إثيوبيا على ''عنتيبي'' استعراض قوة.. ولابد من الحوار
كتب - عمرو والي:
أكد خبراء مياه ومتخصصون في المياه و الشأن الإفريقي أن تصديق البرلمان الإثيوبي على اتفاقية ''عنتيبي'' لإعادة توزيع حصص مياه النيل، قبل أيام، سيكرس الصراع والصدام بين دول الحوض، مشيرين إلى أن أديس أبابا أقدمت على هذه الخطوة لزيادة الضغوط على مصر من أجل قبول سد النهضة.
وقال الخبراء إن الاتفاقية غير ملزمة لمصر، ولن يهدر حقوقها التاريخية في المياه عند اللجوء للمحافل الدولية، مطالبين في نفس الوقت بضرورة التحرك الدبلوماسي الفعال لإيجاد حلول وسط تحقق مصالح دول المصب والمنبع.
"استعراض قوة"
وقال الدكتور مغاوري شحاتة دياب، خبير المياه الدولي، إن تصديق البرلمان الإثيوبي على اتفاقية "عنتيبي" شيء متوقع ولم يكن فيه أي مفاجأة على الإطلاق، مشيراً إلى أن إثيوبيا هي الداعم الأساسي لدول المنبع للتوقيع على الاتفاقية.
وأضاف شحاتة في تصريحات لمصراوي أن مشكلة مصر المائية تتلخص فيما وصفه بـ"التعنت" الإثيوبي تجاه مصر؛ "بالتالي فهي تريد إثبات أنها الأقوى ببناء سد النهضة وممارسة المزيد من الضغوط على مصر من أجل هذا الهدف".
وتابع: "دول حوض النيل أصرت على التوقيع على الاتفاقية، ومؤخراً أعلنت جنوب السودان توقيعها على الاتفاقية عاجلاً أو آجلاً".
ولفت خبير المياه إلى أنه "من الممكن إعادة تقسيم حصص مياه النيل، بعد أن غاب عن المفاوض المصري أنه يمكن أن تنقل المياه من حوض النيل إلى دول ملاصقة أو مجاورة".
نقاط خلافية
وطالب شحاتة بتعديل اتفاقية "عنتيبي" من النقاط الخلافية التي تمنع مصر من التوقيع عليها، موضحا أن النقاط ممثلة في الإخطار المسبق، والذى يوضح الإجراءات المسبقة لإبداء أية دولة رغبتها في إقامة أي منشأة على النيل إضافة إلى الخلاف حول آلية اتخاذ القرارات المعنية بالعلاقات بين دول الحوض والمشروعات المتعلقة بالاستفادة من موارد النهر هل تكون القرارات الخاصة بها عند التصويت بالإجماع أو بالأغلبية؟
وأكد شحاتة على أن عدم توقيع مصر الاتفاقية لا يهدر حقوقها المائية في المحافل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة إذا ما اقتضى الأمر اللجوء التحكيم الدولي.
وقال إن "تصديق الاتفاقية الإطارية من شأنه عدم اعتراف دول المنبع بمبدأ الإطار المسبق في إقامة أي سدود على روافد النيل الأزرق".
"تكريس الصراع "
وفى نفس السياق يرى الدكتور حسين العطفي، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أن التصديق على اتفاقية "عنتيبى "سواء من إثيوبيا أو جنوب السودان التي أعلنت التوقيع على الاتفاقية سيكرس الصدام والصراع بين دول حوض النيل بشكل عام.
وأضاف العطفي في تصريحاته لمصراوي أن من الضروري في الوقت الحالي اللجوء إلى الحوار الهادف والجاد لتقريب وجهات النظر بين دول حوض النيل وبحث الخلافات حول "عنتيبي" وسد النهضة الإثيوبي والعمل على إيجاد مبادرات فاعلة وصولاً إلى صيغ توافقية تحقق مصالح كل الدول في التنمية دون المساس بحصص المياه.
الحل الدبلوماسي
وشدد العطفي على وجوب التحرك دبلوماسيا مع مؤسسات المجتمع الدولي والإفريقي ومنظمات حقوق الإنسان واصفاً موقف مصر المائي بالحرج.
وأشار الوزير الأسبق إلى نجاح إثيوبيا على الجانب الإقليمي عن طريق الدعوة لحقها في بناء هذا السد، مؤكدا ضرورة تهدئة المناخ والتفاوض الجاد وهو ما ظهر بوادره خلال زيارة وزير الخارجية محمد كامل عمرو إلى إثيوبيا و"لكن نحتاج إلى مزيد من هذه الجهود"، حسبما قال.
وأوضح العطفي أن توقيع أو تصديق برلمانات الدول الموقعة على "عنتيبي" مسؤولية من قام بالتوقيع عليها، مرجحاً أن يكون توقيت الإعلان مواكباً لرغبة المسؤولين الإثيوبيين في إعادة الثقة لمواجهة الأزمات الداخلية.
ضغوط إثيوبية
وقال هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل والسودان بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن إقدام البرلمان الإثيوبي على التصديق على اتفاقية عنتيبي جاء نوعاً من التصعيد أفريقياً من قبل إثيوبيا وفرض لسيطرتها الإقليمية على حوض النيل.
وأضاف رسلان في تصريحاته لمصراوي أن أزمة سد النهضة أكبر وأعمق من هذه الخطوة، ملفتا إلى أن التصرف الإثيوبي له طابع سياسي واستراتيجي من أجل الهيمنة على تدفق المياه نحو الشمال وبالتالي يجب على المسؤولين في مصر التعامل مع القضية بحذر شديد، كما قال.
وأوضح رسلان أن عدم توافر المعلومات الكافية عن السد وتمويله وآثاره على مصر والتعامل مع الأزمة منذ بدايتها عموماً يوحي بنوع من السلبية مشيراً إلى أن ذلك ظهر فى تضارب التصريحات الرسمية فتارة يتم الأداء الحكومى بالعقلانية والتوازن وتارة أخرى نجد تصعيد مبالغاً فيه دون مبرر وبالتالي فليس هناك مؤشراً لتحقيق نجاحات أو حتى الوصول لحلول واقعية .
"اتفاقية عنتيبي"
ويعتبر تصديق البرلمان الإثيوبي على اتفاقية "عنتيني"، اتفاق يحل محل الاتفاقيات التي أبرمت في عهد الاستعمار، والتي تمنح مصر والسودان أغلب الحقوق في مياه النهر الأطول في العالم.
وتعد اتفاقية عنتيبي هي الترجمة غير الرسمية للاتفاق الذي لقى رفضا من دول المصب "مصر والسودان"، لأنه ينهى الحصص التاريخية للدولتين، بعدما نص الاتفاق الذي وقع في مدينة "عنتيبى" الأوغندية على أن مرتكزات التعاون بين دول مبادرة حوض النيل تعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول ، بأن تنتفع دول مبادرة حوض النيل انتفاعا منصفا ومعقولا من موارد مياه المنظومة المائية لنهر النيل.
يشار إلى أن وزير الموارد المائية والري في جنوب السودان بول مايوم أعلن الثلاثاء قبل الماضي أن بلاده ستوقع على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل "عنتيبي"، موضحا أن الاتفاقية تنتظر التصديق من البرلمان.
فيديو قد يعجبك: