إعلان

الشيعة يحكمون مصر.. 200 عام بلا اضطهاد للسنة.. والمقاومة بالفن التشكيلي

04:10 م الخميس 27 يونيو 2013

كتب - حسين قاسم :

مرت مصر عبر تاريخها الطويل بالعديد من التحولات الدينية والعقائدية، بداية بالعصر الفرعوني مروراً بالأقباط المسيحيين وصولاً الى المسلمين السنة، ثم مكوثها نحو قرنين كاملين تحت الحكم الشيعي، لينتهي بها المطاف مرة أخرى إلى المذهب السني الذي تستمر تحت ظلاله إلى الآن.

أما عن دخول المذهب الشيعي مصر، فكانت الظروف الداخلية لمصر مضطربة والمصريون يشعرون بضيق شديد من حكم الأخشيديين ومن قبلهم حكم الولاة العباسيين، فكان المصريون يتطلعون إلى أي تغيير حتى وإن كان هذا التغيير هو غزو الفاطميين أصحاب المذهب الشيعي –الإسماعيلي- لمصر السنية ، ليسطر المؤرخون مرحلة جديدة في التاريخ المصري عن مقاومة حدثت بين شعب صارع للحفاظ على هويتة الدينية مقابل طرف محتل يتفهم ولم يتشدد لينساق فى النهاية ويرضخ ، و كل ذلك في إطار من المناورات والانتقادات اللاذعة دون اللجوء إلى الأسلوب الدموي من كلا الطرفين.

ردود أفعال المصريين تجاه المد الشيعي

وحيث كان أهل مصر في ذلك الوقت من المسلمين علي المذهب السني، وأكثرهم علي الطريقة الشافعية والمالكية، ولكنهم في ذلك الوقت كانوا معروفين بحب آل البيت ، فأقام لهم المزارات بالمساجد، وأُطلق أسماءهم على الميادين والأحياء السكنية ـ حتى لمن لم تطأ قدمه أرض مصر ـ مثل الإمام زين العابدين ، و ربما ذلك يرجع إلي قدوم عدد من آل البيت إلى مصر فراراً من الخلافة الأموية والعباسية التي بطشت بهم، و من هؤلاء السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، و السيدة سكينة إبنة الإمام الحسين.

ولأن الشعب المصرى قد تميز ـ تاريخيا ـ بالإنحياز إلى الوسطية والاعتدال، والبعد عن الغلو والتطرف ، فلقد ظل على إنتمائه إلى مذهب أهل السنة فى الأصول والفروع، ومن ثم ظل على رفضه لمذهب الشيعة ـالرافضة- الذين رفضوا خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وكتبوا على منابر مساجدهم ـ بمصر ـ لعن أبي بكر وعمر بحروف من ذهب، رفض الشعب المصرى ـ وهو تحت الحكم الشيعى ـ مذهب الشيعة الرافضة. بل وأصبح الانتساب إلى هذا المذهب ـ فى عرف الشعب المصرى ـ نقيصة وسبة يسبها المصرى من يكره، فيقول له لا يا ''إبن الرافضى''، ولذلك قامت الفجوة الواسعة بين السلطة الفاطمية الحاكمة وبين القاعدة الشعبية المصرية السنية .

المصريون يقاومون الشيعة بالشعر و الفن التشكيلى

وبعد هذا الرفض الشعبى من أغلبية المصريين للمد الشيعي بدأت تظهر العديد من طرق الاعتراض والمقاومة والتى لم تخرج حينها عن السلمية. ولأن الشيعه كانوا ـ ولا يزالون ـ يكرهون معاوية بن أبى سفيان ، فإن المصريين أثناء تظاهرهم ضد مظالم السلطة الفاطمية، والغلو الشيعى، كانوا يغيظون الفاطميين فيهتفون لمعاوية بن أبى سفيان، ويقولون: ''معاوية خال المؤمنين''.

ولأن الفاطميين كانوا يتمذهبون بنظرية الإمامة الشيعية، التى ذهبت فى الغلو إلى حد تأليه الأئمة، وإدعاء علمهم للغيب، فلقد ظل المصريون يسخرون من هذا الاعتقاد الشيعي، حتى لقد كتبوا ''منشورا'' نظموه شعرا، ووضعوه على منبر الجامع الأزهر، حتى إذا صعد عليه الخليفة العزيز بالله ليخطب، وجد ''المنشور''، الذى يسخر فيه الشاعر المصري من الخليفة ومذهبة الشيعي، وفيه يقول: بالظلم والجور قد رضينا. وليس بالفكر والحماقة إن كنت أعطيت علم غيب. فقل لنا: كاتب البطاقة !

 

واستخدم المصريون أيضاً ''الفن التشكيلي'' فى مقاومة المذهب الشيعي، فصنعوا تمثالا من ورق، لإنسان يمسك بيده ''عريضة'' يقدمها للخليفة الفاطمي الحاكم بأمر ، وأوقفوا هذا التمثال فى طريق الحاكم، فتقدم الحاكم ليتناول العريضة فإذا هى نقد لاذع للسلطة الفاطمية وغلوها فى الدين، فلما هم الحاكم بأمر الله أن يأمر بالقبض على حامل العريضة إذا هو تمثال من ورق مقوى !

موقف الفاطميين من أهل السنة

عامل الفاطميين أهل السنة معاملة حسنة لدرجة أن أهل السنة نكاية في الشيعة، إحتفلوا باليوم الذي دخل فيه الرسول مع أبو بكر الغار، وتركهم الفاطميين يحتفلون بهذه المناسبة بمنتهي الحرية ، كذلك خفف الحاكم بأمر الله مظاهر التعصب للمذهب الشيعي إرضاء للسنة فأبطل لعن الخلفاء الثلاثة ، كذلك أجاز الفاطميين تدريس مذاهب السنة.

وعلى الرغم من حماس الفاطميين الشديد في نشر المذهب الشيعي، فإن الدولة لم تجبر أحدا على اعتناقه، ولم تتعصب ضد المذاهب الأخرى، فقد تولى السنة والأقباط واليهود مناصب مهمة في الدولة.كذلك عامل الفاطميين أهل الذمة في مصر معاملة حسنة وسمحوا لهم بالاحتفال بأعيادهم بمنتهي الحرية وشاركوهم الإحتفال .

نهاية الحكم الشيعي وسقوط الفاطميين

وكان من الطبيعي لدولة بينها وبين الشعب هذا الحاجز الفكري والعقدى الكبير، وتستند فى حكم الأمة إلى الأقليات، أن تصاب بالضعف والاضمحلال ـ على الرغم من الإنجازات المادية التى حققتها ـ ففتحت عوامل الضعف هذه الثغرات التى أدت إلى هزيمة هذه الدولة الشيعية أمام الغزوة الصليبية، فسقطت القدس بيد الصليبيين 1099 م ، ولم ينقذ مصر والقدس من مأساة هذه الدولة الشيعية إلا الجيش السنى والسلطة السنية التى قادها صلاح الدين الأيوبى[1137 - 1193م] ،والذى أعاد الدولة المصرية إلى المذهب السنى، وأعاد الأزهر جامعة سنية، فتحقق الانسجام الفكرى بين ''الدولة'' وبين ''الأمة'' منذ ذلك التاريخ.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان