إعلان

حوارات من سيناء.. حماس و''آل اعتيق''

02:09 م الأحد 09 يونيو 2013

كتبت – سارة عرفة وسامي مجدي:

لم نكن نريد أن نجعل من ذلك النقاش حوارا للنشر، لكن ما قيل فيه جعلنا نحاول أن نستخلص منه ما يمكن أن يوضح رؤية آل اعتيق (عبد الهادي وسعيد) للأوضاع في سيناء، وما يرونه من تغلغل حمساوي في أرض الفيروز   التي باتت شواهده ظاهرة للعيان، كما يقولان، وتداعياته طفت على السطح وأججت نزاعا بين القبائل السيناوية وأحدثت الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، حتى بات السلاح هو الحاكم.

يقول سعيد وأخوه إن ذلك ظهر في الصراع بين شركتي ''البراق'' وأبناء سيناء'' على توريد نقل مواد البناء إلى قطاع غزة في إطار مشروع إعمار غزة المدعوم قطريا، وهذا موضوع تحقيق مستقل، ستنشر تفاصيله قريبا.

قضينا نحو أربع ساعات في نقاش رباعي، نحن - محررا مصراوي - والحاج عبد الهادي، وأخيه الناشط سعيد أعتيق، الملقب بـ ''غاندي سينا''، في ضيافتهم بقرية بئر شيبانة الواقعة على الحدود مع إسرائيل، طال حديثنا عن سيناء وأوضاعها الإخوان وتصرفاتهم، وحركة حماس – والتي لها النصيب الأكبر من النقاش جنبا إلى جنب مع قرار وزير الدفاع رقم ٢٠٣ لسنة ٢٠١٢ والخاص بحظر تملك الأراضي في الشريط الحدودي بين مصر وإسرائيل بعمق ٥ كيلو مترات - لمعرفة أوجه اعتراض أهالي القرية على القرار ومعارضتهم له اضغط هنا

شرعية المقاومة

بداية يقول الحاج عبد الهادي ''لابد أن نوضح أن حركة حماس تعمل من أجل التنظيم (الإخوان المسلمين) ولا تعمل من أجل القضية الفلسطينية، والمعلوم أن حماس تستمد شرعيتها من المقاومة، وهذه الشرعية فقدتها بسبب الهدنة (التي وقعها مؤخرا مع إسرائيل برعاية مصرية)''.

ونشأت حركة حماس في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي في قطاع غزة الواقع وقتها تحت الاحتلال الإسرائيلي، على يد الشيخ أحمد ياسين، وهي أحد أفرع جماعة الإخوان المسلمين، وكانت نشأت الحركة بموجب قانون إسرائيلي. وكما الجماعة  التي كان نشاطها في بداية الأمر مركزا على الشأن التربوي والدعوي فقط، إلا أنها اتجهت للعمل السياسي والعسكري مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى المعروفة باسم ''انتفاضة أطفال الحجارة (الأولى)'' في سنة 1987.

وفي أواخر العام المنصرم وقعت حماس هدنة مع إسرائيل بعد عدة أيام من هجوم إسرائيلي على غزة، جاء بعد اغتيالها لقائد كتائب القسام أحمد الجعبري، ولأول مرة تطال صواريخ المقاومة تل أبيب عاصمة الدولة العبرية، وهو ما اعتبرته حماس تقدما كبيرا في صراعها الممتد مع إسرائيل.

أنفاق التهريب

أنفاق

وتواجه حماس مشاكل جمة في غزة، التي تحكمها منذ أن فازت بالانتخابات التشريعية في 2006 وشكلت حكومة برئاسة إسماعيل هنية، ثم أقيلت بعد ذلك، وحوصر القطاع من قبل الاحتلال الإسرائيلي في 2007 ولا يزال الحصار مفروضا حتى الآن.

ويوضح عبد الهادي أن حماس كحركة لا تقدر على مواجهة مشاكل غزة الاقتصادية والاجتماعية، فالقطاع يعيش – كما يقول – على المعونات وأنفاق التهريب، التي تعتمد عليها حماس كليا.

وتقدر عوائد التجارة عبر الأنفاق بين مصر وغزة بمليارات الجنيهات سنويا للطرفين، وتعتبر الأنفاق بمثابة شريانا للحياة بالنسبة لأهل غزة، الذين يعتمدون عليها بشكل كبير خاصة في نقل مواد البناء والسلاح المحظور دخولها عبر المنافذ الشرعية سواء رفح أو كرم أبو سالم أو العوجا.

ويؤكد سعيد أعتيق أن ''غلق الأنفاق معناه موت حماس.. وهي لها مصالح كثيرة في سيناء في شكل مشاريع اقتصادية يديرها عادة أشخاص من سيناء من الباطن لصالح الحركة''.

وأضاف سعيد أن حماس ساندت في بعض المرات قبائل في سيناء وأمدتها بالسلاح، وذلك في نزاع تلك القبائل مع أخرى على قطع أرض أو أي نزاع آخر، حسب قوله.

وتعالت الأصوات المطالبة بإغلاق الأنفاق على الحدود مع غزة، في أعقاب مقتل 16 جنديا مصريا في رفح في أغسطس الماضي، والاتهامات التي طالت حماس بالتورط في الواقعة. كما أن هناك من يقول إن الأنفاق تستخدم في تسلل الجهاديين من وإلى سيناء.

يقول أعتيق الصغير إن حماس صدّرت الجماعات المتطرفة التي لم تستطع التعامل معها في القطاع إلى سيناء، وذلك في ظل غياب الدولة المصرية. ويرى أن التواجد ''الغزاوي – الحمساوي'' في سيناء نابع من أن الحركة ليس لديها أي بديل آخر في ظل النمو السكاني الرهيب في القطاع.

ووفقا لآخر إحصاء رسمي (2011) بلغ عدد سكان غزة أكثر من 1.8 مليون نسمة، موزعين على 360 كيلو متر مربع، ومعظمهم من لاجئي 1948، وهو بذلك من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.

''اللوم على مصر''

لا يلوم آل اعتيق على حماس في شيء، بل يلقون باللائمة على الدولة المصرية التي همشت وأهملت سيناء، وكان أن استغلت ذلك حماس وبعض الحركات الجهادية الأخرى بشكل جيد وثبتوا أقدامهم فيها، و''هذا مثالا واضح جداً من معارضة سكان رفح وغيرهم لهدم الأنفاق''.

يضاف إلى هذا الاختراق المخابراتي الحاصل من جهاد كثيرة على رأسها الموساد الإسرائيلي ومخابرات حماس، وهذا ما أكده سعيد أعتيق وشدد عليه في لقاء سابق مع مصراوي الحاج حسن خلف كبير مجاهدي سيناء.

ويؤكد الحاج عبد الهادي أن المنطقة الحدودية مع إسرائيل ومنها القرية التي يسكنها، مراقبة وبها مجسات إسرائيلية على طول الحدود.

''تهريب البشر''

سيناء

انتقلنا في حديثنا مع الحاج عبد الهادي وسعيد أعتيق إلى قضية ما يعرف بـ''تهريب البشر أو الأفارقة'' إلى إسرائيل، وكان رأيهم أن الدولة المصرية لا تتعامل مع هذه الأزمة بالشكل الصحيح؛ فالحاج عبد الهادي يقول ''سيناء أخر حلقة في تهريب البشر. لماذا لا يتم التعامل مع القضية من منبعها في حلايب وشلاتين؛ فالمعروف أن الأفارقة يأتون عبر الحدود الغربية ويقطعون الصحاري حتى الوصول إلى سيناء ومنها إلى إسرائيل''.

والمعروف أيضا أن مهربي البشر يقطعون مصر من غربها حتى شرقها عبر طرق ومدقات تشق بطن الصحاري الممتدة، وهم يسلكون سبلا يصعب على الأمن مراقبتها، وهم أيضاً يعبرون نفق الشهيد أحمد حمدي حتى يصلوا إلى سيناء ومنها إلى إسرائيل.

وتهريب البشر تجارة رائجة وتحقق مكاسب كبيرة للعاملين فيها، وهي بمثابة ''مافيا'' تعمل مترابطة، حسب وصف قاله لي أحد مشايخ سيناء ذات مرة. وتتحدد تسعيرة تهريب الأفارقة حسب الجنسية، فمثلا السوداني يتكلف من 700 إلى 1000 دولار أمريكي، والأريتيري تصل تسعيرة تهريبه إلى 1500 دولار، وهكذا، حسب الشيخ السيناوي الذي على تواصل مع بعض كبار المهربين.

وأحيانا تبوء محاولات التهريب بالفشل وتنتهي رحلة الأفريقي إما بالموت على أيدي حرس الحدود المصري أو الإسرائيلي أو في غياهب السجون حتى ترحيله إلى موطنه الأصلي، أو يجد من يأويه من أهل سيناء ويجد له عملا يعيش منه، كما فعل سعيد نفسه مع مواطن إريتري أقنعه بعدم السفر إلى إسرائيل، وأوجد لها عملا في الشيخ زويد التي يعمل بها حتى الآن.

ويرى سعيد أن هناك تواطئا مع بعض القيادات الأمنية حتى يسمح لهم بقطع كل تلك المسافات دون أن يوقفهم أحد، وهو يتعجب من ذلك الأمر كثيرا، ويقول ''إذا أرادت الدولة منع تهريب الأفارقة فلتبدأ من المنبع عند حلايب وشلاتين وليس من سيناء آخر حلقة في المسلسل''.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان