وزير الخارجية: ما حدث ليس انقلابا بل مبادرة من الشعب بعزل مرسي
القاهرة - (د ب أ):
أكد وزير الخارجية نبيل فهمي أن ما حدث في مصر في الثلاثين من يونيو وما بعده ليس انقلابا عسكريا ، ودعا مختلف الأطراف الدولية إلى الاطلاع على المعلومات الدقيقة قبل إطلاق تصريحات تتعلق بالتطورات المصرية.
وشدد فهمي في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) تنشرها قبل زيارة يقوم بها وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله غدا الخميس إلى القاهرة على أن ما حدث في مصر ''ليس انقلابا لأن المبادرة كانت من الشعب''، مشيرا إلى أنه ''بعد قيام الجيش بعزل الرئيس السابق محمد مرسي سلم الحكم على الفور لرئيس مؤقت هو رئيس المحكمة الدستورية وفقا للدستور لأنه ليس هناك برلمان. وما حدث لم تتوفر فيه عناصر الانقلاب''.
وأضاف :''في عام 2011 حدث نفس الشيء وما هو أكثر. فقد قال الشعب كلمته وتصرف الجيش وحكم لمدة عام ونصف ولم يطلق على ذلك انقلاب''.
وحول دور الجيش في المرحلة الراهنة، قال فهمي :''الجيش جزء من الحكومة التي يرأسها مدني والحكومة مسؤولة أمام الرئيس''، ولكنه اعترف بقيام الجيش ''بدور بارز بالنسبة للأمن لأننا نمر بظروف استثنائية .. نحاول فيها توفير مناخ آمن نتمكن فيه من تنفيذ خارطة الطريق''.
وحول تزايد أعداد الضحايا في مظاهرات مؤيدي مرسي في الأحداث التي شهدتها مصر مؤخرا، قال فهمي :''نأسف لسقوط ضحايا ، وما حدث كان مأساة، حيث حدث احتكاك بين المتظاهرين وسكان المنطقة وتدخلت الشرطة لأنها لا تريد ذلك''.
وشدد على أنه ''من المهم التحرك للأمام لنزع فتيل التوتر والعنف وأن يكون التظاهر سلميا''.
''المعلومات الدقيقة أولا''
وحول تصوره للدعم الذي يمكن أن تقدمه أوروبا وخاصة ألمانيا للتحول الديمقراطي في مصر، أكد على ضرورة ''الاطلاع أولا على المعلومات الدقيقة قبل إطلاق التصريحات لأن التصريحات يفسرها كل طرف حسب هويته ومصالحه، وقد تكون بعيدة عن الواقع ولا تخدم القضية المرجوة''.
وأضاف :''أثق تماما في أن ألمانيا تأمل أن تشهد مصر وغيرها من الدول نظما ديمقراطية صحيحة ومستقرة ، ولا غبار في ذلك إطلاقا ، ولذلك لم أستغرب المتابعة الألمانية للأحداث ولم يقلقني هذا على الإطلاق.. كنت سأقلق إذا لم يكن هناك اهتمام''.
وأردف :''هذه الحكومة بالتحديد عليها أن توفر احتياجات المواطن المصري العادي وأن تبدأ في الاستجابة لتطلعاته، والاقتصاد المصري في مرحلة صعبة نتيجة لانخفاض السياحة والاستثمار.. كل هذه أمور نركز عليها ونعمل على استعادتها، ومن ثم فإن مواقف دول صديقة مثل ألمانيا في توفير الدعم الاقتصادي وتشجيع الاستثمار ودفع المؤسسات الدولية لتوفير المساعدات العاجلة لمصر كلها أمور مهمة ومشكورة''.
وفيما يتعلق بإمكانية الاستجابة لمطالبة وزير الخارجية الألماني بإطلاق سراح مرسي ، قال فهمي :''الرئيس محتجز في مكان آمن ، وهناك عدة اتهامات يجري التحقيق فيها معه ، والتحقيقات ستوضح ما إذا كان هناك اتهام رسمي أم لا.. وسيتم تطبيق الإجراءات القضائية الطبيعية، وإذا لم تكن هناك أدلة لن تكون هناك قضية.. وسوف يتم إطلاق سراحه في الوقت المناسب''.
زيارة فيسترفيله ''فرصة''
وحول توقعاته لنتائج زيارة فيسترفيله لمصر، قال :''الوزير الألماني زار مصر أكثر من مرة منذ 2011 وزار ميدان التحرير، وهو من طلب هذه الزيارة لمصر، وجرى بيننا اتصال هاتفي قبل أيام تناول الموقف في مصر والعلاقات بين الدولتين بوجه عام.. الحكومة الألمانية مهتمة بما يحدث في مصر وزيارة الوزير فرصة لأشرح له حقيقة ما يحدث''.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت زيارة مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون لمرسي مهمة وساطة من جانب الاتحاد الأوروبي، قال :''هي ليست وساطة بصورة رسمية ، وأي أحد لديه مقترحات جيدة وقدرة أفضل على إقناع الإخوان المسلمين بوقف التحريض على العنف والمساعدة في اتخاذ إجراءات لوقف الوضع غير الآمن في ميداني رابعة العدوية والنهضة وغيرهما سيكون مفيدا''، معتبرا أن من شأن هذا أن يفتح الباب ''لتشجيع كل المعنيين، وأؤكد كل المعنيين، ومنهم الإخوان المسلمين للمشاركة في لجنة الدستور ولجنة المصالحة والانتخابات''.
وعما إذا كانت الحكومة الجديدة ستتبنى سياسة جديدة مع المنظمات غير الحكومية، قال :''أعتقد أنه بمجرد استقرار الوضع الأمني سوف تكون الحكومة الحالية قادرة على أن تعبر بفعالية عن نفسها في مختلف المجالات.. وهناك الكثير من القوانين التي تحتاج إلى مراجعة، وسيتم مراجعتها بروح الثورة والديمقراطية والصراحة. ولكنى لا أستطيع أن أتحدث عن مدى تأثير ذلك على قضية معينة''.
''هويتنا عربية بجذور أفريقية
وحول العلاقات مع الدول العربية والإقليمية التي كان لها موقف غير مرحب بعزل مرسي، قال الوزير :''أؤكد أن الهوية المصرية عربية بجذور أفريقية، ما يعني أن انطلاقتنا عربية في المقام الأول ، ومن ثم من مصلحتنا أن تكون لنا علاقات طيبة مع العالم العربي وأن يدار أي اختلاف في الرؤى إدارة حسنة حتى وإن كان هناك تباين في المواقف، ومن هذا المنطلق ننظر إلى مجمل العالم العربي نظرة إيجابية ونعظم الإيجابية بدول مثل السعودية والإمارات والكويت وكذلك الجزائر والمغرب وأيضا الأردن''.
وأضاف :''وبالنسبة لدول أخرى فالباب سيظل مفتوحا كلما ظهر استعداد للمضي قدما ودون تفكير في الماضي، لأن التركيز على الماضي من شأنه تعطيل العلاقات مع أي دولة. وبالنسبة لتركيا ، فالمصالح المصرية مع تركيا تتجاوز أي شخصية هنا أو هناك، وتتجاوز بعض التصريحات التي فيها خروج عن المألوف، وهو أمر نعتبره خروجا مرفوضا وخاطئا ومن شأنه أن ينعكس على مناخ العلاقة فيما بيننا .. المصالح بيننا كثيرة وينبغي التعامل معها بجدية وبحسن نية''.
''الحل في سوريا سياسي''
وحول الموقف المصري من الأزمة السورية بعد سقوط حكم الإخوان، قال الوزير :''القسم القنصلي في السفارتين يعمل بشكل طبيعي.. ونحن نؤمن بأن الحل في سوريا هو حل سياسي، ونتطلع إلى أن يتم عقد مؤتمر جنيف 2 حول سورية ليكون هناك أرضية لحوار سياسي بين من يمثلون النظام ومن يمثلون المعارضة.. ما زلنا ندين سفك دماء المدنيين ونعتقد أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسيا مع ضمان صيانة الأراضي السورية''.
وفيما يتعلق بتجميد عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي، قال :''التجميد في رأيي هو مؤقت ورد فعل سريع استبق الأمور قبل قراءة الوضع المصري قراءة سليمة.. التصرف جاء على خلفية انقلابات عسكرية كثيرة في أفريقيا وليس بناء على قراءة سليمة لما تم في مصر.. هناك لجنة تقصي حقائق الآن في مصر ونتطلع إلى أن تنهي هذه الجولة بقناعات جديدة وأن يعاد النظر في قرار تجميد مشاركة مصر في نشاطات الاتحاد الأفريقي.. مصر لا تزال عضوا بالاتحاد ولم تنسحب منه''.
وفيما يتعلق بجهود مصر لاستعادة الريادة في إفريقيا قال فهمي إن ''وزير الخارجية السابق أوفد مبعوثين برسائل رئاسية إلى دول أفريقية عديدة لشرح حقيقة ما تم في مصر، وفي المرحلة القادمة ستجد تركيزا أكثر على القارة الأفريقية وتبني قضايا أفريقيا مثل الفقر على سبيل المثال وأيضا محاولة بناء مصالح أفريقية حقيقية متبادلة في مجال الطاقة والتعمير والصحة.. وكل هذه الأمور تخلق واقعا جديدا ما بين شمال أفريقيا وباقي دول القارة.
سد النهضة
وفيما يتعلق بتطورات ملف سد النهضة، قال :''هناك الآن فهم أوقع لحقيقة المشاكل المرتبطة بالسد.. وعلى الصعيد الداخلي هناك عمل دؤوب بين المؤسسات المصرية لوضع خطة لحماية مصالحنا ومحاولة توفير حلول لتطلعات إثيوبيا في مجال التنمية''.
وحول تقييمه للسياسة الخارجية المصرية في ظل حكم مرسي ، والسياسة التي سيتم تبنيها خلال المرحلة القادمة، أوضح :''كانت السياسة الخارجية تقوم على أساس اعتقاد أيديولوجي، أما سياستنا فسوف تركز على أن نكون دولة شرق أوسطية محورية كبيرة وجزء من المجتمع الدولي تتبع سياسات عقلانية قائمة على المساواة ومتماشية مع مبادئ الثورة''.
وأوضح :''انعكس هذا في شيئين أعلنتهما على الفور : أولهما بالنسبة لسورية ، فقد قلت إننا سوف نواصل دعم الثورة السورية والشعب السوري وندين قتل المدنيين، ولن نشجع الجهاد في سورية من جانب المصريين. وثانيا بالنسبة لمياه النيل وإثيوبيا على وجه الخصوص: قلت بوضوح إننا سوف نستمر في الدفاع عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل ونتطلع في الوقت نفسه وسنواصل توفير حلول تستجيب لمصالح إثيوبيا التنموية''.
وشدد على أن ''هذه سياسة خارجية عملية تقوم على المبادئ وليست سياسة تعتمد على نزف الدماء للتعامل مع القضايا''.
وقال :''الرئيس السابق اعتاد التحدث عن الأمة الإسلامية، وأثار قضية السنة والشيعة عندما كان في إيران.. أنا لا اتحدث عن الأمة الإسلامية فأنا مسلم أمارس شعائر ديني وأفخر بذلك ، ولكني أتحدث عن السياسة الخارجية''.
فيديو قد يعجبك: