إعلان

المادة 219 بين حتمية الإلغاء وإمكانية التعديل

12:33 م السبت 31 أغسطس 2013

كتبت – هبه محسن:

''مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة''.. هذا هو نص المادة 219 التي يتوقع كثيرون أن تثير جدلاً واسعاً داخل مناقشتها في لجنة الخمسين، المكلفة بإعداد التعديلات الدستورية الجديدة.

''مصراوي'' استطلع آراء عدد من السياسيين وخبراء قانون وقيادات في قوى سياسية مختلفة بشأن هذه المادة.

''إلغاء حتمي''

بداية رأى طارق الخولي وكيل مؤسسي حزب 6 إبريل، أن الإبقاء على المادة 219 في الدستور ليس له داع لأنها ''مادة تضيق على رحابة الشريعة الإسلامية''.

وأكد الخولي في تصريح لمصراوي أنه يميل إلى إلغائها في الدستور المعدل.

وقال الخولي ''إن وضع المادة 219 في دستور 2012 تم بضغوط من حزب النور السلفي الذي يميل إلى التشدد والمغالاة في الدين وهو أمر ليس من الإسلام الوسطي''.

وتابع ''حزب النور يمارس حتى الآن ضغوطاً من أجل الإبقاء على هذه المادة وسيظل يمارس هذه الضغوط خلال مناقشة التعديلات الدستورية داخل لجنة الخمسين''.

وشدد الخولي على أن حزب النور في حال الإصرار على إلغاء هذه المادة قد ينسحب من لجنة الخمسين ولكنه سيرضخ في النهاية لأنه الآن في موقف ضعف، على حد قوله.

''متاهات دينية''

واعتبر الدكتور رأفت فودة أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة، أن الإبقاء على هذه المادة في الدستور غير مطلوب لعدة أسباب وهي أن هذه المادة تدخل البلاد في ''متاهات دينية'' لأن مصر دولة بها فرق ومذاهب دينية مختلفة ولكل منهم آراء فقهية مختلفة ومن يطبقها قد يذهب لأسوأ الآراء للآخذ بها.

وأوضح فودة أن هذه المادة تتحدث عن فهم ''أهل السنة والجماعة'' للشريعة وهو أمر يصعب تحقيقه لأن أهل السنة والجماعة كانوا متواجدين في عصور الإسلام الأولى وهو ما يجعل المُشرع يلجأ إلى القياس مما يؤدي إلى تجمد الحياة السياسية والدستورية والقانونية ويرجعها إلى زمن تاريخي معين وهو ما يجعل مصر دولة متأخرة عن باقي دول العالم، على حد قوله.

وأضاف فودة لمصراوي أن ''هناك سببا أخرا قويا يحتم ضرورة إلغاء هذه المادة وهو أنها مفسرة للمادة الثانية ولا يوجد أي دستور في العالم يحتوي على مواد مفسرة''.

وأكد فودة'' أن المادة الثانية من الدستور تخاطب جميع المصريين ومن حق أي مصري الاعتراض على عدم مطابقة اي تشريع قانوني للشريعة الإسلامية ويكون من حق المحكمة الدستورية العليا إحالة هذا التشريع للأزهر الشريف للأخذ برأيه''.

وشدد على أن الأزهر الشريف يعلم مبادئ الشريعة جيداً لأنه المؤسسة الوحيدة القائمة على أمور الدين الإسلامي الوسطي في العالم.

وعن رأيه في التعديلات الدستورية بشكل عام أكتفى أستاذ القانون العام، بقوله أن ''هذه التعديلات حسنها قليل وسيئها كثير''.

 

''مادة الخراب''

ووصف الدكتور محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية، المادة 219 بأنها ''مادة الخراب'' التي دمرت الدولة المصرية ذات الهوية الإسلامية، مضيفاً أن الإسلام في مصر منذ عقود طويلة ولم يكن هناك مشاكل وخلافات حول الشريعة كما يحدث هذه الفترة.

وأكد عاشور لمصراوي أن من يُصرون الإبقاء على هذه المادة في الدستور يريدون أن يؤكدوا أنهم وحدهم المسلمين وباقي الشعب مشكوك في إسلامه.

وتابع الدكتور محمود عاشور ''الإسلام لا يحتاج لحُراس ولكنه يحتاج لمسلمين حقيقيين في تصرفاتهم وأفعالهم وليس فقط في حديث مُدعى الإسلام والمتاجرين به''.

إمكانية التعديل

وأكد الدكتور إيهاب الخراط عضو الهيئة العليا للحزب المصري الاجتماعي، أن المادة 219 مادة تفسيرية للمادة الثانية ولكن بها أخطاء بالغة في الصياغة؛ مثلا هي تتحدث عن الأدلة الكلية للشريعة في حين أن أساتذة الأزهر أكدوا أنه لا يوجد ما يسمي بالأدلة الكلية، وهو ما يؤكد أن هذه المادة لابد وأن يتم إلغاءها أو تعديلها بصياغة أخرى أكثر توازناً و بين التشريع والسياسة، على حد قوله.

وأضاف الخراط لمصراوي أن تعديل المادة 219 لابد وأن يضمن عدم استخدام هذه المادة في السياسة من أي فصيل سياسي، لأنها بهذا الشكل لا تخدم الشريعة وتُرسي دولة أشبه بدول إيران وأفغانستان.

وتوقع الخراط أن تثير هذه المادة خلافات عند مناقشتها، وسيصطنع المصرون على الإبقاء عليها مأزقا مصطنعا لتحقيق مصالحهم.

التوافق

أما شريف طاهر المتحدث الإعلامي لحزب النور، أن المادة 219 جاءت لتفسير معني كلمة ''مبادئ الشريعة الإسلامية'' التي تحدثت عنها المادة الثانية من الدستور، وهذه المادة صاغها الأزهر الشريف بطلب من ممثلي التيار المدني داخل الجمعية التأسيسية لوضع دستور 2012.

وأضاف طاهر أن هذه المادة لها فوائد عديدة فهي تتيح للمشرع أن يختار من المذاهب المتعددة ما يحقق المصلحة العامة ويتناسب مع الواقع، كما أنها تغلق الباب أمام المد الشيعي في مصر والذي يشكل خطورة على الآمن القومي.

وأشار طاهر إلى أن تخوف البعض من هذه المادة والآراء التي تعتبرها ترسخ للدولة الدينية ليس لها أساس من الصحة، لأن الدولة الدينية يستمد الحاكم فيها سلطاته من الشريعة ولا يعترف بالقانون وهو ما يختلف تماماً عن الدولة الحديثة التي يتبناها حزب النور.

وأعترف طاهر بأن المادة 219 بها أخطاء في الصياغة أدت إلى الفهم الخاطئ لها، مؤكداً أن حزب النور يعول على الحوار داخل لجنة الخمسين لإزالة ذلك الفهم الخاطئ.

وتابع ''حزب النور يرى إما أن تحذف كلمة ''مبادئ'' من المادة الثانية لما بها من غموض ويتم التأكيد على عدم جواز صدور أي تشريع قانوني مخالف للشريعة الإسلامية أو يتم تفسيرها بشكل يضمن عدم مخالفة الشريعة الإسلامية''.

وأكد طاهر أن حزب النور يسعى للتوافق مع جميع التيارات داخل لجنة الخمسين لتمرير دستور توافقي يصلح لجميع أطياف وفئات الشعب المصري.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان