لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحقيق- ملوي.. متحف مسروق ودولة غائبة (صور وفيديو)

05:06 م الإثنين 16 سبتمبر 2013

تحقيق- عزة جرجس ومحمد أبو ليلة:

في 23 من يونيو لعام 1962 أفتتح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر متحف يضم عدد كبيرا من الأثار الفرعونية والرومانية بمدينة ملوي الجنوبية بمحافظة المنيا، ومرت أيام كثيرة وأصبح متحف ملوي من أهم المتاحف التي تحتفظ بالتاريخ الإنساني لحضارة مصر القديمة.

لكن منذ أقل من شهر حينما قامت الشرطة بفض اعتصام أنصار الرئيس السابق محمد مرسي برابعة العدوية، اجتاحت مصر موجة من الانفلات الأمني وتحديدا يوم 14 من أغسطس الماضي.

وكانت لمحافظة المنيا ومدينة ملوي النصيب الأكبر في أعمال العنف، حيث اُقتحم متحف ملوي وسرق ما بداخله من قطع أثرية التي زادت عن ألف قطعة أثرية، بالإضافة لمحاولة اقتحام قسم الشرطة ومبنى مجلس المدينة الملاصقين لمتحف ملوي.

قلق اليونسكو
ما حدث في متحف ملوي أثار انتباه الرأي العام العالمي، ودفع منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم ''يونسكو'' لإرسال علمائها لمعرفة ملابسات الحادث ومحاولة تقديم الدعم لترميم المتحف وإعادة ما سرق من أثار، وقد أعرب الخبير المعماري بمنظمة اليونسكو ''لابلود بيري'' عن استياءه من تخريب وتدمير المباني التراثية والتاريخية، ووصف من قام بذلك بـ''أعداء الحضارة والتراث''.

كما أوضح في تصريحات صحفية أنه يعد تقريرا مفصلا لرفعه إلى مسئولي المنظمة الدولية لتحديد ما سوف تقدمه المنظمة من مساعدات حيال إعادة تأهيل المتحف.

مصراوي قام بزيارة تفقدية لمتحف ملوي لمحاولة البحث عن أسباب اقتحام هذا المبني الأثري وسرقة محتوياته، وعند وصولنا للمتحف من الخارج كانت ألسنة الدخان تتصاعد من أثار الحريق، فالمتحف ومجلس المدينة ومركز الشرطة يلتصقون ببعضهم البعض.

الطوب والرخام المحكم كان يغطي الأرض أمام المتحف، بعض ''فرد كاوتش'' عليها أثار حريق، مبنى مجلس المدينة محترق بالكامل وبجواره المتحف ذو نوافذ محطمة نتيجة الاقتحام، وسيارة مفحمة ترقد بجانب سور المتحف.

وعلى الجانب الأخر فهناك ساتر رملي ''أجولة معبأة بالرمال'' تحمي مدخل قسم الشرطة، وأسوار القسم محاطة بأفراد وأمناء شرطة من الداخل والخارج مسلحين ببنادق ألية، وعلى جدرانه أثار لرصاص حي.
توابيت مهشمة
دخلنا المتحف الذي تقترب مساحته من 2 كيلو متر مربع، يتكون من طابقين (ثلاث قاعات في الطابق الأول، وقاعة أخرى بالطابق العلوي) يحتوي كل منهما على قطع أثرية وتماثيل تم اكتشافها من منطقة أثار تونة الجبل والتي يرجع تاريخها إلى الفترة الفرعونية والرومانية.

الأرض متحف ملوي مليئة بزجاج مهشم، والتوابيت الخشبية ممزقة وهناك أثار لقطع أثرية تحطمت، وفي أخر القاعة يوجد تابوت خشبي ملقى على جانبه ويحوطه الزجاج من كل جانب قيل لنا أنه كان يحوي على تمثال (بيبي عنخ وزوجته) من أثار الدولة الفرعونية القديمة.

إحدى الخبراء الأثريين والتي أصطحبتنا داخل المتحف( رفضت ذكر أسمها)، أكدت أن المتحف كان يحتوي على 1089 قطعة أثرية، بعد اقتحام المتحف لم يتبق سوى 46 قطعة فقط معظمها مشوهة ومكسورة ''لم يستطع المقتحمون حملها لكبر حجمها''، هكذا قالت.

وأضافت أنه كان يوجد مجموعة توابيت من الحجر أيضا تم تهشيمها، كما تم تهشيم الموميات التي كانت بداخل التوابيت، قائلة ''أغلب ما تم تكسيره وتهشيمه قطع كبيرة لم يستطيعوا حملها كالتماثيل والموميات''.

في القاعة الصغيرة على يمين الطابق الأول تكرر مشهد التوابيت المهشمة والزجاج الذي يكسو الأرض، قيل لنا أن هذه القاعة كانت تحوى على تاج حجري كبير وتماثيل أوزورية للأله أوزوريس بالإضافة لتماثيل كثيرة مختلفة الأحجام لأيزيس وأوزوريس والآلهة.


الطائر أيبس
في السياق ذاته قال حسام البربري أمين متحف ملوي إن هناك مجموعة موميات من العصر الفرعوني سرقت هي الأخرى، كانت ملفوفة في لفائف كتانية معينة وعلى أشكال هندسية يصعب ابتكارها مرة أخرى، بالإضافة لماسكات من العصر الروماني صعب استرجاعها أيضا لأنها نادرة، ومومياء لطفل من عصر الدولة الوسطى الفرعونية.

وفي القاعة الثالثة كانت ''فاتارين'' العرض خالية من أي قطعة أثرية بعد أن تهشم زجاجها وتناثر على الأرض، وقد قال أمين المتحف أن هذه القاعة كانت تحوي على مجموعة تماثيل مختلفة الأحجام للطائر أيبس وتم سرقتها، بالإضافة لموميات للطائر أيبس تم تشويهها.

وأوضح أمين المتحف ''الطائر أيبس كان بيعبد في فترة من فترات الحضارة الفرعونية القديمة وكان شبيه لأبو قردان وكان يرمز له على أنه الإله، ويسمى أبو منجل المقدس''.

وأصطحبنا أمين المتحف إلى القاعة العلوية التي كان المشهد بها لا يختلف كثيرا عن سابقتها من زجاج وتوابيت مهشمة، حيث كانت تحتوي تلك القاعة على أدوات الزينة التي كان يستعملها قدماء المصريين، بالإضافة لعدة تماثيل خاصة بأشكال ''تسريحات الشعر المختلفة'' عند القدماء، وعدد من التوابيت والعملات المعدنية القديمة وأواني فخارية.

بعد أحداث سرقة متحف ملوي أصدر وزير الأثار قرار بعدم المسائلة القانونية لأي شخص يعيد القطع الأثرية المسروقة من متحف ملوي، مما أسفر عن استرجاع 400 قطعة أثرية حتى الأن، حسبما أكد لنا البربري.

وأضاف أمين المتحف أنه لا يزال هناك أكثر من 600 قطعة أثرية مسروقة حتى الأن.

وتابع ''نحاول أن نعيد القطع التي سرقت، وقلنا للأهالي أن من بحوزته أثار يمكنه أن يعيدها ولن يتعرض للحبس.. الأهالي بعد ما تم اقتحام المتحف أخدوا القطع الأثرية وجدوها ملقاة بالخارج ثم أعادوها مرة أخرى.. وسنتمكن من ضبط واحضار باقي القطع''.

وأوضح ''نحن الأن مازلنا في عملية استرداد القطع الأثرية، وقد استعدنا أكثر من 400 حتى الأن، وهذه القطع الأثرية يتم وضعها في مكان أمن''.

من المسؤول؟
موظف أخر بمتحف ملوي قال إن من قاموا باقتحام المتحف كانوا 20 فردا مسلحين، وكان هناك قناصة أعلى المبنى المقابل للمتحف يؤمنون الطريق لهم. ورفض الموظف ذكر اسمه وقال ''لا أنا مش عاوز أروح في داهية''.

وأضاف أن المتحف كان يبعد 10 أمتار عن قسم شرطة ملوي لكن الشرطة لم تفعل شيء ولم تقم بحماية المتحف ومنع اقتحامه، قائلا: زميلنا سامح أحمد عبد الوهاب اتقتل بطلق ناري من رصاص القناصة داخل حديقة المتحف في اليوم التالي لاقتحام المتحف.

مأمور قسم شرطة ملوي قال لنا في تصريحات لمصراوي إن الإخوان كانوا مسلحين يوم 14 اغسطس، وكانوا يريدون اقتحام القسم بأي طريقة، مضيفا ''دافعنا عنه ببسالة حتى منعناهم كان منهم إخوان وجماعة إسلامية مما جعلهم يقتحمون متحف ملوي ومجلس المدينة لمحاولة اقتحام القسم''.

أحد ضباط القسم (رفض ذكر أسمه) نفى أن تكون الشرطة مقصرة عن حماية المتحف، وأكد أن المسؤول عن تأمين المتحف هي شرطة الاثار والسياحة التي تتبع وزير الداخلية وليس ضباط قسم ملوي، مؤكدا أنهم كضباط مسؤولين عن الدفاع عن القسم فقط، مضيفا أنه كان هناك قناصة على أسطح المباني وقتلوا رئيس مباحث ملوي في هذه الأحداث.

العميد عبد السميع فرغلي، رئيس مباحث الأثار بمحافظة المنيا قال في تصريحات خاصة لمصراوي، أن الهجوم على المتحف كان كبير جدا ومنظم.

وقال فرغلي ''شرطة السياحة الموجودة كان عددها ضئيل ولا يكافئ بحجم المقتحمين الذي كان جزء منهم بلطجية وجزء اخوان، حيث قاموا باقتحام مجلس المدينة وحاولوا اقتحام قسم الشرطة هو الاخر''.

في الوقت نفسه تلقى اللواء أسامة متولي، مدير أمن المنيا، إخطارًا من مأمور قسم شرطة ملوي بضبط عبدالحكيم جمال عبدالحكيم (35 عامًا - عاطل - مسجل خطر - سبق اتهامه في 16 قضية ''سرقات عامة وحيازة أسلحة نارية وبيضاء وفرض سيطرة وإتاوات'')، وتم توجيه له تهمة اقتحام وحرق وسرق محتويات متحف ملوي الأثري.. حسب المعلومات المنشورة..

مجلس المدينة ''متفحم''
اصطحبنا أمين شرطة بقسم ملوي يدعى ''خالد'' إلى مبنى مجلس المدينة الملاصق للمتحف وقسم الشرطة، كان الدخان يطير في الهواء من بقايا حريق المبني الذي تفحمت كل مكاتبه الإدارية.

أوراق متناثرة ومكاتب مهشمة من أثار اقتحام ذلك المبني، قال لنا أمين الشرطة أن البلطجية قاموا بحرق المبني ب(زجاجات مولوتوف وجراكن بنزين) كانوا يريدون اقتحام قسم الشرطة بأي طريقة وحينما تصدينا لهم اقتحموا المتحف ومجلس المدينة كي يكونوا قريبين من القسم محاولين اقتحامه، هكذا قال أمين الشرطة.

''حتى مراوح السقف سرقوها داخل مبني مجلس المدينة وخلعوا باب الحديد، الناس دي كلها تم رصدها بس طبعا معظمهم بيهربوا للجبل. كل اللي مسكناهم بلطجية وسياسيين تابعين للإخوان.. البلطجية دخلوا في النص يسرقوا ويكسروا، لكن من أعطاهم لذلك هم الإخوان والإسلاميين لأنهم نظموا مظاهرة لاقتحام القسم''.

لكن أمين الشرطة نفى أن تكون الشرطة قصرت في الدفاع عن المتحف ومبنى مجلس المدينة، موضحا أنه كان هناك هجوما عشوائيا يوم 14 أغسطس من الإسلاميين على المتحف ومركز الشرطة وكانوا يطلقون النار من أعلى أسطح العمارات وقناصة على العمارة المجاورة، كما أن هناك أشخاص مسجلين خطر استغلوا الفرصة.

وواصل كلامه ''لم نتعدى المتاريس التي أقمناها.. المتظاهرين قاموا بحرق السيارة والأشجار المتواجدة، كانوا بلطجية وإخوان كان فيه مسيرة للإخوان وجاءت معلومات أن هذه المسيرة جاءت لتقتحم القسم واحنا وقفنا نحمي القسم بدأوا يهاجمونا بالذخيرة الحية''.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان