انقطاع الكهرباء في غزة يهدد حياة حديثي الولادة في ''الحضانات''
غزة – (الأناضول):
في غرفةٍ لا يُسمع فيها سوى صدى أصوات الأجهزة الكهربائية، يستلقي الطفل الوليد، محمد النبيه، وسط أكثر من 32 طفلاً حديثي الولادة، على أسرةّ ''حاضنة'' تدعمهم بالمواد اللازمة للحياة، لا سيما الأكسجين.
''النبيه'' الذي وضعته والدته في شهر حملها الثامن، حياته مرهونةٌ بالأجهزة الكهربائية المتصلة بجسده، والتي إذا توقفت للحظاتٍ قليلة، تتعرض حياته للخطر.
يبدى والده عبد الله النبيه (34 عاماً)، الذي يراقب ابنه بنظراتِ قلق من شباك غرفة ''الحضانات''، خوفا على حياة وليده، لاسيما بعد زيادة معدل انقطاع التيار الكهربائي عن مستشفيات غزة، والتي وصلت إلى 12 ساعة يومياً.
ويقول النبيه لوكالة الأناضول: إن ''الأجهزة المتصلة بجسد ابني هي أساس حياته في هذا الوقت، وأي توقفٍ يطال هذه الاجهزة سيكون له تأثير سلبي كبير على حياته''.
وفي الوقت الحالي، يعوّض تشغيل المولدات الكهربية انقطاع التيار الكهربائي لفترة تقترب من 12 ساعة يوميا عن غرفة ''الحضانات'' في مستشفى الشفاء المركزي في غزة.
ويعمل نظام الكهرباء في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وباقي المستشفيات، وفق برنامج ''الطوارئ'' للكهرباء، والذي يعتمد على نظام ''12 ساعة وصل، و12 ساعة قطع'' للتيار.
إلا أن نفاد الوقود الذي كان يُهرّب من مصر عبر الأنفاق الحدودية، أحدث مشكلة كبيرة لدى الغزيين، الذين كانوا يعتمدون عليه في تغذية مولدات الكهرباء.
وكانت سلطة الطاقة بغزة، حذرت في بيان أصدرته في وقت سابق، من عدم قدرتها على تشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بشكل كامل، نتيجة نفاد الوقود.
وتوقفت حركة إدخال الوقود والبضائع إلى غزة بعد الإغلاق الشبه تام للأنفاق المنتشرة على طول الحدود المصرية - الفلسطينية، في ظل الحملة الأمنية المستمرة التي يقودها الجيش المصري، على الحدود مع قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ نحو سبع سنوات.
ويوضح علام أبو حامدة رئيس قسم ''الحضانات'' في مستشفى الشفاء بغزة أن ''تأثير أزمة الكهرباء على القطاع الصحي -بشكل عام- خطير جدا، كما أن قسم الحضانات الذي يرعى حديثي الولادة اللذين يعانون مشاكل صحية من أكثر الأقسام تضرراً في حال انقطع التيار الكهربائي عنه لبضع لحظات''.
ويضيف أن ''غرف الحضانات، التي تحتضن الأطفال حديثي الولادة وتمدهم بالأكسجين عبر أجهزة، تعتمد على الكهرباء بشكل أساسي، خاصة أجهزة التنفس الصناعي''.
ويؤكد أبو حامدة أن ''أي توقف يطرأ على هذه الاجهزة سيعرض حياة الأطفال للخطر.. ووزارة الصحة تسعى إلى إمداد هذا القسم، والأقسام الأخرى التي تعتمد على الأجهزة الكهربائية بوقود احتياطي لتشغيل الأجهزة اللازمة''.
ويوضح أن ''قسم الحضانات بحاجة إلى مخزون ضخم من الوقود للحفاظ على استمرارية عمل الأجهزة الموصولة بالأطفال''.
ويقول إن ''غرف الحضانات تحتضن 32 طفلاً في الوقت الحالي.. والقسم يعاني من نقص في عدد الأسرّة الحاضنة للأطفال''.
وتعتبر حضانة الاطفال في مستشفى الشفاء من أكبر الحضانات في فلسطين، حيث تستقبل شهرياً ما بين 60 إلى 70 طفلا حديث الولادة، تتراوح أعمارهم مابين 32 إلى 34 أسبوعا، منذ بداية تكوينهم في بطن أمهاتهم.
ومع بداية شهر سبتمبر الجاري، استقبلت حضانة الشفاء أكثر من 200 طفل، بشكل فاق عدد الأسرة الموجودة داخل الحضانة؛ مما ما اضطر إدارة القسم إلى وضع كل طفلين أو أكثر في سرير واحد، فضلا عن استعمال سرير العناية المركزة لهذا الغرض، بحسب أبو حامدة.
ويوضح رئيس قسم الحضانات في مستشفى الشفاء أن ''القسم يعاني من نقص حاد في بعض الأدوية، التي تساعد في دعم الاطفال بالأكسجين من خلال أجهزة التنفس الصناعي''.
ويمضي قائلا: ''مثلا، نعاني من نقص دواء (كافيين ستريت) الذي يدعم عملية التنفس لدى الأطفال ويحفز جهازهم العصبي، ودواء (سباب ستين) الداعم لعملية التنفس أيضاً''.
وحذرت وزارة الصحة في الحكومة المقالة بقطاع غزة، في وقت سابق، من تدهور الوضع الصحي في القطاع، بسبب الحصار المفروض على حوالي 1.7 مليون نسمة يقطنون غزة.
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي وحكوماته بالضغط على إسرائيل لرفع الحصار عن غزة، والحكومة المصرية إلى فتح معبر رفح في كلا الاتجاهين أمام الحالات الإنسانية وإدخال الأدوية الطبية.
وأدت زيادة معدل انقطاع التيار الكهربائي، إلى زيادة كميات المحروقات المستخدمة في المستشفيات، والمراكز الصحية، إلى 360 ألف لتر شهرياً.
وتراجعت الأرصدة الدوائية في مستشفيات قطاع غزة بنسبة 30%، والتي كانت تصل إلى غزة عبر معبر رفح البري بشكل رسمي، إضافة إلى حرمان المرضى من علاجاتهم، بسبب نفاد 145 صنفا من الأدوية من القائمة الأساسية البالغة 500 صنف.
كما حرم الإغلاق المتكرر لمعبر رفح نحو 1000 مريض من الوصول إلى المستشفيات المصرية المتخصصة شهرياً.
فيديو قد يعجبك: