خبير مياه حول أزمة سد النهضة: موقف مصر ''تهريج'' .. وإثيوبيا لن تتراجع
حوار – هبة محسن وهند بشندي:
عالم المياه الدكتور مغاوري شحاتة، هو واحد من ضمن أفضل 100 شخصية في مجال التعليم، وفقا للمركز الدولي للسير الذاتية بإنجلترا، وخبير المياه كان يشغل منصب رئيس جامعة المنوفية ورئيس قسم الجيولوجيا وعميد كلية العلوم، وله العديد من الأبحاث خصوصا في جيولوجيا المياه.. رغم ذلك لم تستعن الحكومة المصرية بدراساته وأبحاثه في أزمة سد النهضة. .لكنه يقول ان مهمته وزملاءه كانت تنوير الرأي العام بحقيقة الأزمة.. ونشر الأرقام والدراسات ووضعها بين يد الرأي العام المصري.
في البداية متي قررت إثيوبيا تحديدا انشاء سد النهضة؟
أعلنت إثيوبيا خلال عام 2007 انها ستقوم بإنشاء عدد من السدود على حوض نهر النيل، وهم سدود كرادوبي وسد النهضة الذي كان يسمي بسد الحدود، وسد مندايا وسد مابال، وتعتزم إثيوبيا إقامة هذه المشروعات المائية بمقتضي المشروع الأمريكي.
لكن انشاء السد بدأ في 2010 ورفضت مصر هذا السد، رغم ذلك وفي 21 مارس 2011 طرحت إثيوبيا السد للعالم وغيرت اسمه من سد الحدود الذي كان سيبلغ سعته 11 مليار متر مكعب إلي سد اكس وقررت ان يستوعب 14 مليار ثم أطلقت عليه سد الألفية العظيم ورفعت من مواصفاته ليصل إلى 63 مليار متر مكعب، ليستقروا في النهاية على اسم سد النهضة وعلى سعة 74 مليار، ومن الملاحظ ان في كل مرة كانت تصاعد مواصفاته الاستيعابية بدون وجود دراسة شاملة للمنطقة المقامة عليها السد لبيان مد قدرتها على استعاب سد بهذا الحجم من الناحية المناخية والجيوفيزقية وغيرها.
هل لك ان تطلعنا على مواصفات السد؟
بالنسبة لموقعه؛ فالسد يبعد عن حدود السودان 40 كيلو متر فقط، وهذه المنطقة كانت منطقة سودانية ولكنها آلت إلى إثيوبيا في اتفاقية 29.
السد مبني من الخرسانة المسلحة وبه خمسة عشر بوابة لتنظيم حركة المياه و15 توربين لتوليد الكهرباء وطولة 1800 كيلو متر وارتفاعه 150 متر وبه 15 فتحة وملحق به سد اخر يسمي السد المساعد طولة 4.800 كيلو متر وارتفاعه 50 متر وسعه كلا السدين 74 مليار متر مكعب.
وظيفة السد المساعد انه يقوم بتخزين المياه في فترات جفاف الأمطار ليتم ضخها في السد النهضة لتشغيل التوربينات طوال العام بنظام لم يتم الإعلان عنه حتي الآن، ومن المفترض ان يولد السد 6000 ميجاوات من الكهرباء، ويقال ان من يدير علمية التحكم في المياه لتشغيل الكهرباء شركة إسرائيلية ويقال ايضا انها إسرائيلية إثيوبية.
ما هي الآثار السلبية للسد؟
هناك آثار سلبية تتمثل في نقص حصة مصر من المياه بما يعادل 9 مليار متر مكعب، ولكنهم يبررون ذلك بأن المصريين لديهم نسبة فقد عالية تقدر بحوالي 15 مليار.
كما ان هذا السد معامل الأمان فيه يصل إلى 1% ولذلك فهو معرض للانهيار بسبب نوعية الصخور في المنطقة المقام عليها، فضلا عن ان المتوقع للمياه في منطقة التخزين وحجم السد لا تتوافق مع اقامته في هذه المنطقة والعوامل الزلزالية التي تنشء في الموقع وكلها تؤثر على السد واحتمالات بقاءه.
وتأثير السد على السودان كبير ايضاً فهو سيزيد من نحر الأراضي، كما انها أكبر دولة معرضة للضرر في حال انهار السد، بينما تأثير الانهيار علي مصر أقل وذلك لان بحيرة السد العالي مؤمنة جيدا، وهناك مضيق توشكي الذي تندفع المياه اليه في حال امتلأت بحيرة السد العالي.
كما ان هناك تأثيرات بيئية من هذا السد حيث سيغير طبيعة مياه النيل بما يؤثر علي الثروة السمكية، وهناك تأثيرات صحية بسبب الأمراض التي قد تتوطن في مصر بسبب تلوث المياه وايضا تأثيرات اجتماعية قد تنشأ نتيجة التهجير، كما ستقل الرقعة الزراعية مليون ونصف فدان وطاقة إنتاج الكهرباء ستنخفض بحوالي 20%
اذا السد مهدد بالانهيار.. فهل انهارت سدود من قبل في إفريقيا؟
انهار من قبل سد تاكيزي علي نهر العطبرة وانهار سد جيبي 2 المقام علي نهر اومو المتجهة إلى كينيا.
بالنسبة لمصر.. كيف تري تعاملها مع الأزمة؟
ما يحدث هو تهريج، فالنظام السابق لم يكن مدركا لحجم الخطر القائم من هذا السد وربما كان هناك ايماءات بأن الأزمة ستحل ولكن لم يكن هناك تقدير لحجم السد وعندما بدا العلماء في الحديث بدأوا يقولوا ان هناك تهويل لحجم الأزمة.
نحن بصدد موقف لم يكن مدروس بشكل كافي لدي المسئولين والدليل هو تشرذم هذا الموقف بين وزارة الخارجية ووزارة الموارد المائية والري وباقي مؤسسات الدولة.
كيف تقيم تعامل وزراء الري السابقين مع الأزمة؟
وزراءنا يتعاملون مع الأزمة بواقع منظور الرئيس؛ بمعني ان الرئيس اذا كان ينظر للأزمة بمنظور خطير ويري انها حرب على مصر فينظر لها الوزراء بنفس الشكل.
فعندما كان مبارك يريد نوعا من التوافق مع دول إفريقيا فنظر إلى الأمر وزراء الري في عهده بنفس الشكل، لكن الأمر يحتاج إلى نمط واحد وسياسة واحدة يحكمها مصلحة مصر لأن الطريقة السابقة أدت إلى تدهور ملف مياه النيل ووصوله إلى هذا الوضع المهترئ.
وماذا عن موقف إثيوبيا.. هل من الممكن ان تتراجع؟
هذا أمر غير وارد لانهم يعتبرونه كرامة وطنية.
من يدعم إثيوبيا من دول العالم ولماذا؟
على رأس هذه الدول ايطاليا بسبب البعد التاريخي للعلاقات مع إثيوبيا، بالإضافة إلى فرنسا وأمريكا وإسرائيل والاتحاد الآوروبي وإيران وبعض الدول العربية، وجميعهم يدعمون إثيوبيا لأن مصالحهم تحتم عليهم هذا حيث انهم موعودين بالحصول علي آراضي إثيوبية للزارعة بنظام الزراعة التعاقدية.
ممن تمتد إثيوبيا قوتها التي تهيمن بها على عدد من دول حوض النيل؟
إثيوبيا دولة محورية في القارة الإفريقية ونقاط قوتها تصنعها القوي الغربية في المنطقة فهي لها جيش موجود في ابيي جنوب السودان وجيش في الصومال كما انها تسيطر علي مقدرات منطقة القرن الإفريقي وشرق افريقيا كما ان لها تأثير كبير على دول حوض النيل لان مجلس الأمن الإفريقي مقره في أديس ابابا.
وماذا عن الموقف السوداني؟
الموقف السوداني منحاز للجانب الإثيوبي ولفكرة بناء السد فهم غير مقتنعين بفكرة انهيار السد ويعتبرون ان هذا الكلام للتهويل والتخويف فقط، والسودان مستفيدة من بناء السد حيث سيقل الفيضان مما يمكنها من الزراعة أكثر من مرة في العام وستحصل علي كهرباء من التي ستتولد من السد، ولكن الضرر الأكبر من هذا السد سيعود على السودان حيث زيادة معدلات الانجراف والنحر.
ما رأيك في مشروعات بديلة طرحت كمشروع نهر الكونغو وذلك لحل الأزمة؟
نهر الكونغو، هو حوض يضم أكثر من 7 دول ويتجه في انحداره السريع جدا عند مناطق رواندا والكونغو وبروندي عند منطقة جبال القمر وهي منطقة مرتفعة جدا وشديدة الوعورة والحوض شديد الانحدار وهذا يعني ان الفاقد في المياه كبير؛ لذا محاولة تطويع هذا النهر لكي يكون بديلا لنهر النيل الأزرق عملية معقدة جدا وتكاد تكون مستحيلة، كما ان هناك مبدأ دولي يحظر خروج المياه من حوض نهر إلى حوض نهر اخر، لذا الأفضل منه الاعتماد على نهر بحر الغزال في جنوب السودان واستخدام نهر السوباط.
هل تتوقع ان تدلع حرب مائية بسبب سد النهضة؟
ما يتعلق باندلاع حرب على المياه أمر يخص الاستراتيجيين فهم لهم تقديراتهم بهذا الأمر، لكن فكرة ضرب السد أمر سيزعج العالم بأكمله.
ما الحل الأمثل للأزمة.. من وجهة نظرك؟
لابد من انشاء مفوضية مستقلة تتبع رئيس الجمهورية أو رئاسة الوزراء لحل الأزمة على ان تضم خبراء متخصصين في المياه وممثلين للوزارات المعنية للتحرك السريع، مع فتح باب الحوار لكنهم يرفضون الحوار بدعوي ان الحكومة الحالية جاءت بانقلاب.
كما ان الحل يكمن في اقناع الاثيوبيين بتعليق العمل في السد لمدة عام وخلاله تقدم دراسات شاملة عن السد ويتم خلالها الحكم والتشاور بشأن سعته التخزينية واستكمال الدراسات الجيوفيزيقية والمائية خاصة للسد المساعد، وبعد ذلك اذا كان هناك مقترحات لتصويب وضع السد واستيفاء الملاحظات عليه فلتأخذ بها، فالجميع معترفون بحق إثيوبيا في ان يكون لديها كهرباء لكن مع الحفاظ على حصة مصر التاريخية في المياه، وبعد ذلك يتم تفعيل هذا الاتفاق باتفاقية دولية تكون ملزمة لجميع الأطراف وحينها لن ترفض مصر التوقيع علي عنتيبي بعد تغيير بعض بنودها.
فيديو قد يعجبك: