السيسي.. ما بين حلم ''الزعيم الملهم'' وتخوف ''حكم العسكر''
القاهرة – (دوتشه فيله):
فيما يؤكد الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري عدم عزمه الترشح لرئاسة الجمهورية، تخرج حملات تطالبه بالترشح. DW عربية تبحث مع مجموعة من المحللين تداعيات ذلك على السياسة المصرية.
''السيسي رئيساً'' حملة دشنت في عدة محافظات مصرية لكنها حتى يومنا هذا لم تظهر بشكل فاعلِ على أرض الواقع. كذلك صفحات متعددة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أنشئت لدعم فكرة ترشيح وزير الدفاع المصري للرئاسة. من أبرز تلك الصفحات تلك التي حملت أسم ''الفريق اول عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر'' والتي جذبت عشرات الآلاف من المعجبين.
تلك الحملات والصفحات لم يتضح بعد من خلفها تحديداً لكن الآراء حول الفكرة ذاتها تتباين. ففيما يرى البعض أن مصر ''محتاجة رجل مثله'' ويرونه زعيماً وامتداداً لجمال عبد الناصر الزعيم المصري الراحل، يرى آخرون أن ترشحه يعني عودة مصر للحكم العسكري.
عبد ربه: ''الحملات قد تكون بالونات اختبار''
''هدف مثل تلك الحملات هو شيء من ثلاثة: إما تمهيد قيام الفريق السيسي للترشح أو بالونة اختبار للرأي العام حول الفكرة أو محاولة من الخصم للإيقاع بين أجهزة الدولة''، يقول د. أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية لـDW عربية.
ويرجح الخبير السياسي أن يكون السبب الثاني هو الصحيح من وجهة نظره الشخصية. وعن مطلقي تلك الحملات والتي يتهمهم البعض بأنهم من فلول النظام الأسبق أوضح عبد ربه أنه يبقى احتمال وارد خاصة وأن الحملات تبدو منظمة من وجهة نظره والتي من المستبعد بعض الشيء في رأيه أن تكون الجماهير العادية وراء هذا التنظيم.
أما بالنسبة لتشبيه السيسي بعبد الناصر فرغم احترامه لشخص الفريق السيسي حسب قوله إلا أن أستاذ العلوم السياسية لا يراه امتداداً للزعيم المصري. ويوضح في هذا السياق: ''عبد الناصر استمد شرعيته من ثورة على الحكم الملكي وكان لديه برنامج اجتماعي واقتصادي أما السيسي فليس لديه كل ذلك''.
ويعتقد عبد ربه أن الإيمان بفكرة الزعيم الملهم هو في كل الأحوال ''خصم من التحول الديموقراطي'' حيث يرى أن الناس يجب أن تؤمن بالمؤسسات. ولا يرى الخبير الأكاديمي مخاطر من ظهور السيسي وتداول اسمه في أروقة السياسة إلا في جزئية دخول الجيش رسمياً في السياسة وهو ما يراه سيحدث إذا ما قرر السيسي الدخول في هذا الطريق واقتنع الناس وايدته النخبة.
''إذا حدث ذلك سيدخل الجيش في دوامة وسيتورط في صراعات سياسية''. ورحب عبد ربه بتأكيد السيسي عدم ترشحه للرئاسة في أكثر من موقف لكنه أوضح انه يظل ترحيب حذر ''فالسياسة علمتنا أن لا شيء بعيد''.
وأوضح عبد ربه أنه من الممكن ألا يترشح السيسي ويترشح شخص آخر من المؤسسة العسكرية رائياً أن الجو مهيأ لتولي رئيس عسكري لشعور الناس بالخوف وعدم الأمن.
''البعض يبحث عن القائد الملهم''
أما إبراهيم غالي، الباحث في وحدة الرأي العام بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية فيرى أن ظهور تلك الحملات يعتبر طبيعياً كون السيسي من الشخصيات القليلة التي لديها كاريزما التي ظهرت على الساحة مؤخراً كما عبر في حديثه لـDW عربية.
''بالإضافة للكاريزما التي يتمتع بها السيسي هناك أيضاً شعبية الجيش التي ارتفعت خاصة بعد 30 يونيو والأزمات الاقتصادية والسياسية مما يجعل البعض يبحث عن القائد الملهم على شاكلة عبد الناصر''، يقول غالي لـDW عربية.
واستبعد غالي أن يكون فلول نظام مبارك هم من يحركون تلك الحملات بحثاً عن عودة للمشهد السياسي. ويقول في هذا السياق: ''مرحلة ما قبل 25 يناير انتهت ومهما كان الحاكم فمصر تغيرت ولا يمكن العودة لما قبل هذا التاريخ لأن حركة المجتمع والشارع اصبحت تسبق حركة السياسة والقادة''.
وأوضح غالي في تحليله وجود بعض معوقات تقف ضد فكرة ترشيح السيسي رئيساً منها عدم وجود من هو أجدر منه لقيادة المؤسسة العسكرية في الوقت الراهن على حد قوله ''وربما منصب وزير الدفاع الآن أهم من منصب رئيس الجمهورية''. كذلك عدم وجود توافق شعبي حول السيسي خاصة من التيار الإسلامي والذي يراه متحيزاً يمثل عائقاً آخر.
ولا يعتقد غالي إمكانية تحول السيسي لديكتاتور جديد في حال تولى الرئاسة نظراً لوجود ظروف إقليمية وسياسية متغيرة ''لذلك أيضاً لا يمكن مقارنته مع الحقبة الناصرية أو الساداتية لسببين أولهما أن الشعب أصبح واعياً ولا يقبل بديكتاتوراً أياً من كان وثانيهما هو تمتع السيسي بفكر مختلف حيث يؤمن بالحكم الديموقراطي''.
ونبه الباحث السياسي أن الخطر الوحيد الذي يمكن أن ينتج عن ترشح السيسي للرئاسة هو دخول المؤسسة العسكرية كلاعب في العملية السياسية وبعدها عن دور الحكم وهو الذي يجب أن تلعبه في العادة.
''كفانا تصنيفات''
وكان لـDW عرية حديث أيضاً مع المحلل السياسي ونائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام جميل عفيفي. واستنكر عفيفي ما يقال عن قيام فلول نظام مبارك بتدشين تلك الحملات لترشيح السيسي رئيساً للجمهورية قائلاً لـDW عربية: ''كفانا تصنيفات. كل الاحاديث عن فلول حسني مبارك هو كلام غير صحيح ومن ترويج جماعة الإخوان''.
ويعتقد عفيفي أن تلك الحملات من صنع المواطنين العاديين الذين يرون في السيسي رمزاً كانوا يفتقدونه. ويوضح رؤيته: ''الملايين التي خرجت في 26 يوليو لتفويض السيسي (ضد الإرهاب) أبلغ تعبير عن التأييد الشعبي الذي يتمتع به وهو نموذج وطني خالص أراه امتداداً لعبد الناصر''.
وأكد عفيفي أن السيسي لا يمكن أن يتحول لديكتاتور جديد منوهاً أن الشعب أصبح لا يقبل بأي نظم ديكتاتورية ''والدليل زوال نظام الإخوان الديكتاتوري''.
ويرى عفيفي أن السيسي هو أنسب من يتولى رئاسة الجمهورية في الوقت الراهن موضحاً أن ذلك لن يعرض مصر لمخاطر داخلية أو خارجية كما يروج البعض مؤكداً أن مصر دولة كبيرة ومحورية ''لا تستطيع أي دولة أن تقف ضدها''.
فيديو قد يعجبك: