هل يستطيع رافضو الدستور الحشد للتصويت بـ''لا''؟
كتب - مصطفى علي:
أصبح توقع نتائج الانتخابات والاستفتاءات بعد ثورة 25 يناير أمرا ليس محسوما لطرف على حساب طرف، فعلى مدار استفتائين وثلاث عمليات انتخابية ظل المراقبون يحبسون أنفاسهم حتى اللحظات الأخيرة لترقب نتائج ربما تكون غير محسومة سلفا كما هو معهود في البلاد قبل الثورة.
وفيما يحل الاستحقاق الأول لخطوات خارطة الطريق التي اعلنها وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي هو وقيادات سياسية ودينية في 3 يوليو 2013 والتي تبدأ بتعديل الدستور الذي تم تعطيله ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، يجد المواطن نفسه أمام ثلاثة اختيارات بدلا من اثنين هم نعم ولا، وأضيف إليهما المقاطعة كخيار ثالث، بعد تصاعد شعور عام بأن النتيجة - على عكس سابقتها - محسومة سلفا لصالح نعم، في ظل عدم وجود فرص متكافئة للوصول إلى الناس وإقناعهم بلا.
قوى سياسية
من جانبها تقاطع القوى السياسية المُشكلة لتحالف ''دعم الشرعية ورفض الانقلاب''، الاستفتاء على مسودة التعديلات الدستورية على دستور 2012.
وتعزو هذه القوى مقاطعتها لعدة أسباب سياسية وقانونية وإجرائية - حسبما جاء في بيانها الصادر في 22 ديسمبر الماضي - أهمها أن التعديلات الدستورية المطروحة للاستفتاء باطلة صاغتها لجنة معينة شكلها ''إنقلاب عسكري''، وأن الإعلان الدستوري الذي حدد معالم خارطة الطريق يسير في اتجاه واحد لا يعرف سوى التصويت بنعم على هذه التعديلات بما يعني أن السلطة التي صاغت هذا الاعلان لا تملك إجابة لخارطة طريقهم فى حالة التصويت (بلا) - حسب زعمهم.
فيما تدعو أغلب القوى السياسية الأخرى - بما فيها حزب النور السلفي حليف جماعة الإخوان المسلمون السابق - إلى المشاركة في الاستفتاء والتصويت بنعم، وتقيم هذه القوى مؤتمرات جماهيرية بالقاهرة والمحافظات لذات الغرض، فيما تبنى حزب الدستور الليبرالي حملة للتعريف بالدستور تحت عنوان ''حكم عقلك'' دون الدعوة بالتصويت لنعم أو لا.
ولم تدع أحزاب سياسية للمشاركة في الاستفتاء بالتصويت بلا سوى حزب مصر القوية الذي يقوده القيادي المنشق عن جماعة الإخوان والمرشح الرئاسي السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الدعوة التي صارت مهددة بعد القبض على 3 أعضاء من الحزب أثناء تعليقهم ملصقات تدعو للتصويت بلا على التعديلات الدستورية، إذ أعلن المتحدث الإعلامي للحزب أحمد إمام أن قرار المشاركة صار محل مراجعة داخل الحزب، معتبر أن السلطة التي تؤمن الميادين لمسيرات وتدشن المؤتمرات واللافتات لحملة ''نعم'' تستكثر على شباب حزبنه أن ينصهروا بين أهالينا للتبصير برأينا في التعديلات الدستورية.
وبينما دعت حركة شباب 6 ابريل ''الجبهة الديموقراطية''، لمقاطعة الاستفتاء ومعلنة انسحابها من خارطة الطريق، بدأت الحركة الأم (جبهة أحمد ماهر) التي انشقت عنها هذه الجبهة حملة إلكترونية للتصويت بلا.
واختارت جبهة طريق الثورة، التي شُكلت من ناشطين من عدة تيارات في سبتمبر الماضي المشاركة في الاستفتاء بالتصويت بلا بعد تصويت داخلي شمل قيادة الجبهة وقواعدها فتقرر تمييز موقف الجبهة عن جماعة الإخوان حيال الاستفتاء بالمشاركة على حد قول أحد مؤسسي الجبهة، معبرا بأن معارضة المشروع لن تقاس بمقاطعة الاستفتاء وإنما بالمشاركة والتصويت بلا.
وعلى الرغم من تفاوت القوة بين الكتلتين الداعية لـ''نعم'' والداعية لـ''لا'' لصالح الأولى التي تضم أغلب القوى السياسية ومؤسسات رسمية ودينية ترى في النص الجديد للدستور انتصارا لمدنية الدولة إلا أن القوى الداعية للا قد تعاني من معوقات تضعف من قدرتها على حشد مؤيدين للتوجه الذي تنتهجه.
الإعلام في صف نعم
كانت قد أعلنت عدة قنوات فضائية خاصة يمتلك بعضها رجال أعمال كانوا جزءا من المشهد السياسي في ظل نظام مبارك عن مواقفها بشعارات ثابتة على شاشتها مثل ''نعم لدستور مصر''، فيما تقوم قنوات أخرى بعقد مناظرات بين مؤيدي ومعارضة مشروع التعديلات.
وبينما تمتلئ هذه القنوات بمواد إعلانية إما للدعوة للمشاركة في الاستفتاء عموما باعتبار المشاركة تعني ''نعم لثورتي 25 يناير و 30 يونيو'' على حد تعبيرها، أو الدعوة للتصويت بنعم لمصر، ولا للإرهاب أو الظلام، تخلو هذه القنوات من إعلانات تدعو للتصويت بلا كما هو الحال في استفتاء ديسمبر 2012، أو مارس 2011.
رجال الأعمال
قبيل استفتاء مارس 2011 على التعديلات الدستورية لدستور 1971 ظهرت حملة إعلانية تظهر فيها شخصيات عامة تدعوا للتصويت بلا على مشروع التعديلات التي تقضي بالعودة للعمل بدستور 71 بعد تعديله، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل وضع دستور جديد، وتم عرضها في أغلب القنوات الخاصة.
لكن الوضع تغير بعد 3 سنوات تقريبا إذ الدعاية للتصويت بلا تكاد لا ترى سواء على محطات التلفزيون أو في الشوارع، ففضلا عن أن عدد من رجال الأعمال الذين يؤيدون النص المطروح يمتلكون محطات تلفزيونية فأنهم يمولون حملة واسعة بلافتات عملاقة تدعو للتصويت بنعم تظهر كثيرا على الطرق السريعة والميادين العامة بطول الجمهورية وعرضها.
واعتبر زيزو عبده - أحد مؤسسي جبهة طريق الثورة التي تعارض النص المطروح للاستفتاء أن هناك تجاوب من رجال الأعمال لصالح السلطة هذه المرة وبالتالي هذا أثر على حجم الدعاية لنعم بالايجاب وبالتالي بالسلب لصالح لا.
''تضييق''
ليس هذا السبب الرئيسي لغياب ملصقات لا للدستور في الشوارع التي كانت تعتمد على جهود والتمويل الذاتي للشباب والنشطاء كما في المرات السابقة كما يقول عبده.
إذ أن هناك حملة شرسة من قبل الدولة على المعارضين - والكلام لازال لعبده - وأنه على الرغم من ادعاءها بأن الدستور الجديد هو الأعظم في مجال الحريات إلا أنها تقطع الملصقات التي تدعو للتصويت بلا وتقبض على النشطاء.
ويقول عبد الله الجمل منسق أنشطة بجبهة طريق الثورة في جامعة القاهرة، إن نشطاء يشعرون أنهم ملاحقين وأن الوضع صار معقدا بعد قانون تنظيم التظاهر الأمر الذي يصعب من توعية الجمهور ب''عيوب'' الدستور - حسب قوله.
ويروي الجمل أنه أثناء احدى فاعليات الدعوة للتصويت بلا في حي شبرا قام أمين شرطة كان يحرس بنك بالتبليغ عنهم فاضطروا إلى إنهاء الفاعلية بسرعة، حسبما قال.
شعور عام
وتفتقد القوى الرافضة للنص الدستوري الجديد إلى وجود جبهة سياسية موحدة تمثلهم وتحشد لاختياراتهم بعكس القوى الداعية لمقاطعة الاستفتاء، أو القوى المشكلة لجبهة الانقاذ الوطني التي كانت تعارض الدستور المعطل وإعلان نوفمبر ٢٠١٢ الدستوري، الأمر الذي قد يعزز من الشعور العام بأن الاختيار مقصور بين نعم أو المقاطعة.
ويفسر هذا الشعور زيزو عبده بأن الحملة الداعية لنعم تتبناها الدولة، مشيرا إلى أن الأمر قد يصل لما وصفه بـ''تزوير إرادة الناس''، في الوقت الذي تمر فيه الثورة ''بأسوأ مراحلها من إعادة النظام القديم وأساليبه القمعية، في ظل عدم وجود معارضة منظمة وحالة من الخوف يعيشها الناس.. لكنها في النهاية مرحلة وستمر''.
دلوقتي تقدر تعبر عن رأيك في مواد الدستور الجديد من خلال استفتاء مصراوي..شارك برأيك الآن
فيديو قد يعجبك: