إعلان

الموت جوعًا في ''اليرموك''.. أطفال يقتاتون على الحشائش والورق المقوى

10:44 م الأحد 12 يناير 2014

كتب - محمد الصاوي :  

عام كامل من ''حصار التجويع'' الذي تفرضه القوات النظامية السورية على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، وتتفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي دمشق، حيث تكاد تنعدم المواد الغذائية والاحتياجات الطبية بسبب الحصار المفروض على المخيم منذ حوالي سنة، ما يسبب في ارتفاع حالات الوفاة ''جوعًا''.

الموت جوعًا

وظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لضحايا الجوع من داخل المخيم الذي وصل عددهم إلى أكثر من 41 حالة، بحسب  خليل أبو سلمى ممثل المؤسسات الاغاثية العاملة في مخيم اليرموك واضطر سكان المخيم ومعظمهم من الفلسطينيين لأن يقتاتوا على أوراق الشجر والحشائش والقطط النافقة، في ظل غياب شبه كامل للأدوية وحليب الأطفال وغلاء الأسعار إذ تجاوز ثمن كيلوا الأرز 40 دولارًا، كما أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة صورًا لأطفال يبحثون في التراب عن بقايا أعشاب أو نوى تمر ليأكلوه بعد طحنه، كما أن في أحد المقاطع يظهر طلًا يأكل ورق الكرتون المقوى لـ''يتقوى'' به في مواجهة وحش الجوع.

ومنذ أيام أعلنت منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ''أونروا'' أن 15 فلسطينيا توفوا جوعًا في مخيم اليرموك، وقالت الأونروا إن من بين الضحايا مسنين وأطفال. وأوضحت المنظمة الدولية أنها تعجز عن الوصول للمخيم منذ سبتمبر الماضي.

ولفت الناشط المدني العامل في المجال الإغاثي سمير عياد إلى أنَّ ''شحنات إغاثيّة قد وصلت منذ شهرٍ تقريباً إلى مداخل المخيم، لكن ضباطاً تابعين للجيش الحكومي منعوا دخولها إليه''، موضحًا أنَّ ''وسيلة التدفئة الوحيدة المتوفّرة في المخيم هي إشعال الأبواب الخشبية، ومفروشات المنازل التي هجرها أصحابها، والتي يتم فتح أبوابها عنوةً من طرف سكّان وناشطي المخيم''.

ناشد ناشطون مدنيون في دمشق وريفها المنظمات الإغاثية كافة، داخل وخارج سورية، العمل على إدخال المواد الغذائية، وفكّ الحصار الذي تفرضه الحكومة السورية على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، والمستمر منذ أكثر من ستة أشهر، لاسيما بعدما شهد المخيّم، خلال الفترة الأخيرة، أكثر من 40 حالة وفاة بسبب الجوع.

شهود على المجاعة

أشارت أم أحمد، وهي من سكان المخيم الموجودين داخله حتى الآن، في اتصال هاتفي بوكالة رويترز إلى أنَّ ''شبان المخيم قاموا بكسر أبواب المتاجر المغلقة بحثاً عن الطعام، كما أنهم قاموا باستغلال الفاسد منه في الطهي أحياناً، وذلك بسبب انعدام وجود موارد غذائية''.

وبدوره، أكّد حسن، وهو من سكان المخيم أيضاً، أنَّ ''ما تبقى من سلعٍ غذائية في المخيم يباع بأسعار جنونية، حيث أنَّ سعر قطعة الشوكولا الصغيرة وصل إلى 300 ليرة سورية، أي ما يعادل الدولارين الأميركيين، وسعر كيلوجرام من البذورات المملحة وصل إلى 2,000 ليرة، أي حوالي 13 دولاراً''، مبيّنًا أنَّ ''الضحية الأولى لهذا الحصار هم الأطفال''، مشيرًا إلى ''عدم توفّر الحليب في المخيّم منذ فترة''.

إلى ذلك، حاول الناشطون والفصائل الفلسطينية، السبت، إدخال 22 سيارة إلى مخيم اليرموك، تضم ما يقارب خمسة آلاف حصة غذائية، إلا أنَّ اشتباكاتٍ مفتعلة من طرف الحكومة منعت القافلة من التقدم، حسب مصادر المعارضة.

وأكّد أبو حيان، وهو أحد الناشطين في الشأن الإغاثي، أنَّ ''دخول القافلة كان سيفتح الباب أمام جميع الفصائل والمنظمات الدولية لإدخال المساعدات الطارئة، وكانت مستعدة لذلك، لكن افتعال الحكومة للاشتباك على خط القافلة، التي كان مقرر مرورها على الطريق من الجسر إلى الفرن الآلي، منع ذلك، ولو أنَّ القافلة دخلت سيكون في ذلك بادرة حسن نية من الحكومة''.

ومع وصول عدد قتلى الجوع لما يزيد عن 41 شهيدًا، لم يبق لأكثر من 40 ألف مواطن، ما زالوا تحت رحمة أيّ مؤونة يعتمدون عليها، حيث لم يعودوا قادرين حتى على إيجاد السبانخ، والفجل، التي اعتاشت عليها الأهالي لأشهر عدة، ولم تنفع كل نداءات الاستغاثة التي خرج بها أهالي المخيمات، كما عجزت كل حملات التضامن، التي تنوعت أسماؤها، عن إدخال كسرة خبزٍ واحدة، لأهالي المخيم.

ولا يتحدث أبو حيان عن أبناء المخيم فحسب، لكنه يخبرنا عن حاله وحال أبنائه، حيث تناولوا الخبز المعفن لأنه لا يوجد شيء يؤكل، ولا يعتقد أبو حيان بأنَّ الهدنة ستحدث بالفعل، والدلائل واضحة عبر ممارسات الحكومة.

نيران الأسعار

وفي لائحة الأسعار أرقام مذهلة، حيث بلغ سعر الأرز، والبرغل 11000 ليرة، والعدس 6500، والسكر 7500 ليرة، والخبيزة والسبانخ 700 ليرة، وضمّة واحدة من الكزبرة أو البقدونس أو الفجل بلغ 150 ليرة، أما ليتر زيت زيتون 1500 ليرة، ولحمة بقر 6500، والسمنة 2500، ولحمة الغنم 7000، بينما بلغ ليتر مازوت 650 ليرة، وكيلو حطب 75 ليرة سيجارة حمرا طويلة 2500 ليرة، أما سعر صرف الدولار فيتراوح ما بين 105-110 ليرة، وبذلك يكون سعر سيجارة واحدة داخل المخيم يساوي سعر 2 كيلو أرز، وتُذيَّل قائمة الأسعار دائماً بعبارة ''إنَّ وجد''، أما أسعار صرف الدولار في حالة متدنية جداً.

أما الواقع الصحي، فليس بالأفضل حال، كما أخبر أحد الناشطين، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ(بي بي سي) فالنقص شديد في كل شيء، وحالات البتر تتعاظم يوماً بعد يوم.

وأضاف ''نقوم بخلط المعقمات بالماء بسبب الكميات القليلة منها، فحال مستشفى فلسطين، وهو المستشفى الوحيد في المخيم، يتدهور يوماً بعد يوم، نتيجة النقص الحاد في الدواء والكادر الطبي، وغرف الإنعاش، والانقطاع المستمر للكهرباء، حتى قطع الشاش نفذت بشكلٍ شبه كامل من المخيم''.

وينتظر أبناء المخيم صدق الوعود بهدنةٍ يمكن أنَّ تحدث، وليس أمامهم أي خيارٍ آخر، في حين تستمر القيادة العامة بالتبجح بأن تحييد المخيم يعني النأي بالنفس عن أي أعمال عنفٍ ضد الدولة السورية، كما ورد على لسان عضو ''الجبهة الشعبية'' أنور رجا، فيما ينفي ناشطون إمكان تحييد المخيمات، فهم في عين العاصفة، يتعرضون للإبادة بالرصاص وبالحصار، مؤكّدين عدم وجود نية حقيقية لدى الحكومة بتنفيذ مبادرة الهدنة، وفي الوقت ذاته لا يملكون أيّة وسيلة لإدخال الطعام للمخيم.

قلق أممي

عبرت البارونة فاليري آموس نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عن قلقها العميق ازاء ما يتعرض له مواطنون سوريون من حصار وسوء أوضاع إنسانية بسبب القتال الدائر بين القوات الحكومية وقوات المعارضة.

وقالت أموس متحدثة لبي بي سي من سوريا إن ''معاناة الناس العاديين هناك تزداد سوءا يوما بعد يوم، وسط أنباء عن قرب انتشار المجاعة في بعض المناطق السورية من بينها مناطق قريبة من العاصمة دمشق''.

وأوضحت أموس إنها بحثت مع الحكومة السورية محاولة لفتح منفذ للمساعدات الانسانية لهذه المناطق.

وأضافت أنها سمعت قصصا مروعة عن المعاناة الإنسانية في سوريا.

وتزامنت هذه التصريحات مع انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا الذي يبدأ أعماله الأحد في العاصمة الفرنسية باريس بحضور وزراء خارجية 11 دولة من بينهم وزير الخارجية الامريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف.

ويحضر المؤتمر أيضا عدد من وزراء خارجية الدول العربية إضافة إلى المبعوث الدولي العربي المشترك الاخضر الابراهيمي.

ويوصف المؤتمر بأنه يمثل مرحلة حاسمة على مسار الجهود الدولية لإنهاء النزاع في سوريا. إذ سيسعى المجتمعون خلال اللقاء إلى اقناع الائتلاف الوطني السوري المعارض بحضور مؤتمر جنيف 2 المقرر عقده في الثاني والعشرين من الشهر الجاري.

ويؤكد الائتلاف الوطني السوري إن الرئيس بشار الأسد ليس في نيته التفاوض على تنحيه، الآن وقد تأزم وضع المعارضة المسلحة بصعود تيار الجماعات المتشددة بينها.

طعام من ''الحشائش''

ويقول مراسل بي بي سي في الشرق الأوسط، جيم موير، إن هناك تباينا واضحا بين المعارضة الفاعلة ميدانيا والائتلاف الذي يدعمه الغرب.

وقالت آموس إن الحكومة السورية وعدتها بتسهيل مهام الأمم المتحدة الإنسانية.

وذكر المسؤول في الأمم المتحدة، كريستوفر غانيس، أن المقيمين في مخيم اليرموك، بمن فيهم الأطفال والرضع يقتاتون على بعض الأعشاب وغذاء الحيوانات المغلى في الماء، وهو ما جعل الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، وأمراض أخرى.

وتسيطر المعارضة المسلحة على غالبية أجزاء المخيم الذي يعد أكبر مخيم للاجئين في سوريا، وتحاصره القوات الحكومية منذ نحو عام ما تسبب بأزمة إنسانية، ونزوح عشرات الآلاف من أصل 170 ألفا كانوا يقطنون فيه، وهو يؤوي حاليا نحو 20 ألفا أغلبهم فلسطينيون.

دلوقتي تقدر تعبر عن رأيك في مواد الدستور الجديد من خلال استفتاء مصراوي..شارك برأيك الآن

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان