لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الفلوجة: بوابة حرب أم محافظة جديدة؟

09:13 م الجمعة 24 يناير 2014

برلين – (دوتشه فيله):

تقرع طبول حرب جديدة أمام أبواب الفلوجة. حرب قد يشنها الجيش العراقي على مسلحي داعش الذين احتلوا المدينة منذ أسابيع، مجلس الوزراء فاجأ الجميع بإعلانه تحويل قضاء الفلوجة إلى محافظة، وهو ما رفضته الفلوجة وأمها الأنبار.

أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي مساء الأربعاء 22 يناير 2014 أنّ الوقت قد حان لطرد مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة من بلدة الفلوجة، لكنه لم يحدد موعداً لشن هجوم عسكري على البلدة. وأضاف المالكي أنّ زعماء العشائر يجب أن يجبروا الجماعة على الانسحاب حقناً للدماء ولمنع وقوع المزيد من الدمار في المدينة.

جاء ذلك في كلمته التلفزيونية الأسبوعية التي قال فيها بشكل قاطع: ''حان الوقت لحسم هذا الموضوع وإنهاء وجود هذه العصابة في هذه المدينة وإنقاذ أهلها من شرهم''.

ماذا يجري في الفلوجة؟

سؤال محير حقاً، فقد عرف الجميع قبل نحو 3 أسابيع أنّ الفلوجة قد سقطت بالكامل وأمست تحت سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، ورأينا على شاشات التلفزة مسلحي التنظيم العرب والشيشان والأفغان والعراقيين يتجولون بسياراتهم وأسلحتهم في شوارع الفلوجة. ثم سمع الجميع تحذير الحكومة مما يجري ومطالبتها شيوخ العشائر بطرد المسلحين وإلا واجهوا هجوماً عسكرياً شاملاً. ثم أحاطت حشود عسكرية بالفلوجة بشكل غير مطبق.

بعد ذلك دار الحديث عن عدم وجود داعش في الفلوجة، ونفى وجهاء المدينة وجود أي مسلح أو عنصر من القاعدة في المدينة، فيما لم يشهد أحد كيف انسحب المسلحون والى أين ذهبوا؟

بعد أيام تجتاح بغداد موجة تفجيرات ويسقط عشرات القتلى والجرحى وتخرب الأملاك وتدمر الأموال، وتتهم داعش بتسريب المفخخات إلى بغداد، وتتسرب أنباء عن مؤامرة تعد في الفلوجة لإسقاط بغداد.

''ليس من صلاحيات مجلس الوزراء الدستورية إصدار قرار كهذا''

وسط كل هذا الموقف المتفجر، قرر مجلس الوزراء أن يجعل الفلوجة محافظة، وهذا يحير المراقبين ويثير أكثر من سؤال عن حقيقة ما يجري وعن تفسير المواقف الحكومية منه. وقد حاول الكاتب والصحفي حسين محمد عجيل مدير وكالة أنباء أصوات العراق، الذي شارك في حوار مجلة العراق اليوم من DWعربية أن يسلط الضوء على دلالات هذا المنعطف، مشيراً بالقول: ''تعودنا من السيد رئيس الوزراء على زج البلد في أزمات متعددة في وقت واحد، وهو أمر لا يخدم تطلعات المجتمع العراقي''.

مجلس محافظة الأنبار، الذي تتبع له مدينة الفلوجة، رفض قرار مجلس الوزراء بجعل الفلوجة محافظة مستقلة. وفي هذا السياق أشار مدير وكالة أنباء أصوات العراق إلى أنّ قرار بتحويل المدينة إلى محافظة، ضمن السياق الدستوري يجب أن ينبثق عن إرادة أبناء المدينة، ويتبناه مجلسها البلدي ثم يتبناه مجلس محافظة الأنبار، وهو أمر لم يحدث في حالة الفلوجة الراهنة.

واستغرب عجيل من غرابة هذا الأمر لأن الأنبار كلها وقضاء الفلوجة بالتحديد أصبحت محاصرة ما بين مطرقة الإرهاب وداعش وقاعدة الظواهري ومسلحين من العشائر وغيرها، وما بين سندان الجيش العراقي والقوات الأمنية والمتضامن معها من الصحوات والعشائر. ''وفي هذه الظروف ربما لم يعلم أهل الفلوجة أنفسهم بهذا القرار''.

واعتبر عجيل أن القرار محاولة لخلق مزيد من الإرباك للسياسيين في وقت تحتاج فيه البلاد إلى كثير من التجانس''. وخلص الصحفي العراقي إلى القول ''إنّ مجلس الوزراء ليس من صلاحياته الدستورية إصدار قرار كهذا''.

''توقيت إصدار هذا القرار لم يكن صحيحاً وصائباً''

الكاتب والصحفي د. عزيز الدفاعي شارك في حوار مجلة العراق اليوم من DWعربية، مبدياً استغرابه من تداخل المواقف وتتابع الملفات، ومعتبراً أنه لا يجد علاقة واضحة بين العمليات التي تجري في الأنبار والفلوجة منذ نهاية العام الماضي، وبين ما وصل إليه الحال في الفلوجة. لكنه أكد أنّ ''الدستور العراقي في البند الأول من المادة 61، والبند الثالث من المادة 73 يعطي الحق بتغيير الحدود الإدارية للمحافظات العراقية''.

وذكّر الدفاعي بمجموعة مسودات ومقترحات صدرت عن رئاسة الجمهورية وعن وزارة الدولة لشؤون المحافظات التي قدمت في شهر تموز 2013 مشروع تحويل الفلوجة وطوز خورماتو وحلبجة وتلعفر إلى محافظات، ما يعني أن المشروع لا يتعلق بما يجري على الأرض في الرمادي والفلوجة، بل جرى في وقت سابق له.

ويتساءل مراقب الشأن العراقي عن مغزى إصدار مثل هذا القرار في وقت سيطر فيه داعش بالكامل على الفلوجة وحل شرطتها ومديرياتها وعطل عمل الدولة الإداري فيها بشكل كامل، وهو ما علق عليه الدفاعي بالقول: ''أعتقد أن توقيت إصدار هذا القرار في هذا الظرف القلق غير المستقر لم يكن صحيحاً وصائباً''، معتبراً أن مزيدا من التقسيمات الإدارية في العراق سيزيد من تعقيدات الوضع المرتبك أصلاً حالياً.

''غياب الحكومة لمدة عام ساعد على تغلغل ونمو هذه الجماعات''

واحكم تنظيم داعش قبضته على مدينة الفلوجة وسحب البساط من تحت العشائر التي كانت تنظم الأمور في غياب السلطة. ومع اندلاع الأزمة في محافظة الأنبار، سيطر مسلحون ينتمون إلى العشائر على مدينة الفلوجة وقاموا بطرد الشرطة المحلية هناك. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية أنه بعد تدخل جهات عديدة ومفاوضات مع وجهاء العشائر، قرر رئيس الوزراء نوري المالكي التريث باقتحامها، والسماح للعشائر بطرد المسلحين وتشكيل حكومة محلية لتسيير الأمور في المدينة.

واختار كبار شيوخ عشائر الفلوجة تشكيل إدارة مدنية جديدة وتعيين قائمّقام وقائد للشرطة من أهالي المدينة، لتفادي اجتياح الجيش لمدينتهم، لكن هذا القرار لم ير النور إثر رفضه من قبل مسلحي داعش الذين سيطروا تماماً على المدينة.

الصحفي والكاتب حسين محمد عجيل، ذكّر بأن القاعدة موجودة في العراق حتى قبل التغيير في 2003 ، مشيراً إلى أن '' داعش'' التي يرأسها أبو بكر البغدادي تمثل انشقاقاً عن تنظيم القاعدة التابع للظواهري ، ودخل كثير من الشباب إلى هذا التنظيم الذي ينفتح في سوريا.

وشدد القول: ''في العام الماضي بقيت مناطق الأنبار كافة تعاني من فراغ وغياب حكومي شبه تام خصوصاً في مدينتي الرمادي والفلوجة، وسبب الغياب هو تهاون الحكومة والسياسيين في الوصول إلى حل للأزمة القائمة، وهو ما ساعد على تغلغل ونمو هذه الجماعات''.

''الخارطة الجغرافية للعنف تكشف مناطق التوتر''

يذكر أن مجاميع عراقية تقاتل مع داعش وهي ، جيش الطريقة النقشبندية الذي يقوده عزة الدوري، وجيش المجاهدين الذي يقوده حارث الضاري، والجيش الحر بقيادة يونس الأحمد ومجموعة من مقاتلي العشائر يقودهم علي حاتم السلمان.

وفي هذا السياق أشار الدفاعي، إلى تداخل المشهد وعزا ذلك إلى التغيير السياسي في عام 2003 ذي الطابع الزلزالي، مؤكداً على ''أن قراءة الخارطة الجغرافية للعنف تكشف بسهولة مناطق التوتر، وهي محافظة الأنبار، ومدينة الموصل، وشمال الحلة ( المثلث)، ومحافظة ديالى، وهي المناطق الساخنة الرافضة إلى حد ما للعملية السياسية''.

الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي قال في مؤتمر للعشائر إن''السلاح الذي تجمع في الفلوجة كبير وحديث وضخم يكفي لاحتلال بغداد''. وشدد على أن ''الهدف ليس إسقاط الفلوجة (...) وإنما إسقاط العملية السياسية''.

وبيّن مدير وكالة أنباء أصوات العراق حسين محمد عجيل أن الانبار التي تشغل ثلث مساحة العراق تملك حدوداً طويلة مع السعودية التي لا تخفي مواقفها مما يجري في العراق مبدية اعتراضها على العملية السياسية برمتها ومن المحتمل أن تتدفق الأسلحة عبر أراضيها إلى تنظيم داعش والتنظيمات العراقية التي تقاتل إلى جانبه لتحارب التغيير.

كما أشار عجيل إلى أن الحدود مع سوريا مفتوحة منذ زمن طويل، والأسلحة والمقاتلين تتدفق منها إلى العراق، نبّه عجيل إلى خطورة الوضع بالقول ''سيارات الدفع الرباعي التي يقودها مقاتلو داعش داخل الأنبار والأسلحة التي يمتلكونها كما رأينها، تمثل إشكالاً للقوات الأمنية والجيش العراقي في المحافظة''.

وأكد عجيل في الختام أنّ أي خطأ من جانب الحكومة في هذا الظرف سيدفع بالقوى المعترضة على الحكومة إلى الاصطفاف بأسلحتها وجهودها إلى جانب داعش لإسقاط العملية السياسية''.

ويرى المهتمون بالشأن العراقي، أنّ مثل هذا الظرف يمكن أن يضع العراق برمته بين فكي حرب أهلية تمثل امتداداً للعنف الجاري في سوريا منذ 3 أعوام، لاسيما أن العراق يعاني من تهتك خطير في نسيجه البنيوي والمجتمعي.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان