لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصراوي في ''بيت الثورة'' هنا كواليس ''الحلم الكبير''

11:49 ص السبت 25 يناير 2014

كتبت – هند بشندي:

تصوير – محمود بكار:

على بعد أمتار قليلة من ميدان التحرير.. وتحديدا في ''6 ب'' شارع القصر العيني.. وفي بناية قديمة من بنايات وسط البلد.. تقع دار نشر ''ميريت''.. لم تعد ''ميريت'' عقب ''25 يناير 2011''مجرد دار نشر.. بل أصبحت ''بيت الثورة'' وغرفة عمليتها؛ فهنا دارت كواليس الثورة.. وجدرنها التي تمتلئ بالصور الفوتوغرافية.. شاهد عيان على ضحكات وهمسات. هتافات.. وآنات الثوار.

صعدنا سلالم البناية في اتجاه مقر الدار بالدور الأول؛ ونحن نعلم ان كل درجة من درجات السلم، كانت الملجأ الأمن للثوار، فهنا اختبئوا من برد الشتاء، وهنا كانت استراحتهم، وهنا احتموا من الغاز وطلقات الرصاص، هنا بكوا على ضحايا، وهنا رقصوا فرحا بخطاب التنحي..

في مقر الدار استقبلنا أب الثورة وأيقونتها كما أطلق عليه وصاحب الدار –محمد هاشم- وزوجته ''نجلاء''، فهما شهود عيان على الثورة منذ اليوم الأول لانطلاقها مرورا بأحداث محمود محمود ومجلس الوزراء والذكرتين الأولي والثانية للثورة.

روح عجيبة

''الروح'' .. اجتمعا هاشم وزوجته على انها الميزة الأساسية خلال الثمانية عشر يوما من الثورة، تصف ذلك ''نجلاء'' فتقول ''الحب كان يسود الأجواء، الكل يجمعهم شئ واحد وهو الخوف على البلد''.

''الناس كانت جميلة أوي'' تتذكر ''نجلاء'' والابتسامة تعلو شفتيها، لتصف تسابق الشباب في توزيع البطاطين والطعام، ثم تقف برهة لتشير لنا كيف كان الجميع يغفو في صالة المقر، بالتناوب، الكل يغفو وهو جالس على الأريكة، أو مستلقي على أرض المقر، فيما استلقي آخرون على الطرقات وسلالم البناية خارج المقر.

يتذكر ''هاشم'' كواليس ''الحلم الكبير''،  هكذا يفضل ان يطلق على 25 يناير، فيقول ''الأكل يكفي الكل .. الناس تساهم من جيوبها بمبالغ بسيط حته جبنه وعيش تكفي، حتى تدفق معونات من الأصدقاء''.

''عيش حرية كرامة إنسانية'' شعار جماعي انطلق من المصريين من بولاق والمهندسين وشبرا حتى كل شبر في مصر، يقول عن هذا الشعار ''هاشم'' انها شعارات لخصت أحلام المصريين المشروعة منذ ان كان ينادي بها الشاعر أحمد فؤاد نجم وعدد من الشعراء في عام 1967.

''أصيب في عينيه، بكت زوجته، لكنه اعترض على بكائها ليقول لها ''زغردي'' وافرحي، انا اتصبت عشان خاطر البلد دي'' موقف ما زال محفور في ذاكرة ''نجلاء''.

أما أصعب المواقف على الإطلاق فكان توديعها للميدان ''بالدموع'' صبيحة خطاب التنحي بعد الانتهاء من تنظيفه، احساس لا يوصف من وجهة نظرها استحق ذرف الدموع شعور انتباها كأنها تترك منزلها.

لم يكن هاشم وزوجته فقط هم من شاركا في الثورة، بل كانت المشاركة بصحبه بناتهم ''ميريت وحبيبة ودنيا''، وكلبهم الذي فقدوه بعد ان مات لعدم تحمله الغاز المسيل للدموع.

لم تخش الأم على بناتها رغم اقتراب الموت عدة مرات منهم في محمد محمود، كما تعرض بناتها للتحرش وسرقة تليفوناتهم المحمولة، ومع ذلك لم تخف لتقول بنبرة كلها إصرار ''كنا مستمرين فأنا مؤمنة بالمكتوب''.

وراح الأمل

''عمرنا ما شعرنا باي ملل أو خوف كنا كلنا أمل .. راح الأمل ساعة الإخوان'' تقولها ''نجلاء'' بنبرة يملأها الحسرة لتضيف ''ماحدث في عهد الإخوان منتهي الاحباط كنت مضايقه اوي على مصر.. بعتبرها أسوء فترة في تاريخ مصر''. يوافقها في الرأي زوجها ''كانت سنة سودة لما حكمونا''، لأول مرة يشعر الناشر محمد هاشم بان الثورة عبارة عن ''نكتة'' عندما تجول في ميدان التحرير في ذكري الثورة عام 2012.

لكن كيف تحولت روح الإخاء والتسامح بينهم وبين الإخوان للعداء بهذه السرعة؟ .. يوضح ''هاشم'' ان الصراع كان مستمر حتي أثناء ثورة 25 يناير، فيؤكد بان الصدامات لم تتوقف، ويدلل على ذلك بإحدى المواقف عندما كان يضع الإخوان الميكروفونات فوق أماكن تجمعهم لمنعهم من الغناء، لكنه يقول ان الصراع لم يكن حاد بالدرجة، مضيفا ''رغم عدوانيتهم تصرفنا بكياسة تليق بثورة كبيرة حتى لا نفتت القوى الثورية حينها''.

تقع عيناي على ''بانر'' كبير يحمل شعار ''لا عسكرية ولا دينية''، تعرف ما أربو اليه ''نجلاء'' لتجيب ''ستكون مدنية، فالفريق عبد الفتاح السيسي أذكي من أن يرشح نفسه حتي لا يخسر حب من اعتبروه بطل قومي''.

ليؤكد زوجها على كلامها ''نحن ضد الفاشية الدينية وضد اي فاشية عسكرية ومع حكم مدني شفاف المسئول فيه يحاسب، لو اصاب نشكره لو أخطا نسجنه''، يعتبر ان ثورة 25 يناير قدمت شهداء كثر فهذا أقل ما يجب فعله احتراما لدماء الشهداء وتضحياتهم.

سيظل ''محمد هاشم'' يصر على حاكم مدني، منوها في حواره مع مصراوي على احترامه الشديد لدور السيسي في 30 يونيو لكنه لا يري معنى أن يحكمه عسكري؛ فمحبته الشديدة لعبد الناصر واحتقاره لقرارات أنور السادات واحتقاره لفساد مبارك تجعله يربو لحاكم يقبل الحساب والمناقشة بعكس الحكام العسكري الذي يضمن وقوف الجيش في صفه.

''رابطة صناع الطغاة''

''سيبوا الورد يفتح.. سيبو هاشم منا ومش هنسيبه'' بهذه الكلمات هتف المتظاهرون لمحمد هاشم بعد ان اتهم من قبل المجلس العسكري بإحراق المجمع العلمي، وهو الاتهام الذي رفضته زوجته مؤكده ''هاشم.. ده اشرف بني آدم''.

ليصف هاشم  ذات الاتهام ''رجل أحمق من اتهمني؛ فعمري 56 عاما قضيت أكثر من ثلاثين منها في النشر وقبلهم كنت أشارك في مطبوعات غير دروية للحركة اليسارية والحركة الأدبية التقدمية، فانا محب لها، معيشتي وطعام اولادي وتعليمهم من الكتب؛ فكيف أحرق كتاب؟!''

فهل يخشي هاشم تكرر اتهامات مماثلة للقوى الثورية في الفترة القادمة.. كما يتخوف بعض النشطاء خصوصا بعد حبس عدد منهم؟ سؤال طرحناه عليه، لينفي بسرعة ويؤكد ''لا أحد يستطيع قمع الحريات واسكات الشعب مرة أخرى''.

لكنه أبدى تخوفه من ما اسماه ظاهرة ''تآليه'' الفريق السيسي، قائلا ''رابطة صناع الطغاة.. كفرونا''، ليوضح أنها جماعات مصالح تستهدف أي حاكم، مؤكدا أن بعض أعضاء الرابطة تعاملوا مع الإخوان واندمجوا مع نظامهم ولم يهمهم البلد في شيء واتهموا محمد البرادعي والقوى الثورية بالعمالة والخيانة، وحاليا يلعبوا نفس الدور ولكن لتمجيد السيسي.

ورغم ثقته في الوصول إلى دولة مدنية، لكنه يقول ''في حال اختار الشعب السيسي للرئاسة فهو غير متخوف لان المصريين لن يقبلوا مرة أخرى بالقمع أو الإهانة أو سلب حقوقهم، فالشعب الذي خلع حاكمين في سنتين ونصف قادر على أن يعود للشارع في أي وقت وينتزع حقوقه''.

''المصريون لن يقبلوا العودة لما قبل 25 يناير 2011''، تلك كانت رسالة هاشم لحاكم مصر القادم.

''مش هنبطل نحلم''

هل إلى لقاء في ثورة قادمة؟.. بدون تردد يستبعد محمد هاشم ثورة جديدة في الذكري الثالثة للثورة، مؤكدا أن القوى الثورية الحالية لا تريد ان تسقط نظام بل تريد ان تبني نظاما بعد إقرار الدستور، وصوب عينها على انتخابات برلمانية محترمة ونزيهة.

ليعلنها بكل حسم ''لن ندفع ضرائب أخرين مرة أخرى، لن نؤيد ركوب الإخوان على الثورة، ولن نساند قيامهم بصدامات مسلحة، فثورتنا كانت وستظل سلمية ومتسامحة''.

ويؤكد بشكل واضح انه لن يشارك في تظاهرات 25 يناير القادمة، فكل ما يخشاه ان تتحول وسط البلد لساحة قتال، مضيفا ان مطالبهم سوف ينتزعوها بوسائلهم السلمية المعروفة من كتابة أشعار وبالموسيقى والأغاني وليس عن طريق المولوتوف.

يشعر بالتفاؤل.. رغم غياب مرشح قوي للثورة ووجود حالة من التشتت الشديد، متمنيا تجاوز كل الألم وأن يكون هناك مرشحا يعبر عن الثورة وعن أحلامها المشروعة ومطالبها العادلة.

ورغم قرار الهجرة الذي سبق وتراجع عنه سريعا، لم يقل يوما ''يا ثورة ما تمت'' ولم يحن لعهد ''مبارك'' بل يرى أن الثورة صاحبة الفضل في إنجازات عظيمة منها إقرار الحد الأدنى والأقصى للأجور، ولكنه يطمع في المزيد.

''لن نيأس.. مش هنوطي صوتنا مش هنبطل حلم ومش هنبطل دفاع عن أحلامنا ومشروعيتها.. المصري كمل ضد المجلس العسكري والإخوان وهيكمل ضد أي حد يظلمه تاني''.. بهذه الكلمات المفعمة بالإصرار ختم محمد هاشم حواره مع مصراوي.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان