قبل الكارثة.. سكان العقارات الآيلة للسقوط ينتظرون الموت (صور)
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
كتبت - نور عبد القادر:
لم ننتظر حدوث الكارثة لنرصد معاناتهم وتهافت وسائل الإعلام عليهم وسط أكوام العقار المنهار دون مأوي، أو بكائهم على ضحاياهم تحت الأنقاض، فسعينا لمعايشة ساكني العقارات الآيلة للسقوط في محاولة لتوصيل معانتهم اليومية في انتظار الموت مع فجر كل صباح.
ورغم إعتادينا سماع أخبار انهيارات العقارات، إلا أن معايشة من يقطنون تلك العقارات أمر ليس بالسهل، فالحياة بعقار يعاني التصدعات والانشقاقات ويتعرض للاهتزاز بشكل دائم أشبه بمعايشة الموت باستمرار.
البحث عن عقار آيل للسقوط لم يكن أمر صعب، خصوصا وأن هناك قرابة 600 ألف عقار مخالف، ونحو 7 ملايين وحدة غير مرخصة ووصل عدد العقارات الآيلة للسقوط إلى 60 ألف عقار طبقا لإحصائيات وزارة الاسكان.
فم الخليج وعزبة أبوقرن: مناطق آيلة للسقوط
تجولنا داخل مناطق ''فم الخليج'' وعزبة ''أبو قرن'' بحي مصر القديمة على مدار يومين لرصد العقارات المنهارة والآيلة للسقوط، ولعل مشكلتها ليست في كونها من المناطق العشوائية الخطرة، ولكن لأنها تحتوي على عدد كبير من العقارات القديمة ولم يصدر لها قرارات إزالة او تنكيس، لان إدارة الحي تري أن تلك المنطقة لابد من نقلها، وبالتالي يعيش الاهالي بمنازل متهالكة، لم تعطيهم الدولة أبسط حقوقهم وهو الكشف على سلامة العقارات ومدى تحملها للأدوار المخالفة التي بناها ملاك العقارات عقب ثورة 25 يناير.
لم يكن دخول عزبة ''أبو قرن'' بالأمر السهل، فمن المعروف أن من يدخل تلك المناطق يتعرض لمشكلات كثيرة، وغالبا ما يتعرض للسرقة طالما أنه ليس من سكان المنطقة، لذلك حاولنا الدخول عبر أحد سكانها لرصد معاناة قاطنيها.
''إم حسن'' إحدى سكان عزبة '' أبو قرن'' تصحو يوميا علي كابوس الموت تحت أنقاض منزلها، فهي تعلم جيدا أنه لا يصلح للإقامة، ورغم عدم صدور قرار إزالة له ، إلا انه معرض للانهيار بين لحظة وأخري، ولكن ما باليد حيلة ..فلا يوجد بديل أمامها سوي العيش به مع انتظار الموت.
''رضينا بالهم والهم مش راضي بينا'' هكذا بدأت ''أم حسن'' حديثها من أمام العقار المتهالك الذي تسكنه والذي لا يختلف كثيرا عن باقي العقارات المجاورة، فطوابقه لا تتعدى الاربعة وواجهته متهالكة، وخطورته ليس فقط لقدم العقار وتدهور شبكة الصرف الصحي والمياه وتراكم القمامة وضيق الشوارع، ولكن لوجود أدوار مخالفة تهدد بالانهيار المبكر له.
معاناة الأهالي
تكمل ''أم حسن'' حديثها معنا وهي تصطحبنا لرؤية العقار قائلة: ''البيت مكون من ثلاثة طوابق يسكنه ستة عائلات ولا يوجد بديل لهم ، فالإيجار لا يتعدى 250 جنيها، ولا يمكنهم تركه وسط حالة الغلاء في أسعار الشقق، رغم سقوط سقف الدور الثالث، وتهالك الطابق الارضي وارتفاع منسوب المياه بحوائطها''.
يشير شقيقها لبعض الشقوق والتصدعات التي انتشرت بأركان العقار بمختلف طوابقه والسلالم المتهالكة، ودورات المياه التي لم تعد تستخدم، خشية أن يسقط العقار فوق رؤوسهم لترسب المياه منها، موضحا أنهم سعوا للتواصل مع الحي للكشف عن العقار وتحديد حالته خاصة بعدما قام صاحب العقار ببناء غرفتين أعلاه بعد الثورة، ولكن كان رد الحي أن المنطقة في طريقها للإزالة وعليهم ترك المنزل أو الموت به
''تنكيس العقار يحتاج إلى آلاف الجنيهات، والبحث عن شقة أيضا، وجميعا لا نملك قوت يومنا، ولهذا لا بديل أمامنا سوى انتظار الموت، ولكن ما ذنب الاطفال الذين يعيشون في رعب، فقد تساقط جزء من غرفة بالطابق الثاني ذات يوم، واصبحنا نعلم جيدا أننا سنصحو يوما تحت الانقاض'' هكذا وصفت رحاب محمد إحدى سكان العقار طبيعة الحياة داخل عقار آيل للسقوط .
ليست فقط ''أم حسن '' وجيرانها بالعقار من يعيشون خطر الحياة تحت الأنقاض، ولكن أغلبية سكان عزبة أبو قرن يعيشون تلك اللحظات، فالعقارات تاريخ إنشائها يعود لقرابة تسعون عاما، ولم يتم بنائها طبقا للمواصفات، ولكن بشكل عشوائي وتقليدي، وأغلبها بها ادوار مخالفة تم إنشائها بعد الثورة، ويرفض الحي الكشف عنها
''نعيش جحيم العيش تحت خطر الموت سواء من خلال العقارات التي نسكنها أو من خلال تجار المخدرات، فالأطفال المتناثرين عند مدخل عزبة أبوقرن، لعرض بضاعتهم (أشرطة ترامادول وتامول) للوافدين، تحت مرأى ومسمع من الشرطة، وكذلك ''الدواليب'' المخصصة لبيع المخدرات خلف أقدم مسجد للمسلمين في مصر مسجد عمرو بن العاص، ولهذا نحن نريد بديل لتلك الحياة التي نعيشها بكل أنواع الخطر، هكذا لخص ''خالد'' أحد شباب المنطقة الحياة بعزبة أبو قرن في ظل خطر الموت تحت الانقاض وهو يصطحبنا خارج عزبة ''أبو قرن'' .
أسباب وجود العقارات الآيلة للسقوط
يري الدكتور محمود عبد الحي، رئيس معهد التخطيط العمراني سابقا، أن السبب فى انهيار المباني يرجع لفساد المحليات والتعقيدات في إصدار التراخيص، مما يتيح الفرصة لضعاف النفوس بصدور مخالفات في التراخيص والبناء، وتمتد المخالفة فى وصول الفساد إلى إدخال المرافق برغم عدم صلاحية المبنى أساسا، والسبب الثاني قانوني فهناك 130 قانونا وأمرا إداريا يحكمان المنظومة العقارية، ونتيجة التلاعب في القوانين واختلافها فإنه يسهل اختراقها.
جهات الرقابة والقوانين
ويكمل: قوانين الثروة العقارية فى مصر مشتتة بين وزارة الإسكان ووزارة التنمية المحلية ووزارة الاستثمار ووزارة المالية، وجزء منها فى الزراعة والري، وأن الثروة العقارية ليس لها راع ينظمها، أو يلزم ضرورة تطبيق القانون فى حالات التنكيس والترميم لوضع حل جذرى لكارثة الانهيارات المتواصلة، ووضع خطة لترميم المباني ونشر ثقافة الترميم بين المواطنين''.
حل الأزمة
وتابع: لابد من حصر العقارات الحديثة غير المشغولة وإلزام أصحابها بتأجيرها لحل أزمة الإسكان لمتضرري العقارات الآيلة للسقوط، كما يجب أن يتم عمل لجنة للمرور ومتابعة كافة العقارات التي مر على بنائها ثلاثون عاما أو اكثر وتشكل لجانا تشرف على جميع الأحياء لمراجعة العقارات الموجودة بها.
وانهي حديثه قائلا:'' عدد المباني في مصر يقدر بنحو 9.4 مليون مبنى ومنها 102 ألف مبنى لا تتوافر فيها اشتراطات الصيانة، والأخطر من ذلك وجود مليونين من المباني الآيلة للسقوط، وقد صدرت لها قرارات ''تنكيس'' وترميم لم تنفذ حتى الآن واستمرارها بالشكل الحالي يعد تهديدا حقيقيا لأرواح المواطنين، ولهذا لابد من سرعة إنقاذ الثروة العقارية المصرية التي تقدر قيمتها بنحو 9 تريليونات جنيه''
أما يحي شوكت، عضو مبادرة الحق في السكن، فيري أن الحكومة دورها يقتصر علي إصدار قرارات الازالة أو الهدم، وللأسف هناك تزايد ملحوظ في اعداد العقارات الآيلة للسقوط، رغم أن قانون البناء نص على إنشاء صندوق لتوفير قروض لتيسير ترميم العقارات، ويسمح للمحليات التنفيذ بالقوة الجبرية لو امتنع المواطن أمتنع التنفيذ، ولكنهم لا ينفذوا ذلك رقم وجود 60 الف قرار ترميم واكثر من 700 ألف أسرة مهددة، وانهيار 390 عقار خلال 2013''
خطة العمل
ويشرح ''شوكت'' خطة العمل بأنه لابد من تنفيذ القانون وتفعيل الصندوق وتوفر موارد للتعامل مع المباني الآيلة للسقوط وعمل مسح بقرارات الترميم والهدم العاجلة وخريطة بأكثر المحافظات، ويتم عمل جدولة حسب مدى الخطورة والاهمية في العمل مع ضرورة فرض رقابة على الثروة العقارية وتحديد اسعارها.
تضارب إحصائيات قرارات الازالة
وتفيد منال الطيبي، الناشطة الحقوقية، أن هناك تضارب في أعداد العقارات الآيلة للسقوط، فرغم أن الجهات الرسمية توضح أن هناك فقط 60 ألف قرار إزالة، إلا أن مركز الحق في السكن قد اجري بحث على مستوى الجمهورية وكشف عن وجود 1,2 مليون عقار آيل للسقوط، موضحة أن الثروة العقارية كانت خارج حسابات الانظمة السابقة، وهو الامر الذي جعل المواطنين يفضلون الموت بكرامتهم أسفل الانقاض عن الحياة بالشوارع بلا كرامة.
وتطرح ''الطيبي'' روشتة الحل متمثلة في استغلال المخزون العقاري المتمثل في حوالي 5,8 مليون وحدة سكنية غير مشغولة، ولابد من تأجيرها للراغبين ، فالمليكة الفردية لا يجب أن تتعارض مع الصالح العام ، كما أن هناك 2 مليون وحدة سكنية مغلقة أيضا .
وتكمل ''على الدولة أن تتخذ قرارات جريئة ولا تخشي غضب اصحاب الشقق والعقارات المغلقة، كذلك لابد ان تعود المحليات لدورها كمان كانت في تسعينات القرن الماضي، حيث توفير سكن الايواء والطوارئ للحالات العاجلة، بدلا من أن تكون المسؤولية كاملة تابعة لوزارة الاسكان التي لا توفر سوي السكن الدائم''.
في النهاية صرح مصدر مسؤول بوزارة الاسكان، أن هيئة التفتيش الفني علي البناء التابعة لوزارة الاسكان انتهت من حصر المباني الآيلة للسقوط والمباني التي تحتاج إلي ترميم، وأن هناك 60 ألف عقار صدر ضدهم قرار إزاله ولم تنفذ هذه القرارات حتي الآن و225 ألف قرار صدر لهم قرارات ترميم ، وأن محافظة القاهرة بها أعلي نسبة عقارات صدر بها قرار إزاله، وتأتي بعدها محافظة الاسكندرية في المرتبة الثانية، بينما احتلت محافظة الجيزة المرتبة الثالثة من حيث عدد قرارات الازالة للمباني الأيلة للسقوط، وان مسؤولية المتابعة تقع ضمن اختصاصات الاحياء ومجالس المدن التي عليها مخاطبة الملاك.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: