الموتوسيكل.. أداة جديدة للجريمة وحظر استيراده تهديد للأرزاق
تحقيق– عمرو والي:
انتهت ''عفاف'' من بعض الأعمال المنزلية، كروتين ليوم دائماً ما يبدأ في الساعات الأولي من الفجر، همت للخروج من منزلها، في طريقها لمكان عملها حيث تعمل موظفة، بأحد المصالح الحكومية، كانت عفاف محمد، تسير وسط حالة من الهدوء بالشارع، لم يخطر ببالها أن ينقلب يومها رأساً على عقب، وما هي سوى دقائق مرت، حتي فاجأها موتوسيكل يستقله شابين، خطفا سلسلة ذهبية كانت ترتديها، صرخة حاولت السيدة الخمسينية اطلاقها ''حرامي'' ، ولكن دون مجيب تقول لـ مصراوي صدمة قوية أصابتني من هول الحادث ، وشعور بالحزن جعلني أحذر كل من أراه من الموتوسيكل في الشارع، وقرار بعدم ارتداء الذهب إلا في المناسبات.
واقعة أخري مع أنور عيسوي'' مستشار زراعي'' وقف ليركن سيارته أمام أحد المبان التي تضم معمل تحاليل ليجري بعض الفحوصات الطبية، ليأتي أحد الأشخاص ويسأله عن عنوان، وبعد الإجابة يلتفت ليكتشف مرور أحد الموتوسيكلات التى قام قائدها بسرقة تليفونه المحمول الذى وضعه بجانبه.
يقول لمصراوي، الموتوسيكل هرب بسرعة شديدة وسط زحام الشوارع عكس الاتجاه، مشيراً إلى أنه الحادث لم يتعد ثوانٍ معدودة أمام أعين المارة.
عدد كبير من النماذج المشابهة يضاف إليها العمليات الإرهابية التي ضربت البلاد مؤخراً، ومنها حادث اغتيال اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفني لوزير الداخلية، إطلاق الرصاص على كنيسة الوراق، إطلاق ''آر بى جى'' على القمر الصناعي بالمعادي، اغتيال الرائد فادي سيف ضابط بمرور بورسعيد، وكان بطلها الموتوسيكل.
يقول أحمد سعيد، تاجر موتوسيكلات، بمنطقة أرض اللواء، إن سبب الإقبال عليها خاصة الصيني لوجود عدة موديلات مختلفة الأسعار، وهى بصفة عامة تبدأ من ألفى جنيه، وتصل إلى 6 آلاف، أما التاجر فيحصل عليها بمبالغ تتراوح بين 1500 و4500 جنيه، ومعظم التجار يبيعون الصيني بالتقسيط، بحيث يدفع الزبون مثلا 500 جنيه ويأخذ الموتوسيكل ويدفع الباقى على أقساط، وهذا الأسلوب منتشر في المناطق الشعبية، ويقبل عليه الشباب نظرا لسهولة إجراءاته.
وأضاف لمصراوي أن يبيع فى المتوسط ما يقرب من 3 و5 قطع أسبوعياً، لافتاً إلى أن البعض يقوم مقابل 20 جنيها في اليوم، بتأجيره لصغار يستغلونه في ارتكاب جرائم مختلفة، مثل خطف حقائب السيدات، أو المشغولات الذهبية وفى بعض الأحيان ينظمون سباقات على الطرق السريعة.
ارتفاع الطلب على شراء الموتوسيكلات
وأيد غريب عبد ربه، مستورد ورئيس شعبة الدراجات البخارية بغرفة القاهرة التجارية، الكلام السابق في فكرة السيولة فى انتشار الموتوسيكلات الصيني فى البلاد مؤخراً ، مشيراً إلى إرتفاع الطلب عليه، من المطاعم، والصيدليات، ومحدودي الدخل، بالإضافة لحل أزمة المواصلات فى بلد مزدحمة ، لرخص سعره، بالإضافة إلى التسهيلات فى بيعه بالتقسيط، مقارنه بالأنواع الاخرى كالماركات الفرنسية وألمانية وإيطالية يتراوح سعرها ما بين 30 و40 ألف جنيه وأكثر.
وأضاف لمصراوي أن مصر، تستقبل ما يعادل نصف مليون دراجة بخارية سنوياً، لافتاً إلى أن اقتراحات قدمتها الشعبة بدأت تتصاعد بإلزام مستوردي شحنات الدراجات البخارية بالحصول على إفراج جمركي ثم ذهاب الشحنة مباشرة إلى الإدارة العامة للمرور للحصول على اللوحات المعدنية، ومن ثم يبيع تجار التجزئة الدراجات البخارية بلوحاتها، ويلزم المشترى بضرورة السير فى إجراءات الترخيص مباشرة.
تستخدم في الأعمال الإجرامية
ووفقاً للإدارة العامة للمرور وصل عدد الدراجات النارية المرخصة عام 2012 إلى نحو 1.7 مليون فقط ، بمقدار ربع مليون دراجة بخارية معظمها يكون غير مرخصة بالسوق المصرية.
وتركزت عدد من الحملات الأمنية التى جرت لضبط الموتوسيكلات المخالفة فى مناطق الصف وأطفيح بجنوب شرق الجيزة، ومثلث محافظة القليوبية وبعض المناطق الجبلية بالبحيرة، وأماكن وجود البؤر الإجرامية بالشرقية، بالإضافة إلى بعض المناطق بصعيد مصر.
الأمن يلاحق غير المرخص
تكرار الحوادث نتيجة الموتوسيكل دفعنا لسؤال اللواء حسن البرديسي، مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة، عن كيفية مواجهة هذا العدد المتزايد منها فقال إن قطاع المرور على مدار الأسبوع الماضي، بالتعاون مع مديريات الأمن، شن حملات مكثفة على مستوي الجمهورية لضبط الموتوسيكلات غير المرخصة، مشيراً إلى أن الحملة أسفرت عن ضبط ما يقرب من 14240 دراجة بخارية، منها 4067 تركزت فى القاهرة فقط.
وأضاف لمصراوي أن صغار السن، والشباب الذين لا يحملون رخص، بالإضافة إلى مسجلون الخطر كانوا هم الفئة الأكثر، مشيراً إلى أن الموتوسيكلات المتحفظ عليها لايتم ارجاعها لأصحابها إلا بعد دفع الغرامة المقررة، وترخيص الموتوسيكل ، وفق تطبيق المادتين 54 من قانون المرور الجديد و66 لسنة 2008 من قانون المرور، والتي تنص على الحبس 6 أشهر أو غرامة 500 جنيه لمن يقود مركبة دون ترخيص.
ولفت إلى أن قطاع المرور قدم طلبا إلى وزارة المالية والحكومة، لتعديل القوانين المنظمة لاستيراد وسير الموتوسيكلات في الشارع المصري، وتضمن الطلب زيادة رسوم الاستيراد، وتحديد مواصفات الدراجة النارية بحيث يمنع دخول الرديئة رخيصة الثمن ، وهو ما سيتم تفعيله بعد قرار الحكومة بوقف استيراد التوك توك والموتوسيكل لمدة عام.
وأوضح أن قطاع المرور بصدد اصدر قانونا يجرم وجود أكثر من راكب واحد على الدراجة النارية، بالإضافة إلي تضمين رقم اللوحات المعدنية عند الإفراج الجمركي، بالإضافة إلى رقم الموتور والشاسيه، مطالباً المواطنين بالالتزام بمهلة المحددة لترخيص مركباتهم، وفق القانون.
ومع صدور قرار مجلس الوزراء بتكليف وزارة المالية بمنع استيراد الدراجات البخاري كاملة الصنع والتوك توك لمده عام، بالإضافة الي منع استيراد المكونات الإنتاجية لمده ثلاثة اشهر للدراسة، توجه ''مصراوي'' لتجار وأصحاب المعارض لمعرفة آرائهم تجاه الأمر.
تجار: الحظر قرار خاطئ
قال ممدوح مصطفي ''محاسب'' بإحدى الشركات الشهيرة المستوردة للموتوسيكل، إن القرار خاطئ تماماً، وغير مدروس ، مشيراً إلى أنه جاء فقط إرضاء لضباط الداخلية، بعد سلسلة من الحوادث الأخيرة.
وأضاف لـمصراوي أن القرار مبهم، ولا نعلم هل سيطبق أم لا، مستنكراً بقوله '' مش علشان حد غلط، نخرب بيوت وشركات فاتحة''، وتابع قائلاً '' مصر البلد الوحيدة التي اذا حدث بها مشكلة نساعدها لتتفاقم''، لافتاً إلى أن الموتوسيكل حل أزمة كبيرة للمشكلة المرورية الموجودة. وأوضح أن دول عديدة مثل اليابان والصين أدركوا قيمة الموتوسيكل والعجلة، ووفروا تسهيلات لأصحابها، ولكن هنا الوضع مختلف تماماً.
وقال مؤمن عبد الستار، بائع بمحل موتوسيكل ببولاق، إن القرار كارثة بكل المقاييس، مشيراً إلى أن مصير البضائع الموجودة أصبح مجهولاً، خاصة مع ارتفاع السعر المتوقع بعد قرار وقف الاستيراد.
وأضاف لـمصراوي أن الداخلية هى المنوط بها مكافحة المخالفين، مشيراً إلي أنه قد يمر أسبوعاً ولا يبيع سوي ماكينة واحدة فقط، لافتاً إلى أن العمالة ستتأثر مثل أي تجارة، وهو ما يعني تسريحه هو وزملائه لأن العاملين هم أكثر المتضررين، وليس أصحاب المحال رغم أن القرار مازال على الورق.
وأوضح أن الأسبوع الماضي تم سرقة موتوسيكل سعره ما يقرب من 10 الأف جنيه، وذهب لعمل محضر بالقسم، ولكن دون جدوي، مشيراً إلى أن أي شخص يشتري منه يعطيه مبايعه ليذهب بعدها للمرور للترخيص.
وأيد غريب عبد ربه رئيس الشعبة وعلى العكس فى حديثه لـ مصراوي قرار الحكومة والذى من شأنه ضبط السوق والحالة الأمنية، مشيراً إلى أن القرار جيد لعودة الأمن مجددا بالشارع.
وأضاف لـ مصراوي أن المستهلك يقع عليه جزء كبير من المسؤولية، لأنه لا يذهب لترخيص المركبة، بعد شرائها أو الحصول على الإفراج الجمركي، لافتاً أن العديد من المستوردين والتجار تعرضوا لضغوط من الأمن خلال الفترة الأخيرة بسبب حوادث السرقة والإرهاب التى تتم بواسطة تلك الدراجات البخارية، وذلك نظرا لأن تلك الدراجات غير مرخصة وتلجأ جهات التحقيق لشهادات الإفراج الجمركي المدون عليها تسم المستورد أو التاجر للتحقيق.
وتوقع عبد ربه ارتفاع أسعارها بنسبة 50 فى المئة، فى ظل انخفاض الكميات، لافتا إلى القرار الجديد سيجعل من يقود الموتوسيكل هو قائده فقط، أو اى شخص يحمل توكيل من المالك، بالإضافة إلى وضع قواعد صارمة عند تأجيره ، مثل بطاقة المستأجر، وعنوانه، وتوقيت الاستخدام ، كبداية لتنظيم العملية وخضوعها للقانون، وسهولة الوصول لأى شخص استخدم الموتوسيكل فى جريمة.
وقال إن عدد المستوردين المتخصصين فى هذا المجال 104 للموتوسيكل والتوك توك ، 100 للموتوسيكل و 4 مستودين للتوك توك، وتأتي أغلبها من الصين والهند، مشيراً إلى أن التجار لن يتأثروا بوقف الاستيراد للدراجات البخارية ، حيث أن التاجر سيتم تغيير نشاطه من بيع جديد إلى بيع قطع غيار، نظرا للعدد الذى تم طرحه بالسوق خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن بعض التجار قرروا تجميد عمليات البيع لمده أسبوع لجس نبض السوق بعد القرار ، تمهيدا لرفع السعر تدريجيا بعد الزيادة من المصانع .
''خراب بيوت''
ويقول خالد إبراهيم، تاجر بإمبابة، يقول من الصعب منع استيراد الموتوسيكل هناك ملايين الشباب قوت يومها قائم على النوع الصيني، مشيراً إلى ان هناك بعض الحوادث جرت من ورائه، ولكن المنع ليس حلها، منتقداً فكرة ركوب شخص واحد الموتوسيكل قائلاً: '' فى كل الدنيا الموتوسيكل بيركبه شخصين، وعندنا فى مصر فقط بنركب لوحة أمامية، على الرغم من عدم سهولة رؤيتها، وكل مستخدمي الصيني ليسوا ارهابين، ضارباً المثل بالقطارات قائلاً لوفى قطار عمل حادثة هل هامنعها ولا أشوف المشكلة وأعالجها''.
وأوضح لمصراوي أن الحكومة قامت بعمل هذا القرار للموتوسيكلات الصينى اقل من 150سى سى، وهذا النوع دائماً يكون موتوسيكل كامل، مشيراً إلى أن هناك قصور فى القرار لأن الصيني فى الأساس يأتي مفكك، ويتم تجميعه هنا، وبالتالي فالقرار مثل عدمه ، وقد يؤثر فقط علي وكلاء ماركات الموتوسيكلات الشهيرة.
وأشار إلى أن كافة المستوردون سارعوا لزيادة ألف جنيه على سعر الموتوسيكل، وألفين على التوك توك وهو سيرتفع أكثر من ذلك عند بدء تطبيق القرار فعليا، موضحا أنه لا يمتلك بضاعة تكفيه لأكثر من 6 أشهر، وقد يغلق المحل بعدها.
ويقول على الزيني تاجر موتوسيكل بالمهندسين بنبرة غضب: القرار غير مدروس، ويحتاج للمراجعة، مشيراً إلى أن العديد من التجار فتحوا اعتمادات لدى البنوك وولديهم بضائع فى الطريق لا يعرفون مصيرها كما ان بعضهم لديه مديونيات لدى البنوك لا نعرف كيف يمكن التعامل معها.
وأضاف لـ مصراوي أن من الممكن تقنين عمليات الاستيراد خاصة للنوع الصيني بعد اجتياحها للسوق، مشيراً إلى أن بعض التجار يدرسون القيام بوقفات احتجاجية واعتصام حتي يتم التراجع عنها، لافتاً إلى أن القرار يفتح الباب أمام عمليات التهريب، و ازدهار السوق السوداء.
وأكد علي عدم وضوح القرار فيما يتعلق بقطع الغيار، والمنع لأصحاب المصانع فقط، أم سيتم فتحه للتجار قطع الغيار أم سيسري المنع على الجميع، وبالتالي نقص السلعة، وارتفاع سعرها.
قرار منع الاستيراد مؤجل مؤقتا
ويرد فؤاد الخباطي، رئيس الإدارة المركزية للعمليات الجمركية بمصلحة الجمارك، أن القرار الذى صدر من مجلس الوزراء بطلب المالية حظر استيراد الموتوسيكلات، والتوك توك لن يطبق على الفور، مشيراً إلى أن القرار سيراعي الصفقات المفتوحة، والشحنات القادمة، خاصة أن مصلحة الجمارك ستنتظر موافقة وزارة التجارة.
وأضاف لـ مصراوي أن هناك تجار قاموا بالفعل بالحصول على اعتماد جمركي، أو بوليسة شحن لتحويل اموال البضائع، وبالتالي لا يمكن تطبيق هذا القرار عليهم، لأنه لا رجعة فى أي قرارات استيرادية، وبالتالي فالقرار سيطبق على الرسائل الجديدة، والتى لم تفتح اعتماد أو تحويل.
نفس الأمر يؤكده محمد السقا مدير الإعلام بوزارة المالية ، لافتاً إلى أن وزارة المالية دورها فى تفعيل آلية الرقابة بوقف استيراد أي شحنة جديدة من الدراجات البخارية أو التوك توك ، بعد تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء، بالإضافة إلى مكافحة التهريب.
وأضاف لـ مصراوي أن الشحنات السارية، والموجودة بالجمارك قبل صدور القرار أو تم التعاقد عليها ، ستدخل البلاد بشكل طبيعي حرصاً على مصلحة التاجر، ولأنه ليس هناك تطبيق لقرار أو قانون بأثر رجعي، مشيراً إلى أن الداخلية عليها ضبط التراخيص، والتزام المواطنين بمهلة الأسبوعين التى تم اقرارها من الحكومة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: