الخرطوش البديل الشعبي للسلاح الأبيض '' تحقيق''.. فيديو
تحقيق– عمرو والي:
أصبح الخرطوش السلاح الأكثر انتشارا داخل المجتمع المصري، خاصة فى المناطق الشعبية، علي الرغم من وجوده فى الريف وقري الصعيد منذ سنوات إلا أنه وبعد ثورة يناير احتل صدارة المشهد فى كافة الأخبار، بعد توافره فى ايدي البلطجية والمسجلين ليحل محل السلاح الأبيض، حتي أصبح مهدداً للأمن ''مصراوي'' خلال سطور هذا التحقيق حاول معرفة أسباب انتشاره الواسع وأشهر مناطق صناعته ودور الأمن فى التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة وتأثيرها علي المجتمع.
وتواجد الخرطوش بقوة فى أحداث عديدة منها مجلس الوزراء ومحمد محمود واشتباكات ماسبيرو وأحداث العباسية التي شهدها محيط وزارة الدفاع، وحادث طالب هندسة القاهرة محمد رضا، الذى سقط يوم 29 نوفمبر الماضي، بالإضافة إلي حوادث أخرى كثيرة.
''موضة جديدة''
يقول سيف إمام، تاجر أسلحة وصاحب شركة لخدمات الأمن، إن انتشار الخرطوش شأنه شأن معظم الأسلحة التي انتشرت بعد ثورة يناير، مشيراً إلي أن كمية الأسلحة التي دخلت كبيرة للغاية، لافتاً إلي أن الخرطوش سلاح فكرة تصنيعه سهلة، وبالتالي أصبح متداول خاصة بالمناطق الشعبية.
وأضاف إمام لـ مصراوي أن الخرطوش أصبح موضة بين البعض وخاصة بعد انتشاره بين صانعيه، بل وأصبحوا يتباهون بإمكانية التجويد فى صناعته، والإمكانيات التي تم إضافتها عليه، مشيراً إلي أن قوات الأمن تستخدم نوعاً يسمي ''كباس'' وهو عبارة عن ماسورة بها طلقة مغلق عليها، يقوم حاملها بشد سوسته السلاح وتركها لتخرج الطلقة.
وأوضح أن الانتشار الكبير للخرطوش جاء نتيجة دخول ورش لأصحاب مهن الميكانيكا، والكهرباء، والخراطة فى المهنة بعد فهم طريقة التصنيع، رغباً في المكسب السريع، استغلالا للانفلات الأمني بعد الثورة. مضيفاً أن السلاح الواحد يبدأ من 600جنيه إلي ألفين ونصف.
''إجراءات ترخيص السلاح''
وأشار إلي أن معظم اسلحة الخرطوش المتواجدة غير قانونية لأن حيازة السلاح تتطلب عدد من الإجراءات تشمل الحصول علي رخصة سلاح، حيث يذهب الراغب بذلك إلي القسم ويكتب مذكرة يعرض فيها مبررات حمل السلاح، يليها الحصول علي عدد من الموافقات الأمنية، وبعد الحصول علي الرخصة يذهب بها للبائع مرفقة بطلب شراء وتصريح لحمل السلاح.
وأكد علي أن الخرطوش فى الأساس يستخدم بغرض الصيد أو رياضة الرماية، لافتاً إلي أن هناك أنواع مختلفة منه بحسب عدد المقذوف بداخله، حيث يمكن أن يحتوي المقذوف طلقة بها 6 بليات وحتي 375 بلية، وتختلف حسب الغرض المستخدم منها كفض الشغب مثل الأنواع التي تستخدمها الشرطة، أو صيد الحيوانات.
''خطر علي حامله''
وتابع إمام حديثه قائلاً: إن استخدم الخرطوش لأشخاص غير مدربين خطر، لأن وجود أي عيب في صناعته نفسها من الممكن أن يجعل الطلقة نفسها تقطع ماسورة المسدس وتصيب حامله والمحيطين به، مشيراً إلي أن يتم يلف طلقات المسدس بشكل عشوائي باليد علي عكس مثلاً المسدس الساقية والذي يحتوي علي الشاكوش يتحكم فى لسان علي الطلقة ولا يخرجها إلا إذا كان بيت آمان ضرب النار مضبوظ علي الماسورة، وبالتالي رداءة سلاح الخرطوش مليون فى المئة خطر علي مستخدمه.
وأبدي استيائه من موجة أفلام العنف والبلطجة التي انتشرت مؤخراً، حيث ساهم أحد الأعمال علي انتشار نوع من الخرطوش ، لم يكن منتشراً – علي حد قوله- وهو نوع بماسورتين، مشيراً إلي أن المشاجرات تطورت بها الأسلحة لتصل إلي الآلي و الجرينوف، والذى يروي سيف أنه شاهده بنفسه فى مشاجرة بمنطقة صفط اللبن بالجيزة علي سيارة كارو، لافتاً إلي أنه يحتاج أكثر من فرد لاستخداماته.
وطالب الداخلية فى نهاية حديثه بضرورة تشديد الإجراءات الأمنية أكثر، لمنع عمليات التهريب التي تحدث خاصة علي الحدود لأن انتشار السلاح بشكل عام ، تهديد للأمن القومي.
''عقوبة حمل السلاح''
ويعاقب القانون المصري مستخدمي السلاح بدون ترخيص وفقاً قانون العقوبات والاسلحة والذخيرة والذى يقر بعقوبة امتلاك السلاح في مصر تكون الحبس من 3 الي 6 سنوات ومصادرة السلاح المضبوط، وتصل الى السجن المؤبد فى حالات الاستخدام والتعدي.
''أنواعه وأسعاره''
وقال إبراهيم عبد الله، تاجر سلاح وذخائر بوسط البلد، إن انتشار الخرطوش يعود إلي استخدامه فى الترويع والتخويف لأن صوته مرتفع للغاية، ويستخدمه الخارجين عن القانون فى المشاجرات، بالإضافة إلي نسبة تسببه فى الوفاة قليلة بالمقارنة بالأنواع الأخرى، حيث يمكن أن يصيب جمع من الناس بإطلاق قذيفة واحدة مثل مظاهرة أو مشاجرة، مشيراً إلي أنه قد يسبب الوفاة عند إطلاقه من مسافة قريبة ومناطق معينة من الجسم مثل الرقبة أو الوجه أو الصدر.
وأضاف لـ مصراوي أن الخرطوش سلاح خطر على مستخدمه، لأنه لا يوجد به مفتاح الأمان، ومن السهل أن يصيب من يحمله، واصفاً إياه بالموضة مثل موضة السلاح الأبيض في وقت ما، لافتاً إلي أن كل زمن وله سلاحه، كما تتعدد أشكاله ولكنه فى الغالب تركيبية واحدة يتراوح طوله ما بين 20 إلي 40 سم، وماسورة قطرها من 12 إلي 16 ملي، بالإضافة إلي زناد، وطارق وسوستة صغيرة تربط بينهما، وشاكوش أو إبرة ضرب النار، وهيكل حديد ومقبض من المعدن أو الخشب.
وأوضح أن هناك ما يسمي المقروطة وهو نوع آخر يطلق عليه شعبياً أبو روحين وله ماسورتان في الغالب يكون كبير الحجم، ويزيد من ضخامة صوت الطلقة، أثناء خروجها من السلاح، وتختلف أسعاره حسب التصنيع ويبدأ من500 جنيه وحتي 2000 جنيه، كما تتراوح أسعار المقروطة ما بين1000 وحتي 3500جنيه، كما أن سعر الطلقة يختلف بحسب المقذوف وكمية البلي أو البارود بداخله يتراوح حالياً ما بين 20 وحتي 40 جنيه.
''وسيط للبيع''
ولفت إلي أن ورش الخراطة والحدادة من أكثر الأماكن التى تصنع فيها تلك الأسلحة، حيث يسهل على الخراط والحداد الحصول على المواد الخام التى يحتاجها تصنيع ذلك السلاح، والأدوات التى تستخدم فى عمليات التجميع واللحام ، فالخراط علي سبيل المثال قد يقوم بعمل قطع عرضي بالبلية الأصلية لمعرفة تكوينها وعليه يتم تقليدها وصناعتها بكل سهولة.
وأشار إلي أن هناك بعض المناطق التي تنتشر بها صناعة الخرطوش بشكل غير قانوني حيث يرتبط بانتشار المسجلين خطر منها عزبة الهجانة، وترب اليهود، وعزبة أبو حشيش، وسوق الجمعة، وعزبة خير الله، ومسطرد ووكالة البلح وفى الغالب لا يستطيع أى شخص غريب التواجد هناك إلا عبر وسيط معروف حتي يتم الشراء بسهولة.
وقال اللواء مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني، إن انتشار سلاح الخرطوش هو جزء من ظاهرة انتشار السلاح فى مصر بعد ثورة يناير، مشيراً إلي أن الشرطة قامت بضبط آلاف من قطع السلاح، لافتاً إلي أن الخرطوش أصبحت تجارته رائجة فى المناطق الشعبية، وعلي أرصفة الشوارع، حيث أن الخرطوش من الممكن أن يندفع من أى ماسورة وهو ما يجعل صناعته متاحة لأى سباك أو خراط.
''الأكثر تهريباً''
وأضاف لـ مصراوي أنه بعد قيام ثورة يناير ثم ما أعقبها من قيام ثورة ليبيا وفتح جميع مخازن السلاح بها، دخلت كميات كبيرة من الأسلحة الليبية المهربة إلى داخل مصر، وأصبح السلاح متاحا للجميع وبأرخص الأسعار، وبحسبه فإنه منذ بداية تهريب الأسلحة من ليبيا والسودان دخلت إلى مصر أنواع عديدة من بنادق الخرطوش على وجه التحديد، والذى يعتبر أكثر أنواع الأسلحة تهريبا واستخداما، ودخل معها أنواع أخرى وبكميات كبيرة من طلقات الخرطوش ''الرش''، وهى التى تسيطر على مجرى الأحداث حاليا فى مصر مع بدء أى أعمال شغب أو عنف فى جميع المناطق.
وأوضح أن اﻟﺗﺟﺎرة فى الخرطوش والآلي أصبحت ﻣن أرﺑﺢ أﻧواع اﻟﺗﺟﺎرة، خاصة مع انتشار ورش صناعة الخرطوش، واستخدامه فى جرائم السرقات، والمشاجرات، لافتاً إلي أن المفزع هو انتشار الأسلحة الآلية و أر بي جي، وغيرها من الأسلحة الثقيلة، وأشار إلي أن البعض لجأ إلي استخدام الخرطوش كنوع من الحماية لتأمين أنفسهم، بالإضافة إلي البلطجية الذين أقبلوا علي شرائها بعد أن كانوا يستخدمون السلاح الأبيض أو ما شابه، فانخفاض سعرها وسهولة تصنيعها جعلها تنتشر بصورة كبيرة فى الأسواق وأصبحت فى متناول الجميع.
''محاكم عسكرية''
وطالب البسيوني بإحالة كل من يضبط بأى سلاح غير مرخص بإحالته اﻟﻲ ﻣﺣﺎﻛم ﻋﺳﻛرﯾﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ، ليحقق الردع بشكل سريع، حتي استتاب الأمن أكثر، ولا مانع من ترخيص سلاح خرطوش أو مسدس لأي مواطن طالما أنه فى إطار القانون، ووفقاً لشروط.
ويشير اللواء مجدي البسيوني إلي أنه لتجنب انتشار هذا الأسلحة لابد من حملات أمنية مكثفة لضبطها خاصة أنها انتشرت بشكل كبير اضافة الي زيادة عدد الأكمنة الثابتة والمتحركة علي الطرق الصحراوية والتي تهرب من خلالها داخل سيارات وتحقيق الاشتباه فعند تحقق هذه الأكمنة للنتائج المرجوة من ضبط هذه الاسلحة سوف يقل عدد الأسلحة في الشوارع والميادين، كذلك وضع علي الأقل خمس ضباط في كل كمين وليس ضابطا واحدا ، لتفادي حوادث مثل كمين مسطرد الأخير، بالإضافة إلي مراقبة جميع المنافذ التي تهرب من خلالها الاسلحة فعند تنفيذ ذلك سوف تقل الاسلحة في الأسواق.
''دور الداخلية''
ومن جانبه قال اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث بإسم وزارة الداخلية، لـمصراوي فى رد مقتضب للغاية بعد محاولات عديدة للتواصل معه، إن الوزارة تقوم بمجهودات متواصلة للحد من تجارة أسلحة الخرطوش وغيرها من كافة الأنواع، مشيراً إلي أن زيادة الرقابة علي كافة المنافذ الأمنية والمناطق التي تشتهر بالمشاجرات، بالإضافة إلي البؤر الإجرامية، وتكثيف الحملات الأمنية يومياً في سبيل عودة الأمن للشارع والمواطن، مطالباً بالإبلاغ عن أيّة عناصر إجرامية يقتنون مثل هذه الأسلحة حرصا على سلامة الجميع.
''ثقافة مجتمعية''
وعلى الجانب الاجتماعي أكد الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن وجود السلاح بصفة عامة يرجع إلي ثقافة اجتماعية لدي البعض من المواطنين، خاصة فى المناطق الشعبية والريفية، حيث يهتمون بحيازة السلاح خاصة أنواع الخرطوش والآلي لشعورهم بأنه مصدر حماية وأمان.
وأضاف لمصراوي، أن هناك دراسات أرجعت ظاهرة تنامي العنف وما صاحبها من انتشار السلاح إلي عاملين الأول هو غياب سلطة الأمن، والثاني هو زيادة المطالب الفئوية والاجتماعية لمن حرموا لفترات طويلة من الحصول عليها، وبالتالي قد أدت ظروف عدم الاستقرار فيما بعد الثورة إلي تجرأ بعض الفئات علي الشرطة أو السلطة، وتحديها بأشكال عديدة مثل البلطجة والتعدي علي حرمة الشوارع، والسرقة بالإكراه، والخطف، الترويج للممنوعات، المشاجرات كلها صور لمظاهر عنف ترتبت علي ظروف عدم الاستقرار.
وأشار إلي أن هناك جزئية خاصة بوجود عادة الثأر بين العديد من أهالي الصعيد والظهير الصحراوي، جعلهم يحتمون بمثل هذا السلاح وغيره، وقد يعتبرها البعض نوع من الوجاهة والعزوة، كذلك انتشار القبائل فى سيناء والمناطق الحدودية، وكلها عوامل ساعدت علي انتشار السلاح وسهولة تصنيعه فى متناول الجميع وبأسعار زهيدة.
أفلام تروج للعنف
وأوضح أن وسائل الإعلام والسينما تلعب دوراً مثل موجة أفلام العنف والبلطجة والتي ما هي إلا افراز مجتمعي لطبقة موجودة بالفعل، ونعاني منها جميعا، هذه الشريحة طفت على السطح المجتمعي بعد ثورة يناير وتناولها فى الأساس جيد ولكن التركيز عليها كنموذج واحد فقط تؤثر سلبا في المجتمع المصري وخاصة للشباب، ومن هم في سن المراهقة بالتحديد لأنهم الأقرب للتقليد من أي سن آخر، وهم من يستخدمون مثل هذا السلاح فى أي مناسبة فنجدهم يرددون أقوال هذا النموذج، ويقلدون سلوكياته. وتطبيق القانون علي الجميع هو الحل والدولة هي المسئولة عن ذلك، ومعه ستختفي معظم هذه الظواهر.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: