علاقات المصرية الإيرانية.. إلى أين؟
كتبت - نيرة الشريف:
شهد يوم تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي حضور القائم بالأعمال الإيرانية في مصر مجتبي أماني، ربما يمثل هذا المشهد بادرة أمل لإنهاء حالة الشد والجذب التي سيطرت على علاقة القاهرة وطهران خلال عقود طويلة، وإنهاء حالة التوتر التي مثلت السمة الغالبة في التعامل بين البلدين.
في عام 2011، وتحديدا، بعد ثورة يناير، بدأت العلاقة بين القاهرة وطهران تأخذ شكلاً إيجابيا، خاصة بعد إعلان وزير الخارجية الأسبق نبيل العربي (أمين عام جامعة الدول العربية حاليا) بأن مصر بصدد فتح صفحة جديدة مع جميع الدول بما فيها إيران، كما جاء في العام نفسه اتهام الدبلوماسي الإيراني قاسم الحسيني بالتجسس على مصر في أعقاب الثورة ليوتر العلاقات بين القاهرة وطهران من جديد، إلا أن وزير الخارجية الإيراني على أكبر صالحي كان حريصاً على احتواء الأزمة، وعدم تضخيم رد الفعل الإيراني وتعمد الإبقاء على خيط التواصل مع مصر، وقد ظهر ذلك من خلال الإشادة بالثورة المصرية على لسان المرشد الأعلى على خامئني.
إيران ومبارك
يحلل الدكتور محمد السعيد إدريس، خبير العلاقات المصرية الإيرانية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، مراحل العلاقات المصرية والإيرانية خلال ثلاثين عاما هي عمر نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك قائلا: ''العلاقات المصرية الإيرانية خلال الثلاثين عاما الماضية، فترة حكم نظام مبارك، كانت مرهونة بعدة محددات، منها قرار إيران بقطع العلاقات مع مصر إثر توقيع مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل، ففي الوقت الذي يقبل فيه نظامي الرئيسين السادات ومبارك أن يتعاملا مع أمريكا وإسرائيل، كانت إيران ترفض هذا تماما''.
''أما المحدد الثاني فهو الاختلاف الشديد بين الإيديولوجية الحاكمة في إيران، والتي هي عبارة عن نظام شديد الراديكالية والتشدد يسعي إلى تكوين دولة إسلامية عالمية، والإيديولوجية التي كانت تحكم مصر في ظل النظام السابق الذي كان مرتبطا بالرأسمالية العالمية، وهو حليفا للنظام الأمريكي، ويؤخذ عليه دائما التطبيع مع الكيان الصهيوني، فالفكرتين متناقضتين تماما، وكان مبارك يخاف دوما من فكرة تصدير الثورة الإسلامية، وذلك يبرر عدائه التام لتيارات الإسلام السياسي، في الحين الذي كانت فيه إيران علي وفاق تام معه.''
لقاء وحيد
يثبت تحليل السعيد أن الزيارات المصرية الإيرانية كانت شبه منقطعة تماما طوال فترة حكم النظام السابق التي استمرت لنحو ثلاثين عاما، فيما عدا زيارة واحدة كانت في العشرين من ديسمبر عام 2009 ، حينما استقبل الرئيس مبارك رئيس مجلس الشورى الإيراني على لاريجاني.
وجاء هذا اللقاء إبان زيارة لاريجاني إلى القاهرة للمشاركة في اجتماع لجنة تابعة لاتحاد برلمانات الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، تلك الزيارة التي كان تبرهن على أن نظام مبارك كان يحاول بوجل أن يعيد العلاقات نوعيا.
وعن الاختلاف النوعي في الشكل الذي سارت به العلاقات في نهايات عمر نظام مبارك يقول إدريس ''ظلت العلاقات هكذا حتى وصول محمد خاتمي للحكم في إيران كرئيس إصلاحي يرفض فكرة تصدير الثورة، ويتبع سياسة حسن الجوار مع الدول المحيطة بما فيها مصر، لكن مبارك لم يستطع فهم فكرة تعدد القوى في إيران، لأنه كان المسيطر الأول والأخير على الوضع في مصر، فلم يكن قادرا علي استيعاب أن الوضع في إيران مختلف فهناك رئيس وهناك مرشد أعلي، فالموقف الإيراني غير صادر من قوة واحدة على الأغلب، لكن مبارك كان قد حُدد بالعامل الأمني متمثلا في خوفه الشديد من دعم تيارات الإسلام السياسي، وعامل الوفاق بينه وبين أمريكا وإسرائيل والعداء المتزايد بين القوتين وإيران، كل هذا جعلت محاولات الوفاق التي كان تتم في العلاقات المصرية الإيرانية في نهايات عمر النظام السابق تتم علي استحياء شديد، ولم يكن هناك نية للوفاق الحقيقي.''
بعد ثورة يناير
حال العلاقات المصرية الإيرانية اختلف بعد ثورة يناير 2011 كثيرا، حيث حدث تبادل في العلاقات من الجانبين، كان من بينها دعوة أحمدي نجاد في يونيو 2012 أسر الشهداء المصريين لتكريمهم في طهران، و35 شخصية من أسر الشهداء يزورون طهران، ويلتقون الرئيس الإيراني، ومرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي.
وفي أغسطس 2012 استقبل الرئيس السابق محمد مرسي، نائب الرئيس الإيراني حميد بقائي، المبعوث الشخصي للرئيس أحمدي نجاد، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، وسلم بقائي الرئيس المعزول دعوة من نجاد لحضور قمة عدم الانحياز التي تعقد في طهران، و التقى مرسي بنظيره الإيراني على هامش القمة، وتم خلال اللقاء التأكيد على إجراء المزيد من الحوار خاصة في القضايا الإقليمية.
واستقبل مرسي في سبتمبر 2012 وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي الذي زار القاهرة ضمن مجموعة المبادرة الرباعية لحل الأزمة السورية والتي دعي إليها الرئيس الأسبق، وتم خلال اللقاء استعراض ملف الأزمة السورية إلي جانب بحث تطورات الأوضاع الدولية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط.
كما شارك نحو 15 مسئولا ورجل أعمال مصريين في المنتدى الاقتصادي المصري الإيراني الذي عقد بطهران في أكتوبر 2012.
وفي يناير 2013 كان هناك زيارة أخري لعلي أكبر صالحي وزير خارجية إيران لمصر، واستقبله الرئيس الأسبق بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، وقام صالحي بتسليم رسالة خطية من الرئيس الإيراني أحمدي نجاد.
واختتمت سلسلة الزيارات الرسمية المعلنة بوصول الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى القاهرة لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي، في أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني للبلاد منذ نحو 34 عاما.
إيران والإخوان
وعن الوضع المصري/ الإيراني خلال العام الذي تولي فيه الإخوان المسلمون مقاليد الحكم، يقول إدريس ''هناك محدد واحد هو الذي تم إسقاطه خلال حكم الإخوان، وهو العامل الأمني، الذي انتهي وقتها تماما، لأن الإسلام السياسي هو الذي كان يحكم، وحلّ محل العامل الأمني محدد التيار السلفي، الذي لن يسمح بالطبع بأي علاقات مع إيران، أما المحدد الإسرائيلي والأمريكي فلازال كما هو''.
وتابع لذلك فإن التطور الذي حدث وقتها هو تطور محدود ولا ينبئ بأي تحول جذري، فالتحول الجذري في العلاقات المصرية الإيرانية لن يتم إلا بتغيير علاقات مصر مع إسرائيل وأمريكا، فإذا كان لدي مصر النية لأن تتعامل مع الكيان الصهيوني كعدو فلن يكون أمامها سوي التحالف مع إيران، لكن مشروع التمكين الذي اتبعه الإخوان للسيطرة علي الوضع داخل مصر، سيدفعهم لتسكين الأوضاع مع أمريكا وإسرائيل تماما، فالإخوان قد فشلوا في إقامة أي علاقة مع إيران بخلاف العلاقة الاقتصادية.''
وعن علاقة إيران بالنظام الحالي يؤكد أشرف الشريف أن لإيران مصلحة مباشرة مع النظام المصري الحالي، وهي ستسعي لإقامة علاقات دبلوماسية جيدة معه، لأن لهم هدف مشترك وهو مواجهة الجماعات الإسلامية المتشددة، فإيران تود القضاء على هذه الجماعات تماما في سوريا، والنظام المصري يسعى للتخلص من هذه الجماعات داخليا، وهو ما سوف تتلاقى فيه رغبات البلدين.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: