الانتاج الثقافي في مصر: تركيز على العاصمة.. ولا حقوق للمؤلف
كتب – مصطفى علي:
ذات صباح أرسلت دار الشروق لأحد أبرز كُتابها تقريرا عن مبيعات نسخ كتبه خلال آخر ثلاثة شهور التي تخطت الثلاثين ألفا، حسبما أشار الكاتب على صفحته على فيسبوك.
رأى الدكتور يوسف زيدان، المتخصص في المخطوطات والروائي، أن هذا الرقم إذا ما أُضيف له النسخ المزورة لكتبه التي تملأ الأسواق، على حد تعبيره، وعمليات التحميل من على شبكة الأنترنت، سيكون له دلالة ايجابية متمثلة في طفرة في القراءة بمصر والبلاد العربية.
القراءة في أرقام
وبرغم ما يُشاع عن زيادة عدد القراء بالبلاد السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يوجد احصاء رسمي يؤكد أو ينفي هذه الزيادة غير مؤشرات الاحصاءات الثقافية خلال الفترة من (2007 - 2011) التي أصدرتها المركز القومي للتعبئة العامة والإحصاء.
وترصد المؤشرات زيادة عدد المطالعين بالمكتبات من 5 مليون سنة 2007 إلى 7.3 مليون سنة 2011، غير أنها لا ترصد عدد المطالعين من غير المشتركين بالمكتبات العامة.
وتبلغ عدد المكتبات الاكاديمية والعامة 2222 مكتبة تكاد يتركز ربعها بمحافظتي لقاهرة والجيزة فقط، ويتباين توزيعها على باقي المحافظات، بحسب شبكة المكتبات المصرية التابعة لمركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
بينما يبلغ عدد الناشرين 755 ناشرا، يتركز 522 ناشر منهم في محافظة القاهرة فقط، بينما هناك ناشرا واحدا لكل محافظة من محافظات الإسماعيلية والبحر الأحمر وسوهاج وبني سويف ودمياط.
المحافظات: نزوح ثقافي
وبرغم هذه الارقام التي ليست في صالح الأقاليم، يقول محمد مراد، مترجم من قنا، أن هناك اهتمام من جمهور الأقاليم بالثقافة خلال السنوات القليلة الماضية، لكنه لا يقارن بحجم الاهتمام بها في العاصمة حيث الحوافز اكثر كالمعارض والمكتبات.
ويعتبر مراد الذي يعمل مع مجموعة من الشباب من ابناء بلدته (قوص – قنا) من أجل نشر الثقافة، أن الأهم في هذه المرحلة هو بناء قاعدة جماهيرية للمؤسسات الثقافية خلال 3 أو 4 سنوات، لتتمكن بعدها هذه القاعدة من دعم هذه المؤسسات بشراء منتجاتها.
كما يرى مراد، وهو يعيش بالقاهرة، أن الأقاليم تعاني أيضا من نزوج المثقفين كما تعاني من غياب المؤسسات الثقافية، حيث يضطر المثقف إلى النزوح إلى العاصمة من أجل البعدين الاقتصادي والثقافي، حيث فرص عمل أفضل وتسليط الضوء على موهبته.
ويضيف مراد بحسرة ''هناك مثقفين من الاقاليم في القاهرة، لكن اكثرهم يبقى في بلدانهم، لكنهم يظلون نكرة لا يسمع أحد عنهم حتى يأتي أبن لهم أو صديق ينشر اعمالهم على مضض بعد رحيلهم''
دور نشر أم مطابع؟
يقول أحمد إبراهيم، مدير دار نشر المهر الذهبي، أنه برغم نجاح وزيادة عدد المؤسسات الثقافية في السنوات الأخيرة إلا أنها تواجه تحديين لاستمرارها: الأول هو الوصول للقرى والنجوع لأن القاهرة ليست هي المقياس لانتشار الثقافة، أما الثاني فهو التزامها بآليات للنشر والتوزيع لتتمكن من الاستمرار اقتصاديا.
ويعيب إبراهيم، الذي يعمل بمجال النشر خلال الخمسة سنوات الأخيرة، على دور النشر اعتمادها اقتصاديا على تقاضي اتعاب النشر من المؤلف، لأنها تضر بصناعة النشر وتحولها إلى سمسار أو مطبعة، من باب الاستسهال والربح السريع.
ويضيف إبراهيم ''ربما يكون هذا مقبولا من دار نشر ناشئة محدودة الموارد، لكنه غير مقبول من دور نشر يتجاوز عمرها العشرون عاما، من المفترض أن تدفع هي للمؤلف وليس العكس''
التأليف: قاعدة المثلث
ويعتبر المثقفون العرب، مصر قاعدة مثلث الثقافة على مدار عقود طويلة مضت، حيث سادت عبارة ''مصر تؤلف، لبنان ينشر، والعراق يقرأ''، غير أن تطورات سياسة وثقافية طرأت على بلدان ذلك المثلث.
يقول عمرو عاشور، روائي شاب، أن عملية الإبداع في مصر خصوصا في مجال الرواية والشعر، غير مجزية ماديا للمبدع، بل العكس يضطر المؤلف إلى الدفع لدور النشر من أجل نشر روايته، باستثناء الدور الكبيرة بالطبع التي تعطي مقابل مادي قليل نسبيا.
ويضيف الكاتب الحائز على المركز الثاني بروايته ''كيس أسود ثقيل'' من جائزة ساويرس الثقافية، أن الكاتب في مصر يعتمد غالبا على جائزة أو ترجمة لعمله أو تحويل روايته لنص سينمائي، وهذا خاضع لاحتمالات.
بينما يرى أن دور وزارة الثقافة ينحصر في تقديم منح للكتاب تتراوح ما بين 750 جنيه إلى ما يجاوز ال 1000 جنيه شهريا تجدد كل سنة وعلى مدار 4 سنين، وهي ارقام هزيلة بالنسبة لكاتب متفرغ لا يعمل شيء آخر سوى الكتابة.
ويقارن عاشور حال الكاتب في مصر بدول كفرنسا وإسبانيا، حيث الكاتب الشاب الذي صدر له روايتين مثله، يعيش كنجوم هوليوود، لأن نسبة القراءة عالية جدا، فالطبعة الأولى للكاتب الشاب تتراوح ما بين ال 10 الاف إلى 100 الف، وهذا كلام مستحيل يحدث في مصر لأن الكتاب في مصر سلعة غير رائجة، وغير مربحة، والناشر قد يطبع الف نسخة لكتاب ناجح حقق نقد عالي، لكنه يبقى في الدار دون توزيع سنة أو يزيد.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: