عشوائيات ''المغالق''.. أحياء في عداد الأموات.. (فيديو وصور)
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
تحقيق- نور عبد القادر ومحمد أبو ليلة:
رغم أن اسمها الفعلي قديما هو ''عزبة الورد''، إلا أن كونها من أكبر الأماكن الشهيرة بتجارة الأخشاب، ووجود ما يزيد عن 200 مخزن للأخشاب ومئات الأكشاك للبيع، جعلها تشتهر بمنطقة المغالق.
وحتى تصل لتلك المنطقة، ما عليك سوى استقلال ''توك توك'' من محطة غمرة، لينقلك لداخل منطقة المغالق المتواجدة بعزبة بلال بحي الشرابية، عشرات الغرف والمخازن والمحلات على جانبي السكك الحديد، تلك الأرض التي تعتبر مملوكة للدولة، بها مخازن لعرض الأخشاب، بالإضافة لكونها منطقة سكنية يتواجد بها قرابة 600 أسرة.
كانوا في البداية يعيشون في ''عشش خشبية''، تفتقر لكافة المرافق الحيوية من كهرباء ومياه وطرق وغيرها، وفي عام 2010 اندلع حريق ضخم بالمنطقة أدى لتدمير أغلب المخازن المتواجدة والعشش السكنية، وكادت أن تقترب من العمارات المجاورة، لولا تدخل قوات الجيش حينها للإطفاء، ففقد استمر الحريق مدة 8 ساعات، وكان قد سبقه العديد من الحرائق.
ممرات ضيقة
وبعد ثورة 25 يناير ، سعى أهالي ''المغالق'' للتخلص من تهديدات الحي بإزالة العشش الخشبية، فقاموا ببناء غرف سكنية على أرض الدولة، ثم تحايلوا لسرقة شبكات المياه والكهرباء لتوصيلها إلى منازلهم، وهو ما اضطر الحي لعمل محضر وغرامات على أغلب سكان الحي.
لا يمكن لأي سيارة الدخول لتلك المنطقة، فجوانب الطريق مغظاة بالأخشاب ومداخل البيوت وممرات الغرف السكنية، ونظرا لعدم وجود شبكة صرف صحي ومياه، فإن الروائح الكريهة تملأ المنطقة، كما تغرق الغرف السكنية في مياه الصرف.
انتقلنا بين ممرات المغالق ومخازنها في محاولة للوقوف على طبيعة تلك المنطقة، وكيف تحولت لمنطقة معرضة لخطر الحرائق، بالإضافة لكونها من أبرز المناطق العشوائية، التي لم تصل إليها يد الدولة بتطوير أو حتى منظمات المجتمع المدني.
ومن أمام أحد مخازن الأخشاب، يجلس الحاج حمدي أحمد والحاج صبحي عبدالله، وبجوارهم مجموعة من العمال يقومون بنقل الأخشاب من العربات لداخل المخازن، تحدثوا إلينا عن منطقة المغالق ومشاكلها وتاريخها، فبدأ الحاج حمدي حديثه إلينا بتاريخ المنطقة وأنها تعتبر من الأراضي التابعة لورثة شريف باشا، وتعود تجارة الأخشاب فيها إلى ما يزيد عن نصف قرن، عندما جاء العشرات من أبناء الصعيد واستأجروا تلك الأراضي وأقاموا عليها أكشاك خشبية لبيعها بالاسواق، لتتحول الان لاكبر مناطق تجارة الخشب على مستوى محافظة القاهرة.
ويحكي منطقة المغالق التابعة لحي الشرابية وأصبحت قبلة تجار الخشب، وشهدت العديد من الحرائق وكان أشدها عام 2010، وللأسف تخاذبلت الحكومة حينها عن إنقاذ المنطقة وكان هناك نية بلتدمير المنطقة، لإجبارنا على تركها، وبالفعل تعرضت المنطقة والتجار لخسائر ضخمة، وخصصت الحكومة وحدات سكنية بالمقطعم ومخازن لا تتعدى مساحتها 205 متر، رغم أن مساحة مخازنا تتعدى 200 و300 متر، وانتقل بعض الأهالي لتلك الشقق.
ويسرد ''حمدي'': بعد الحريق استمرت مضايقات الحي ومطالبتهم لنا بمغادرة المنطقة، وطلبنا منهم أن يتركوها لنا لتطويرها، ولكنهم ادّعوا أنها تابعة لأراضي الدولة، وسيتم تحويلها لحديقة عامة، وبعد أن قامت الثورة وجدنا الفرصة لبناء غرف سكنية بدلا من عشش الخشب التي تعرضت للحريق، وأصبح لكل أسرة غرفة سكنية لا تتعدى مساحتها 30 مترا، وحمام عمومي مشترك للعديد من الأسر.
ويتدخل الحاج ''صبحي'' فى الحديث قائلا:'' رفض الحي أن يتم توصيل الخدمات والمرافق لسكان المنطقة، ويتعدى عددهم 600 أسرة بخلاف المخازن، فما كان من الأهالي إلا أن استدانوا وقاموا بتركيب الوصلات للمياه والكهرباء على نفقتهم الخاصة، وللأسف قام الحي بتحرير محاضر ضد الأهالي بغرامات تتعدى 20 ألف لكل أسرة، وما زالت القضية بالمحاكم.
ومن بين العمال بالمخازن، شاب عشريني يدعى محمود علي، وتحدث إلينا قائلا: ''نحن لا نعرف مكانا آخر غير منطقة المغالق، فهنا ولدنا وسوف نموت، ولا يوجد لنا فرص عمل سوى بالمغالق، فأجرة العامل تتعدى 60 جنيها يومياً، ومن حق أي شاب أن يقوم ببناء غرفة من أجل الزواج، وبالتالي أغلبنا لا يعرف الحياة خارج المغالق''.
وصحبنا ''محمود'' داخل منطقة المغالق، حيث تتواجد مئات الغرف السكنية التي تم بناؤها، في غفلة من الدولة، بعد ثورة 25 يناير، ووصف لنا كيف كان حال منطقة المغالق، وكيف كانت معروفة بـ ''سكان العشش الخشبية''، ولكن أغلبهم قاموا ببناء الغرف السكنية من أجل إجبار الحي على قبول الوضع الحالي وعدم إخلاء المنطقة من أهلها.
وتفتقر منطقة المغالق لأبسط مظاهر الآدمية، فلا وجود لأعمدة إنارة بالطرقات والممرات، ولا رصف للطرق، وغياب خدمات الصرف الصحي والمياه، وتحولت المنطقة السكنية بها لبركة من مياه الصرف الصحي تصل للغرف السكنية، وبكل ممر حوالي ستة أو ثماني غرفة سكنية، وبكل غرفة تقيم أسرة بكاملها، وحمام عمومي لكافة الأسر المتواجدة بالممر.
لم يكن دخول الغرف السكنية بالأمر السهل، فالممر لا يتجاوز مساحته مترين، وحتى تتمكن من الدخول للغرف السكنية، عليك عبور قطعة خشبية عريضة، أسفلها بالوعة للصرف الصحي البدائي، ويتخلل الممر مواسير المياه والصرف الصحي التي أنشأها الأهالي حتى تصل لدورة المياة العمومية، والتي لا تقل سوءا عن بقية المشاهد.
وبمدخل إحدى الغرف السكنية، تحدثت إلينا الحاجة ''أم أيمن'' قائلة'' الحياة هنا أشبه بالحياة مع الأموات، فلا هواء ولا شمس والروائح كريهة، ومعرضين للموت حرقا بسبب مخازن الخشب، ولكننا لا نملك بديلا، فالشقق السكنية للحكومة بمنطقة 15 مايو، وأبنائي يعملون بالمغالق، وزوجي متوفي، ولا أملك عائدا ماديا يساعدني على ترك تلك المنطقة.
وبالغرفة المجاورة، تحدثت ثناء محمد، طالبة جامعية، قائلة'' الحكومة تتعامل مع الناس الغلابة كأنهم حيوانات، لايجوز الشفقة عليهم، وكل همهم هو الاستحواذ على تلك المنطقة، ولم يفكروا في توفير بديل آمن أو توفير الخدمات.
وتكمل ''نعيش المعاناة يوميا في ظل غياب المياه والصرف الصحي، ووجود دورة مياة مشتركة، بالإضافة إلى انتشار تجار المخدرات ليلا، وهو الأمر الذي يجعلنا لا نتمكن من الخروج بعد الثامنة مساءا، وبالأخص بعد الثورة''.
وتأمل ''ثناء'' أن تنظر الدولة لسكان المناطق العشوائية، وبالأخص الخطرة وتوفر بدائل آمنة لهم، بدلا من الحياة كحيوانات.
وتنفي الحاجة أم محمد ادعاء الحي بأن تلك الأرض ملك الدولة، وتوضح لنا '' أعيش هنا منذ 50 عاما وزوجي لديه مخزن ولديه 6 أبناء، وقد استأجرنا العشة الخشبية من ورثة شريف باشا منذ خمسين عاما، وبعد الحريق قمنا ببناء غرفة سكنية، وتوفي ورثة شريف باشا، ولم نستمر في دفع قيمة الإيجار، ولكن الحي يطلب منا دفع ما يوازى 200 جنيها كل شهرين مقابل الكهرباء، أما المياه فقد حصلنا عليها مجانا من وصلات المياه العمومية، وترفض أم محمد الانتقال لشقق المحافظة بالشيخ زايد والنهضة ومايو والتجمع الخامس، موضحة أنها ستموت على تلك الأرض التي عاشت بها مايزيد عن 50 عاما.
وحول موقف الحي من مشاكل منطقة المغالق، رفض اللواء هشام خشبة، رئيس حي الشرابية، التعقيب على ما ورد من مشاكل وتجاوزات بتلك المنطقة وما سيفعله الحي حيال ذلك
ويذكر أن رئيس الحي قد أوضح في تصريحات سابقة بعد توليه المنصب، أن ''المغالق'' منطقة عشوائية اعتدى على حرم السكك الحديدية، رغم تسلم 41 أسرة شقق سكنية من المحافظة ولكنهم عادوا مرة أخرى، وقاموا بتوصيل المرافق على نفقتهم الخاصة، وأن الحي سيقوم بعمل جراج يسع عربات الكارو الخاص بأعمالهم، وخطة تجميل وإنارة.
مدير صندوق تطوير العشوائيات خالد عبد العزيز، أكد في تصريحات خاصة لمصراوي، أن صندوق تطوير العشوائيات الآن أصبح تابعا لوزارة العشوائيات وجزءا لا يتجزأ من ضمن مهام عملها، ويتم الآن التخطيط لاستكمال دور الجهاز من خلال الوزارة الجديدة، وسيظهر تأثير ذلك جليا، خصوصا أن الوزارة الجديدة سيكون لها ميزانية مستقلة.
ويكمل ''عبد العزيز'': ''طورنا 85 منطقة عشوائية من إجمالي 422 بتكلفة مليار ونصف المليار جنيه، وسيتم استكمال التطوير من خلال الوزارة، وجاري التنسيق مع هيئة التخطيط العمراني، وأي تطوير لا يتم إلا من خلال مخطط القاهرة 20 50 الذي أنشأته هيئة التخطيط العمراني، منعا لإهدار المال العام.
وأوضح ''ميزانية الصندوق حوالي 500 مليون جنيه، وجارٍ زيادة الميزانية، وهناك وعد من رئيس الوزراء بتنفيذ كل المشروعات المعدة للتطوير، وتسعى الوزارة لاستقطاب رجال الأعمال للمساهمة في تطوير المناطق العشوائية''
وأفاد ''خطة الوزارة تشمل مستويين، الأول ''خطة فورية 9 أشهر''، يتم خلالها خلق فرص عمل للشباب قاطني المناطق العشوائية في أعمال دهان واجهات المباني لإعادة الصورة الحضارية للعمران بمناطق غير مخططة بالقاهرة والجيزة ''منشية ناصر، أبو قتادة، البحر الأعظم، عزبة خير الله'' بتكلفة 50 مليون جنيه، والمستوى الثاني ''خطة حالية 2014 - 2015 ، وتشمل 6 مشروعات جاهزة للتسليم، وجارٍ تنفيذ 62 مشروع لتطوير المناطق غير الآمنة وغير المخططة والأسواق العشوائية''.
يذكر أن المهندس إبراهيم محلب أصدر قرارا وزاريا باختصاصات وزارة التطوير الحضري والعشوائيات، وتم نشر القرار بالجريدة الرسمية تحت رقم 1252 لسنة 2014 بشأن مهام واختصاصات وزارة التطوير الحضري والعشوائيات.
لمشاهدة الفيديو.. أضغط هنا
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: