لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فلاتر المياه المنزلية ... مياه للشرب بطعم ''الموت''..(تحقيق)

01:43 م الثلاثاء 26 أغسطس 2014

تحقيق - نور عبد القادر:

مياه الشرب لديك طعمها متغير.. بها لون.. لها رائحة.. ساكت لي.. سارع بشراء الفلتر ''منتج الشركة'' للحفاظ على صحتك وصحة أولادك.. يزيل الرواسب والصدأ والكلور والرائحة والعديد من الشوائب المائية الأخرى.. فإذا كنت تبحث عن المياه، ما عليك سوى الاتصال بشركتنا للوصول لك فورا لتركيب الفلتر بالمجان''.

هكذا تبدأ أغلب شركات فلاتر المياه ومصانع بير السلم إعلاناتها الوهمية عن الفلاتر ''المضروبة''، والتي لم تخضع للرقابة من قبل جهات الدولة خلال مراحل التصنيع أو تم تهريبها بطرق غير رسميها فلم تراعي معايير المواصفات والجودة التي وضعتها هيئة المواصفات والجودة بوزارة الصناعة.

فحص المياه مجانا

لا تتوقف ادعاءات تلك الشركات والمخازن الوهمية على تلك النوعية من الدعاية؛ فتسعى للعديد من الوسائل من أجل جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن، فتدعي أنها تقوم بعمل فحص للمياه مجانية، وأن لديها حملات فحص للمياه مجانية وأن لديها الاجهزة والكوادر البشرية للقيام بذلك، حيث يتم قياس نسبة الأملاح في المياه بجهاز ال TDS ، واختبار الكلور المتواجد في المياه، ومعرفة ما إذا كانت المياه حمضية أم قلوية أو متعادلة.

وفي سعى منهم لمزيد من الاقناع، يعلنون أن هناك خدمات صيانة دورية للفلتر بعد التركيب، وتبديل قطع غيار بالمجان.

سعينا للتواصل مع إحدى الشركات التي تعلن عن منتجها من فلاتر خمس مراحل إلى 7 مراحل ويتراوح السعر من 1200 جنيها إلى1800جنيها، ويختلف السعر حسب الخامة والجودة، والفلتر الأمريكي أو التايواني مرتفع السعر ويصل إلى 1400 جينيها أما الكوري التايواني فحوالى 1200جنيه، وهو لا يزيل الاملاح والفيروسات مثل الأمريكي.

موافقة منظمة الصحة العالمية

عندما سألنا - أحد أصحاب شركات بيع الفلاتر - عن شهادة المواصفات والجودة أو تصريح الصادرات والواردات على منتجات الشركة، صرح أنه لا تصل منتجات الشركة إلي مصر إلا بموافقة من أجهزة الدولة، ولم يحدد نوع الجهات او التصاريح، موضحا أن شركته حاصلة على شهادات عالمية ودولية وشهادات الجودة والايزو ومطابقة لمواصفات منظمة الصحة العالمية، نافياً أن يكون هناك مواصفات ومعايير مصرية، مدللا على قوله بان أغلب المنتجات المتواجدة بالأسواق ''مضروبة'' وذات خامات رديئة ولا تقني المياه وتتركها عالقة بالشوائب.

وأوضح أن ''الصيانة والتركيب على مسؤولية الشركة، نأتي كل شهرين لصاحب الفلتر ويتم تحليل المياه قبل الفلتر وبعد تركيب الفلتر''، وعند السؤال عن مقر الشركة أكد أن هناك مقر للشركة بمركز الباجور بمحافظة المنوفية، وأن هناك رسوم لو تم التركيب خارج المحافظة.

فلتر بثلاثة الاف جنيه

قمنا بالتواصل مع شركة أخرى، فأوضح صاحبها إنه يتم قياس الأملاح بالمياه قبل تركيب الفلتر، فإذا كانت أقل من 150 يتم تركيب فلتر 3 مراحل بحوالي 400 جنيه، إما أذا كانت الاملاح بالمياه أكثر من 150 درجة فإنه يتم تركيب فلتر 7 مراحل ويصل سعره لحوالي 3 ألاف جنيه، موضحا أن الفلاتر بالشركة أمريكية الصنع والتركيب والتحليل للمياه بالمجان.

وحتى يقنعنا بالمنتج، ذكر أن شركته وكيل لشركة عالمية لها وكلاء على مستوى العالم ومنتجاتها ذات جودة عالية، وحاصلة على الايزو وشهادة الجودة العالمية، ويتم عمل تخفيضات حفاظا على صحة الأسرة المصرية، ولسوء حالة مياه الشرب بمصر.

ادعاء الحصول على الأيزو

وعند سؤاله عن التصريح أو ما يفيد بحصول المنتج على شهادة مطابقة للمواصفات، أكد أن اسم الشركة ''ماركة عالمية'' وليس بحاجة لشهادة، كما أن الشركة تقوم بالمرور كللا ثلاث شهور للصيانة بالمجان

ثم أخد يشرح طبيعة فلتر المياه ذي السبع مراحل أمريكي الصنع، ويعمل بخاصية التناضح العكسي وضد الكسر وسعره 4 الاف جنيه، ويعمل على تنقية الشوائب وإزالة الكلور المتواجد في المياه والمواد العضوية من المياه وفصل الأملاح الزائدة بالماء وغير الذائبة وتحسين الطعم، وكذلك معادلة درجة حموضة المياه وإزالة الرصاص والمعادن الثقيلة، والتخلص من الروائح الكريهة مما يساعد على تحسين الدورة الدموية وتدفق الدم داخل أغضاء الجسم.

ورش ''بير سلم'' وفلاتر ''مُهربة''

وحول أضرار تلك الفلاتر مجهولة الصنع يوضح دكتور أحمد شعبان رئيس وحدة ابحاث المياه بجامعة المنصورة، أن هناك انتشارا ملحوظ لفلاتر مجهولة المصدر سواء المصنع داخل ورش ''بير سلم'' أو يتم استيرادها من الخارج بطرق غير شرعية فلا تراعى المواصفات والجودة ولا تخضع لرقابة أجهزة الدولة.

ويشرح ''مشكلة تلك الفلاتر المجهولة المصدر والتي لا تخضع للرقابة أنها تضر صحة المواطن، حيث تزيل الأملاح التي تفيد الجسم، وتغير ''البي أتش'' للمياه وتجعلها حمضية، ويؤدى ذلك لتقليل مناعة الجسم والإصابة بالأمراض المعوية والفيروسية والبكتيرية الخطيرة، ذبلك لأنه من المفروض أن يكون البي أتش سبعة ''

ويوضح :'' لسنا بحاجة لنظام الترادف العكسي وهو المعنى بتقليل الأملاح، لأن مياه مصر درجة الملوحة بها 300 درجة، وعلى النقيض نحن بحاجة للأملاح، وحتى المناطق التي بها الاملاح درجتها 500 ، فمنظمة الصحة العالمية وضعت التصنيف الامثل بأن تكون درجة الاملاح 500، ومن ثم من الممكن الاستعانة بفلتر ''صحى '' ثلاث مراحل يزيل الشوائب والروائح والكلور والكربون، شريطة أن يكون مطابق للمواصفات''.

وانتقد ''شعبان'' المتاجرة بالفلتر سبع مراحل، موضحا أن المياه المصرية ليست بحاجة له، ويضر كثيرا، خاصة وان المياه تخرج من محطات جيدة للغاية، وقد تتعرض للتلوث خلال الشبكات، وربما يحتاج الفلتر ذو الثلاث مراحل، على أن يتم التغير كل 6 شهور، أو بعض قطع الغيار ''خراطيش''، وللأسف هذا لا يحدث في مصر، فلا تغير ولا صيانة تتم من قبل الشركات، لأنها غير معتمدة وتقوم ببيع منتج وهمى، وبالتالي تتعدد الاصابة بالأمراض الفيروسية والبكتيرية من المياه الملوثة بالفلتر الذي لم يتم تطهيره.

فلاتر بالقري ب200 جنيه

ويري دكتور مغاوري شحاته ، خبير المياه العالمي، أن أزمة ''الفلاتر'' الوهمية منتشرة بالقرى والنجوع، حيث تتواجد المخازن والورش بعيدا عن رقابة أجهزة الدولة وتستغل طيبة أهالي القرى وخوفهم على صحة أبنائهم، لتجد كل أسرة لديها فلتر بما لا يتعدى 200 جنيه، وليس لديهم دراية بمخاطرة أو ضرورة صيانة وتبديل قطع الغيار.

ويتابع: ''سكان الفرى لديهم مياه بها شوائب، نتيجة خلل في شبكات المياه، ويقومون بشراء الفلاتر، دون إجراء تحليل للمياه قبل وبعد التركيب، وبالتالي لابد من تفعيل دور الرقابة من قبل المحافظات لتمشيط القرى ومداهمة تلك الشركات''.

لسنا بحاجة لفلاتر

توجهنا لرئيس الشركة القابضة لمياه الشرب للوقوف حول حقيقة تلك الظاهرة، ومدى مسؤولية الشركة عن تركيب فلاتر مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات، فصرح العميد محي الصرفي رئيس الشركة، أن المياه يتم تنقيتها وتحليتها من خلال محطات المياه الرئيسة، ولا حاجة لتركيب فلاتر للمياه، موضحا أن تلك الشركات تستغل جهل المواطن المصري بمدى سلامة المياه.

وأضاف: ''ليس لنا رقابة عليها أو علاقة بها، ولكن خطيرة للغابة لأنها تنزع الأملاح من المياه، وننصح المواطنين بعدم تركيب الفلاتر إلا على الخزانات الرئيسة، ولابد أن يتم تغيرها كل فترة لضمان سلامة المياه.

وأشار إلى أن الفلاتر تودى لتلوث المياه وقد سبق وجاءت شكاوى من تلوثها، وبعد التحليل اكتشفنا أنها ملوثة بسبب تركيب فلتر ردئ الصنع أدى لترسيب الشوائب بالمياه، لأن مياه الشرب لابد أن لا تتعرض للهواء لان الكلور يتطاير وتتلوث من الهواء وتتغير مكونات المياه، وهو ما يحدث عند استخدام فلتر للمياه .

وقال: ''خصصنا رقم الخط الساخن 125 لتوجيه النصائح للمواطنين بعدم استخدام الفلاتر، وفي وجود شكوي يتم إرسال موظفين لأخذ عينات وتحليلها بمعامل الشركة، للوقوف حول حقيقة تلوث المياه سواء من وجود مشكلة في شبكات المياه، أو من خلال فلاتر التنقية للأهالي''.

أما اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، فيؤكد يتم تلقى شكاوي شهرية من قبل المواطنين تتعلق بشرائهم لفلاتر ''مجهولة المصدر'' ويتم الاستعانة بمباحث التموين للقيام بحملات للوصول لمصدر تلك الفلاتر.

ويكمل ''تقوم تلك الشركات بالإعلان عبر الانترنت، أو الاتصال بالأهالي، وهو من ضمن جرائم الغش التجاري، والعقوبة للأسف المصادرة وغرامة من خمس الاف إلى عشرة الاف جنيها، ونتولى الان العمل على قانون لتغليظ العقوبة لمنع تلك التجاوزات التي تضر بصحة المواطن''، ويكمل أن المواطن أن يتأكد أن الفلتر مسجل ومصنع لدى مصنع لديه سجل تجاري وصناعي ومطابق للمواصفات والجودة، وإذا كان مستورد، لابد أن يكون لديه تصريح من الرقابة على الصادرات والواردات''.

أما اللواء مدحت عبدالله، مدير الادارة العامة لمباحث التموين، فصرح لمصراوي، أن جهود الادارة تمكنت من عمل 12 قضية لبيع وتصنيع الفلاتر خلال عام 1014، وضبط 1500 فلتر مغشوش و4 الاف شمعة.

وأفاد: ''يتم سحب العينات، لترسل للعلامات التجارية للفحص، وإذا ما تبين كونها غير مطابقة للمواصفات ومعايير الجودة، يتم مصادرة الكميات وتوجيه تهمة الغش التجاري، غرامة لا تتعدى عشرة ألاف جنيها والسجن لا يتجاوز ثلاثة اعوام، وإذا تم فض الشمع ، لا تتجاوز الغرامة خمسون جنيه''

ضعف العقوبة وراء انتشارها

ويرجع اللواء ''عبد الله'' أن ضعف العقوبة وراء انتشار تلك الصناعات، والتي انتشرت أغلبها بالأقاليم واستغلت الانترنت للتواصل مع ضحاياها، وقد أنشئت مباحث التموين وحدة للإنترنت لمتابعة الاعلانات على تلك المواقع الالكترونية، وعندما يتم التوصل لتلك الشركات، نقوم بتشكيل حملة من موظف جهاز حماية المستهلك والادارة لدينا وهيئة المواصفات والجودة، ويتم الاستعانة بهيئة التنمية الصناعية والرقابة على الصادرات والواردات، للوقوف حول مدى صحة تلك المنتجات، سواء كانت محلية الصنع او مستوردة''.

وحول دور الرقابة الصناعية، فيرى دكتور حسن عبدالمجيد، رئيس هيئة المواصفات والجودة والرقابة الصناعية، أن هناك معايير قد وضعتها الهيئة للمصانع التي تفكر في إفتاح خط إنتاج فلاتر مياه، أو للشركات التي تقوم بالاستيراد وتراعي هيئة الرقابة على الصادرات والواردات التأكد من توافر تلك الاشتراطات.

ويكمل ''نقوم بالرقابة على المصانع المسجلة بهيئة التنمية الصناعية، والتي استوفت الاشتراطات ولديها سجل صناعي يتيح لمنتجها ''رقم تشغيله'' لحماية المستهلك والتأكد من مصدر الفلتر''

ويوضح '' القرار رقم م .ق. م6121 _جزء 1 لعام 2007، ينظم المواصفات والمعايير للفلاتر المنزلية، ولا يسمح بتداولها إلا لمن لديه سجل صناعي، وهى تختص بوضع مواصفات دقيقة حسب نوع الفلتر سواء نسيجي أو كربوني او ترادف عكسي أو سيراميكى او وحدة الاشعة فوق البنفسجية''

فلاتر مُهربة عن طريق ليبيا وتركيا

ويكشف أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، مصادر الفلاتر ''المضروبة'' قائلاً '' أغلب تلك الفلاتر تم تهريبها عبر ليبيا وتركيا ومن خلال الموانئ البحرية، دون الرجوع للرقابة على الصادرات والواردات، وهو عكس مع يحدث مع مستوردي الفلاتر السليمة، فلابد ان يكون لديه سجل تجاري وبطاقة ضريبية ولديه اعتمادات مالية بالبنوك المصرية، ويتم السماح للفلاتر السلمية بالمرور من الجمارك بعد تحصيل الرسوم والمتابعة من اجهزة الدولة للتأكد من سلامتها ''

ويطالب ''شيحة '' بضرورة تفعيل الرقابة على منافذ البلاد برأ وبحرا، لمنع دخول تلك المنتجات غير السليمة للبلاد، موضحا ً أنه لا يوجد حصر بعدد مستوردي الفلاتر، لان تلك الشركات تستورد العديد من المنتجات وليس فقط الفلاتر المنزلية ''.

ويضع دكتور أحمد شعبان، رئيس مركز أبحاث المياه بجامعة المنصورة، رؤيته للحل أن على الشركة القابضة أن تسعى لتقنين تلك المنظومة، حتى لا يقع المواطن فريسة للنصب والمرض من قبل الشركات الوهمية ، بآن يتم التركيب للفلاتر بعد تحليل المياه بالشقق السكنية من قبل موظف الشركة القابضة للمياه، ويتم معاونة المواطن مقابل رسوم إدارية تحصل للشركة، حتى يتمكن من التأكد من مدى صحة وسلامة الفلتر، وحاجته لفلتر والنوعية التي بحاجة لها.

وأنهى حديثه أنه حتى الآن لم يتم دراسة تأثير الفلاتر ''المضروبة'' على المياه، خلال مراكز البحوث، موضحاً أن الامر بحاجة لتقنين تلك المنظومة وحماية المواطن والرقابة على التركيب وتحليل العينات بمعامل الشركة القابضة للمياه، وتعديل تشريعات الغش التجاري وتفعيل الدور الرقابي لأجهزة الدولة متمثلة في المحليات ومباحث التموين وجهاز حماية المستهلك

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان