المواجهة بين الإفتاء والقضاء.. رفض الحكم أم التصديق عليه؟
كتبت- نيرة الشريف:
رفض اليوم الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، الموافقة على إعدام الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، و13 من قيادات الجماعة في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "أحداث مسجد الاستقامة"، وجاء في تقرير الإفتاء أنه بمطالعة أوراق القضية لوحظ أنها خلت من دليل إلا أقوال ضابط الأمن الوطني، التي لم تؤيد بدليل آخر سوى ترديد البعض لأقوال مرسلة، بأن من يطلق النار هم جماعة من أنصار الإخوان المسلمين، وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه في إنزال عقوبة الإعدام على المتهمين وفي نهاية التقرير فوض الإفتاء الأمر للقضاء في إنزال العقوبة التي تراها مناسبة علي المتهمين بما استقرت عليه عقيدتها.
"براحته" هكذا بدأ المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، وأضاف قائلا "رأي المفتي رأي استشاري ولا يلزم المحكمة إيجابا أو سلبا بشيء، والمحكمة ليست مضطرة بأي حال أن تتراجع عن حكمها وفقا لرأي المفتي، هي فقط تأخذ برأيه وتستهدي به كخبير وليس كجهة مسؤولة عن قرار تنفيذي، وهناك مواقف كثيرة جدا، وقضايا أكثر من أن تُعد لم يتفق فيها رأي القضاء مع رأي المفتي، فأحيانا يرفض المفتي ولا تتراجع المحكمة، وأحيانا يقوم المفتي بالتصديق علي قرار المحكمة، ثم تتراجع المحكمة عن هذا القرار، وأخر هذه القضايا كان قضية المنيا، حيث وافق المفتي علي حكم المحكمة بإعدام الخمسمائة إخواني، ولكن المحكمة عدلت عن حكمها وقررت إعدام 37 فقط".
فقد قضت محكمة جنايات المنيا حكما نهائياً بإعدام 37 شخصاً من أنصار جماعة الإخوان المسلمين من أصل 529 كانت قد أحيلت أوراقهم إلى المفتي، حيث نسبت لهم تهمة إحراق مركز شرطة في المنيا وقتل ضابط وإصابة آخرين.
بصدمة يقول دكتور عمرو الشلقاني، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية بالقاهرة، "أزاى ده؟؟! يعني دلوقتي المفروض المفتي والقضاء مختلفين في قضية مهمة كده عند الرأي العام؟! ده شيء مُسلي والله!".
ويضيف الشلقاني "لا أذكر أنه قد حدث اختلاف بين المفتي والقضاء بمثل هذا الوضوح من قبل، مؤكد أنهم اختلفوا من قبل، لكن لم يكن في أمر بمثل هذه الأهمية، علي أي حال نحن كنّا نعلم أن الحكم لن يُنفذ، وأنه سيتم نظره أمام محكمة النقض، وأن القاضي أصدر حكما مشددا لأنه يعلم أنه سيتم نقضه وعدم تنفيذه، فيقوم بذلك للتخويف فقط، فهو لم يكن لينفذ علي أي حال، لكن ما حدث في موقف المفتي أنه كارثة أمام الرأي العام بكل المقاييس، لأنه يقول هكذا أن الموقف القضائي غير عادل، وأن حيثيات الحكم غير كافية لإصدار مثل هذا الحكم، بغض النظر عن أن رأي المفتي استشاري فقط".
"تشكيك في جهاز العدالة" هكذا لخص أحمد راغب، المحامي ومدير مركز هشام مبارك، "تقرير الإفتاء بهذا الشكل هو تشكيك في إجراءات القضية وحكم المحكمة، أعتقد أن هذه هي بادرة غريبة حيث أنها مواجهة واضحة وممسوكة بين القضاء والإفتاء، ورغم أنه قانونيا وقضائيا رأي المفتي غير مهم بالمرة، إلا أن الأمر خطير مجتمعيا حيث أن تشكيك في القضاء وفي سير العدالة في قضية ذات ثقل لدي الرأي العام".
ويُذكر أن أحداث مسجد الاستقامة هي أحداث قتل وعنف أسفرت عن مصرع 9 مواطنين، وإصابة 9 آخرين حيث نشبت حالة من الكر والفر بميدان الجيزة، يوم 21 يوليو الماضي بين أهالي منطقة ميدان الجيزة، وبين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، بعد نشوب اشتباكات دامية بين الطرفين، وذلك بعدما قام ما يقرب من 5 آلاف شخص من أعضاء الإخوان المسلمين بمسيرة في ميدان الجيزة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: