لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أمصال الأنفلونزا للقادرين فقط .. و''المضروب'' نصيب الفقراء

12:15 م الأربعاء 21 يناير 2015

أمصال الأنفلونزا للقادرين فقط

كتبت - نور عبد القادر:

وجوة قاتمة مريضة، أنفاس ثقيلة بأصوات مكتومة، سعال..كحة، وبعضهم يرتجف من شدة الألم والبرد.. لم تحمهم ملابسهم الثقيلة من أعراض أمراض الشتاء.. هذا حال أغلب المترددين على إحدى عيادات الأمراض الصدرية بحي شبرا، أغلب المرضي لم يجدوا مكانا لهم داخل العيادة التي اكتظت بالمرضي، فأضطر بعضهم للجلوس أمام العيادة وعلى درجات السلالم في انتظار دورهم في الكشف.

''الحاجة أم زينب'' إحدى المترددات على عيادة الأمراض الصدرية شرحت معاناتها من النزلة الشعبية والحساسية الصدرية بأنها كانت بداية لدور برد، اشتد عليها ليتحول إلى نزلة شعبية حادة، وزاد معانتها مع موجة البرد الشديدة التي اجتاحت البلاد.

أعراض جانبية

تحكي ''أم زينب '' لمصراوي، كيف أنها اعتادت الحصول على تطعيم الأنفلونزا الموسمية قبل موسم الشتاء سنويا للوقاية من الانفلونزا، وبالفعل قامت بالتوجه لاحدي الصيدليات التي أعلنت عن توافر المصل بسعر ثلاثون جنيه، وفكرت في الحصول عليه، خاصة وأنها لم تعد تقوي على الذهاب لمركز المصل واللقاح بحي الدقي، ولكن جاءت النتائج عكسية حيث بدأت تشعر بارتفاع درجة الحرارة وتورم مكان التطعيم واحمرار بالجلد، وبعد فترة هاجمتها الانفلونزا بشدة، فتوجهت للطبيب الذي أكد لها أن المصل الذي حصلت عليه كان فاسدا نتيجة سوء تخزين وأدى لحدوث أعراض جانبية.

فيما أكدت أم أحمد، أنها أقبلت على الشراء من الصيدلية لرخص سعر المصل، وتأكيد الصيدلي على أنه مستورد وفعال، وأنه بعد أن هاجمتها الانفلونزا اشتد بها المرض وأصيبت بالنزلة الشعبية الحادة، التى كلفتها قرابة 500 جنيها أدوية للعلاج .

أغلب المصريين يجهلون الأماكن الرسمية لتطعيمات الأنفلونزا الموسمية، ويلهثون وراء عروض الصيدليات، التي ربما تحصل على لقاحات مهربة مجهولة المصدر، أو تجهل الطريقة المثلي لتخزين اللقاحات، وتقوم أيضاً باستغلال حاجة المرضي ورغبتهم في علاج رخيص الثمن.

وهو ما أكدته علياء محمد، إحدى المترددات على العيادة ، وبصحبتها ابنها محمد الذي لم يتعد عمره العشرة اعوام وتقول لمصراوي:'' أبني مصاب بحساسية الصدر منذ طفولته، واعتدت تطعيمه ضد الانفلونزا الموسمية، لأنها ليست من التطعيمات المتوافرة بالمدارس.

تضيف: غالبا ما كنت أفضل التطعيم بالعيادة الخاصة، ولكن سعر المصل كان يتعدى مائة وخمسون جنيه، ولكن هذا العام وجدت اللقاح متداول بالصيدليات بسعر ثلاثون جنيهاً، وبدعوي التوفير قمت بتطعيمه في الصيدلية، وللأسف أصيب أبني بالأنفلونزا واشتدت عليه مرض حساسية الصدر، وأخبرني الطبيب أن المصل لم يجدِ نفعا لاختلاف نوع الفيروس عن المصل المضاد.

وتابعت: ''توجهت لاحدي عيادات الاطفال من أجل الاستفسار عن تطعيم الانفلونزا للأطفال، وأكدت الممرضة أن هناك تطعيم فرنسي يصل سعر600 جنيه وهو فعال ضد الفيروس، ولكني لم أتمكن من شرائه لضيق ذات اليد، رغم حاجة إبني له''.

بعيدا عن العيادات الطبية، أوضح عادل إبراهيم، موظف، سعي للذهاب بصحبة أبنائه لإحدى مراكز وزارة الصحة لتطعيم أبنائه، خاصة بعد ما علم أن سعر المصل لا يتعدى 35 جنيها ً، ولكنهم رفضوا وأعلنوا عدم توافر الأمصال لعدم وجود ثلاجات حفظ لها، وهو الأمر الذي أدى لإصابة أحد أبنائه بنزلة شعبية حادة كادت تودي بحياته.

ولا يعلم ''عادل'' شيئا عن مراكز المصل واللقاح، فمعرفته فقط بالوحدة الصحية والمستشفى العام بقليوب، ولم يتمكن من شراء المصل من الصيدليات لان سعره يتعدى 200 جنيه، وهو الامر الذي لا يستطيع شرائه لأبنائه الثلاثة.

يوضح الدكتور محمد بخاتي، طبيب الامراض الصدرية، أن الأنفلونزا الموسمية عدوى فيروسية حادة تنتشر بسهولة من شخص لآخر، وهناك ثلاثة أنماط من الأنفلونزا الموسمية A و B و C، ويعتبر هذا التطعيم موسمياً للحماية من الإصابة منه والرفع من مناعة الجسم، ومن المعروف أن فيروسات الإنفلونزا لديها القدرة على تفادى الجهاز المناعي بالجسم، من خلال مرورها المستمر باختلافات جينية مستمرة، وقد تتغير من فصل إلى آخر.

ويفسر ذلك تعرض الأفراد لسلالات جديدة، على الرغم من الإصابة السابقة بفيروسات إنفلونزا أخرى؛ فقد يكون لدى الأشخاص وقاية محدودة ضد الفيروسات الجديدة السائدة، ويحدث أن يحصل المريض على المصل ولا يجدي نفعا ً لتحور الفيروس.

ويوضح بخاتي أن ''مفعول التطُّعيم يبدأ بالظهور بعد شهر ونصف إلى شهرين من تاريخه ومفعوله يبدأ مع بداية موسم الشتاء، والتطعيم يقي فقط من الإنفلونزا، ولا يقي من مرض الرشح العادي، وهو ضروري ملائم للأطفال ولكبار السن ومن لديهم مشاكل بأعضاء الكليتين والقلب والجهاز التنفسي''.

أمصال مُهربة وفاسدة

وأنتقد بخاتي، ما يحدث في مجال التطعيمات ضد الأنفلونزا من دخول بعض تجار الادوية المهربة وشركات الأدوية الخاصة في مجال التطعيمات والمتاجرة بألم وفقر المرضي، حيث الادعاء بوجود أمصال مستوردة رخيصة الثمن وملائمة للفيروس الموجود بمصر، موضحا ً أن أغلب الامصال المتواجدة غير مجدية ولها أعراض جانبية، ولابد من التوعية بالتطعيم بالأماكن الرسمية، بدلا من تركها لتجار الأدوية المُهربة وشركات الادوية الخاصة وهم يجهلون نوعية الفيروس الموجود بمصر والية تخزين التطعيمات.

200 نوع فيروس

يشرح دكتور عبد الرحمن محمد، طبيب أنف وأذن، أن هناك حوالي 200 نوع فيروس أنفلونزا، وتتوقف فعالية المصل على مطابقته لنوع الفيروس، ولهذا هناك عدم فعالية مع العديد من الحالات لان نوع الفيروس المتواجد حاليا في مصر لا يتوافق مع نوع الامصال المتوفرة، كما أن سوء التخزين والامصال ''المضروبة'' المتواجدة في الصيدليات ظاهرة منتشرة فيما يتعلق بالأمصال.

''ينجح التطعيم ضد الأنفلونزا عندما تتوافق الفيروسات بشكل جيّد مع فيروسات اللقاح، والملاحظ أن فيروسات الأنفلونزا تتغير بانتظام مؤخرا ً، وتتطور لتقاوم الأدوية المضادة لها، مما يحد من نجاح العلاج ،ولهذا تقوم منظمة الصحة العالمية برصد حساسية فيروسات الأنفلونزا الدائرة إزاء الأدوية المضادة لها وتسعى لتوفير الامصال المضادة عام بعد عام'' مفسراً دكتور عبد الرحمن فشل بعض الامصال في مقاومة الانفلونزا الموسمية.

إحصائيات عالمية

جدير بالذكر أن الإصابة بالأنفلونزا تقدر بحوالي 3 ملايين حالة مرض شديدة تحدث كل عام في جميع أنحاء العالم، كما تتسبب في وفاة ما بين 250 ألفا و 500 ألف مصاب سنويا، خاصة بين الأطفال ومرضى السكر ومرضى القلب والأمراض الصدرية.. وهم أكثر عرضه للإصابة بمقدار 6 مرات بمضاعفات الإنفلونزا، و3 مرات للوفاة عن الشخص الطبيعي، بين 5٪ و10٪ بين البالغين، ويتراوح بين 20٪ و30٪ بين الأطفال، وخصوصاً في صفوف الفئات المعرضة لمخاطر شديدة (الأطفال الصغار السن أو المسنون أو المصابون بأمراض مزمنة).

أطفال المدارس محرمون

أما دكتور مني واصف، طبيبة أطفال، فتشرح أن التطعيم ضد الأنفلونزا الموسمية يبدأ من سن 6 شهور ويعطي مرتين للأطفال الذين يحصلون عليه لأول مرة في العمر، للأسف هو ليس ضمن حزمة التطعيمات المجانية، ولهذا يحرم منه الأطفال بالأماكن الشعبية والأسر الفقيرة، ويحصل عليه الأطفال من الأسر المتوسطة والقادرة ماديا خلال عيادات ومستشفيات الأطفال الخاصة، ولهذا تزداد نسب الإصابة والوفاة بالالتهاب الرئوي للأطفال، وكان من الضروري أن يتم تعميم تطعيمات الأنفلونزا الموسمية على أطفال المدارس للوقاية من الفيروس، وخاصة الأطفال المصابون بأمراض السكر والقلب، لخطورة حدوث مضاعفات الإصابة بالأنفلونزا الموسمية، وكذلك كان لابد من توفيره بالوحدات الصحية ووحدات متابعة الحوامل بالقري والنجوع والأماكن الفقيرة من أجل حماية أطفالهم في الشهور الأولي، لأنهم يكونوا أكثر عرضة لمخاطر الانفلونزا .

مطالب بالتعميم

وفي هذا الاطار أوضح دكتور نبيل الببلاوي، رئيس الشركة القابضة للمصل واللقاح، أنه لا يمكن تعميم تطعيم أنفلونزا الموسمية على أطفال المدارس، وتم توجيه العديد من الطلبات لوزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم لتعميم التطعيم، أسوة ببقية التطعيمات، ولكن تكلفة تعميم التطعيم تقف حائلاً ولا يوجد ميزانية لذلك ، ولهذا سعينا لعمل دورات توعية للمدارس للتوعية بمخاطر الانفلونزا الموسمية وضرورة الحصول على التطعيم، وتوضيح أماكن توفيره وأهمية حصول الاطفال عليه ، كما وافقنا علي حصول العيادات والمستشفيات الخاصة على كميات من الشركة لبيعها للجمهور الذي لا يمكنه التوجه لمراكز المصل واللقاح، خاصة وأن هناك 9 مراكز فقد تابعة للمصل واللقاح وهناك خطة لتعميم المراكز على مستوى الجمهورية.

مليون جرعة فقط

وقال رئيس الشركة القابضة للمصل واللقاح: ''تحصل وزارة الصحة على 250 جرعة للعاملين بها، ولكن لا توفر بالوحدات الصحية بها، وتم توفير قرابة مليون جرعة بمراكز المصل واللقاح، وسعرها حوالى 35 جنيها فقط، ويتم السماح للمستشفيات الخاصة والعيادات بالحصول على جرعات، وتجاوزت البعض بالبيع بأسعار آخري، أمر متروك لذمة الطبيب''.

''لا علاقة للمصل واللقاح بالأمصال المتواجدة داخل الصيدليات، والتي يدعي العاملون بها بأنها مستوردة، فهي مسؤولية إدارة التفتيش الصيدلي ونقابة الصيادلة، وغالبا لا تعي الصيدليات آلية التخزين الصحيحة للأمصال، وبالنسبة لنا نراقب عملية ضمان سلامة اللقاح من خلال إجراءات التحليل الكاملة التى تتم بمعامل الشركة ومن قبل الرقابة''، موضحا تجاوزات الصيدليات وضرورة الرقابة عليها.

وتابع الببلاوي، أنه لا يوجد مخاطر ولكن ربما يحدث سوء التخزين، ينتج عنه أعراض جانبية مثل ارتفاع درجة الحرارة وتورم، وعلى المريض اللجوء للطبيب فورا لو حدث ذلك''.

وصرح مصدر مسؤول بوازرة الصحة، أن الإدارة العامة للتفتيش الصيدلي تقوم بالمرور على الصيدليات بصفة دورية، وإذا ثبت وجود لقاح فاسد، يتم التحقيق وعمل محضر وغلق الصيدلية، كما يسعى المفتشين للتأكد من سلامة طرق التخزين، وربما يتعرض لعقوبة السجن أو الغرامة بتهمة تداول لقاح مُهرب أو فاسد، مطالبا المواطنين بالإبلاغ عن أي لقاحات فاسدة.

إجراءات دولية

يذكر أن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أوضحت أن عينات من حالات الأنفلونزا الموسمية، تشير إلى أن اللقاحات المضادة الحالية قد لا تكون مؤثرة ضد السلالة المنتشرة حاليا فى الولايات المتحدة.

وأصدرت المراكز نصيحة للأطباء بأن عينات فيروس الأنفلونزا التي أخذتها المراكز خلال الفترة من أول أكتوبر حتى الثاني والعشرين من نوفمبر، أظهرت أن أقل من النصف فقط من اللقاحات المضادة لسلالة الأنفلونزا (A) الحالية هي التي كان لها تأثير ما يشير إلى أن الفيروس قد تحور، وقالت المراكز إنه فى المواسم السابقة عندما تحورت سلالة الأنفلونزا (A) كانت اللقاحات أقل تأثيرا.

كما وقفت السلطات الإيطالية مؤقتا استخدام لقاح ضد الإنفلونزا من تصنيع شركة ''نوفارتيس'' السويسرية، تحسبا من أن يكون تسبب في وفاة ثلاثة أشخاص، وحظرت الوكالة الإيطالية للأدوية استخدام كميات من اللقاح الذي يحمل أسم ''فلواد''، بعدما توفي ثلاثة أشخاص، في الـ87 والـ79 والـ69 من العمر، وأصيب رابع في الـ92 باضطرابات صحية حادة، وهم ممن تلقوا هذا اللقاح، وبناء على ذلك، طلبت الوكالة الإيطالية من مجموعة نوفارتيس تعليق استخدام هذه الأدوية كإجراء وقائي.

وكانت الجمعية الإيطالية للمستهلكين قد طالبت وزارة الصحة بوقف كل الحملات المروجة للقاحات الانفلونزا، إلا أن الوكالة الإيطالية للأدوية شددت على أن هذه اللقاحات قيمة ولا غنى عنها للوقاية من الانفلونزا، والكميات التي طلبت إيطاليا تعليق استخدامها مصنوعة في أحد مصانع ''نوفارتيس'' في منطقة توسكانة الإيطالية، وأكدت المجموعة أن لقاح ''فلواد'' مستخدم منذ العام 1997، وأن أكثر من 65 مليون شخص استفادوا منه في مختلف أنحاء العالم.

 254(1)

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان