لماذا "هجر" المصريون أول أيام انتخابات مجلس النواب؟ - (تقرير)
كتب - محمد الصاوي:
أساتذة العلوم السياسية على الشاشات، كضيوف داخل برامج الـ "توك شو"، يُصدرون تنبؤاتهم بالانتخابات البرلمانية، التي هي آخر ما تبقى في خارطة الطريق، منذ ثورة 30 يونيو، يُظهرون ما في جُعبتهم "المصريين هيشاركوا بقوة في الانتخابات القادمة"، أيام قليلة وتبدأ الانتخابات، بل إنها بدا بالفعل، حيث مرت أولى أيامها مع إغلاق اللجان أبوابها في التاسعة من مساء اليوم السبت، ليضربوا بتكهنات السياسيين عرض الحائط، حيث كان من الواضح - وفقا للتقارير الصادرة من المنظمات المُشرفة على الانتخابات وبيانات اللجنة العليا - كم كان الإقبال ضعيفًا، حتى أنهم لم ينصاعوا لخطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حثهم صباح اليوم على ضرورة المشاركة.
على الجانب الآخر، ذللك الدولة - مُمثلة في قوات الشرطة والجيش - كافة العقبات التي تحول دون وصول الناخب إلى لجنته الانتخابية بأمان، حيث قامت وزارة الداخلية بتوزيع 5 آلاف و700 مقعدًا متحركًا على اللجان والمقار الانتخابية لمساعدة كبار السن في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية دون مشقة.
الفراغ
من جهة الوقت، وفرته الدولة عن طريق بيانات أصدرتها وزارة التربية والتعليم، بأن جميع المدارس بمحافظات المرحلة الاولى للانتخابات إجازة رسمية، مًناشدين قطاع المُعلمين بالنزول والمشاركة، لكن هذا لم يحدث، بل ومع قُرب نهاية اليوم الاول، أصدر مجلس الوزراء بيانًا عاجلاً أكد فيه أن غدا الاثنين نصف يوم عمل لكافة الجهات والمصالح الحكومية، مع مناشدة القطاع الخاص باتخاذ التسهيلات التي تمكن العاملين به من ممارسة حقهم الدستوري، لكن هل سيؤدي هذا القرار إلى زيادة أعداد المشاركين؟.
اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية برئاسة المستشار أيمن عباس، أكدت في بيان لها، ارتفاع نسبة تصويت المصريين في الداخل، حيث بلغ عدد المصوتين حتى الآن 624 ألف ناخب بنسبة 2.27% من إجمالي الناخبين الذين صوتوا في اللجان التي بها قارئ إليكتروني، بعد أن بلغت نسبة التصويت 2.2 % فقط عصر اليوم.
وأوضحت اللجنة العليا، أن أكثر المحافظات تصويتا هي الإسكندرية، والجيزة، والبحيرة، بينما محافظات البحر الأحمر، والوادي الجديد، هما الأقل كثافة في التصويت.
الانتخابات بالخارج
من جانبه قال المستشار عمر مروان، المتحدث الرسمي للجنة العليا للانتخابات، خلال لقائه بالصحفيين بغرفة عمليات اللجنة، إنه بالنسبة لتصويت المصريين في الخارج فإن أعلى نسبة مشاركة في الكويت بنحو 8 آلاف ناخب تليها السعودية بنحو 5 آلاف ناخب وإن نسبة الإقبال بالخارج لم تصل إلى 100 ألف ناخب.
شئ متوقع
ويؤكد الدكتور حسن نافعة - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة - أن عزوف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية شئ متوقع ولكن ليس إلى هذا الحد، حيث كان من المتوقع أن تكون النسبة 25 %، ولكن من الواضح أنها بهذا الشكل ستتدنى إلى 15 % أو حتى إلى 10%.
وأوضح أن العملية الانتخابية تسير بسهولة ويسر وأن جميع اللجان على مستوى محافظات المرحلة الأولى تستقبل الناخبين دون مشاكل، مضيفا أن تأخر عدد من اللجان في استقبال الناخبين اليوم الأحد كان قليل للغاية ولا يؤثر على سير العملية الانتخابية وتم تدارك الموقف سريعًا.
فيما قال اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية ، إن الحالة الأمنية في اللجان الانتخابية ومحيطها "مستقرة"، وإن غرفة العمليات بالوزارة لم تتلق أي بلاغات حول منع أو عرقلة أي مواطن من الإدلاء بصوته في الانتخابات.
كما دعا وزير الداخلية المواطنين إلى المشاركة بكثافة ودون خوف للإدلاء بأصواتهم، مؤكدًا أن قوات الأمن تبذل قصارى جهدها لبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين حتى يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في حرية وأمان تام.
كبار السن
وفي اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2015 في ١٤ محافظة من محافظات مصر، والتي تعد الاستحقاق الأخير لاستكمال خارطة الطريق نحو الديمقراطية، اصطف كبار السن أمام اللجان حرصاً منهم على أداء الواجب الوطني بالمشاركة في العملية الانتخابية.
وهذا المشهد مناقضاً لما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي، في خطابه لدعوة الشعب المصري للاحتشاد أمام اللجان الانتخابية، حينما خص الشباب قائلا "إنني أدعو شباب مصر أن يكون في طليعة يوم الاقتراع، فشبابنا بحماسه وأخلاقه قادر على أن يحسم الأمر لصالح الوطن.. انتظر من شباب مصر أن يكون هو المحرك الأساسي لهذا العُرس الديمقراطي".
الواقع الافتراضي
فيما دشن مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، هاشتاج يحمل اسم "محدش راح"، وسخروا من عدم اقبال المواطنين بشكل عام، وفئة الشباب بشكل خاص، على الادلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية 2015.
"نقمة" على شعبية السيسي
ويقول نافعة - في تصريحات خاصة لموقع مصراوي - إن عزوف المصريين عن المشاركة سيكون نقمة كبيرة على النظام، وعلى شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة بعد خطابه ودعوته المواطنين للانتخاب والاحتشاد أمام الصناديق، مشيرًا إلى أن الأسباب وراء ذلك كثير.
ويُعدد أستاذ العلوم السياسية أسباب العزوف، منها عدم اقتناع المواطنين بقدرة مجلس النواب على تغيير سياسة النظام القائم في شيء، كما أن قانون الانتخابات الذي تم إصداره والتصديق عليه من الرئاسة غير مفهوم، حيث أن نظام القوائم المطلقة يعتبر إهدار للأصوات، كما أن أسماء المرشحين غير معروفة، فضلا عن ترشح عدد محدود ممن يعبرون عن أهداف الوطن في نظر المواطن، وترشح عدد كبير من رموز الحزب الوطني المُنحل في الانتخابات الحالية.
وأوضح نافعة، أن النظام القائم يعتمد على رجال لا يجيدون إبعاد الحياة السياسة، واللعب على أوتارها، مؤكدًا أن الأجهزة الإعلامية والأجهزة الرسمية للدولة ستسعى بشكل حثيث إلى دفع المواطن إلى الإدلاء بصوته في المرحلة المقبلة.
مؤشر مُحبط
ويؤكد نجيب جبرائيل - رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان - أن عزوف المصريين وعدم مشاركتهم بهذا الشكل الذي تتحدث عنه وسائل التواصل الاجتماعي واللجنة العليا للانتخابات نفسها، يعتبر مؤشر خطر ومحبط للغاية ويسئ للدولة المصرية وشعبها في الخارج.
ويرى جبرائيل أنه ينبغي على الدولة حل هذه الأزمة من خلال حملة إعلامية قوية ومؤثرة لتوعية المواطن بأهمية الإدلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية بشكل خاص والانتخابات بشكل عام، كما أنه من الممكن أن يكون لقانون فرض غرامة على المتخلفين دور كبير في حل هذه الأزمة، بشرط أن يصدر هذا القانون من رئيس الجمهورية مباشرة، وليس من اللجنة العليا للانتخابات.
فيديو قد يعجبك: