ناشطة يمنية تحكي قصة النزاع في بلادها
كتبت – سارة عرفة:
في السادس والعشرين من مارس 2015 أعلنت الرياض عن تحالف عربي تقوده السعودية بدأ في شن غارات جوية على مواقع جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات موالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. لم تأت الغارات من فراغ فالحوثيون كانوا قد طردوا الحكومة والرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بهم دوليا من العاصمة صنعاء بعد أن اجتاحوها في سبتمبر 2014.
في السطور التالية حوار مع ناشطة يمنية اشترطت عدم ذكر هويتها حرصا على حياتها حيث لا تزال تعيش في اليمن، أفقر بلد عربي، والذي يعاني من مأساة إنسانية بعد أن تحول إلى "حرب بالوكالة" بين السعودية وإيران، تضاف إلى تلك التي يشهدها بلد عربي، سوريا؛ فإلى نص الحوار:
كيف بدأ النزاع اليمني؟
بدأ الصراع منذ انطلقت الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية سنة 1990 والسماح بتعدد الأحزاب، حين جمع لقاء عددا من علماء الزيدية في اليمن، على رأسهم الإمام الحجة مجد الدين المؤيد، واتفقوا على فتوى تاريخية بعدم اشتراط النسب الهاشمي للحكم، وإقرار الاختيار الشعبي، وأن شرط النسب الهاشمي "عامة"، إلا أن بدر الدين الحوثي رفض الأمر، وتبنى أفكارا اثنى عشرية، وألف كتابا بعنوان: "الزيدية في اليمن" يبين فيه أوجه التقارب بين الزيدية والاثني عشرية، وهو ما رفضه علماء الزيدية، فهاجر إلى إيران لسنوات عدة، بينما أسس ابنه محمد بدر الدين "منتدى الشباب المؤمن"” سنة 1992، مدعيا مواجهة "الفكر الوهابي" الذي ينتشر في اليمن، وحصل على دعم من الرئيس اليمني. بعدها تحول المنتدى إلى تنظيم سياسي، ثم انشق أخوه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق سنة 1997، في الوقت الذي يزداد فيه أتباع الحوثي، وخروجهم مظاهرة في عام 2004 بخروج الحوثيين بقيادة حسين بدر الدين في مظاهرات سياسية ضخمة احتجاجا على التدخل الأمريكي في العراق، ومن هنا بدأت المواجهة الحكومية العسكرية للجماعة، التي قتل فيها حسين الحوثي، واعتُقل المئات من أتباعه، وتبين أن الحوثيين كان يسلحون أنفسهم طوال تلك الفترة بحسب ادعاء الحكومة اليمنية.
وساطة قطرية
وبعد ذلك توسطت الحكومة القطرية بين الطرفين سنة 2008 وانتهى الأمر باتفاقية سلام، والتعهد بتحسين الأوضاع المعيشية في محافظة صعدة، ولجأ يحيى الحوثي إلى ألمانيا وعبدالكريم إلى قطر، وهما أبناء بدر الدين الحوثي، فبدر الدين الحوثي صار يتبنى فكرة "ولاية الفقيه"، التي أطلقها الخميني وعمدت ايران على تقديم الدعم العسكري لهم.
ثم أخذ الموقف السعودي منحى أكثر صراحة من موقف السلطة الإيرانية، فبينما يثبت كل ما على الأرض الدعم الإيراني للحوثيين بأشكاله كافة، فإن السعودية أعلنت دعمها المعنوي والمادي للحكومة اليمنية دون الدعم العسكري، مما دفع الحوثيين في الثالث من نوفمبر لمهاجمة الحدود السعودية، من موقعهم على جبل دخان، وإطلاق الرصاص على شرطة الحدود وقتل بعضهم، فقامت الحكومة السعودية، بإخلاء القرى الحدودية، ثم مهاجمة الحوثيين لإبعادهم عن الحدود السعودية، وتابعة جماعة الحوثيين بالتصاعد وخوض حروب مع الحكومة اليمن وتزايد الدعم العسكري المقدم لهم من ايران .
- ما الذي أدى إلى ما شاهدناه قبل أكثر من عام باجتياح الحوثيين للمدن اليمنية واستيلائهم على العاصمة صنعاء وطرد الرئيس هادي والحكومة ؟
في 18 أغسطس 2014، حشد الحوثيون مظاهرات في صنعاء منددة برفع الدعم عن المشتقات النفطية وسبقها تهديد من عبد الملك الحوثي بـ"إسماع الحكومة لغة تفهمها" مالم تستجب لمطالب المحتجين. وفي يوم 21 سبتمبر قام الحوثيين بالاستيلاء على السلطة، واستحوذوا على القرار السياسي في اليمن.
إلا أن طردهم السلطات الحكومية، بدأ باحتجاجات مفتعلة على قرارٍ للحكومة اليمنية يقضي برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وتحولت إلى اشتباكات بين الحوثيين، قوات علي عبد الله صالح، وميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح وعلي محسن الأحمر، ثم اقتحام الحوثيين مقر الفرقة الأولى مدرع التي يقودها الأحمر. كما سيطر الحوثيين على مؤسسات أمنية ووزارات حكومية دون مقاومة من الأمن او الجيش.
وجرى بعدها التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية برعاية الأمم المتحدة والذي قضى بتشكيل حكومة جديدة بقيادة خالد بحاح خلفاً لما سُمي بحكومة الوفاق الوطني. هرب علي محسن الأحمر وحميد الأحمر وتوكل كرمان وآخرين مرتبطين بهم إلى السعودية، وأعقب السيطرة على صنعاء.
قدم عبد ربه منصور هادي وخالد بحاح استقالتهما في 22 يناير 2015 بعد هجوم الحوثيين على دار الرئاسة في 19 يناير، احتجاجا على موادٍ في مسودة الدستور الجديد. ثم أصدر الحوثيون ما أسموه بـ" الإعلان الدستوري" في 6 فبراير وقاموا بحل البرلمان وتمكين "اللجنة الثورية" بقيادة محمد علي الحوثي من قيادة البلاد، وأعلنوا عن عزمهم تشكيل مجلس وطني من 551 عضواً، ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء بقيادة محمد علي الحوثي وهو ما رُفض محلياً ودوليا.
لم يبت مجلس النواب في استقالة عبد ربه منصور هادي وغادر إلى عدن في 21 فبراير معلناً عن نفسه رئيساً من جديد في بيانٍ نُسب إليه. في 26 فبراير 2015، وأصدر مجلس أمن الأمم المتحدة بياناً يصف فيه عبد ربه منصور هادي بـ"الرئيس الشرعي" داعياً جميع الأطراف وبالذات الحوثيين إلى الانخراط بحسن نية في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة.
هروب هادي إلى عدن
لم تنجح المفاوضات وفي 26 مارس 2015، سيطرت قوات الجيش وميليشيات الحوثيين على عدن وهرب عبد ربه منصور هادي إلى السعودية. وفي فجر اليوم التالي، قامت طائرات سعودية باختراق المجال الجوي اليمني وقصف أهداف عسكرية ومدنية، فكانت بداية الحرب. رداً على مظاهرات الحوثيين، قامت الحكومة اليمنية وحزب التجمع اليمني للإصلاح بتسيير تظاهرات مضادة في 24 أغسطس 2014.
وصفت الرئاسة المظاهرات المضادة بالـ" اصطفاف الشعبي" للدفاع عن "المكتسبات الوطنية" ورفضاً للمشاريع الطائفية و"السلالية"، واُتهم الحوثيين بافتعال المشاكل مع الوهابية الذين زرعتهم السعودية في دماج مطلع الثمانينات، والتسبب في بدء كل المعارك مع ميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح في محافظة عمران وغيرها حزب التجمع اليمني للإصلاح المحرك الرئيسي للتظاهرات المضادة.
واتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال تذمر الشارع لتحقيق مكاسب سياسية. رد الحوثيون على هذا الاتهام بأن حزب التجمع اليمني للإصلاح كان أكثر من عزف على أوجاع الناس وقام بتوظيفها.
مبادرة الرئيس
في 2 سبتمبر 2014، أعلنت وسائل الإعلام الحكومية على لسان عبد ربه منصور هادي عن تشكيل حكومة جديدة بعد أسبوع من تاريخه سماها "حكومة وحدة وطنية" مع امتلاك الرئيس لحق اختيار وزراء ما اسماها بالـ" وزارات السيادية" وهي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية.
وقال محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم أنصار الله، إن ماصدر عن اللجنة الرئاسية لا يمثلهم واعتبره "تمييعا لمطالب الشعب.
لم تعلن أي من الأحزاب السياسية موافقتها رسميا على المبادرة رغم توقيع بعض من أعضائها بل رأى البعض أن دعوة عبد ربه منصور هادي لـ"حكومة وحدة وطنية" تخالف ما اسماه بالـ" شرعية التوافقية" بين طرفي الأزمة عام 2011 (يقصد المبادرة السعودية) وأي التفاف عليها ينسف شرعية مؤسسات الدولة القائمة.
في 15 سبتمبر، علق الحوثيون مشاركتهم في المفاوضات التي أشرف عليها جمال بنعمر بسبب ما وصفوه بـ"تدخل أطراف خارجية"، وذلك بسبب بيان صدر عن الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وهو الذي وصفه الناطق باسم أنصار الله محمد عبد السلام بأنه "أعاد المفاوضات إلى نقطة الصفر وتجاهل المطالب الشعبية، وهو ما يثبت أن تلك الأطراف الخارجية تريد الهيمنة على إدارة البلد وتجاهل المطالب العادلة والمشروعة".
في 17 سبتمبر، اندلعت مواجهات مسلحة في مديرية همدان شمال صنعاء بين الحوثيين ومسلحين يقودهم "صالح عامر" مدير مكتب علي محسن الأحمر مما أسفرت المواجهات عن مقتل 32 شخصاً.
وامتدت الاشتباكات إلى منطقة شملان في المدخل الشمالي الغربي للعاصمة صنعاء واستمرت حتى فجر 18 سبتمبر.
في 18 سبتمبر اشتبك المسلحون الحوثيون مع قوات أمنية في حي شملان شمال صنعاء وشارع الثلاثين، كما حاصروا جامعة الإيمان التي يديرها عبد المجيد الزنداني.
ماذا عن الوضع الإنساني في عموم اليمن وفي مدينة عدن خاصة؟
الوضع الإنساني في اليمن متدهور جداً وفوق ما نتصور مع اننا لا نستطيع ان تواجد في عموم اليمن بفعل الحرب الدائرة.
وتعاني عدن من عدم استقرار سياسي بعد طرد الحوثيين وأنصارهم من مما يجعل الوضع الإنساني صعب المنال، حتى الآن وبعد تعين محافظ جديد لمدينة عدن تعاني من انعدام الخدمات الصحية ونقص حاد بالغاز المنزلي، والمشتقات النفطية، وارتفاع الاسعار بشكل يجبر المجتمع في عدن على استخدام أساليب مرفوضة ، ومع تعين محافظ جديد هناك تحسن ملحوظة في الوضع الإنساني وفر المناخ المناسب للهلال الأحمر الإماراتي بالعمل على الخدمات الانسانية والسعي على تشغيل مؤسسات الدولة.
ولكن الصراع السياسي الموجود حالياً هو من يرمي بثقله على مشاكل المواطنين والأيام القادمة بتحمل المزيد من الانفراجات الإنسانية.
البعض يقول إن تنظيم القاعدة في اليمن والتنظيمات المتطرفة الأخرى هي أكثر المستفيدين إن لم يكن المستفيد الوحيد من تلك الفوضى التي يعيشها اليمن، ما مدى صحة ذلك القول وهل هناك شواهد أو حوادث تدل على ذلك؟
بالفعل هناك تنظيم قاعدة باليمن يعمل في عدة اتجاهات، حتى يفقه الناس ما تعني القاعدة في اليمن "هناك عدة انواع من التنظيمات التي تعمل تحت اسم تنظيم القاعدة او الدولة الإسلامية ، وجميعهم يستخدم نفس الأساليب، هناك من يعمل باسم القاعدة يتبع الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وهناك من يتبع جماعة حزب الإصلاح وهناك وكل طرف من هؤلاء يحمل المشروع السياسي الذي يريد به السيطرة على الحكم عبر الاغتيالات وتفجير واستخدام الانتحاريين الذي تشاهد اليوم على مرأى ومسمع الجميع.
إلى أين يمضي اليمن بعد نحو تسعة أشهر من تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية؟
في طابع الأمر الحرب لم تضع أوزارها بعد ولكن ما سوف تمضي إليه اليمن هو انقسام اليمن إلى ثلاث دويلات والمرجح هو العودة الى السابق قبل اتفاقية عام 90 بالوحدة اليمن مع العلم بان السعودية لا تريد انقسام اليمن حتى لا يكون هناك مساحة قانونية للحوثيين من اتجاه الشمال والسماح لهم ببناء دوله معادية لسعودية وتصبح في حروب مستمرة من جانب الحدود .
هل من أفق لحل سياسي يضمن وحدة اليمن بعد هذه الحرب التي قسمت البلاد؟
بعد حرب صيف 94 تغير الوضع الداخلي لدى الشعب الجنوب إلى وضع مختلف تماما بما جعل الشعب يتحول إلى حراك سياسي سلمي يضمن فيه شعب الجنوب على عدم التحدت بالوحدة اليمنية التي أصبحت كابوس بالنسبة لهم ، فتغيرت المعادلة أثناء حرب 2015م حتى اصبحت دول الخليج تشعر بالقلق اتجاه الوحدة اليمنية .
هل هناك أي دور مصري ملموس في اليمن؟ وأنتم كيمنيين، ماذا تنظرون إلى مصر هل هي طرف في النزاع أم يمكنها التوسط لإنهائه؟
بكل تأكيد هناك دور ملموس في اليمن كونه مصر منطقة استراتيجية مهمه جدا ومساندة لشعب اليمن منذ القدم، وتلعب دوراً هاماً في هذه الحرب الدائرة بتقديم المساندة العسكري والسياسية ولا ننسى المبادرات العد التي قدمتها مصر لحل الأزمة اليمنية قبل الحرب وأثناء الحرب وهذا مجهود تشكر عليه جمهورية مصر العربية.
فيديو قد يعجبك: