الحرب على ''داعش'' تضع تحالف السعودية مع الغرب على المحك
بون، ألمانيا (دويتشه فيله)
أصبح التحالف بين السعودية والدول الغربية محط تساؤلات، بعد انتقادات حول تمويل سعودي محتمل لمنظمات جهادية، وبالرغم من نفي الرياض لأي تعاون مع الجهاديين، يرى مراقبون أن السعودية نجحت في تشكيل لوبي قوي للدفاع عن مصالحها.
يرى مراقبون أن النهج الديني الصارم في المملكة العربية السعودية، هو السبب الأساسي في الخطر الجهادي الدولي الذي ألهب الوضع في الشرق الأوسط منذ سنوات، وتجلت آخر التداعيات في الهجمات الأخيرة التي شهدتها باريس الأسبوع الماضي. ورغم أن الرياض عمدت إلى تضييق الخناق على الجهاديين في الداخل فزجت بالآلاف في السجون، ومنعت المئات من السفر للقتال في الخارج،إلا أن الارتباطات الخارجية بين السعودية والمنظمات الجهادية لا زالت مبهمة ومحط العديد من التساؤلات.
وتشهد العلاقات السعودية مع الغرب تجاذبات كثيرة، بسبب الانتقادات الشديدة من دول غربية ومنظمات دولية حول انتهاكاتها لحقوق الإنسان. وكان تعيين سفير السعودية بالأمم المتحدة في جنيف، فيصل بن حسن طراد، على رأس لجنة الخبراء المستقلين في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة شهر سبتمبر من العام الحالي، قد أثار تساؤلات عن طبيعة العلاقة بين الدول الغربية والسعودية، فيما أثار التعيين موجة انتقادات عارمة، لاسيما من لدن المنظمات الحقوقية، حيث وصفت منظمة ''مراسلون بلا حدود'' هذا التعيين بأنه ''سخيف للغاية''. وقالت إنه ''من المشين أن تتغاضى الأمم المتحدة عن هذه الرئاسة، علما أن المملكة العربية السعودية تعد من أكثر الدول قمعا لحقوق الإنسان''.
لوبي سعودي ضخم
وبالرغم من الانتقادات الشديدة والتضييق على الحريات المدنية التي تقف في وجه تعزيز علاقات السعودية مع الغرب، لا يرى مدير المعهد الخليجي في واشنطن علي الأحمد في حوار مع DWعربية أية تغييرات مرتقبة في طبيعة العلاقات الرابطة بين الغرب والسعودية، ويقول المعارض السعودي بأن الرياض تمكنت من إيجاد لوبي ضخم مؤثر على علاقتها مع الغرب، حيث يمثل الاقتصاد العصب الرئيسي في طبيعة تلك العلاقات. وأضاف أن ''العامل الاقتصادي لعب دورا أساسيا في شراء ولاء الغرب''. ويرى الأحمد أن السعودية برعت في لعب هذا الدور وعرفت كيف تخاطب الغرب من خلال مصالحه لتحصل على ''معاملة تفضيلية''.
ويوضح المعارض السعودي المقيم في واشنطن أن هذه المعاملة التفضيلية تتمثل باستمرار في العلاقة الطبيعية بين دول الغرب وحكومة الرياض، بالرغم من كل الانتقادات الموجهة من منظمات معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان. واستدرك أنه بالرغم من كل الانتقادات فإن الحكومات الغربية لا تتوانى عن بيع أسلحة للملكة السعودية، كما تحصل الرياض على دعم لسياستها الخارجية خاصة لما تقوم به في اليمن.
وكانت مصادر سعودية قد أكدت مؤخرا بأن الولايات المتحدة الأمريكية وافقت على بيع 13 ألف قنبلة ذكية للمملكة العربية السعودية، تبلغ قيمتها 1,29 مليار دولار (4,83 مليار ريال)، وهو ما سيساهم في تعزيز فاعلية القوات الجوية السعودية.
''علاقة الغرب مع السعودية غامضة''
من جانبه أكد النائب من حزب الخضر الألماني أُميد نوريبور في حوار مع DWعربية أن علاقة الغرب مع السعودية ''علاقة غامضة''، وقال ''لا أفهم سبب تزويد الدول الغربية لحكومة الرياض بالأسلحة بالرغم من السجل السيئ للمملكة في مجال حقوق الإنسان وطبيعة العلاقات غير الواضحة مع منظمات جهادية خارجية''.
وقال النائب الألماني أعتقد أن غياب رؤية أوروبية موحدة للتعامل مع السعودية ساهم في تقوية موقف الرياض. فالدول الغربية تخشى من ضياع صفقات الأسلحة ما يضطرها إلى الموافقة لأنها تخشى منافسة دول غربية أخرى ويتابع '' أعتقد أنه لو تم الاتفاق على سياسة خارجية مشتركة فسيكون ذلك في الصالح الأوروبي.
وعلق أُميد نوريبور على سياسة السعودية الخارجية والسياسة تجاه ''داعش'' ولاحظ '' نجد تطابقا في بعض السياسات الخارجية'' من ناحيته يرى المعارض السعودي علي الأحمد أن تنظيم الدولة الإسلامية قام بالفعل ببعض الخطوات التي صبت بالنهاية للمصلحة السعودية، ففي العراق عمل التنظيم على منع أي انتقال ديمقراطي، كما ساهم في تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.
السعودية تدافع عن موقفها
وتحاول الحكومة السعودية الدفاع عن موقفها في التصدي للتشدد الإسلامي مشيرة إلى اعتقال الآلاف من المشتبه في تطرفهم، وكذلك من خلال تبادل المعلومات مع استخبارات الحلفاء، ومنع رجال الدين الذين يشيدون بهجمات المتطرفين من ممارسة نشاطهم.
وقد ندد مفتي المملكة أرفع رجال الدين في المذهب الوهابي وأيضا مجلس كبار العلماء، أكبر مؤسسة دينية للمذهب بهجمات باريس وشجبا منذ سنوات توجه المتطرفين، الذين يعتبرون من الضالين والكفار.
وفي مقابلة سابقة مع رويترز رفض اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية ما يؤخذ على ''الوهابية'' بإنها تمثل مشكلة وذكر في مقارنة أن 2144 سعوديا سافروا إلى سوريا فيما فعل 5500 مسلم أوروبي الشيء نفسه.
وأضاف أن رجال الدين والدعاة الذين يحثون المسلمين، بمن فيهم السعوديين على السفر إلى سوريا والعراق من أجل المشاركة في القتال أو لشن هجمات في مناطق أخرى يعيشون هم أنفسهم في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وليس في المملكة نفسها.
فيما يرد منتقدون بأن المؤسسة الدينية التي تمولها الدولة تذعن أكثر مما يبدو لرغبات الأسرة الحاكمة ويتهمونها بأنها تلوح بخطر التشدد الديني لتجنب القيام بإصلاحات قد تعرض سلطتها للخطر في نهاية الأمر.
ويرى مراقبون أن المشهد السلفي أصبح مفتتا ومتباينا في مختلف أنحاء العالم، حيث لم يعد السعوديون يسيطرون عليه. ففي كثير من الأحيان يلجأ الجهاديون إلى نصوص كتبها فقهاء راحلون من أئمة الوهابية، ويتبنون أسلوبا سعوديا في خطبهم الدينية ، ساخرين من رجال الدين المعاصرين في المملكة، ويصفونهم بأنهم ألعوبة في أيدي نظام فاسد مؤيد للغرب.
فيديو قد يعجبك: