سوريا.. المسرح الجديد للحرب الباردة بين الناتو وموسكو
تقرير- محمود سليم:
حرب باردة جديدة بدأت مع إسقاط الأتراك لطائرة عسكرية روسية تقول أنها اخترقت حدودها، وتصعيد روسي وسط مخاوف من رد عسكري محتمل بإرسال منظومة صواريخ S-400 إلى الأراضي السورية، والذي يعتبر تهديدًا لأنقرة التي أعلن الناتو استعداده لمساندتها، كعضو في الحلف.
تؤكد روسيا أنها لن تميل إلى الحل العسكري ومع ذلك أعلن حلف شمال الأطلسي على وقوفه إلى جانب تركيا، وهو ما يعني وقوف 28 دولة أبرزها بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا إلى الجانب التركي.
الأجواء والتطورات السريعة زادت على روسيا عبئًا جديدًا، فهل يتدخل الناتو عسكريًا ويزيد أوجاع السوريين؟.. ويستعرض هذا التقرير أبرز العمليات التي قام بها حلف الناتو في المنطقة العربية خلال أكثر من 6 عقود.
3 مهمات ضرورية اعتبرها الناتو سببًا لقيامه عام 1949، حيث دعت الضرورة دول الحلف إلى الاتحاد بسبب توحّد القوات السوفياتية، وشعور دول غرب أوروبا بقرب هجوم سوفياتي عليها، فتعاونوا مع الولايات المتحدة وتم تكوين الحلف، بهدف حماية دول العالم بشكل عام والدول الأعضاء خاصة، وحفظ الأمن والاستقرار، ومحاربة التهديدات الأمنية الجديدة.
تتجاوز عدد قوات حلف الناتو 7.33 مليون فرد مقسمين على 3.58 مليون فرد كقوة حالية، وأكثر من 3.7 مليون فرد بقوات الاحتياط.
البداية
سعى حلف الناتو في بدايته إلى ضم المزيد من الدول في عضويته، حيث أن الدول المؤسسة للتحالف كانت أمريكا وبريطانيا والبرتغال والنرويج وهولندا ولوكسمبورغ وإيطاليا وايسلندا وفرنسا والدنمارك وكندا وبلجيكا.
وانضمت بعد ذلك دول: اليونان وتركيا وألمانيا وأسبانيا التشيك والمجر وبولندا وبلغاريا وايستونيا ولاتفيا ولوتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينا وألبانيا وكرواتيا.
وخلال تسعينيات القرن الماضي طور الحلف عقيدته من الردع إلى الدفاع عن المصالح الجماعية لأعضائه خارج أراضيه، بحيث يُشكل أي هجوم على مصالح أي دولة من أعضاءه هجومًا على أعضاء الحلف كله وبالتالي وجب مواجهته.
وذلك بما نصت عليه المادة الخامسة من ميثاق الحلف، "أن أي هجوم مسلح ضد أي من أعضاء الحلف يعد هجوما علي دول الحلف كافة بما يتيح لها حق الدفاع عن النفس"، وبعد ذلك فرضت الأحداث نفسها على التحالف (مثل الحرب في يوغسلافيا وكوسفو)؛ بحيث يتدخل مباشرة في الأحداث ولا يكتفى بالمشاهدة أو انتظار وقوع عدوان على أحد أعضاءه.
الناتو والمنطقة العربية
في عام 1994 أطلق الحلف حوارًا مع سبع دول، هي: المغرب، وتونس، وموريتانيا، ومصر، ودولة الاحتلال إسرائيل، والأردن، والجزائر، بهدف التعاون في محاربة تهديدات محتملة لأعضاء الحلف، مثل الهجرة غير الشرعية، وتهديد المخدرات، والأنشطة الإرهابية.
وبعد أحداث سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، شهدت استراتيجية الحلف تطورًا جديدًا، حيث تم الاتفاق في قمة براج نوفمبر 2002 على خطة عمل مشتركة ضد الإرهاب، وإنشاء قوة رد سريع متطورة عام 2006.
لم يتدخل الناتو كمؤسسة بشكل مباشر في الدول العربية "باستثناء ليبيا"، ولكن الدول الرئيسية فيه شاركت في أزمتين: الأولى هي حرب الخليج الثانية في 1991، والتي شاركت بها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، لضمان عدم سيطرة العراق على نفط دولة الكويت أو نفط المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.
والأخرى خلال الحرب العراقية - الإيرانية، حيث شارك بعض أعضاء الحلف في عملية عسكرية استهدفت تأمين إمدادات النفط من خلال حماية عبور ناقلات النفط عبر الخليج.
تدخل الناتو في ليبيا
فرض مجلس الأمن الدولي حظرًا جويًا على ليبيا لمنع القذافي من شن غارات على المحتيجين، وبعد ذلك بدأت كل من الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وفرنسا، هجوماً على ليبيا تطبيقاً لقرار الأمم المتحدة بأطلاق أكثر من 110 صاروخ كروز من طراز توماهوك على أهداف في ليبيا.
وكان لوجود حلف الناتو وفرض الحظر الجوي على ليبيا، أثرًا كبيرًا في انتهاء الصراع الليبي بانهاء حكم القذافي ومقتله.
وبحسب الدراسات الأكاديمية الصادرة عن الحلف خلال الأزمة الليبية، فأن الناتو يرى أن "أن رحيل نظام القذافي لا يعني بالضرورة استقرار الدولة، حيث لاتزال بحاجة إلي الجهود الدولية لبناءها، إذ تفتقر لهياكل ومؤسسات الحكم التي تعد عناصر ضرورية للأمن والاستقرار".. وهذا ما يساهم في توغل الجماعات المتشددة في ليبيا.
سوريا.. مسرح الحرب الباردة
ومع الأزمة التركية الروسية، تصبح سوريا مسرحًا جديدًا للحرب الباردة بين الناتو والموسكو، حيث أعلن أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ، في وقت سابق، استعداد الناتو لنشر قواته للرد السريع في الحدود الجنوبية للحلف.
وقال "أكدت قيادتنا العسكرية إننا نملك جميع القدرات الضرورية لكي ننشر قوات الرد السريع للناتو في الجنوب، ولدينا الإمكانيات الكافية والبنية التحتية الضرورية لتوفير احتياجات تلك القوات في هذه المنطقة".
ومع التواجد الروسي في سوريا، وعلى الرغم من تأكيد قيادات الدول عدم الميل إلى الحل العسكري، إلا أن سوريا قد تصبح أكثر اشتعالًا مما هى عليه الآن إذا أصبحت مسرحًا للحرب بين الناتو وموسكو.
فيديو قد يعجبك: