"وكالة البلح".. ملاذُ البسطاء لشراء الملابس الشتوية
كتبت- راندا طولان:
تصوير- فريد قطب:
"يتنافسون التجار على جذب الزبائن، رافعين لافتات كرتونية مكتوب عليها أرقاما تمثل أسعارًا زهيدة لملابس شتوية، يبدو عليها حالة ليست بالسيئة"، هنا "وكالة البلح".
تلك المنطقة الموجودة في وسط البلد والتي لا يفصل محلاتها عن المحلات الفارهة التي تحمل اسم علامات تجارية شهيرة سوا أمتار قليلة.
بدأت وكالة البلح تستقبل أناس ينتمون لطبقة ليست ببسيطة من حيث الحجم في المجتمع المصري وهي محدودي الدخل، حيث يعتبرها البسطاء السوق الأكثر رأفة بـ"جيوبهم"، خاصة مع ارتفاع الأسعار في كثير من السلع والمنتجات والخدمات خلال الفترة الماضية رغم محاولات الحكومة المستمرة لضبطها.
"إحنا مش بنرفع الأسعار بمزاجنا، كفاية علينا الضرائب والجمارك وأجور العمال والإيجارات، وغيرها"، بهذه الكلمات بدأ "مصطفى محمد" صاحب محل ملابس بمنطقة وسط البلد حديثه، مضيفا "السوق يعاني من غياب الرقابة، فما سمح للباعة الجائلين بافتراش الأرصفة وبيع منتجات مجهولة المصدر بأسعار رخيصة، وده أثر على إقبال الزبائن على المحلات، عشان كده انخفضت نسبة المبيعات بشكل كبير".
وفي منطقة وكالة البلح، لم يختلف الوضع كثيراً عن "وسط البلد"، فتكاليف النقل والرسوم الجمركية، أدت إلى ركود تام في السوق- وفقاً لعلاء خيري مالك إحدى محلات الملابس بالوكالة.
يضيف خيري، قائلا: "إن الأسعار تتزايد باستمرار والزبون يُصر على الشراء بالسعر القديم وهو ما يجعل البضاعة للفرجة فقط."
واتهم خيري، الباعة الجائلين بأنهم أحد الأسباب التي أدت إلى ضعف حركة الشراء من محالهم، فما يُعرض بـ50 جنيها بالمحلات يقومون ببيعه بـ 25 جنيها، وهو ما يُعد مكسبًا كبيرًا لهم، لأنهم لا يضطرون إلى دفع إيجار محل أو فواتير كهرباء.
من جانبه، يرجع نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية محمد المصري، سبب الزيادة في أسعار الملابس الشتوية إلى عدم استقرار سعر الدولار والذي ارتفع بشكل جنوني خلال الشهرين المنصرمين، وأيضا زيادة الرسوم الجمركية على الواردات.
"هناك اتجاه لتشجيع شراء المنتج المحلي بدلاً من المستورد، لكن الأهم أن يتوافر به الجودة والسعر بما يتناسب مع مستوى معيشة المستهلك" هكذا يضيف "المصري" خلال حديثه مع مصراوي، مؤكدا أن الاستيراد يغطي العجز بين الطلب والمعروض من المنتج المحلي.
وعن أسباب إقبال المستهلكين للوكالة، يقول "سامح أسامة" ـ بائع بإحدى محلات الملابس ـ "يتزايد الإقبال من مختلف الطبقات على شراء الملابس الشتوية من الوكالة نتيجة لأسعارها المناسبة والزهيدة بعكس المحلات التجارية والمولات الشهيرة".
وأشار إلى أن "الجواكت الجلدية" من أكثر أنواع الملابس التي شهدت ارتفاعاً ملحوظا في أسعارها، فوصل بعضها إلى 600 جنيها، بينما يتراوح سعره بالوكالة بين 100 إلى 150 جنيها- على حد قوله.
ولفت "سامح"، إلى أن أسعار الملابس الشتوية زادت بنحو 20% هذا الموسم مقارنة بالعام المنصرم، وأرجع السبب في هذا الارتفاع إلى زيادة أجور الأيدي العاملة، وأسعار مدخلات الإنتاج والخدمات.
أما في منطقة عباس العقاد بمدينة نصر، أوضح "أبو أدهم"، بائع متجول، أن الموسم الشتوي هذا العام "بلا زبائن" نتيجة ارتفاع أسعار الملابس الشتوية بما لا يتناسب مع مستوى معيشة المواطنين، مما يدفعهم للاكتفاء بشراء الاحتياجات الأساسية من المأكل والمشرب، معربا عن استيائه مما وصفه بمهاجمة البلدية له.
كما أكد أن الموسم الصيفي أفضل بكثير من الشتوي، نظرا لانخفاض أسعار الملابس وتنوعها بما يجذب المستهلكين، مقارنة بالملابس الشتوية الأعلى سعراً والتي يعزف عنها الزبائن.
وأضاف "وائل عبده"، بائع متجول، بذات المنطقة، إن أسعار بعض الموديلات زادت بنسبة 20% عن العام الماضي، والبعض الآخر لم يتغير، حيث وصل سعر "جاكت السيدات القصير" إلى 110 جنيها، والجاكت الطويل يتراوح سعره بين 120 و130 جنيها، في حين وصل سعره بالمحلات إلى 200 جنيه، والإقبال على الشراء ضعيف.
تقول إيمان محمد، الطالبة العشرينية، إنها تشتري ملابسها الشتوية من الوكالة، حيث الأسعار مناسبة، علاوة على تنوع الملابس وجودة خاماتها والماركات المستوردة التي تُباع بأسعار زهيدة مقارنة بالمحلات والمولات الشهيرة.
واتجه آخرون لتأجيل شراء الملابس الشتوية، نظرا لارتفاع الأسعار التي تتجاوز الـ 300 جنيه للقطعة الواحدة، علي أمل انخفاض الأسعار، حيث أمضت "أميرة محمود" عطلة نهاية الأسبوع تبحث عن ملابس تناسبها من حيث الشكل والسعر، لكنها رجعت دون طائل، معللة ذلك بارتفاع الأسعار ورداءة جودة الخامات.
فيديو قد يعجبك: