الإخوان.. الانقسامات تُحكِم إغلاق نعش الجماعة من الداخل (تقرير)
كتب- محمود سليم:
شهر أو ما يزيد قليلًا لنعود مرة أخرى إلى البدايات التي غيرت شكل الحياة السياسية في مصر إلى غير رجعة، عيدًا خامسًا أو ربما ذكرى لثورة أطاحت برأس تسبب في فساد سياسي واجتماعي وأخلاقي على مدار 30 عامًا.
أفرزت ثورة يناير أيديولوجيات مختلفة طافت بعد ذلك في ملكوت الحياة السياسية، وأخرجت مَن كانوا تحت الأرض لأعوام إلى سدة الحكم لتعيش مصر عامًا من حكم الإخوان التي ما لبست أن تحكم حتى أرادت توغل أذرعتها داخل الدولة التي لفظتها بعد عام في ثورة شعبية بمساندة الجيش في 30 يونيو 2013.
عام بعد عام تتراجع شعبية الجماعة وتضربها الانقسامات وتقطع الدول أذرعتها خارجيًا، بدأتها مصر باعتبارها جماعة إرهابية محظورة، ثم دعمت الرياض قرار القاهرة، فيما يزداد الحصار دوليًا على الجماعة يومًا بعد أخر.
انقسامات داخلية
قيادات شابة بفكر تعتبره ثوريًا يدعو إلى حمل السلاح ضد الدولة، يمثلها محمد منتصر، المتحدث الاعلامي للجماعة، تنقسم داخليًا على القيادات القديمة لمكتب الإرشاد تحت قيادة محمود عزت، المرشد العام المؤقت للجماعة، والتي ترفض العنف الصريح خوفًا من ردود الفعل الدولية، على الرغم من أنها - أي الجماعة - تنتهج العنف طوال 80 عامًا منذ أن أعلن حسن البنا قيامها.
بينما تعتبر الجبهة الأخرى أن منتصر تمت إقالته، بحسب بيان محمد عبد الرحمن المرسي، عضو مكتب الإرشاد، الذي قال "بالنسبة للمتحدث الإعلامي فقد تم إيقافه تنفيذًا لقرار لجنة التحقيقات لمخالفات حدثت"، مشيرًا إلى أنه تشاور مع المسؤولين من الإخوان بالخارج لتعيين متحدث إعلامي جديد وأصدر قرارًا بذلك.
انقسامات تعجل بنهاية تنظيم الإخوان، وتُحكِم إغلاق النعش عليها من الداخل لترحل إلى غير رجعة كما تريد الدولة، الذي أرسلت مؤخرًا نشرة حمراء بأسماء القيادات الإرهابية الهاربة لبريطانيا وعدد من الدول الأخرى بعد التقارير البريطانية الأخيرة عن جماعة الإخوان.
وحملت النشرة بحسب مصدر أمني بالأنتربول المصري؛ أسماء 42 من القيادات الإرهابية الهاربة على رأسهم عاصم عبدالماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وأحمد منصور مذيع قناة الجزيرة القطرية، وأحمد جاد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان بالفيوم، وصلاح الدين الزامك القيادي الإخواني بمحافظة دمياط.
إرهابية الجماعة
سادت حالة من السيطرة من القيادات الشابة للجماعة على المنابر الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي، ليقف الحرس القديم دون أذرع إعلامية حقيقة تساندة، لتصب الكفة في صالح من يمتلك الإعلام. وخارجيًا.. خلص تقرير أعدته الحكومة البريطانية حول نشاطات حركة الإخوان المسلمين ونشرته الخميس الماضي، إلى أن عضوية الحركة أو الارتباط بها يجب أن يعد مؤشرا ممكنا للتطرف.
ورغم أن التقرير خلص إلى أنه لا ينبغي حظر الجماعة الإخوانية، وقال رئيس الحكومة ديفد كاميرون، إن التقرير انتهى إلى أن بعض أقسام حركة الإخوان المسلمين لهم علاقة ملتبسة جدا بالتشدد الذي يقود إلى العنف، مشيرًا إلى أن حكومته ستكثف مراقبتها بشأن آراء وأنشطة أعضاء الإخوان المسلمين.
وقال إن التقرير وجد أن لفروع الجماعة صلة بما وصفه بالتطرف العنيف مضيفًا "أن قرار حظر الجماعة من عدمه في بريطانيا مازال قيد المراجعة"، وهو ما اعتبرته القيادات الشابة في الجماعة، على لسان خالد منتصر، الأمر الذي يسئ إلى لندن وليس للإخوان، موضحًا عبر بيان له، "إن موقف بريطانيا من الإخوان يُفهم في إطار حملات التحريض التي تقودها دول وأنظمة تدعم السلطة الحالية في مصر مصر، وعلاقة تلك الأنظمة بلندن".
أسباب الانقسامات
ويعتقد أحمد بان، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن الخلاف بين الحرس القديم للجماعة والقيادات الشابة بالجماعة، له علاقة بالدعوات التي أطلقتها الإخوان للتصعيد في 25 يناير القادم. وأوضح بان، لمصراوي، أن مجموعة الشباب تسعى للتصعيد في ذكرى الثورة القادمة أكثر من أي وقت خلال الخمس سنوات الماضية، مشيرًا إلى أنهم قد يلجأوا إلى كل أشكال التصعيد المعروفة.
وتدعو جماعة الإخوان إلى التصعيد في الذكرى الخامسة لثورة يناير، معتبرة أن كافة أشكال التصعيد هي حق متاح لها في ظل دعواتها للوقوف أمام ما اسمته "انقلابًا عسكريًا في مصر على الرئيس الأسبق محمد مرسي".
ويحاكم محمد مرسي حاليًا في عدة قضايًا أبرزها التخابر مع دولة أجنبية.
وأشار إلى أنه من المبكر الحديث عن نهاية للفكرة بشكل كامل، لكن من الممكن الحديث عن نهاية التنظيم بشكله المعروف، موضحًا "الأفكار تأخذ وقت لكي تترسخ على أرض الواقع وبالتالي فهي في حاجة لوقت أيضًا كي تمحى، هذه هي أول مرة تنشق الجماعة بهذا الشكل".
ويرى المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن تقرير إنجلترا بشأن جماعة الإخوان ما هو إلا تقرير سياسي "يمسك العصا من المنتصف ويرض جميع الأطراف"، مشيرًا إلى أنه لم يخرج بقرارات حاسة لا بحظر الجماعة ولا باعتبارها إرهابية.
الجماعة تعاني
بينما يختلف علي بكر، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية؛ مع أحمد بان في أن تقرير إنجلترا يقطع الأجنحة الخارجية للجماعة في الخارج، رغم أنه لم يتهما صراحة بالعنف والإرهاب لكن هو بيقيد حركة جماعة وقال إنه بيؤدي إلى التطرف المحتمل.
ويرى بكر، أن الانقسامات الداخلية الحالية في الجماعة تشكل صراع بين جيلين القديم والجديد، معتبرًا أنه تأتي في وقت "حساس جدًا" وتصب إلى مزيد من الانشقاقات حيث يكون من الصعب السيطرة عليها خلال الفترة القادمة.
وأوضح "الجماعة تعاني من أزمات وفراغ تنظيمي وهذا ما يفاقم الأزمة في كل الاتجاهات" ويجعل بنيان الجماعة متصدع.
وأشار بكر إلى أنه هذه الخلافات تنعكس على كل شيء في الجماعة بما فيها الدعوات للتظاهر في 25 يناير القادم، معتقدًا أنه سيكون مثل الدعوات السابقة التي أطلقتها الجماعة.. "ربما يحدث بها بعض العنف الذي يسقط فيه ضحايا أبرياء".
فيديو قد يعجبك: