أيمن الصياد: ما شهدناه على مدى عامين "أكبر عملية غسيل للأدمغة".. والدولة أول الخاسرين (حوار)
كتبت- نسمة فرج ودعاء الفولي:
رغم أنه أوشك على الانتهاء، غير أن عام 2015 ترك وراءه ضجة إعلامية كُبرى. لم تكن واقعة خالد يوسف وأحمد موسى إلا إحدى علاماتها. اختبارات عدة وُضعت فيها وسائل الإعلام المصرية، طريق مليء بفخاخ ضياع المهنية والتحريض وغياب الحقائق. بين هذا وذاك يحاول المواطن بالكاد أن يتلقى معلومات غير منقوصة، ومنزهة عن أي توجه تتبعه الوسيلة.
مصراوي حاور الكاتب الصحفي، أيمن الصياد، للحديث عن قضايا مختلفة بالإعلام الذي وصفه خلال أحد لقاءاته التليفزيونية بأنه "جاني ومجني عليه"، ومعرفة أسباب المشكلات التي ألمت به، وكيف تعاطى مع الأحداث المختلفة، قبل أيام من انعقاد البرلمان الذي من المفترض حسب الدستور أن يناقش قوانين الصحافة والإعلام.
لم ينتهِ العام ٢٠١٥ إلا وقد ترك وراءه ضجة إعلامية كبرى. وشهدنا على الشاشات ما لم يكن أحد يتصوره ما رأيك؟
لا توجد ثمة مفاجأة. هذه هي النتيجة الطبيعية للحالة الإعلامية التي نعيشها. هناك من يتصور أو يحاول أن يجعلنا نتصور أنه يخدم الدولة بما يقدمه على الشاشة. وهناك في أجهزة الدولة أيضا من يتصور ذلك.
وهل ترى أن ذلك يخدم الدولة؟
على الإطلاق. ما شهدناه على مدى عامين هو أكبر عملية "غسيل للأدمغة". والأدمغة المجوفة المغسولة لا يمكن لها أن تبني دولةً أو مستقبلا.
كيف تصف الإعلام المصري الآن؟
لن أبالغ إذا وصفت ما لدينا الآن من إعلام بأنه "إعلام الصوت الواحد". تتعدد الأسباب ولكن هذه هي النتيجة النهائية، إلا من رحم ربي، ونجح في أن يحتفظ بعقله في رأسه ومصداقيته في قلمه أو بما يقدمه على الشاشة.
في رأيك، كيف وصل الإعلام المصري إلى هذه الحالة؟
ببساطة، كما أسأنا إلى الدين بتسييسه، بمعنى استخدام المشاعر الدينية لأغراض سياسية، عرفنا "تسييس الإعلام"، وخرجنا به عن وظيفته، فاستخدام الإعلام كأداة سياسية، طوال السنوات الخمس الماضية، أدى تدريجيا إلى محاولة الأطراف الفاعلة، ترويج خطابها الإعلامي /السياسي على حساب كل خطاب آخر إلى درجة وصلت إلى محاولة الاحتكار الكامل للخطاب الإعلامي من جانب القوة الأكثر قدرة وهيمنة وسلطة ونفوذا، والتي هي بحكم طبائع الأمور وموازين القوى "الدولة"، أيا ما كانت الجماعة أو المؤسسة الحاكمة. وأيا ما كان اسم الجالس في القصر.
هل ترى أن هناك اختلافا بين إعلام ما قبل الثالث من يوليو 2013 والإعلام بعد؟
بالتأكيد. فرغم هيمنة التجاذب السياسي على الخطاب الإعلامي في المرحلتين. وتحديدا منذ مارس ٢٠١١ (مع ما جرى من استقطاب حول الاستفتاء على التعديلات الدستورية)، إلا أنه من زاوية المهنية الإعلامية التي تتطلب توافر الحرية والفرص المتكافئة للجميع في القول والتعبير، فقد كان "التنوع"، والانسحاب النسبي للدولة عن فرض سيطرتها الأحادية (في مرحلة ما بعد يناير ٢٠١١) كفيلين بقدر وغير مسبوق في تاريخ مصر الحديث، من حرية التعبير التي توفر فرصا متكافئة للجميع في طرح أفكاره وآرائه. وشهدت شاشات التلفزيون أيامها للمرة الأولى أصواتا لسلفيين وإخوانا مسلمين وليبراليين وشيوعيين وأناركيين ومدافعين عن حقوق المرأة والأقباط.. الخ. الأمر الذي سرعان ما انحسر تدريجيا ليتبدد تماما بعد الثالث من يوليو ٢٠١٣.
تقول دائما إن الإعلام المصري صار مريضا يحتاج إلى علاج. هل بالإمكان أن تعدد لنا أعراض هذا المرض؟
أؤكد بداية أننا لا نستطيع علميا أن نعمم. فهناك بالتأكيد من نجح في أن ينجو بمهنيته من الأمراض التي أصابت الحالة الإعلامية في مصر. ولكن إن أردنا تشخيصا، فلعلي أعدد الأعراض في الآتي:
الاستقطاب، والذي ظهر في البداية مع الانقسام الحاد حول استفتاء مارس ٢٠١١، ثم تفاقم مع وصول الإخوان الى الحكم، ثم الإعلان الدستوري، ليصل ذروته مع الإطاحة بمرسي في ٣ يوليو ٢٠١٣، ثم تكتمل الدراما بما حدث في رابعة العدوية ١٤ أغسطس ٢٠١٤ والذي ألقى بزيت مشاعر الثأر على نار خطاب الكراهية والاستقطاب والمكارثية.
كذلك خطاب الانحياز والكراهية. رأيناه قبل ٣ يوليو ٢٠١٣ في إعلام الإسلاميين الذي انتهج الدفاع بالمطلق عن سياسات وقرارات الرئيس، واتهام المعارضين بمعاداة الإسلام، وفي أخلاقهم، بل وتكفيرهم أحيانا، ثم رأيناه أشد وأنكى بعد الثالث من يوليو بالدفاع المطلق أيضا عن سياسات الرئيس "السيسي هذه المرة" والمشيطن لكل معارضيه. بداية من محمد البرادعي، الذي كان نائبا للرئيس في حكومة ٣ يوليو وليس نهاية بخالد يوسف الذي أرادوا تشويهه بعد أن تجرأ فأعلن موقفا معارضا في حوار صحفي.
إعلام بعد 3 يوليو كاذب لا يتردد في الادعاء ومخالفة الحقيقة. يحاول إقناعنا مرة بأن "الجيش المصري أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي"، ويحاول إقناعنا مرة أخرى بأن الطائرة الروسية جرى تفجيرها بقنبلة وضعت في مطار تركي. كما لا يتردد في أن يقول لنا أن الإخوان هم الذين أسقطوا الاتحاد السوفيتي. وأضاعوا الأندلس.
هو أيضا إعلام غير مهني تعبوي دعائي يستهدف حشد الجماهير، فلا يتردد في نشر دعاية كاذبة عن جهاز وهمي لعلاج الإيدز وفيروس سي.
إعلام يروج للخرافة ولنظرية المؤامرة: يتحدث عن "مجلس لإدارة العالم"، يخطط للأحداث التي تجري في مصر، بما فيها الكوارث الطبيعية. وينسب لدمية تلفزيونية توجيه رسائل بالشفرة إلى مرتكبي الجرائم الإرهابية في مصر.
أليس من القسوة أن تحمل الإعلام وحده كل المسؤولية؟
نعم. هذا صحيح تماما. فالإعلام شئنا أم أبينا ابن مجتمعه. والأهم أنه ابن نظامه السياسي. حين يكون النظام استبداديا أحاديا، يكون لدينا إعلاما أحاديا مريضا. أما في حالة النظام الصحي الذي يقوم على التعددية واحترام الرأي الآخر. ويدرك قيمة الإعلام المهني الذي يسأل ويحاسب، يصبح لدينا إعلاما مهنيا صحيا.
الأخطر أن تكون هناك محاولة مقصودة لأن يكون الإعلام بهذه الصورة، ومن ثم تشويهه، وأتمنى ألا يكون هناك من يستهدف إسقاط صورة الإعلام أمام الجمهور ليكون بيده إصدار ما يشاء من قرارات تقيد حرية الرأي والتعبير، أو يسعى لتقييد مواقع التواصل الاجتماعي أو إغلاقها.
ألا يوجد ما نجح فيه الإعلام على مدى العامين الماضيين؟
مع وجود الاستثناءات التي تحدثت عنها، فالإعلام "الموجه" الذي جربناه على مدى عامين نجح أولا في غسيل عقول الناس. ونجح ثانيا في تشويه كل ما هو جميل. ونجح ثالثا في أن يفقد مصداقيته، وأن ينصرف عنه الشباب. ثم كان من الطبيعي أن ينجح في نهاية المطاف في أن يأتي لنا ببرلمان هذه شخوصه. بالطبع هناك من استهدف كل ذلك. ولكننا جميعًا من سيدفع الثمن.
لا يوجد دولة قوية بلا معارضة قوية. ولا يوجد دولة قوية بلا حكم رشيد
ألم تستفد الدولة من ذلك؟
هناك للأسف من يظن ذلك. ولكن الحقيقة أنها أول الخاسرين. لا يوجد دولة قوية بلا معارضة قوية. ولا يوجد دولة قوية بلا حكم رشيد، ولا بوجد حكم رشيد بلا شفافية ومحاسبة. ولا يوجد شفافية ومحاسبة بلا إعلام حر يكشف ما يحاول الفاسدون إخفاءه.
بعض الإعلاميين تحدثوا عن ضرورة استخدام الإعلام التعبوي حاليا لدعم الرئيس، ما رأيك؟
الإعلام هو إخبار الناس بالحقائق، فقط لا غير. والمفارقة أن هذا الإعلام التعبوي روج له أيضا الإخوان وبعض أتباعهم، عندما كانوا في الحكم، مستندين إلى مفهوم "الإمام العادل" الذي تجب طاعته. وهو الخطاب الإعلامي ذاته الذي نسمعه اليوم مع اختلاف اللافتات. والحقيقة أن كل ذلك لا علاقة له بوظيفة الإعلام الحقيقية.
الذين يتحدثون عن الحاجة إلى الإعلام التعبوي، ولا يخجلون من مطالبة الإعلام بمساندة الدولة، عليهم أن يقرأوا التاريخ ليروا ماذا فعل "جوبلز" وزير الإعلام النازي الشهير ببلده. كما عليهم أن يتذكروا كيف لم تفلح إطلالة سعيد الصحاف اليومية، ولا سخريته من "العلوج" في إنقاذ رئيسه من الاختباء في حفره، ولا في إنقاذ العراق مما ذهب إليه في نهاية المطاف. تعبئة الجماهير على حساب الحقيقة، ليس لها نتيجة غير الهزيمة وسقوط الدولة.
كيف ترى تعامل الإعلام مع إعلان الدولة الحرب على الإرهاب؟
أكرر: الإعلام ليس سلاحا حربيا، ولا ينبغي أن يكون فرعا من فروع القوات المسلحة. للإعلام وظيفة. هي إخبار الناس بالحقائق. لا أكثر ولا أقل.
تنتقد كثيرا مما يظهر على الشاشة، هل يعني ذلك أنك مع ضرورة وجود جهة تراقب ما يذاع. لتمنع مثل تلك البرامج؟
بالطبع لا. أمراض الحرية لا يعالجها إلا مزيد من الحرية. لا نطلب رقابة، بل نطلب احترام الدستور والقانون. الدستور ينص مثلا في المادة ٥٧ على حرمة الحياة الخاصة وعلى أن للمحادثات الهاتفية حرمة وسريتها مكفولة. والحاصل أننا شاهدنا الدستور ينتهك على الشاشات مئة مرة، بلا حساب. وهنا المشكلة.
الرقابة ليست علاجا. بل مرضا. لا مشكلة لدي في أن يجد أي رأي مهما كان طريقه للنشر والإذاعة بشرط أن يجد الرأي الآخر الفرصة ذاتها. المشكلة كما أوضحت أننا الآن أمام إعلام الصوت الواحد.
أنت إذن تراهن على وعي الجمهور للتفرقة بين الغث والسمين مما يقوله الإعلام؟
بالتأكيد. بشرط إتاحة الفرصة للرأي والرأي الآخر. أعرف ما سيقوله المتذمرون من فوضى الإعلام، وكذب بعض الإعلاميين ولكني أعرف أيضا أننا نتعلم. وأي طفل لن يمكنه أبدا أن يتعلم المشي إلا إذا تعثر مرة ومرات، وجرحت ساقه وربما رأسه. فلكل شيء ثمن.. وللديموقراطية أيضا إن كنا صادقين في طلبها ثمن.
هل وجود ميثاق شرف إعلامي يمكن أن يحد من الأخطاء؟
عرفنا مواثيق الشرف الإعلامية من قبل ولم يترتب على وجودها شيء. ولا يوجد في العالم ما يسمى ميثاق شرف ولكن "ثقافة شرف"، وقواعد مهنية لا يحيد عنها الإعلاميون، وإلا فقدوا احترام الجمهور. والجمهور في النهاية هو الذي يضع ميثاق الشرف غير المكتوب هذا.
وما رأيك في مناقشة مجلس الوزراء لقانون تنظيم الصحافة والإعلام؟ هل ترحب بذلك؟
إنشاء "مجلس أعلى لتنظيم الإعلام ليس اختيارا" بل ضرورة دستورية بموجب المادة ٢١١. علينا فقط أن ندرك أن الشيطان يكمن في التفاصيل. وأن الثقافة والإرادة السياسية، لا القوانين هي الكفيلة بوضع نظام إعلامي معاصر. ولمن نسي أن يعود إلى نص قانون ١٣ لسنة ١٩٧٩ بإنشاء اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ليرى كيف أن النص القانوني الممتاز لا يكفي.
يتم استخدام مصطلح "الأمن القومي" لتبرير إخفاء بعض المعلومات، كيف ترى ذلك؟
نحن للأسف نتصرف وكأن مصطلح "الأمن القومي" مفهوم خاص بنا، لا تعرفه بقية دول العالم. للأسف البعض لدينا لا يدرك حقائق العصر، فيعطي للأمن القومي تعريفا مطاطا، يهدف ككل التعريفات الواسعة إلى تقييد ما لا يُقيد. أصل الأشياء الإباحة، والمجتمعات الذكية تدرك أن قوتها في إتاحة المعلومات؛ فاحتكارها يؤدي إلى الفساد وفشل الدولة. وخلال السنوات الماضية كان ثمة محاولات لإصدار قانون لتداول المعلومات وتنظيمها الذي لا غنى عنه لمكافحة حقيقية وجادة للفساد، لكن كل الشواهد تقول أن الإرادة السياسية لم تكن أبدًا كافية لإصداره. إذ يعلم كل من عمل على المحاولات الرسمية والأهلية لوضع مشروع لهذا القانون -وقد شرفت بأن أكون واحدا منهم منذ المحاولات الأولى قبل سبع سنوات- كم اصطدم بالعقلية "الأمنية" العقيمة التي لم تنتبه بعد إلى حقيقة أننا صرنا في القرن الحادي والعشرين.
وبدلا من أن يكون لدينا-كما الدول المعاصرة- قانونا يحمي الحق في الحصول على المعلومة ونشرها لا نألوا جهدا في إصدار قوانين، واتخاذ إجراءات تبث الرعب في نفوس الصحفيين الذين هم في العالم كله أحد أدوات المجتمع الضرورية لكشف الفساد والفاسدين.
إذًا أنت تعتقد أن هناك تدخلات أمنية في عمل الإعلام؟
نعم هناك تدخلات أمنية. وهذا ليس رأيي الخاص وليست أيضا تكهنات، هذه وقائع. نذكر منها على سبيل المثال حادثتين لإيقاف الصحف، كما حدث مع عددي جريدة الوطن الصادر في مارس ومايو ٢٠١٥. والمثير أن أصحاب السطوة لم يعودوا حتى يهتمون بإعطاء تصرفاتهم الغطاء القانوني المطلوب. نحن نعود للخلف عشرات السنين. فجيلنا يذكر كيف كان الرئيس السادات في سبعينيات القرن الماضي يراعي اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة كما حدث في محكمة المستشار أنور أبو سحلي، مع كل مرة يصدر فيها قرار بإيقاف طباعة جريدة "الأهالي" حين كانت معارضة.
وهل هناك ما يستطيعه الصحفيون إزاء مثل تلك التصرفات؟
بالتأكيد، عندما كان للمجتمع قوته واحترامه. وتاريخ المهنة حافل بالأمثلة. أيام السادات كان هناك مدعى اشتراكي اسمه المستشار مصطفى أبو زيد فهمى، وحدث أن الفنان صلاح جاهين رسم كاريكاتير في الأهرام فُهم منه أنه يهين المدعي العام، فطُلب جاهين للتحقيق، لكن جريدة الأهرام ساندته، وطلب منه رئيس تحريرها أحمد بهاء الدين عدم الذهاب للتحقيق واضطرت الدولة للتراجع، وأيضا مع بداية حكم مرسي صدر حكم محكمة بحبس إسلام عفيفي، رئيس تحرير الدستور، وأشعل هذا الرأي العام وترتب عليه تعديل مرسي للقانون لينص على منع حبس الصحفيين. الآن للأسف لا يمكن تصور حدوث مثل ذلك.
هناك من يقول أن المنع أو الحجب قد لا يأتي من السلطة؟
نعم لأن الأنظمة المستبدة كلها تعرف ظاهرة الملكيين أكثر من الملك. على سبيل المثال، لم يكن قرار منع الإذاعة لأغنيات حمزة نمرة، قرارا من الرئيس. ولكنه قرار من المسؤول الذي اعتقد أنه سيرضي الرئيس. بالضبط مثلما حدث في الخبر الذي وزّعته وكالة أنباء الشرق الأوسط قبل أيام بحظر نشر أية أخبار تتعلق بمفاعل الضبعة النووي، رغم أن قرارات الحظر لا تصدر قانونا إلا من النائب العام أو قاضي التحقيق أو من المحكمة المختصة. ولكن الذي حدث أن هناك من قال، فاعتبره الذي سمع قرارا، بغض النظر عن القانون. مثل ذلك كله لا تعرفه النظم الديموقراطية.
بما أنك دائم الحديث في مقالاتك عن القوانين والدستور ومنظومة العدل والعدالة، ما رأيك في قانون الإرهاب وتحديدا فيما يخص الصحافة والصحفيين؟
مشكلة القانون ليست فقط في الصحافة التي أنتمي إلى بلاطها وقد كتبت ذلك في مقالي الأسبوع بالشروق "قانون الإرهاب .. وإرهاب القانون"، لكن بما أنكم سألتم عما يخص الصحافة والصحفيين، فعلي أن أنبه إلى حقيقة أن حرية الصحافة ليست "ريشة على رأس الصحفيين"، بل هي ريشة على رأس المجتمع كله. فحرية الصحافة والتعبير هي "حق للمواطن" في أن يعرف. ولولا حرية الصحافة، ما كان المواطن الأمريكي عرف بفضيحة ووترجيت، ولا بما جرى في سجن "أبوغريب"، ولم يكن المواطن الأمريكي ليعرف بالفظائع التي ارتكبها جيشه في قرية "ماى لاى"، الفيتنامية.
يجب أن يعلم الجميع –مسؤولون ومواطنون– أن "حرية" الصحافة المراقِبة للسلطة هي بحكم النتائج في صالح المجتمع والناس والبلد في نهاية المطاف.
في بلد كبير مثل مصر، فيه 90 مليون، كيف يمكن لأي حاكم يريد أن يتخذ قرارات سليمة ليحكم بالعدل أن يعرف ما يجري؟ من الذي سيكشف له مواطن العوار والفساد الموجودة غير الصحافة وأقصد الصحافة الحرة لا الصحافة التي لا تنشر سوى البيانات الرسمية.
أنت تتحدث دائما عن أهمية استقلال الإعلام، والبعض يقول أنه لا يوجد إعلام مستقل. فالإعلام دائما يخضع إما للدولة أو الحزب أو رأس المال؟
الاستقلال ثقافة، واستقلال الإعلام لا يعني أن تكون الوسيلة وحدها مستقلة، بل المناخ العام. بمعنى أن يكون المتابع لديه الحرية الكاملة للوصول إلى ما يشاء من مواد إعلامية، بمعنى ألا يتم إغلاق موقع إلكتروني، قناة أو برنامج، الاستقلال هو إتاحة كل شيء أمام الجمهور.
كيف تفسر الانقلاب المفاجئ في أداء بعض الإعلاميين الذين أصبحوا ينتقدون أداء الحكومة والمسؤولين؟
بعد عامين من خطاب الصوت الواحد، ربما يوجد من استشعر تململ الجمهور من ظاهرة الصوت الواحد، فأراد إفهام الجمهور أنه لدينا أصوات أخرى.. لا بأس.
كيف تلخص كل ما سبق؟
باختصار الصحافة "الموجَهة، والموجِهة" والتي تبيع الأكاذيب والخداع تُسقط في النهاية المجتمع والدولة والوطن. اقرأوا التاريخ.
فيديو قد يعجبك: