بعد حبس إسلام بحيري.. حقوقيون: باب الاجتهاد في مأزق.. وهذه الحلول - (تقرير)
كتبت ـ هاجر حسني:
نظرت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بالقاهرة أمس، في استئناف إسلام بحيري على حكم حبسه 5 سنوات بزعم إزدراءه للدين الإسلامي الصادر في يوليو الماضي 2015، حيث قبلت الاستئناف وقررت تخفيض حكم الحبس إلى سنة واحدة، فيما قامت قوات الأمن بالقاء القبض عليه لتنفيذ الحكم وإيداع بأحد السجون.
وعلق محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإًصلاح الجنائي، على الحكم قائلا: "إن أحكام القضاء لابد أن تحترم في كل الأحوال فالقاضي حكم بناء على نص قانون، ولكن الحكم الصادر على البحيري يعمل على غلق باب الاجتهاد أو محاولة البحث في النصوص القديمة".
تخوفات
وقال زارع إن هذه الأحكام تدل على أنه مازلنا في مرحلة الجمود وستدفع أي شخص يحاول الاجتهاد إلى التراجع عن الفكرة نظرا لعواقبها، لافتا إلى أننا خلال الفترة الحالية نواجه أفكار مغلوطة كثيرة وتفسير للنصوص الإسلامية بطرق عنيفة وهو ما يحتاج لتفسير هذه النصوص بطريقة صحيحة، حتى لا نعود خطوات للوراء، بحسب قوله.
وتابع أن الاختلاف في مثل هذه الأمور مكانه الندولات والمناقشات والمناظرات وليس ساحات المحاكم، مستشهدا بالحلقات التي كانت تذاع بين إسلام البحيري وعلماء من الأزهر أو غيرهم وكانت تتم بطريقة حضارية وراقية.
تعديل القانون
من جانبه، قال حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن الحكم إشارة خطيرة للمدى الذي وصل له تقييد حرية الفكر والاعتقاد، مضيفا أنه لابد من تعديل المادة 98 من القانون للتفريق بين الازدراء وحرية التعبير والاعتقاد، لأن هذه المادة تخص الشخص الذي يثبت فعليا أن يحتقر دين معين ويكون هناك أدلة على ذلك.
وأضاف أبو سعدة، أن المادة 64 من الدستور تنص على حرية الاعتقاد، وما يحدث الآن يعد تقييدا لهذا الحق، وعلى مر السنوات إذا نظرنا إلى طه حسين وعلى عبد الرازق وحتى إسلام البحيري سنجد أن هناك منهج موجود لاضطهاد المفكرين ممن يفكروا خارج الصندوق والتابوهات.
وتابع أنه إذا لم يكن لدينا حركة نهضة فكرية لتغيير الأفكار الثابتة مثلما حدث في عصر التنوير في أوروبا سنشهد حالات كثيرة من التقييد وعدم قبول الآراء المختلفة.
وانتقد محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، في حوار سابق لمصراوي تعرض البحيري للمحاكمة نتيجة اجتهاده قائلا: "دائما كان هناك مطالبات بتجديد الخطاب الديني وعندما بادر البحيري واجتهد حيث رأى في وجهة نظرة أن كتب التراث بها مشكلات وإذ فجأة يجد نفسه محكوم عليه بـ 5 سنوات غيابيا".
تساؤل
وتساءل لطفي، كيف أطالب بتجديد الخطاب الديني وفي ذات الوقت من يملكون آراء مختلفة يتم الزج بهم في السجون، لافتا إلى أنه في كل الأحوال يعبر عن رأية بشكل سلمي سواء كنا نختلف معه أم نتفق، فلابد في هذا الوضع أن أرد عليه مثلما يتحدث هو وليس بالسجن.
وتابع: "إذا استمرينا في محاكمة من يتبنون أفكار مختلفة عنا من مجتهدين وأدباء ومفكرين سينتهي بنا المطاف بين طرفين هما نظام حكم يرفض أي تجديد في الخطاب الديني وأشخاص خارجين عن الدين تماما يفسرونه بطرق عنيفة ويحملون السلاح"، قائلا إنه حتى ننبذ المتطرفين لابد من السماح بالحريات الموجودة في الدستور من حرية رأي وتعبير واعتقاد.
وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن الحكم بالحبس بسبب أراء واجتهادات دينية يمثل صدمة هائلة، وضربة قاسمة لحرية التعبير وفي القلب منها حق النقد والاجتهاد الديني والاكاديمي، فضلا عن استمرار إمساك العصا من المنتصف وترك الباب مفتوحا لما يسمى بقضايا الحسبة السياسية والدينية، حيث ينصب البعض أنفسهم وكلاء عن المجتمع ويلاحقون أصحاب الرأي أو الفنانين دونما صفة أو مصلحة مباشرة لهم في القضية.
وأضافت الشبكة العربية، أن هذا الحكم أضاف إسلام بحيري لقائمة طويلة من سجناء الرأي في مصر، لم يرتكبوا جريمة سوى التعبير عن أرائهم، وبدلا من مناقشة هذه الآراء وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها، أصبح مصير العديد من أصحاب الرأي هو السجن.
مُناشدة
من جانبها، ناشدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، النائب العام المصري وقف تنفيذ العقوبة مؤقتاً، ولحين الفصل في الطعن بالنقض على الحكم، لاسيما وأن الطعن بالنقض يحتاج إلى كثير من الوقت لحين الفصل في الشق الخاص بوقف تنفيذ الحكم.
وأكدت المنظمة ثقتها في قضاء محكمة النقض المصرية التي أثبتت في كافة الحقب أنها الضمانة الأهم في تعزيز منظومة العدالة في مصر، مطالبةكل من المحكمة الدستورية العليا ومجلس القضاء الأعلى بالمبادرة لاتخاذ التدابير والخطوات اللازمة لإنهاء ظاهرتي الحسبة الدينية والحسبة السياسية واللتان تشكلان خطراً على مجمل الحريات والتوجهات التي يعبر عنها الدستور.
وكان بحيري يقدم برنامجاً تليفزيونياً على إحدى القنوات الخاصة تناول خلاله ما يعتبره تفسيرات للشريعة الإسلامية تساهم في توليد أفكار التطرف التي تستند إليها التنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية وخارجها.
واعتبر البعض أن ما قام به البحيري يشكل مساساً بالدين الإسلامي، وبادر بعضهم إلى تقديم بلاغات تتهمه بإزدراء الدين الإسلامي الحنيف، وبينما انتهى نظر أحدها إلى تبرئته من التهم المنسوبة إليه، قضت محكمة أخرى بإدانته عن ذات التهم ومعاقبته بالسجن خمس سنوات في وقت سابق من هذا العام، وهو الحكم الذي أيدته محكمة استئنافية يوم أمس وخففت العقوبة للحبس لعام واحد.
فيديو قد يعجبك: