بعد ٨ سنوات تسيير أعمال.. مصير "المحليات" مرهون بالقانون الجديد والبرلمان
كتبت- ندى الخولي:
من المقرر أن تجرى أول انتخابات للمحليات عقب ثورة يناير، بعد عرض قانون الإدارة المحلية الجديد على البرلمان لمناقشته وإصداره. ورغم اعتقاد البعض أن بذلك قد باتت الانتخابات قريبة، إلا أن القانون الذي وافق علية مجلس الوزراء وتمت إحالته للمحافظات لإجراء حوار مجتمعي عليه، في الحكومة السابقة؛ رأى وزير التنمية المحلية الحالي، أحمد زكي بدر، ضرورة إعادة النظر فيه وشكل لحنة لإعادة صياغته.
بديل مؤقت
كما أصدر وزير التنمية المحلية قرارًا في 26 نوفمبر الماضي، باختيار شباب من موظفي الإدارات الحكومية لتشكيل مجالس للقيادات الشبابية بالمحافظات والأحياء لتكون بمثابة بديل مؤقت لحين إجراء انتخابات المجالس المحلية، وهو ما أحدث حالة من الجدل من الجديد على هذا القرار وعلى مسودة القانون.
"قرار غير صائب"
ويرى خبراء وحملات شبابية مختصة بالمحليات أن "فلسلفة القانون وقرار الوزير، تصب في تشكيل كوادر شبابية معينة، تأتي بغطاء انتخابي تشرف عليه الحكومة في غياب الإشراف القضائي الذي لم ينص عليه القانون الجديد صراحة"، بحسب القراءة التي قدمها رئيس وحدة الدراسات القانونية بمنتدى الشرق الأوسط، ورئيس وحدة المحليات، شادي عبد اللطيف، وهو مستشار حملة "المحليات للشباب".
يقول عبد اللطيف، إن "تعيين قيادات شبابية من صغار موظفي الإدارة حاليًا، لتسيير أعمال المجالس المحلية، مع عدم وجود ما يمنع من ترشحهم في انتخابات المحليات القادمة، يعني أنهم سيحظون بشهرة وفرص أعلى من غيرهم الشباب في الفوز في الانتخابات القادمة".
وأكد عبد اللطيف، أن القرار يعد بمثابة "إعادة لإنتاج نموذج كوادر حزب مستقبل وطن في المحليات كما حدث مع البرلمان"، مضيفًا أن "حزب مستقبل وطن وشبابه الذين تم دعمهم بشكل كبير، وظهر رئيسه بجوار السيسي في افتتاح قناة السويس الجديدة، كان لهم بمثابة فرصة كبيرة لخوض الانتخابات البرلمانية، وحصدوا من خلالها ١٥٠ مقعدًا بالبرلمان، وهو ما قد يتكرر من جديد مع كوادر الوزارة الذين تم تعيينهم بموجب قرار الوزير، ويحق لهم الترشح في انتخابات المحليات القادمة".
تخوفات يحملها القانون
أما عن أبرز اعتراضات عبد اللطيف، على مسودة مشروع القانون الجديد، فتمثلت في أن "٨٠٪ من مواد القانون الجديد تتطابق مع القانون الحالي رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩، حيث أن الحكومة اضطرت لصياغة قانون جديد، تماشيًا مع الدستور المصري الجديد ٢٠١٤".
وأبدى تخوفه من عدم نص القانون الجديد على وجود إشراف قضائي على انتخابات المحليات القادمة، وبالتالي فإن موظفي المحليات هم من سيتولون الإشراف عليها، فضلًا عن الحاجة الملحة حاليًا لقانون يواجه الفساد بشكل حاسم والمستشري في المحليات بشكل كبير، إذ "بلغت الرشاوى التي يتقاضاها موظفو المحليات في مصر ٣٠٠ مليار جنيه سنويًا"- على حد تعبيره.
وأشار رئيس وحدة المحليات بمنتدى الشرق الأوسط، إلى أن المنتدى أعد مسودة موازية لتلك التي وافقت عليها الحكومة، والتي من المقرر أن تعرض على البرلمان، وناقش المنتدى تلك المسودة الموازية مع عدد من النواب المستقلين في البرلمان؛ أملًا في تمرير قانون يعطي صلاحيات حقيقية للمحليات، سواء تم تمريره من خلال البرلمان، أو من خلال الرئاسة في حالة حل البرلمان.
"توجه إلى اللامركزية"
فيما أبدى وزير التنمية المحلية الأسبق، اللواء محسن النعماني، تفاؤله بإعلان مناقشة البرلمان لقانون الإدارة المحلية الجديد ضمن مشاريع القنوانين ذات الأولوية، وهو القانون الذي وصفه بأنه يدعم "التوجه من المركزية إلى اللامركزية، وتجرى على ضوءه انتخابات المحليات التي سيتنافس عليها ٥٣ ألف نائبًا على جميع المستويات من محافظات وقرى ومراكز ومدن وأحياء".
ولا يتوقع النعماني، حل مجلس الشعب الحالي، مضيفًا أن "بعض الخلافات التي وقعت بين الكتل البرلمانية في المرحلة الانتقالية التي سبقت الانتخابات البرلمانية؛ إلا أن البرلمان يعبر عن إرادة شعبية حقيقية".
أولوية في البرلمان
وبحسب مصادر في البرلمان، فإن جلسة انعقاده الأولى ستتم خلال يومي ٩ أو ١٠ يناير القادم، وستخصص الجلسات الأولى لانتخاب رئيس البرلمان ومناقشة لائحته الداخلية، ثم سيتم مناقشة مشاريع القوانين التي صدرت في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، والسابق، المستشار عدلي منصور، خلال الجلسات المنعقدة على مدار ١٥ يومًا متصلة.
وأفادت المصادر بأن المحليات بالفعل تأتي في قائمة أولويات البرلمان؛ إلا أنه من المرجح مناقشة قانون الإدارة المحلية الجديد في فبراير القادم، عقب الانتهاء من مشاريع القوانين التي صدرت في الفترة التي سبقت انعقاد البرلمان.
كانت مصر، قد شهدت انتخابات هادئة على مقاعد المجالس المحلية في أبريل 2008، التي تعد أخر انتخابات محلية شهدتها البلاد في غياب للإشراف القضائي والتنافسية الانتخابية.
بلغ عدد مقاعد المحليات حينها 52 ألف مقعدًا، حسمت التزكية 44 ألفًا منها، وأجريت الانتخابات للتنافس على المقاعد المتبقية وعددها 8 آلاف مقعدًا، تنافس عليها 6000 مرشحًا للحزب الوطني، و52 مرشحًا لحزب الوفد منهم 24 امرأة، و234 مرشحًا لحزب التجمع، منهم 16 سيدة، و74 مرشحًا لحزب الجيل منهم 7 نساء، و151 مرشحًا للحزب العربي الناصري منهم 5 سيدات، و14 مرشحًا للحزب الجمهوري الحر منهم سيدتان، وعدد من المستقلين ينتمي معظمهم لجماعة الإخوان، التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات.
وفي أعقاب ثورة يناير، أصدر المجلس العسكري مرسوما بقانون حمل رقم 116 بشأن حل المجالس المحلية وتشكيل مجالس مؤقتة بكافة المحافظات تضم عددًا من أساتذة الجامعات ورجال القضاء والمثقفين وممثلين عن الشباب والمرأة، ومنذ ذلك الحين لم تتم أية انتخابات للمحليات، سوى تلك المزمع عقدها على ضوء القانون الجديد.
فيديو قد يعجبك: