إعلان

هل تؤدي انتهاكات الشرطة في مصر إلى ثورة جديدة؟

06:27 م الإثنين 07 ديسمبر 2015

هل تؤدي انتهاكات الشرطة في مصر إلى ثورة جديدة

(دويتشه فيله)

لم تكن وفاة 3 محتجزين في أقسام الشرطة المصرية خلال 3 أيام، أمرا استثنائيا. بالنظر إلى أن اندلاع ثورة يناير جاء احتجاجا على تجاوزات للشرطة، هناك الآن تساؤلات عن حجم هذه الظاهرة، ثم هل يستطيع الرئيس السيسي احتواءها؟

عندما اقتحمت قوة من الشرطة منزل هشام عبد النبي أحمد إبراهيم (26 عاما) لم يجدوه، فاعتقلوا والده لكي يجبروه على تسليم نفسه، وبالفعل قام بتسليم نفسه لقسم الشرطة وتم إطلاق سراح والده.

في قسم شرطة "أبو النمرس" تعرض هشام للتعذيب من خلال الصعق بالكهرباء في أماكن حساسة من جسده وضربه، فضلا عن قطع لسانه، وهو مثبت في تقرير الطب الشرعي الذي حصلت DWعلى نسخة منه.

يقول محاميه عزت غنيم لـDW :"بعد أن اتهم هشام - أثناء التحقيقات في النيابة- ضباطا في قسم الشرطة بتعذيبه وقطع لسانه، أعادوه إلى القسم فقطعوا لسانه مرة أخرى في تاريخ 26 مارس 2015، وفي هذه المرة لم يحولوه للمستشفى كما حدث في المرة الأولى".

كلنا خالد سعيد... تتكرر في الأقصر
في محافظة الأقصر جنوب صعيد مصر، وبعد مظاهرات متتالية بين الأهالي واشتباكات مع الشرطة بسبب وفاة طلعت شبيب (47 عاما) بسبب التعذيب في قسم الشرطة حسب اتهام الأهالي، وبعد انتشار الحديث في وسائل الإعلام عن هذه القصة، أمرت النيابة العامة في مدينة الأقصر يومي 4 و5 ديسمبر الجاري بحبس أربعة ضباط شرطة وخمسة أمناء شرطة لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيق، وذلك عقب صدور تقرير للطب الشرعي الذي يؤكد وجود إصابة بجسم القتيل كانت سببا في وفاته.

وقالت أم أحمد شقيقة "طلعت شبيب"، ضحية الشرطة بالأقصر، إن حبس الضباط لن يشفىي الغليل ولابد من حكم الإعدام، "لا نريد عدالة تعطينا مسكن ثلاث أو أربع سنوات، لو مافيهش قصاص سنأخذ حقنا بأيدينا، الداخلية مبوظة الدنيا في الصعيد، عاوزين حق طلعت وكل من قتلهم الضباط، ولو مافيهش حكم سريع هنقوم بثورة هنا في الصعيد والست هنا بمائة رجل والرجل بألف".

واعتقل طلعت شبيب الرشيدي (47 عاما) الذي كان يعمل في سوق للتحف المقلدة قبل نحو 12 يوما في مقهى واقتيد إلى قسم شرطة الأقصر حيث توفي بعد قليل من احتجازه.

في صفحة على "فيسبوك" حملت اسم "كلنا طلعت شبيب"، قارن مؤسسوها بين خالد سعيد وطلعت شبيب معتبرين أن "خالد سعيد قبض عليه في انترنت كافيه (مقهى انترنت) وتم تعذيبه حتى الموت وتوفي في 6 يونيو 2010، ونقل للمستشفى لحضور طبيب شرعي وأدت وفاته لثورة شعبية في عيد الشرطة في 25 يناير 2011".

حجم ظاهرة التعذيب في مصر
عادة لا تتحدث أسر الضحايا عن حالات تعذيب ذويهم حتى لو أدى ذلك إلى الوفاة، حيث "يتخوف الاقارب من أن يطول التعذيب أحد أفراد الأسرة الباقين"، كما يصرح المحامي عزت غنيم، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، مشيرا إلى أن ما تم إحصاؤه من قتلى جراء التعذيب خلال الفترة بين 3 يوليو 2013 حتى الآن كان بمستوى 72 محتجزاً من ضمن 332 متوفى داخل مقار الاحتجازات لأسباب الإهمال الطبي والتعذيب .

ويؤكد غنيم أنه لم يتم محاسبة أي ضابط في هذه الوقائع عدا في حالة واحدة وهي حالة كريم حمدي المحامي من المطرية فقط نتيجة لضغط نقابة المحامين، مشيرا إلى أنه توفي مع كريم في ذات الواقعة، إثنان آخران، ولم يتم فتح أي تحقيق بالرغم من صدور تقرير الطب الشرعي الذي يؤكد تعذيبهما.

وحسب غنيم فإن ظاهرة التعذيب في مصر منتشرة ولكن "بعد 3 يوليو زادت حدتها شراسة نتيجة عدم وجود رقيب، أما السبب في بروز الظاهرة فهو خروجها عما عن تعذيب السياسيين، حيث تطال الآن كل المواطنين".

وفي بداية الشهر الجاري أعلن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب في تقريره عن حصيلة حالات التعذيب والوفاة في في عدد من أماكن الاحتجاز والإخفاء القسري في شهر نوفمبر الماضي، حيث إنه رصد 13 حالة لأشخاص في 12 سجنا ومكان احتجاز، 9 منهم بالتعذيب و3 نتيجة إهمال طبي، وحالة انتحار واحدة.

في رده على تبريرات إعلاميين مصريين والتصريحات المدافعة عن الشرطة أو التذرع بأن "مصر تحارب الإرهاب" كتب الدكتور محمد البرادعي – نائب رئيس الجمهورية السابق- في تغريدة له على صفحته على تويتر: " فى كل مجتمع لديه قدر من الانسانية، وطبقا لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب: لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت كمبرر للتعذيب".

وشن عدد من الإعلاميين –الذين يتصدرون المشهد الإعلامي- هجوما شديدا على البرادعي بسبب تغريداته حتى أن الإعلامي أحمد موسى صرح أن "هناك مؤامرة جديدة وحملات ممنهجة ضد وزارة الداخلية، مشيرا إلى أن هذه الحملات يشارك فيها عدد كبير من المعارضين مثل الدكتور محمد البرادعي الذي وصفه بـ"الجاسوس" والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق".

وكان أبو الفتوح قد أدان "التعذيب الذي تمارسه أجهزة الأمن المصرية والذي قتل ثلاث مواطنين في شبين، والأقصر والإسماعيلية، على مدار ثلاثة أيام متوالية"، وذلك بعد اتهامه لأجهزة الأمن باختطاف سائقه الخاص وتعذيبه على مدار 36 ساعة"، حسب تغريدة له على صفحته بموقع تويتر، مضيفا أن "الاختفاء القسري الذي تقوم به بعض أجهزة الأمن المصرية هو عمل عصابات مسلحة وليس سلوك رجال دولة يخضعون لدستور".

كيف يرى السيسي تجاوزات الشرطة؟
بعد وفاة 3 مواطنين في أقسام الشرطة وتزايد الحديث في الإعلام المصري ووسائل التواصل الاجتماعي عن تزايد اعتداءات الشرطة، زار الرئيس عبدالفتاح السيسي أكاديمية الشرطة ، صباح الخميس الماضي، حيث عبر هناك عن رفضه للتجاوزات التي يرتكبها بعض الضباط، إلا أنه اعتبرها فردية ولا يجب تعميمها كما قال: " فيه حوالي 300 قسم شرطة في مصر.. نسب التجاوز هتبقى في قسم شرطة أو اثنين".

وأضاف السيسي قائلا: "أنا مش جاي أتكلم على ده الحقيقة، ولكن أنا جاي عشان أشكركم على الجهد اللي اتعمل في الانتخابات ومنتهى منتهى الحيادية والتجرد".

وعلق الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، على كلمة السيسي في حديثه لDW وقال بإنها "انطوت على رسالة مزدوجة، شقها الأول هو التنبيه على احترام القانون وكرامة المواطن، والشق الثاني هو رفع الروح المعنوية لرجال الشرطة في الحرب على الإرهاب، مشيرا إلى أن "المشكلة تكمن في أنَّ الشق الثاني غلب على الشق الأول، وهو ما قد يؤدي إلى أن الأطراف المنفلتة في الشرطة ستنظر إلى تصريح الرئيس على أنَّه ترخيص للاستمرار في التعذيب وانتهاك كرامة المواطنين".

من جهته اعتبر الحقوقي نجاد البرعي أن "السيسي كلمهم (عناصر الشرطة) على الإرهاب وكان يشكرهم على مجهودهم، ولم يتطرق إلى التعذيب". وحول سعي الدولة لاحتواء تجاوزات الشرطة قال لـDW" الدولة لن تستطيع احتواء هذه الظاهرة لأن الدولة قائمة على فكرة أن الشرطة تساند النظام وأي خلل فيها قد يتيح بالمنظومة وبالرئيس السيسي نفسه".

ويملك البرعي نظرة تشاؤمية حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، إذ يرى أنها لن تتحسن خلال ال30 عاما المقبلة، حيث من الصعب إصلاح جهاز الشرطة، حسب قوله. وكان البرعي قد استقال من المجلس القومي لحقوق الإنسان – الذي يتم تعيين أعضائه من الدولة- معتبرا أنه طالما كان رأي المجلس استشاريا فقط، فلن يستطيع فعل شيء.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان