لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحت بير السلم.. عمليات الإجهاض تتزايد في مصر (تحقيق)

11:29 ص الأربعاء 11 مارس 2015

عمليات الإجهاض تتزايد في مصر

تحقيق- نور عبد القادر ومحمد أبو ليلة:

سلوى مصطفى هو اسم مستعار لفتاة تبلغ من العمر 22 عاما، اضطرتها أوضاعها الاجتماعية أن تجري عملية إجهاض في أحدى عيادات ''بير السلم''، والتي لم يتوافر بها الحد الأدنى من المواصفات الطبية، تحكي لمصراوي تجربتها مع الإجهاض غير الأمن، وتؤكد أنها تعرضت للإهانة من قبل عدد من الممرضات العاملين بتلك العيادة التي كانت شقة صغيرة بأحد عقارات حي السيدة زينب، لم يتوافر بها المواصفات الطبيبة كالتعقيم أو أنابيب الأكسجين، وأضافت أن الطبيب الذي قام بتخديرها هو نفس الطبيب الذي أجرى لها عملية الإجهاض، واكتشفت بعدها أنه غير متخصص في أمراض النساء والتوليد.

فتاة أخرى في السابعة والعشرين من عمرها تروي لمصراوي تجربتها مع عيادات الإجهاض غير الآمن والتي توصلت لها من خلال الإنترنت، وتؤكد أنها أرادت أن تجري عملية إجهاض بشكل أمن لكن حصار وعادات المجتمع المصري أجبروها على البحث عبر مواقع الإنترنت عن أطباء يجرون تلك العملية في سرية تامة.

وتابعت: وصلت لأحد الصفحات الخاصة بعمليات الإجهاض، وتحدثت مع أدمن الصحفة أخبرني أنه طبيب، ولم يسأل عن أسمي أو معلومات عن زوجي، أول شيء أخبرني به أن العملية ستتكلف 5 ألاف جنيها وأنها ستستغرق ساعة، وأخبرني أن لديهم عدة عيادات حسب محل إقامة كل حالة، بعدها ذهبت لأحد هذه العيادات كانت في منطقة شبرا بالقاهرة عبارة عن غرفة بعقار سكني، بها سيدة وطبيب لم يطلب مني الطبيب أي معلومات عن حالتي الصحية، لكنه اشترط ألا أُخبر أحد بمكان تلك العيادة، استغرقت العملية ساعة من الوقت بعدها أعطاني الطبيب مجموعة أدوية استمر في أخذها لمدة أسبوعين.

''الإجهاض غير الآمن أحد الأسباب الرئيسية لوفيات الحوامل في العالم وليس في مصر فقط، حيث تكون النساء أكثر عرضة للالتهابات الخطيرة والنزيف، خاصة وأن عمليات الاجهاض في مصر تتم في عيادات بير السلم لوجود قوانين تقيد الاجهاض، وبالتالي تتم بشكل غير أدمي وغير أمن'' .يؤكد الدكتور محمد علي عز العرب، عضو منظمة الصحة العالمية في تصريحات خاصة لمصراوي.

المجلس الدولي للسكان أعد دراسة بالتعاون مع الجمعية المصرية لرعاية الخصوبة وصل من خلالها إلى أن معدل الإجهاض في مصر يقترب من 14.8 % لكل 100 مولود، من ضمنها الإجهاض المتعمد بهدف إسقاط الجنين في مراحل نموه الأولى، كما أن الموسوعة الطبية الحديثة أوضحت في أحدث دراساتها عن الإجهاض غير الأمن أن هناك 46 مليون حالة إجهاض يتم اجراؤها كل عام في العالم، منها 20 مليون حالة إجهاض غير آمن، وطبقا للدراسة ذاتها فهناك 68 ألف امرأة تموت كل عام نتيجة مضاعفات الإجهاض 95% من هذه الحالات تقع في دول العالم الثالث منها بينها مصر.

بيزنس الإجهاض

2

أن تتمكن من الوصول لطبيب يجري عملية إجهاض ليس بالأمر السهل، خصوصا وأن تلك العمليات يجرمها القانون المصري ولا يسمح بها إلا في حالة وجود خطورة على حياة الأم، ولكن لأن تجار تلك العمليات يعملون في الظلام، يقومون بالترويج لأنفسهم والوصول لضحاياهم عبر الانترنت .

كانت البداية من خلال محاولتنا اقتحام إحدى المجموعات السرية على موقع التواصل الاجتماعي تحت مسمي ''إخصائي عمليات إجهاض وترقيع غشاء''، تواصلنا مع أدمن الجروب الذي قال أنه طبيب ويقوم بإجهاض الفتيات المتضررات من أجل مساعدتهن، وأوضحنا له إننا بحاجة للتعاقد من أجل إجراء عملية إجهاض، بعدها تواصلنا معه عبر هاتفه الجوال، وبدأ يطرح عدة تساؤلات عن عمر واسم الحالة والوزن والوضع الصحي ومدة الحمل.

''بلاش تستخدمي الوصفات الشعبية لأنها مضرة وقد تؤدي لفشل الإجهاض وحدوث نزيف، ولن تتمكني من مساعدة نفسك، الافضل العملية وهي بسيطة وسهلة ولن نطلب منك صورة لعقد الزواج أو صورة للبطاقة الشخصية، كل ما عليك إحضاره هو أشعة للجنين و5 ألاف جنيها''.. هكذا يقول طبيب الاجهاض في لقاء خاص مع مصراوي.

لكنه رفض وقتها الإعلان عن مكان العملية قائلا: ''لا يمكن أن أعلن لك الآن مكان إجراء العملية فهو يختلف من حالة لحالة، ولا يمكن البوح به إلا عند تجهيز المبلغ، لأننا نخشي أن يتم الابلاغ عنا''.

أثناء التواصل معه أكد ''طبيب الإجهاض''، أن هناك طاقما طبيا يصاحبه لإجراء الجراحة مكون منه وطبيب تخدير وممرضة، ويتم التجهيز قبل العملية وبعد إفاقة الحالة يتم الكشف مرة أخري وإعطائها روشته من أجل رعاية ما بعد الإجهاض، ونصحنا في نهاية الحديث بسرعة إجراء الجراحة لأنه بمرور الوقت بصعب إجرائها، وأكد ‘لى إنها عملية بسيطة وسهلة ويتم الخروج بعد ساعة من إجرائها .

طبيب آخر يعلن عن قدرته علي إجراء عمليات الاجهاض، عبر الإنترنت، تواصلنا معه مثل سالفه، وقام بالاستفسار عن التساؤلات السابقة، أخبرناه أن الحالة متزوجة زواج عرفي.

وليس رسمي، لكنه طلب إرسال صورة من العقد العرفي وموافقة كتابية من الزوج بإجراء الجراحة وصورة البطاقة الشخصية، حتى يحدد موعد الجراحة التي ستتكلف حسب ما قال 6ستة ألاف جنيها.

وحينما طلينا إجراء الجراحة بدون إرسال تلك البيانات، وافق على الفور لكن طالب زيادة السعر للضعف حتى يصبح 12 ألف جنيها، وطلب بتوفير نصف المبلغ عند الكشف المبدئي، والنصف الاخر عند إجراء الجراحة.

وبخلاف عيادات بير السلم للإجهاض الغير أمن، هناك سوق سوداء وتجار لعملية الإجهاض ذاتها، لأن عملية الإجهاض بها عدة مراحل من الممكن أن يتجنب المريض إجراء علمية جراحية ويستخدم حبوب معينة للإجهاض، إذا كان الجنين في شهوره الأولى، حيث وصلت أسعار حبوب الاجهاض لـ 500 دولار .

أحد إعلانات تجار الإجهاض عبر الإنترنت يقول: ''هل لديك حمل غير مرغوب، نقدم خدمة الإجهاض عبر الانترنت بتحويلك لطبيب ذو خبرة يمكنه أن يقدم لك الدعم والأدوية المناسبة شهرتنا العالمية لم تهدى إلينا، بل قطفنا ثمارها من نجاح طاقمنا الطبي في مساعدة الكثيرين في التخلص من أمراضهم المزمنة و في علاج العديد من الأمراض المستعصية''.

تواصلنا عبر الرسائل مع القائم على إدارة الموقع وبدا بتوضيح ألية توصيل الحبوب خلال 24 ساعه ، بعد إيداع المال بالبنك العربي الافريقي أو تحويل علي “ويسترن يونين”، موضحا أن الحبوب أمنة وسليمة مائة بالمائة وتم تجريبه من العديد من الفتيات والسيدات. .حسب كلامه.

تؤدي إلى الوفاة

IMG-20150224-WA0000

لكن خطورة عمليات الإجهاض غير الأمن قد تصل في بعض الأحيان إلى للوفاة، فحسبما يوضح أخصائي النساء والتوليد دكتور محسن عبد العال لـ مصراوي، فهذه العمليات تقتل المرأة وتصل للنزيف والتسمم الدموي، وحدوث ثقب في الرحم أو الأمعاء، وهناك عواقب صحية طويلة الأجل كالأنيميا والآلام المزمنة وإصابة الأجهزة التناسلية والعقم.

لذلك يرى أن الإجهاض يتم حتى الأسبوع الـ الثاني عشر من عمر الجنين ولابد من تفريغ محتويات الرّحم، وهذا يتطلب تدريب الفريق الطبي على كافة الخطوات والتعامل مع المضاعفات لمنع إنتشار العدوي، ولهذا يجب إعداد كل الآلات و المعدات بصورة جيدة ة قبل بدء الإجراءات الجراحية، وهذا لا يحدث في عيادات بير السلم.

ويتابع: لابد أن يكون مكان تقديم الخدمة مجهزا بالعقاقير اللازمة للتعامل مع الحالات الطّارئة والمتابعة الدقيقة أثناء الافاقة وبعدها والتأكد من العلامات الحيوية للحالة وضغط الدم للتأكد من عدم وجود نزيف أو ثقب بالرحم وهو ما يتطلب نقل الدم، مشكلة عيادات بير السلم أنها تكون باب رئيسي للعدوى وربما تكون العدوي موضوعية أو تمتد لداخل البطن وبالتالي تؤدي لارتفاع درجات الحرارة وتتطور للوفاة في حالة عدم العلاج، ويجب اعطاء مضادات حيوية حسب نوعية الجرثومة واذا كانت العدوى خطيرة يجب نقل المريضة الى مركز مؤهل.

قيود قانونية على الإجهاض

IMG-20150224-WA0001

في قانون الجنايات المصري تنص المادة 261 على أن كل من أسقط عمداً امرأة حبلى بضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء، يعاقب بالسجن المشدد، والمادة262 من القانون نفسه تقول أن المرأة التي رضيت بتعاطي الأدوية مع علمها بها، أو رضيت باستعمال الوسائل السالف ذكرها، أو مكنت غيرها من استعمال تلك الوسائل لها، وتسبب الإسقاط عن ذلك حقيقة، تعاقب بالعقوبة السابق ذكرها.

وهناك العديد من القضايا المنظورة أمام محكمة النقض بخصوص الإجهاض القصدي ترفعها أسر النساء اللاتي توفين جراء الإجهاض غير الآمن على أيدي أطباء غير متخصصين، أو أطباء غير ذوي خبرة، أو على يد قابلة تقليدية تقوم بعملية الإجهاض باستخدام أدوات غير معقم تسببت في مضاعفات حادة أدت إلى الوفاة.

وتري هبة ونيس، عضو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في لقائها بمصراوي، أن الغالبية العظمى من هؤلاء النساء يلجأن إلى الإجهاض غير الأمن بسبب القيود القانونية المفروضة على الإجهاض، ومن شأن هذه القيود إلحاق الضرر بالنساء الأفقر والأصغر سنا بشكل أكبر وغير منصف، حيث أن النساء الميسورات يلجئن إلى العلاج في العيادات الصحية والمستشفيات التي تقدم خدمات صحية عالية الجودة في حالات الإجهاض والتي تحتوي على المعدات الضرورية في حالات الطوارئ والحالات العاجل.

وتابعت أن المبادرة من خلال بحثها وجدت أن هناك في مصر نساء أكثر فقرا وليس لديهم تكاليف مادية لعيادات بير السلم الغير قانونية، فيلجأن إلى وصفات وطرق الشعبية قد تودي بحياتهم لأنها أكثر خطورة حيثت يتعاطون سوائل بعينها، أو جرعات عالية من أدوية الملاريا أو الحصبة معتقدين أن تلك الوصفات قد تساعدهم على إسقاط الجنين بسهولة، لكنه في الأساس هذه الوصفات تؤثر صحيا على النساء، وقد تسبب الوفاة.

لا شكاوي ضد أطباء الإجهاض

IMG-20150224-WA0002

هناك استثناء للأطباء بهدف إجراء عمليات للإجهاض، إذا لزم الأمر الحفاظ على صحة المرأة، ويعد هذا العمل ضمن لائحة آداب المهنة ففي المادة 29 من لائحة أداب مهنة الطب، تجيز للطبيب إجراء عملية الإجهاض في حالة الحفاظ على صحة المرأة بشرط الحصول على موافقة كتابية من أطباء متخصصين، عندما لا تكون الحالة طارئة، وفي الحالات الطارئة التي تتطلب إنقاذ حياة المرأة يجوز للطبيب إجراء العملية ويجب عليه بعدها كتابة تقرير مفصل عن الدواعي الطبية للإجهاض، والنص بضرورة توقيع أطباء متخصصين على الإجراء من شأنه إعاقة المرأة عن الحصول على الرعاية الطبية الضرورية في الوقت المناسب.

نقيب الأطباء الدكتور خيري عبد الدايم، أكد لمصراوي أنه في خلال فترة ولايته للنقابة، لم يتم الابلاغ عن إي حالة إجهاض أو تقدم أحد بشكوي ضد أطباء يجرون عمليات إجهاض مفيدا أن تلك العمليات غير مصرح بإجرائها إلا خلال مستشفى وبموافقة طبيان على ضرورة إجرائها لخطورة الأمر على الأم، وإذا تم ثبوت ذلك يتم شطب الطبيب بناء على تحقيقات لجنة أداب المهنة من جدول النقابة وبعدها يتم تحويلة للقضاء ليحكم في الأمر.

الأمر لا يختلف كثيرا في وزارة الصحة فالدكتور صبري غنيم، مدير إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، قال أيضا انه إنه لم يتلقى أي شكوى أو بلاغ عن مركز أو عيادة لإجراء عمليات الاجهاض، موضحا أنه للأسف يصعب إثبات تلك الجريمة لأن الاطباء يتهربون منها بدعوى إنها جراحة تنظيف رحم، خاصة وأن مستلزمات تلك الجراحة لا تختلف عن جراحة الاجهاض.

كما أضاف ''إنه لو تم ثبوت ذلك يتم تشكيل لجنة للتفتيش والتحقيق مع الطبيب وبناء على مدي تورطه يتم غلق المكان بالشمع الاحمر وتحويل الطبيب للنيابة العامة للتحقيق معه بتهمة إجراء عمليات غير مدرجة ''.

لا رعاية بعد الاجهاض

IMG-20150224-WA0006

منظمة الصحة العالمية طالبت مرارا بتوفير خدمات الإجهاض الأمن ورعاية ما بعد الإجهاض، بالإضافة لتعديل عدد من التشريعات المتواجدة في الدولة النامية ومنهم مصر والخاصة بوضع الإجهاض، حيث يؤكد الدكتور محمد علي عز العرب عضو منظمة الصحة العالمية لـمصراوي، أنه من الصعوبة حصر حالات الاجهاض غير الامن في مصر، لأن الدولة تجرم الاجهاض، ولا يوجد سوى حالات الاجهاض الامن بالمستشفيات العامة والتي تتم بعد موافقة لجنة طبية لوجود خطورة على حياة الأم او تشوهات بالجنين.

كما أوضح أن هناك دراسة أجريت حول الإجهاض في المناطق الريفية في مصر، وجد من خلالها أن 14 % من المريضات أجهضن أنفسهن مرة واحدة على الأقل، إلا أن هذه الأرقام لا يمكن الجزم بصحتها لأنها لا تشمل حالات الإجهاض التي تتم خارج المستشفيات العامة، وكذا حالات الإجهاض المقصود والتي لا تسفر عن أية أعراض جانبية، أو الإجهاض الذي لا تسعى فيه المرأة إلى الحصول على رعاية طبية بسبب خوفها من الوصمة أو من تخلي الأسرة عنها.

ولذلك طالب بالحد من الإجهاض غير الآمن عن طريق التثقيف الشامل في مجال الصحة الانجابية والجنسية، وتوفير خدمات تنظيم الأسرة ذات الجودة وتوفير خدمات الإجهاض الآمن، خاصة وأن أبرز من يعانون من الإجهاض هم المراهقات بداية من التردد على أماكن معزولة وبدون إمكانيات، وربما استعمال الوسائل الشعبية الخطرة للإجهاض، والتي قد تودي بحياتهم

IMG-20150224-WA0008

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان