آراء متباينة بشأن قانون مكافحة الإرهاب: "الضرورات تُبيح المحظورات"
تقرير - محمد سعيد:
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي مرسوما بقانون جديد لمكافحة الإرهاب الذي تعرض لانتقادات من قبل نقابة الصحفيين وعدد من المنظمات الحقوقية، خاصة فيما يتعلق بمواد جرائم النشر.
ووفقا لمرسوم القانون الجديد الذي نشر في عدد الجريدة الرسمية الصادر مساء الأحد فقد صدق السيسي عليه بتاريخ السبت وسيدخل حيز التطبيق بدءً من يوم الأثنين.
"إن ما يحتويه القانون على مواد تتعلق بالعقوبات تعد جيدة جدًا"، هكذا يقول حافظ أبو سعدة، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، مضيفًا في تصريحات خاصة لمصراوي، أن القانون عليه ملاحظات كثيرة، خاصة التي تتعلق بجرائم النشر للصحفيين والتي أكد أنها تتناقض مع الدستور وتقيّد حرية الصحافة والإعلام.
ويوضح سعدة، أن الصحف ووكالات الأنباء لها مراسلين في قلب الأحداث، "فلا يمكن الاعتماد على معلومات صادرة من مصادر رسمية فقط، دون تقديم كافة المعلومات للقارئ".
وأكد أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن القانون يحتوي على نصوص تعيدنا مصر إلى حالة الطوارئ مرة أخرى، حيث ينص القانون على أن الرئيس له الحق في فرض حظر التجوال إذا تطلب الأمر ذلك.
وشدد سعدة، أن الإجراءات المتعلقة بالنيابة تقلل فرصة المجرم في محاكمة عادلة، حيث أن القانون لا يعطي للمجرم حقه في أن يحضر معه محام، وذلك بخلاف الحبس الاحتياطي.
"الأحداث التي تعيشها مصر حاليًا من وجود عمليات إرهابية وإشاعة الفوضى من قبل جماعة الإخوان المسلمين التي صنفتها الدولة بالإرهابية، تُفرض وجود قانون يكون قادر على مواجهة ذلك"، هكذا يرى الدكتور أيمن أبو العلا، سكرتير عام مساعد حزب المصريين الأحرار.
وأضاف أبو العلا، في تصريحاته لمصراوي، أن الحكومة استجابت لمطالب نقابة الصحفيين فيما يتعلق بجرائم النشر للصحفيين، قائلًا: "على من يرغب في تغيير مواد داخل القانون فلينتظر البرلمان المقبل".
وشدد السكرتير العام المساعد لحزب المصريين الأحرار، أن القانون ليس موجه للصحفيين، بل للمنظمات الإرهابية، لذا فإن النقابة ليست خصمًا في الصراع، مشيدًا في الوقت ذاته بتوقيت تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي للقانون.
"الضرورات تبيح المحظورات"، هكذا يلخص المستشار يحيي قدري، النائب الأول لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، وجهة نظره في القانون، مضيفًا في تصريحاته لمصراوي، أن القانون من متطلبات المرحلة الراهنة.
وقال قدري، "أوافق على القانون بكل مواده، وأطالب بتنفيذه لكل حزم"، وبشأن المواد المتعلقة بالصحفيين، قال: "هل من الممكن أن يحتمي الصحفي وراء المهنة لنشر أخبار كاذبة من شأنها أن تهدد الأمن القومي".
وحول موقف عدد من المنظمات الحقوقية الرافضة للقانون، قال النائب الأول لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، "إن هذه المنظمات فقط ترغب في تحقيق الشهرة، فلا حديث عن حرية في ظل موت الأبرياء".
ويقول أبو سعدة، ردًا على ذلك، إن "الإرهاب هو بذلك يكون قد حقق ما يتمنى، حيث أنه يريد أن تنقل حياة المصريين رأسًا على عقب، فالتحدي أمام الحكومة أن تواجه الإرهاب وهي تحافظ على حقوق وحريات مواطنيها".
من جانبه، يقول مجدي شرابية، الأمين العام لحزب التجمع اليساري، إن القانون رغم الخلافات بشأنه إلا أنه مهم في هذا التوقيت، فهو يحوي كل المواد المتعلقة بالإرهاب والموجودة في قانون العقوبات المصري ولكنها مقيضة.
وأضاف شرابية، مدافعًا عن القانون، :الناس بتموت مين المسؤول عنها، فهل الديمقراطية أهم من حياة البشر".
من جهته، قال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن قانون مكافحة الإرهاب حاولت الحكومة تمريره بذريعة مقاومة الإرهاب، مضيفًا أن القانون يمثل حالة طوارئ في أشد صورها تعسفًا.
فيما أكد أبو سعدة، أن المنظمة ستطعن على دستورية القانون مع دخول القانون حيز التنفيذ ووجود حالة تُحاكم وفقًا لمواد القانون".
من جانبه، يقول اللواء إيهاب يوسف، الخبير في إدارة المخاطر الأمنية، إن القانون يحدد الإجراءات التي تقوم بها الشرطة في هذه النوعية من الجرائم، مؤكدًا أن مصر كانت بحاجة إلى قانون يوصّف هذه النوعية من الجرائم الإرهابية بهذا الشكل.
وأضاف يوسف، في تصريحاته لمصراوي، أن القانون لن يعيد الدولة البوليسية مرة أخرى، ولكن في الوقت ذاته على جهاز الشرطة أن يتعامل بحكمة مع المواطنين، قائلًا: "على الشعب المصري أن يبني جسر من الثقة مع الجهات الأمنية، لنتمكن أن نواجه العمليات الإرهابية التي تواجه مصر حاليًا".
وأكد يوسف، أن التحدي الأكبر هو تنفيذ هذا القانون، مطالبًا أجهزة الأمن أن تدرك أهمية المرحلة الراهنة في التعامل مع المواطنين، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون للدولة شبكة معلومات قوية تأهلها للتعامل مع الأخطار التي قد تواجهنا مستقبلًا.
وعلى عكس يوسف، رأى عيد، في تصريحاته لمصراوي، أن "هناك استهانة واضحة بالقيم القانونية والدستورية الراسخة تمثل الملمح الأساسي في هذا المشروع، مضيفا أن هناك رؤية أمنية مستهينة بحق الصحافة باعتبارها مرآة المجتمع ولسانه والتي ترى أنها مجرد بوق تملكه الدولة ولها الحق في غلقه أو التحكم فيه حسب المُقتضيات التي تراها".
وأضاف عيد، أن هناك استمرار من السلطة الحالية في انتهاك حقوق الإنسان، وذلك يجعل من القانون الجديد قانونا لمصادرة الحريات العامة وعلى رأسها الحريات الصحفية.
فيديو قد يعجبك: