سوريا.. حيث "نجح" بوتين وأخفق الغرب
برلين (دويتشه فيله)
تشير تطورات المشهد السوري إلى أن التدخل العسكري المباشر لروسيا في سوريا مسألة وقت فقط، بينما لم تعد الدول الغربية تطالب بتنحي الأسد كشرط أساسي لحلحلة الأزمة بسوريا، فالأولوية الآن لمحاربة إرهاب "الدولة الإسلامية".
عندما يبدى الناطق الرسمي للكرملين ديمتري بيسكوف الاستعداد المبدئي لروسيا إرسال قوات برية إلى سوريا في حال طلبت منها دمشق ذلك، في رد على كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأنه وإن رأت بلاده الحاجة إلى ذلك فستطلب تلك القوات، فمعنى ذلك أن الحرب في سوريا على مشارف منعطف جديد.
وكان بيسكوف قد صرح الجمعة الماضي (18 سبتمبر 2015) لوكالة الأنباء الروسية العامة ريا نوفوستي "إذا كان هناك طلب (من دمشق)، فسيناقش بطبيعة الحال وسيتم تقييمه في إطار اتصالاتنا الثنائية"، موضحا في الوقت ذاته أنه "من الصعب الحديث عن الطلب لأنه ما زال افتراضيا".
لكن في المرحلة الراهنة "لا حاجة" للقوات الروسية، حسب وليد المعلم، لكن إذا ما تغيرت الأمور، "فسنطلب"، يضيف وزير الخارجية السوري.
في حقيقة الأمر هناك شكوك حول مدى قدرة القوات الروسية على تغيير موازين القوى في الميدان.
ومن هذا المنطلق يحذر بافيل بايف الخبير العسكري للقضايا المتعلقة بروسيا في معهد بريو للسلام بأوسلو، من مبالغة القوات الروسية في تقدير ما يمكنها فعله على الأرض.
نجاح دبلوماسي لنظام الأسد
ومع ذلك يبقى الطلب السوري الموجه إلى روسيا ورقة ضمان سياسية للنظام السوري. فبغض النظر عمّا إذا كانت موسكو جادة في نيتها بالتدخل العسكري المباشر في سوريا أم لا، إلا أن التصريح عنها هو نجاح لنظام الأسد، إن لم يكن عسكريا، فسياسيا ودبلوماسيا.
وفي الغرب ينظر إلى نظام الأسد على أنه نظام مارق يجب التخلص منه، لكن تطورات المشهد في الآونة الأخيرة تنصب في اتجاه قبول فرضية أنه لا يمكن إنهاء الحرب في سوريا دون إشراك الأسد، خاصة بعد أن أشار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم السبت إلى "وجود قواسم مشتركة" لبلاده وروسيا في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية"، مشددا مرة أخرى على رحيل الأسد، لكن "توقيت رحيله يجب أن يتقرر من خلال التفاوض". في خطوة باتجاه موسكو التي طالما أصرت أن لا حل في سوريا دون الأسد.
وكان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قد صرح بداية الأسبوع أن حكومة بلاده راضية عن تقديم تنازلات أمام روسيا لحلحلة الأزمة السورية.
وكانت تصريحات لاحقة لنظيره النمساوي سيباستيان كورتس منصبة في هذا الاتجاه.
وكان قد أكد أن الحرب ضد الإرهاب لها الأولوية القصوى، وهذا "لا يمكنه أن يحدث دون إشراك قوى مثل إيران وروسيا، وبالتالي هناك حاجة إلى تضافر الجهود بشكل برغماتي، يقضي بإشراك الأسد في الحرب على الإرهاب".
تنامي قوة روسيا
وسيقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهاية سبتمبر الجاري، بإلقاء كلمة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حول سوريا. وذلك بعد أن نجح بوتين في هذا الملف السوري بالذات في تقوية نفوذ بلاده.
ويشير الخبير العسكري أليكساي مالاشينكو، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن ما تقوم به روسيا "في وحول سوريا يدل على أن موسكو قادرة على العودة إلى الشرق الأوسط. بالطبع ليست كقوة عظمى وإنما كقوة قادرة على خلق التوازن أمام القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة".
وأحسنت روسيا ونظام بشار الأسد استغلال همجية وإرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي حول الأسد إلى "أفضل الخيارات". ويقول مدير قسم الشرق الأوسط في معهد يورازياغروب الاستشاري، إن "بوتين ربما أدرك أن الولايات المتحدة وأوروبا، لم تعد متحمسة لتغيير النظام في سوريا، بل أصبحت هذه الدول تركز على الحرب ضد داعش".
ورغم مئات الآلاف من ضحايا نظام الأسد وملايين المهجرين خارج سوريا والنازحين داخلها، إلا أن بوتين لم يسحب يوما دعمه للرئيس بشار الأسد. في وقت اكتفى فيه الغرب بالفرجة، دون أن تنعكس سياساته على أرض المواقف الأخلاقية المعلن عنها من قبل الحكومات الغربية. وباتت خيوط الأزمة السورية أكثر من أي وقت مضى بيد روسيا وحليفتها الأولى إيران، بينما الغرب ما هو إلا تابع فقط.
فيديو قد يعجبك: