لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"حظر النشر".. شخصيات مُحصنة بأمر النائب العام - (تقرير)

10:43 م الثلاثاء 08 سبتمبر 2015

شخصيات مُحصنة بأمر النائب العام

تقرير - محمد شعبان:

لماذا يحظرون النشر في قضايا جماهيرية، تقع في مسار اهتمام المواطنين، وزيرُ فاسد، أو عضو بالسلك القضائي تم القبض عليه لتقاضيه رشوة جنسية، مرورًا بقضايا الرشوة الكبرى، وحرائق قضت على أجساد "بني آدمين" ممثلين على خشبة مسرح بني سويف.

مع صدور قرار القبض تجد أسارير الشعب مُتهللة، منتظرين نتيجة التحقيقات، متابعين مجريات القضية، كيف ستسير، من سيتورط مع المتهمين، الشائعات تتردد والمسئولين يُزيحون على عاتقهم جُهد الرد.

وفقًا للقانون، فإن القاضي يمتلك الحق وفقًا لتقديره في سماع الدعوى في جلسة سرية أو منع فئات معينة من حضور الجلسات؛ لمراعاة النظام العام أو المحافظة على الآداب العامة، وذلك كما تورده المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية.

وشهدت العقود الثلاثة اﻷخيرة، عدد من قرارات حظر النشر من قبل النائب العام، ربما كان أولها عام 1986 في قضية "الرشوة الكبرى"، التي كان مُتهمًا فيها 27 وكيلاً بوزارة الصناعة آنذاك، والتي حقق فيها المستشار محمد شيرين فهمي، ممثلاً للنيابة العامة، وآخرها قضية الفساد بوزارة الزراعة المتورط فيها عدد من المسئولين بالدولة من ضمنهم وزير الزراعة بصفته صلاح الدين هلال.

أمن قومي

"دي أسرار تخص الأمن القومي.. ولذلك يصدر قرار بحظر النشر فيها"، هذا ما يؤكده الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون الجنائي، وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة الأسبق، موضحًا عدم وجود علاقة بين قرار حظر النشر وحرية تداول المعلومات، ويضيف "كبيش"، في تصريح لـ"مصراوي"، القانون استثنى هذه الحالة لمصلحة أكثر أهمية أو أعلى من مصلحة تداول المعلومات، وحال خرقها يتعرض مرتكبها للمحاكمة.

وهناك فرق بين توجيه الاتهام للشخصيات العامة واتهام أي مواطن عادي، حسب تصريحات كبيش - الذي يُضيف بقوله "الأثر المترتب على اتهام الشخصيات العامة يختلف عن اتهام شخص آخر".

وخير دليل على تلك النقطة، قرار النائب العام الراحل هشام بركات بحظر النشر في التسريبات التي أذاعتها قناة مكملين في 4 ديسمبر 2014 على لسان اللواء ممدوح شاهين، المستشار القانوني للمجلس العسكري، عن تزوير قضية التخابر مع حماس.

كما أصدر النائب العام المساعد المستشار علي عمران في 27 يوليو الماضي، قرارًا بحظر النشر في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"الرشوة الجنسية لرئيس محكمة جنح مستأنف مدينة نصر"، لحين انتهاء التحقيقات فيها.

ويرى "كبيش" أن هناك نقطة إيجابية واحدة في قضايا حظر النشر، تلك التي تتعلق بقضايا تمس الأمن القومي للبلاد، ويقول "الأصل في حظر النشر هو الوصول إلى الحقيقة، وليس لمصلحة المتهم بل للمصلحة العامة".

وحرصًا على المصلحة العامة، أصدر المستشار هشام بركات في 23 نوفمبر 2014، قرارًا بحظر النشر في قضية التخابر مع قطر، والمتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي و10 متهمين آخرين من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان.

الإعلام وحظر النشر

هل يمكن للصحفي أن يتسبب في عرقلة سير القضية، ولذلك يصدر قرارًا بحظر النشر فيها. الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة السابق، يؤكد أن القرار يأتي لحماية كافة المتقاضين ولضمان الحياد في التحقيق، وعدم التأثير على القاضي من خلال قيام الصحافة باستجواب المتهمين والشهود، وتقديم بعض الأدلة، والاستباق بتقديم بعض الأدلة دون أسانيد، بما يخالف مبدأ "المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم نهائي، وطالما القضية قيض التحقيق لا ينشر عنها إلا ما تسمح به سلطات التحقيق".

وحول حق وسائل الإعلام في الوصول إلى المعلومات، يؤكد عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة السابق، أنه من حق وسائل الإعلام أن تصل إلى كل المعلومات من كافة الجهات وتنشرها تحقيقًا لحق المواطن في المعرفة، منوهًا بأنه في جميع الدساتير والمعايير الدولية هناك قيود على ذلك الحق، وخاصة فيما يتعلق بالأمن القومي - المخابرات ووزارة الدفاع - وتصنف المعلومات الخاصة بها بـ"سرية" مع تفاوت درجاتها بمرور الوقت.

وهناك قضايا يبدو أن قرار حظر النشر فيها لم يكن ضروريًا مثل قرار النائب العام الراحل المستشار هشام بركات حظر النشر في قضيه مقتل المحامي كريم حمدي داخل قسم شرطة المطرية، لارتباطها بجهاز الشرطة، وهو ما يؤكده "مكاوي" مضيفًا بقوله "لا يجب أن نتوسع في تعريف الأمن القومي، واستخدام أسلوب حظر النشر، مع معرفة اعتبارات اتخاذ القرار".

يُطالب "مكاوي"، بسرعة إصدار قانون تداول المعلومات؛ لأنه سيحدد ما هي المعلومات المحظور نشرها، بينما تتاح باقي المعلومات للمجتمع، مشددًا على أن جميع المعلومات غير محظورة حتى أن يصدر قرار من قبل جهات التحقيق بحظر النشر فيها.

و"مكاوي" يُعد من المنتقدين لقرارات حظر النشر إلا فيما يتعلق بالقضايا التي تمس الأمن القومي، فهو يعتبر حظر النشر امتدادًا لحالة من فقدان الثقة بين المواطن العادي والسلطة أيًا كان من يمثلها، وعلى مدى سنوات طويلة كانت تستخدم هذه الأمور من أجل حجب المعلومات والتعتيم عليها، على حد قوله.

وانتقد بعض النشطاء السياسيين قرار النائب العام الراحل في 12 فبراير 2015، بحظر النشر في قضية مقتل شيماء الصباغ، عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، التي توفيت متأثرة بإصابتها بطلقات خرطوش خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة أثناء إحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير بميدان طلعت حرب.

وكان المستشار الراحل هشام بركات، النائب العام، قد أصدر في 4 مايو الماضي، قرارًا بحظر النشر في القضية رقم 387 لعام 2015 من أمن الدولة، الخاصة باتهام ضباط شرطة ومستشارين بالإتجار في الآثار، لحين انتهاء التحقيقات.

تاريخ قضايا حظر النشر

في أوائل عام 1950، تفجرت قضية "الأسلحة الفاسدة"، وقامت الحكومة برئاسة مصطفى النحاس بالضغط على رئيس الديوان لحذف ما يتعلق بهذه المخالفات من تقرير "ديوان المحاسبة"، ورفض وقدم استقالته، واستخدم الملك فاروق نفوذه لكتم أصوات المعارضة التي أرادت فتح ملفات القضية للوصول إلى المتورطين فيها.. قرار حظر النشر صدر وقتها في تلك القضية - وفقا لـ "صلاح عيسى" الكاتب

الصحفي والمؤرخ، مؤكدًا إن قرار حظر النشر موجود منذ فترة طويلة، وتم وضعه لأسباب محددة تتعلق بحماية التحقيق نفسه، والحيلولة بين مشتبه به والضغط على الشهود أو تغيير الأدلة.

وعلى عكس ما تتوقعه الدولة، يُحدث قرار حظر النشر في بعض الأحيان حالة من البلبلة والجدل من جانب المواطنين، وخاصة الذين يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بالقضية مسار التحقيق، وهو ما حدث عندما صدر قرار حظر النشر في حادثة قطار كفر الدوار في 1998، وحريق مسرح بني سويف عام 2005.

ويسترجع الكاتب الصحفي من ذاكرته، أنه في منتصف الثمانينات، تلقى خلال عام ونصف - 18 شهرًا - 36 قرارًا بحظر النشر في عدد من القضايا بواقع قرارين في الشهر، واصفًا القرار بـ"الغامض"، بحيث يُذكر فقط رقم القضية وأبرز المتهمين دون الإشارة لطبيعة القضية أو الاتهامات الموجهة لهم، ويرى الكاتب الصحفي صلاح عيسى، أنه لابد من وجود ميثاق شرف نوعي بدلاً من إصدار قانون.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان