نائب رئيس قطاع الأخبار يحكي كواليس تعليمات الحزب الوطني ونهاية مبارك (حوار)
حوار - مصطفى المنشاوي:
يحتفل المصريون، خلال ساعات بالذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، وسط دعوات إعلامية عديدة بمقاطعة الأصوات الداعية للخروج في مظاهرات، واستنفار أمني من قبل وزارتي الداخلية والدفاع.
ولا يغفل أحدًا الدور الذي لعبته وسائل الإعلام المختلفة، أثناء فترة الـ18 يومًا اللذين أطاحوا بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، والتي نال منها قطاع الأخبار التابع لاتحاد الإذاعة والتليفزيون بعهد الرئيس المعزول نصيبًا من الانتقادات والاتهامات بتبعية جهاز الدولة الإعلامي لمبارك، وترويجه لأخبار تخدم مصالح فئة بعينها دون الأخرى.
والتقى "مصراوي" إبراهيم الصياد الذي شغل منصب نائب رئيس قطاع الأخبار أثناء قيام ثورة يناير، والذي كشف الستار عن العديد من كواليس الثورة من داخل أروقة ماسبيرو، حيث أكد أن الإعلام الحكومي لم ينحاز لثورة يناير إلا بعد سقوط مبارك في ١١ فبراير، وكذلك حديثه عن وجود "مؤامرة" ضد ماسبيرو.
وتطرق الحوار للعديد من النقاط الخاصة برؤيته لمستقبل الإعلام الحكومي والخاص، وإلى نص الحوار:
كيف ترى وضع الإعلام في مصر الآن؟
الإعلام المصري - لا سيما الخاص منه - في حالة انفلات نتيجة عدم وجود ضوابط تحكم الأداء، وإن كنت أعتقد أن مستقبل الإعلام المصري ربما سيتحسن لتوافر عدد من الخطوات الجادة في سبيل تحقيق ذلك، كإنشاء نقابة الإعلاميين وصدور القانون الموحد للصحافة والإعلام، وإنشاء المجلس الأعلى للصحافة والإعلام والهيئات المنبثقة عنه.
كما أن لوجود ميثاق شرف إعلامي ضرورة قصوى في المرحلة القادمة، بجانب اهتمام الدولة بإعلام الخدمة العامة لأنه بمثابة "رمانة الميزان" في المشهد الإعلامي.
ما الدور الذي علينا أن ننتظره من نقابة الإعلاميين؟
النقابة أداة لضبط الأداء ووقف عملية الفوضى الحالية، كما أنها ستحمي المهنة وحقوق الإعلاميين، وتحدد واجباتهم.
ومن أهم وسائل ضبط الأداء، وضع ضوابط لمنح تراخيص مزاولة المهنة لغير الإعلاميين، الذين يجب أن تنطبق عليهم الشروط، أود القول باختصار أن نقابة الإعلاميين ستعمل على إلغاء مقولة أن "الإعلام مهنة من لا مهنة له".
لماذا لجأ ماسبيرو لـ"الطيور المهاجرة" لتقديم برنامج "أنا مصر" ولم يستعن بالعاملين من داخل القطاع؟
من حق ماسبيرو أن يطوّر أشكاله البرامجية، وبشكل مبتكر، لكن الاستعانة بأنباءه ممن يعملون خارج القطاع يعكس مشكلة حقيقية يعاني منها هذا المبنى الذي من المفترض أنه معمل تفريغ للكوادر والنجوم.
وتجدر بنا الإشارة إلى أن منتج برنامج التوك شو الجديد "أنا مصر" ليس من ماسبيرو، و"عينه على الربح والإعلانات"، كما أن اكتشاف وصناعة نجم إعلامي جديد من داخل القطاع يحتاج لجهد أكبر.
لذا فإن الاستعانة بأبناء القطاع يستوجب إعادة النظر في التشريعات المنظمة للعمل في ماسبيرو ومنها القانون رقم ١٣ لسنة ٧٩ وتعديلاته، وكذلك الحال في قرار وزير الإعلام لسنة ٢٠١١ الخاص بمنع التعيينات الجديدة بقطاعات ماسبيرو وحصره فقط في العمالة الإدارية، كما يجب عمل مسابقات لتجديد دم الشاشة والتعامل مع التدريب الإعلامي بجدية عن طريق إلغاء معهد الإذاعة الحالي وإنشاء أكاديمية أو مركز تدريب وتطوير يليق باسم ماسبيرو.
ما حقيقة أن "ماسبيرو" يكبد الدولة خسائر مادية كبيرة؟
علينا أن نعي أن ماسبيرو ليس منشأة اقتصادية، وأنه الجهاز المعني بإعلام الخدمة العامة، وضرورة أن تقف الدولة إلى جواره وألا تعطي الاهتمام بالقنوات الخاصة في التغطيات الرسمية والأحداث الكبرى.
كما أن كل ديون "ماسبيرو" نتيجة خدمات إعلامية مؤداه لمؤسسات الدولة.. إذًا كيف يكلف الدولة أعباءً وخسائر؟! أعتقد أن المشكلة في طريقة الإدارة والنظرة العامة لإعلام الدولة.
هل يسعى الإعلام الخاص لهدم نظيره الحكومي؟
في ظل الفوضى علينا أن نتوقع أي شيء، ومنها أن بعض القنوات الخاصة ترى في ماسبيرو خصمًا لها.. وحقيقة الأمر أني لا أرى ماسبيرو خارج المنافسة، بل على العكس هو رمانة الميزان للإعلام المصري بشقيه العام والخاص.
ما حقيقة كون ثورة 25 يناير هي السبب الرئيسي في إبعاد ماسبيرو عن المنافسة؟
عندما سقط النظام الإعلامي ولم تقم الثورة نظامًا جديدًا، حدث نوع من التآمر على ماسبيرو لسحب كعكة الإعلانات منه، وبالرغم من ذلك ظل ماسبيرو الناقل الحصري للأحداث، خاصة أيام الجمع على مدار ثلاثة أعوام، حتى وجدنا أن كل القنوات الخاصة تقدم خدمات إخبارية، وهذه ظاهرة غير صحية لأنها تدفع بالتشكيك في مصداقية أو جدية الأخبار التي تقدمها تلك الفضائيات.
من كان يتحكم في بث الأخبار خلال أيام ثورة يناير؟
خلال الثورة كان قطاع الأخبار هو المسيطر على كل شاشات التليفزيون المصري، وطبعا لم ينحاز لثورة يناير إلا بعد سقوط مبارك في 11 فبراير.
هل كان لمبارك دور في نوعية الأخبار المذاعة خلال الثورة؟
مبارك انتهى من آخر رحلة علاج له في ألمانيا، والقرار السياسي كان يصنع في دهاليز الحزب الوطني وتحت توجيه مباشر من أصحاب المال السياسي داخله، وكان الدور التاسع بماسبيرو منفذ للتعليمات.
ما مدى تأثير الحزب الوطني على وسائل الإعلام قبل الثورة؟
اتضح دور الحزب الوطني، و أنه كان المتحكم الأوحد في الآلة الإعلامية، لكن أود القول أنه لم يكن هناك فوضى أو انفلات و كان هناك نظامًا يدير المؤسسة سواء اتفقت أو اختلفت معه.
ما ردك على الاتهامات الموجهة لقطاع الأخبار برفضه إذاعة مشاهد من الثورة؟
كما تعلم أنا كنت أشغل منصب نائب رئيس القطاع آنذاك، حيث كان عبد اللطيف المناوي رئيسًا للقطاع أثناء الأيام الـ18 للثورة، وتوليت رئاسة القطاع بعده، وكنت خلال أيام الثورة مجرد شاهد عيان، ولم أكن مشاركًا في صنع القرار لأني لم أكن عضوًا في الحزب الوطني وكانت هذه العضوية جواز مرور للسلطة في ماسبيرو، وبالتالي ليس لدي معلومات عن أشياء لم تذع.
حدثنا عن موقف لن تنساه داخل قطاع الأخبار أثناء ثورة يناير؟
مواقف كثيرة؛ فأنا لم أغادر مكتبي طوال فترة الـ ١٨ يومًا، ولعل لحظة تنحي الرئيس الأسبق مبارك عن منصبه نزولًا عن إرادة الجماهير، من أبرز المواقف التي لن تنسى، حيث أعقبها توجه وفد من زملائي إلى الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء آنذاك؛ لترشيح اسمي لتولي رئاسة قطاع الأخبار.
والموقف الأخر والأهم هو يوم 3 يونيو، عندما تم إذاعة بيان إقصاء الإخوان من سدة الحكم، حيث كان موقفًا عظيمًا داخل المبنى حيث عمت الفرحة على الجميع دون وعي بما يحدث، والكل كان يهتف في استوديو البث بحماس شديد.
هل من الممكن الاستغناء عن قنوات ماسبيرو والإبقاء على ثلاثة منها فقط؟
لا شك أن ماسبيرو يحتاج لإعادة هيكلة والاعتماد على الكيف وليس الكم، مع ضرورة وجود التزام اجتماعي تجاه العاملين فيه وعدم تحملهم لتبعات قرارات خاطئة اتخذت أيام التوسع الكمي تحت شعارات رنانة مثل الريادة الإعلامية.
لماذا لم تساند الدولة الإعلام الحكومي؟
الحكومة وحدها من تستطيع الإجابة على هذا السؤال.
كيف أثر ظهور غير الدارسين للإعلام على الشاشات بالمنظومة الإعلامية؟
مهنة الإعلام لها شروط مثل أي مهنة أخرى، كالطب والهندسة والمحاماة، و أي مزاول للمهنة يجب أن تتوافر فيه شروط، لكن الفوضى والانفلات أديا إلى سيطرة الوكالات الإعلانية على المحتوى الإعلامي، وأصبح الاسم الرنان لمقدم البرنامج ومدى إمكانية استخدامه لتحقيق عائد مادي أكبر هو المعيار.
كيف يمكننا التحكم في القنوات والإعلانات التي تخالف قيم المجتمع المصري؟
ضبط الأداء المهني سواء إعلامي أو إعلاني عن طريق وجود نقابة مهنية، وإعادة النظر في منظومة التعليم لأنها التي تغرس القيم، والعمل على محو الأمية الإعلامية سواء لدى المتلقي أو القائم على الرسالة الإعلامية.
نهاية.. وجه رسالة للإعلاميين والحكومة؟
رسالتي للإعلاميين تتمثل في ضرورة تفعيل قيمة المحاسبة الذاتية في الرسالة الإعلامية، والتركيز على عنصر الإبداع والتجديد المستمر وما يستلزمه من الاطلاع على الأفكار والتجارب الأخرى، و أن يضعوا المصلحة العامة كقيمة نصب أعينهم.
أما الحكومة فأرى من الضروري إعادة النظر في تعاملها مع ماسبيرو بوصفه إعلام الخدمة العامة.
أقرأ في الملف..
في الذكرى الخامسة لثورة يناير.. ''ما أطول الرحلة'' (ملف خاص)
''رتوش يناير'' على جدران المحلة.. حكايات من قلب ''شرارة الحرية''
على ''مائدة يناير'' بالسويس.. ذهبت الثورة وبقيَّ رحيقها
عبدالله السناوي: إذا نزعنا ''ثورية'' 25 يناير سقطت 30 يونيو - حوار
بورصة يناير.. مؤشرات 5 أعوام بين القضبان والاختفاء والمنفعة (ملف تفاعلي)
في سنة 5 ثورة .. المَلف الحقوقي ''لم يُراوح مكانه''
''هتيف السويس''.. والاسم ''عربي'' (بروفايل)
''ثوار''.. جبهة تعثرت في طريق الثورة
فيديو قد يعجبك: