رئيس الآثار المستردة: التفاوض والتقاضي وسيلتنا مع إسرائيل.. وجمع تبرعات "سخم كا" حتمي - حوار
كتب - نسمة فرج ومصطفى الجريتلي:
تصوير- نادر نبيل:
منذ عام 2011 استطاع قطاع الآثار المستردة الحصول على 798 قطعة أثرية بالخارج، حيث يقول الدكتور علي أحمد، رئيس قطاع الآثار المستردة، إن هناك قطع قيد التفاوض في أمريكا وسويسرا وهناك أيضا قضايا بين مصر وإسرائيل في هذا الصدد.
وأضاف أحمد في حواره مع "مصراوي"، أن القطاع يواجهه إشكالية تتمثل في استرداد الآثار التي خرجت بطرق غير مشروعة، من حيث مدى إمكانية التفاوض مع الجانب الأجنبي، مؤكدًا أن القطاع يعمل حاليًا على استرداد كل القطع الأثرية المصرية في الخارج، لافتًا إلى أن الهيئة تستعد حاليًا لمعرض الآثار المستردة حيث ستُعرض قطع رائعة تليق بالعرض المتحفي حسبما أكد.. وإلى نص الحوار..
متى شُكلت إدارة الآثار المستردة ولماذا؟
بدأت إدارة الآثار المستردة عملها عام 2002، نتيجة لما نطلق عليه الثورة التكنولوجية؛ حيث عمليات عرض القطع الأثرية على الإنترنت، لذا كان لابد من إنشاء إدارة تتابع ما يتم عرضه في صالات المزادات، وكانت معنية بملفات استرداد الآثار من خلال ما يتم عرضه في الخارج وهناك قطع يتم ضبطها عن طريق الإنتربول ورجال الجمارك وهناك قطع يتم استرجاعها بالطواعية، الإدارة معنية بمتابعة ما تستطع الوصول إليه من صالات لمزادات في العصور المختلفة.
ماهي آليات الوزارة في استرداد الآثار؟
من خلال مفتشي الآثار، فهم يغطون جميع التخصصات: مصري قديم، يوناني روماني، الحقبة القبطية والإسلامية، لنتمكن من مطالعة القطع الأثرية الموجودة هل أصلية أو مُقلدة وأي عصر تنتمي وهل هي للحضارة المصرية من عدمه، ثم يتم التحرك وفقًا لنتائج الدراسة؛ فقد تكون مُبلغ أو لم يُبلغ عن سرقتها وهنا تختلف آلية استرجاعها.
مع من تتواصلون لاسترداد تلك القطع؟
في البداية نتعامل مع سلطات أجنبية، لذا لا نتواصل معهم بشكل مباشر بل نتواصل معهم من خلال سفاراتنا في الخارج وحلقة الوصل ما بيني وبين السفارات المصرية بالخارج إدارة العلاقات الثقافية بمبنى وزارة الخارجية.
هل هناك عدد معين للقطع المستردة؟
منذ2011 حتى الآن تخطينا 723 قطعة مستردة، العدد في 2015 وصل 441 قطعة تم استردادها وأخرها قطعتين الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى 57 قطعة تم تسليمها لسفارتنا بالخارج لذا فإجمالي القطع المستردة 798 قطعة أثرية.
هل هناك قانون يجرم بيع القطع الأثرية؟
ما يحكمنا هو القانون الحالي رقم 177 لـسنة 83 وتعديلاته، نحن لدينا قوانين بالمعنى الفعلي للقانون منذ عام 1912 تقريبًا، ومن حينها حتى قانون سنة 83 تباح عملية الإتجار في الآثار وكان هناك أماكن لبيع القطع الأثرية وكان هناك محال لذلك وصالة للبيع داخل المتحف المصري، وإذا ذهبت للمتحف الزراعي ستجد قطع أثرية في الدفاتر تم شراءها من المتحف المصري، حيث كان البيع مشروط أن القطع لا تخرج قبل وجود شهادة تصدير من الحكومة المصرية، وبعد قانون سنة 83 تم تجريم بيع آثار.
وما هي الصعوبات التي تواجهكم؟
هناك إشكالية تواجهها حيث خرجت قطع من البلاد بطريقة شرعية، وأخرى بطريقة غير شرعية، هذا المزيج يتسبب في صعوبة فلا يوجد أي إشكالية في استرداد القطع التي خرجت بطريقة شرعية، عكس التي خرجت بطريقة غير شرعية فقد يتم عرضها في الخارج بشهادات غير صحيحة، بشهادة منشأ جديد ترجع لـستينات أو سبعينيات القرن الماضي، والمشكلة هنا في كيفية التفاوض مع الجانب الأجنبي وإخباره أن القطع خرجت بطريقة غير شرعية فهو يتعامل مع معطيات: "متى خرجت القطع.. وتاريخ السرقة؟"، وهناك قطع كثيرة مستردة خرجت بطريقة غير شرعية.
ماذا عن القطع الأثرية قبل قانون سنة 83؟
القانون وقتها كان يبيح البيع، فبأي سند ستستردها، نحن نسترد القطع التي خرجت بصورة غير شرعية، لكن في مثل تلك القطع الدولة أقرت بشرعية خروجها، والمخرج للجانب المصري هنا هو شراء تلك القطع، ولكن هناك أشياء لاحظناها خلال عملنا مؤخرًا ـ وهى ترجع لجهود الوزارة في استرداد القطع وهى أن بعض مقتني القطع الأثرية يهدون الجانب المصري؛ آخرها رجوع قناع تم استرداداه من ألمانيا في الأسابيع الماضية؛ بعدما أوصت ألمانية قبل وفاتها بإهداء التمثال للحكومة المصرية بعد وفاتها، وزوجين ألمان أيضًا حينما علموا أن القطع التي يملكونها ضمن مجموعتهم الخاصة مقتطعة من مقبرة قاموا بإهدائها للحكومة المصرية وسيتم عرضها بمتحف الآثار المستردة في 14 يناير الجاري.
ما هى أبرز نقاط العوار في القوانين الماضية التي تم تلافيها؟
حاليًا لا يوجد شيء اسمه إهداء؛ حيث ينص الدستور وهو أقوى من القانون، بحق مصر في استرداد الآثار، كما أن لا يوجد شيء اسمه أن تُغلق القضية فنحن نعمل حتى يتم استرداد القطعة.
ماذا عن معرض الآثار المستردة والمقرر له يناير الجاري؟
يجب أن نضع في اعتبارنا إننا خلال عملنا على استرداد القطع الأثرية فهناك مجهود مادي ومجهود تفاوضي، لذا فمبدأ أن القطع تأتي من الخارج وتوضع في مخزن لا نقبله فقد حاربنا لعودتها لذا يجب أن تُعرض في مكان ملائم لسبيين؛ الأول أن الهيئة بذلت مجهود لاسترداد هذه القطع الأثرية ولابد أن يتمتع بها المواطن المصري العادي داخل مصر، والثاني أننا نُعطي رسالة للخارجية أن جهودنا للاسترداد الآثار لا تمنع الأجانب من التمتع بهذه القيمة؛ حيث أن القطع مكانها مصر، والحضارة المصرية هي تراث إنساني.
وكان لدينا متحف للآثار المستردة في 2014 وآخر بـ 14 يناير الجاري، هناك قطع رائعة تليق بالعرض المتحفي بأي متحف وهناك خطة لعرضها في متاحف إقليمية مثل المتحف الكبير ومتحف الحضارة.
هل إقامة معرض للآثار المستردة كاف لتكريم جهود الوزارة في هذا الصدد؟
نعم، لأن هذه المعرض رسالة للمجتمع الدولي وتكليل لمجهودات الوزارة خلال العام لاسترداد الآثار، والتجربة المصرية يحتذى بها في استرداد الآثار فالكثير من الدول تتطلب خبراء الوزارة لشرح التجربة وآليات العمل.
ما الصعوبات التي واجهتكم لاسترداد الآثار؟
ليس هناك صعوبة وسهولة؛ فالأمر يتعلق بقوانين محلية؛ حيث أن الاسترداد مبني على قوانين تحكم بخصوص قطع خرجت بطريقة غير شرعية، ولكننا لاحظنا تعاون من جانب استراليا وسويسرا مؤخرًا.
وحينما نرصد قطع مسروقة تُعرض في أي مزاد أو صالة بيع نطالب سفارتنا بإيقاف البيع وإيفادنا بما يفيد شرعية حصولهم على تلك القطع، وتم بالفعل في ألمانيا وإيطاليا.
ماهي أكبر الأسواق التي تٌعرض بها القطع المصرية في الخارج؟
أكبر سوق للآثار أو الأعمال الفنية الولايات المتحدة وأوريا الغربية: "فرنسا، ألمانيا، إنجلترا"، كما أن سويسرا وبلجيكا يوجد بهما إشكالية، حيث يتم فيهما "غسيل آثار"، بمعنى أن القطع تُخفى هناك لفترة ثم يتم عمل شهادات منشأ لها وتُباع لدولة ثانية، لذا فتلك الدولتين بوابات عبور للقطع الأثرية ودخولها أوروبا.
وهناك قضايا حكمت لغير صالح مصر حيث أن القطع قد تكون خرجت من مصر بطريقة غير شرعية ولكنها وصلت إلى أوروبا بطريقة شرعية وهذا منطق حكم الخارج.
كيف يتم حصر الآثار المصرية في الخارج؟
لا يوجد حصر؛ حيث هناك مشكلة في حصر القطع الموجودة بالمتاحف لكن هناك تكون ضمن المجموعات الخاصة لدى بعض الأفراد، والقوانين الأوربية لا تسمح لي بحصرها.
وأصحاب القطع لا يعلنون عنها خشية اللصوص، ومن هنا ينبع خوفي من أن تجد القطع الأثرية طريقها للمجموعات الخاصة.
وهناك قرائن حيث أن بعض المقتنيين حسني النية، حينما يعلمون أن بعض القطع مسروقة من مصر يقدمونها طواعية، وهناك قطع خرجت من منطقة سقارة وعادت وهى محل تحقيق وجار العمل على استرجاع أخرى.
ماذا عن الآثار المُهداة؟
الآثار المُهداة لا يتم التفاوض بخصوصها، والأمر فقط لم يقتصر على عهد محمد علي وأسرته بل استمر في عهدي جمال عبد الناصر و السادات، فالقانون كان يُبيح للحاكم الإهداء، وهنا تأتي المشكلة، فهناك معابد صغيرة أُهديت بالكامل لأمريكا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا؛ اعترافًا بجميل الحكومة المصرية في مساهمة تلك الدولة في إنقاذ آثار النوبة حينما تم بناء السد العالي، بالإضافة إلى مسلة كونكورد في باريس التي أهداها محمد علي لفرنسا ولكن باريس لم تستطع نقل المسلتين من أمام متحف الأقصر وأخذت واحدة فقط.
كيف يمكننا الاستفادة من آثارنا المهداة في الخارج؟
للأسف لا أعرف كيفية اقناع مسئولو المتاحف بالحصول على نسبة من الأرباح لأن ذلك يعتبر تتدخل في قوانينهم لأنه يعتبر مالك الأثر، وهذا ينطبق أيضا على الآثار السورية والعراقية، ففي حالة موافقة المتاحف على نسبة الأرباح من الآثار المصرية هل سيطبق ذلك على باقي الآثار من الدول الأخرى، ولكن أعتقد أنهم يقوموا بالمساهمة في تطوير المتاحف وقواعد البيانات مقابل وجود الآثار ولكنه لا يفصح عن ذلك.
ما مصير تمثال "سخم كا"؟
الوزارة كانت ترى في الأول ضعف حجية مصر في استرداده، حيث أن التمثال خرج أواخر عهد محمد علي وأوائل عهد إسماعيل باشا الأول 1849، حاولنا وقف البيع لكن صالة المزاد كانت ترى أن حل الإشكالية يتم بشراء الدولة المصرية للتمثال، وإذا فرضنا أن المتحف لن يبيع التمثال فكان مصيره سيظل بالخارج أيضًا.
ووزير الآثار ممدوح الدماطي كان غرضه من حملة جمع التبرعات أن يُحرك المجتمع المدني في هذا المجال، وليس اخترع مصري، فالصين جمعت من قبل أموال من رجال أعمال لشراء التمثال وقبل عرضه التمثال في صالة المزاد كان هناك محاولات لإقناع رجال أعمال في لندن بشراء التمثال.
ماذا عن معارض القطع المصرية بتل أبيب؟
هناك قطع أثرية مصرية تُعرض في صالات مزادات بإسرائيل قيد التفاوض والتقاضي، حيث قامت السلطات الإسرائيلية في أواخر عام 2013 بالتحفظ على 91 قطعة وهى قيد التقاضي، كان من المفترض عودتها لكن صاحب الصالة أدعى إنه حصل عليها بطريقة شرعية ولكنها أحد القضايا المُثارة في إسرائيل.
البعض يعتقد أن القطع تأتي فور إثباتها ولكن هناك قطع تم العمل عليها من 2009 وعادت العام الماضي 2015.
هناك أشخاص يمتلكون مجموعات خاصة من الآثار.. كيف يتم التعامل معهم؟
نحن كوزارة لا نتعامل مع السفارات الخارجية فقط، وإنما علماء الآثار المصرية في الخارج أيضا، ففي الشهر الماضي استطعنا استرداد قطعة تمثال سيتي الأول عن طريق عالم آثار مصرية، فأحد الأشخاص كان يستشيره بخصوص القطعة وعندما شك في القطعة تحدث معنا وتواصلنا معه وتم استردادها والكثير من الآثار استردت بهذه الطريقة.
ولا نغفل دور السلطات الشرطية، فخلال الدوريات والتفتيش يتم العثور على قطع أثرية مباعة لأشخاص وعلى سبيل المثال الشرطة السويسرية في إطار التفتيش دوري قامت بالضبط قطع أثرية مسروقة من مصر عام 1990 وتم إخفائها من أكثر من 20 عامًا وهي قيد التفاوض الآن.
من وجهة نظرك.. كيف يمكن إيقاف بيع الآثار المصرية؟
بداية لابد من تضافر الجهات المعينة لوقف البيع بالإضافة إلى تطوير الفكر سكان المواقع الأثرية لأنه أحيانا يقوم الحفر داخل البيت نفسه، ففي تجربة أثبت نجاحها وهي أن يشعر العامل في المواقع الأثرية أن هذا هو أكل عيشه، خلال الثورة قام العمال في سقارة بالحفاظ على المواقع لأنه يحمي مصدر داخله الأساسي.
فيديو قد يعجبك: