هل يفتح قرار "نصار" الباب لإلغاء "خانة الديانة" من كافة المستندات الرسمية؟ (تقرير)
كتب- محمد قاسم:
أصدر الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، قرارًا بإلغاء خانة الديانة من كافة الشهادات والمستندات والأوراق التي تصدر عن الجامعة، وذلك بعد شهرين من إنهاء جدل ساد في البرلمان خلال دور الانعقاد الأول على مقترح قانون "المواطنة" والذي يستهدف حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، فهل يفتح قرار "نصار" الباب لإلغاء خانة الديانة من كافة المعاملات الرسمية ومنها بطاقة الرقم القومي؟
الجدل القديم
يعود قرار "نصار" إلى مقترح قانون "إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي" الذي قدمه النائب علاء عبد المنعم، عضو مجلس النواب، و60 نائبًا في يونيو الماضي، والذي شهد جدلا على مستوى الأوساط السياسية والاجتماعية حسمته لجنة الشؤون التشريعية بإحالة القانون إلى الحكومة للتعرف على ردها.
ورغم انتهاء دور الانعقاد الأول للبرلمان دون حسم المشروع، وعودة البرلمان في دورة انعقاده الثاني في أكتوبر الجاري لم يعد هذا المقترح مثارًا للجدل، لكنه قد يقود لسياسة إلغاء خانة الديانة من كافة المعاملات الرسمية وفقًا لمراقبون.
واستند القرار الذي أصدره نصار إلى المادة 53 من الدستور التي نصت على: "لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة"، كما استند المقترح البرلماني إلى تلك المادة التي تمنع التمييز.
قرار صائب وشجاع
وعزا جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، قراره إلى مواجهة شكاوى متعددة داخل الجامعة من التمييز الديني، مؤكدًا أن "هذا القرار أصبح واجب التطبيق ومخالفته تستوجب التحقيق والتأديب، ليس هناك قانون ولا لائحة تطلب أن تذكر خانة الديانة، وأنا أتخذ القرارات التي يمليها عليا واجبي الوظيفي لصالح الجامعة والبلد، فالبلد لا يحتمل المتاجرة بالدين والتمييز بالمواطنين، لذلك اتخذنا قرارا شجاعا بعدم ذكر خانة الديانة، ولا أخشى الهجوم".
وأكد رئيس جامعة القاهرة في تصريحات صحفية له دفاعًا عن قراره، أن قرار إلغاء خانة الديانة جاء تماشيا مع مادة 53 من الدستور والتي تمنع التمييز وتعتبر التمييز لأي سبب كان جريمة لا تسقط بالتقادم، لافتًا لواقعة قيام أحد رؤساء الأقسام بمعهد الدرسات الإفريقية بجامعة القاهرة مؤخرا بتوزيع ورقة على الطلاب الراغبين في الالتحاق بالدراسات العليا لكتابة الديانة والطائفة مما دعاه لمواجهة ذلك التمييز.
وأشاد الدكتور هاني الحسيني، عضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، بقرار نصار واعتبره "صائب وجريء" مدللًا على ذلك بأنه لا مكان للديانة في التعليم وخاصة الجامعات.
وأضاف الحسيني في تصريحات خاصة لمصراوي، أن القرار يعد خطوة رمزية لإزالة المشاعر الطائفية التي يعاني منها الشعب المصري، مؤكدًا أنه يعد بداية انطلاق لإلغاء خانة الديانة من كافة المعاملات الرسمية ومنها بطاقة الرقم القومي.
وردًا على تداعيات القرار المثير للجدال داخل المجتمع، أوضح الحسيني، أن "الجامعات من دورها التنويري للمجتمع إثارة الجدال والتفكير داخل الأوساط في المجتمع، فمن هنا يأتي القرار نابع من دور الجامعات في التفكير النقدي".
أين خانة الديانة؟
على العكس من هذا، ألمح الدكتور أشرف حاتم، أمين عام المجلس الأعلى للجامعات، إلى أن القرار ليس بجديد لأن الجامعات لا يصدر عنها شهادات أو معاملات موضح بها خانة الديانة من الأساس.
وأضاف حاتم في تصريحات خاصة لمصراوي، أن "جميع التعاملات داخل الجامعات عبارة عن معايير وقواعد من تنطبق عليه يأخذ الحق دون النظر للديانة، ولا يوجد شرط واحد يتطلب كتابة الديانة، وإن حدث ذلك وطلب أحد من الطلاب كتابة ديانتهم، فهو أمر مخالف للقانون، ويحال للتحقيق فورًا".
وزاد: "الجامعات تستقبل طلبة من مختلف البلدان والديانات ولا يجوز علميًا اشتراط الديانة على الطلاب داخل الجامعات"، لافتًا إلى أنه سيتنظر توضيح رئيس جامعة القاهرة عن أسباب صدور القرار إذا كانت تتفق مع قوانين المنظمة لعمل الجامعات من عدمه.
وردًا على الأسباب التي أوردها رئيس جامعة القاهرة في دفاعه عن القرار بأنه جاء لمواجهة حادثة طائفية بعينها حدثت بين طالب دراسات عليا ورئيس قسم في معهد الدراسات الإفريقية، أكد حاتم، أنه سيتم بحث الأسباب التي ذُكرت وإن صحت فلا مانع من القرار طالما أنه لا ينتافى مع القانون.
الطعن للمتضرر
قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة السابق، إن القرار الصادر من رئيس جامعة القاهرة التي تُصنف كجهة إدراية حكومية يجوز الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري من المتضررين سواء من الطلبة والعاملين وأعضاء هيئة التدريس.
وأوضح الجمل في تصريحات خاصة لمصراوي، إلى أن القرار استند إلى المادة (53) من الدستور التي أتاحت للجهات الرسمية مواجهة التمييز وبالتالي لا مانع له، مشيرا إلى أحقية "نصار" في إصدار القرار باعتباره رئيس للجهة الإدراية وفقًا للقانون.
وأشار الجمل إلى مقترح قانون "المواطنة وعدم التمييز" الذي سبق وطرحه نواب البرلمان، واستناده أيضًا على المادة 53 من دستور 2014 التي عاد لها رئيس جامعة القاهرة فبالتالي ربما يقود هذا القرار إذا أفلت من الطعن أمام القضاء الإداري لإلغاء خانة الديانة من المعاملات الرسمية الأخرى.
فيديو قد يعجبك: