علي الدين هلال: البيروقراطية تفصل بين السيسي والشباب.. والإعلام تُجاري يعتمد على الإثارة (2-2)
كتبت - ياسمين محفوظ:
تصوير- محمود أبو ديبة:
أكد الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ووزير الشباب الأسبق، أن مجلس النواب الحالي نتاج ظروف غير طبيعية، حيث يعد أول برلمان مصري يفوق عدد أعضاءه المستقلين نظائرهم المنتمين لأحزاب.
وأوضح هلال في الجزء الثاني من حوار أجراه مع مصراوي، أن هناك أجهزة رسمية وأحزاب ورجال أعمال ومخابرات دول أجنبية وهيئات مُخترقة من الخارج، تعرقل مسار الرئيس وتواصله مع الشباب، إلى نص الحوار...
ما تقييمك لآداء مجلس النواب؟
البرلمان نتاج ظروف غير طبيعية، لأول مرة منذ عام 1952 يحدث انتخابات في غياب حزب كبير. فدائمًا ما كانت البرلمانات تضم قوى سياسية منظمة مؤيدة للدولة. لأول مرة يفوق عدد الأعضاء المستقلين، عدد الأعضاء المنتمين لأحزاب، وهذه ظاهرة نادرًا ما تحدث، يمكن أن تكون الحالة القريبة لنا هو البرلمان الأردني لأن هناك تمثيل لقبائل وعشائر. كما أن التمثيل الحزبي بالبرلمان، ظهر بأعداد مقاعد متقاربة، لا تسمح لأي منهم أن يكن له دور مميز وبارز.
في رأيك.. هل هناك حالة من العزوف السياسي من قبل الناس وخاصة الشباب؟
إذا ما قارننا بأحداث 25 يناير أو 30 يونيو، نجد أن هناك عزوف حقيقي عن المشاركة في الحياة السياسية، فهذه كانت لحظات ثورية في التاريخ أو لحظات انخراط وطني عام، وبعد انتهاء الحالة نعود لوضع طبيعي تنشغل فيه الناس بأعمالها، كل ما أريد قوله أن هذا ليس أمر غريب، إنما الأمر المؤكد أن أغلبية الشعب المصري قد تم تسييسه لذا لا يجب أن نستهين بذكاء هذا الشعب. الشعب صبور و"جدع" لكن احترمه وقدره وقل له الحقيقة.
هل تنصح الرئيس السيسي بتأسيس حزب سياسي؟
انا لا أنصح أحد؛ لأن دور المفكر أو الأستاذ الجامعي هو عرض وجهة نظره وحيثياته، أما صانع القرار يأخذ به أم لا فليس لي علاقة، على سبيل المثال لو فكرنا في وجهة نظر الرئيس في الأسباب التي دفعته إلى عدم تأسيس حزب سياسي، وهي تأييد كل الشعب له، فمطالبته بتأسيس حزب يعني أنه يأخذ جزء من الشعب، ويعلن أن هذا حزبه، وهذا معناه أن الباقي خصوم أو فئة -أضعف الإيمان سيقال أنهم ليسوا محل ثقته- فالرئيس يحظى بنوع من التأييد العابر للأحزاب والاتجاهات الفكرية، لكن من منظور الاستقرار السياسي فمصر بحاجة إلى ظهير سياسي أو حزب سياسي.
ما تقييمك للمشروعات القومية التي شرعت الدولة في تنفيذها؟
قناة السويس الجديدة كان لابد من إنشائها لأسباب فنية محضة، حيث شهدت قناة بنما عمليات توسعة عام 2013، وهي قناة ملاحية منافسة لقناة السويس، فضلًا عن أسباب اقتصادية تتمثل في رفع أرباحنا من القناة وجذب لاستثمارات أجنبية. أما مشروع العاصمة الإدارية الجديدة فأرى ضرورة في تنفيذه بأقصى سرعة.
هل هناك تشابه بين شعار مؤتمر الشباب الأول وشعارات جمعية جيل المستقبل كما يردد البعض؟
لا أعتقد أن هناك أي تشابه. هذه حساسيات مفرطة لبعض الناس ممن لديهم نوايا ليست طيبة، لا توجد أي صورة من قريب أو بعيد بينهم.
ما تعقيبك على مؤتمر الشباب والتوصيات التي انتهى إليها؟
لقا رئيس الدولة بالشباب ليس أمرًا جديدًا، أتذكر جيدًا يوم 21 يوليو 1966 التقى الرئيس جمال عبد الناصر بمعسكر حلوان بفوج منظمة الشباب الاشتراكي، الرئيس السادات كذلك في آخر عهده، كان يلتقي بالشباب أسبوعيًا، ومبارك كان يلتقي بهم فيما سمي بلقاءات طلاب شباب الجامعات.
والجديد في هذا المؤتمر أن الرئيس السيسي تفرغ لمدة 3 أيام لمتابعة المؤتمر، وأغلب الوقت كان الرئيس يستمع لهم ويسجل ملاحظاته، كما شهد المؤتمر تمثيل الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة، وحضور شباب منذ شهر مضى كانوا ضد النظام قلبًا وقالبًا وينتقدون ويرفضون سياسات الدولة.
الجديد أيضًا أن أسامة الغزالي حرب الذي تم منعه من الكتابة بجريدة الأهرام، تم توجيه دعوة له لحضور المؤتمر، ثم تختاره الرئاسة لينضم للجنة العفو الرئاسي عن الشباب المحبوسين. كل هذه رسائل إيجابية للمجتمع، ولكن وجب القول إلى أن المؤتمر هو بداية يمكن أن تجهضها البيروقراطية ويمكن أن توقفها من لديهم آراء مختلفة، مثل أي قوى لا تريد أن يكون للرئيس صلة مباشرة بالشباب.
من هي القوى التي تستطيع أن تفصل بين الرئيس والشباب؟
هناك من لديهم رؤى وأولويات مختلفة يعتقدون أنهم يحققون بها مصلحة البلاد، ومن الممكن أن يكون هناك أجهزة في الدولة نتيجة البيروقراطية أو اختلاف الرؤى توقف "المراكب السايرة".
بم تنصح الرئيس حتى يتجنب الوقوع في هذا الخطأ؟
يجب أن يرسخ الرئيس منهج التواصل مع الشعب، وإذا كان هناك أمر ينبغي على الرئيس أن يحرص عليه فهو الاتصال المباشر. أن يشاهد بنفسه التليفزيون، يقرأ بنفسه من يخالفه الرأي، لكنه إذا اعتمد على تقارير الأجهزة لا أعتقد أنها ستجعله يضع يديه على النبض الحقيقي للناس.
هل ترى أن الرئيس تفادى أخطاء مبارك في منع أجيال قادمة من الحصول على فرص بالمراكز القيادية؟
أعتقد أنه لم يحدث اهتمام بالشباب على مستوى الخطاب السياسي، أو على مستوى الاهتمام الفعلي والاتصال الشخصي بهم وتبني مشروع البرنامج الرئاسي مثلما فعل الرئيس السيسي، وأود القول إن الشباب ليس ميزة في حد ذاته ولا الشيخوخة عار في حد ذاته، العبرة بالكفاءة، إذا توفر عنصري التأهيل والكفاءة للشاب فليأخذ فرصته.
شغلت منصب أمين لجنة الإعلام بالحزب الوطني.. ما تقييمك للأداء الإعلامي الحالي؟
الإعلام هو صورة للمجتمع، ونظرًا لأننا نعاني عدم الاستقرار وتحديات الانفلات وتحديات الإرهاب، فلدينا إعلام يعتمد في جزء من محتواه على الإثارة لأنه إعلام تجاري بالأساس والذي يموله الإعلانات التجارية، وجزء من الإثارة أيضًا النقد المبالغ فيه للحكومة، وكذلك الحال بالنسبة للتأييد المبالغ فيه للحكومة، وإلقاء جميع مشكلات المجتمع على المؤامرات الخارجية وحروب الجيل الرابع.
وكما يعاني المجتمع من الانفلات، فهناك انفلات في الإعلام، أهم مظاهره هي الأخبار التي لا مصدر لها. لا نريد قبضة غاشمة على الإعلام ولا نريد انفلات غير مسؤول، بل نريد حرية إعلامية مسؤولة.
فيديو قد يعجبك: