لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصحات علاج الإدمان غير المرخصة..موت باهظ الثمن في غياب وزارة الصحة- ( تحقيق)

10:56 ص الأحد 20 نوفمبر 2016

تزايدت أعداد مدمني المخدرات خلال الخمس سنوات الماض

تحقيق- علياء أبوشهبة:

مصحات علاج الإدمان غير المرخصة لم تعد حالة فردية لفيديو يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمصحة تتعامل بعنف مع مرضاها، ولكن وفقا لما رصده "مصراوي" زادت أعداد هذه المصحات وفي ظل كل ما فيها من مخالفات يقبل عليها المرضى للعلاج لرخص أسعارها مقابل تكلفة العلاج الباهظة في المصحات الخاصة المرخصة، وقوائم الانتظار في المستشفيات الحكومية.

ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن صندوق مكافحة الإدمان تزايدت أعداد مدمني المخدرات خلال الخمس سنوات الماضية، وتسجل نسبة الإدمان في مصر 2.4%، ونسبة التعاطي بلغت 10%، وهى تتعدى نسبة التعاطي العالمية التي تسجل 5%.

حماية السرية هذه هي الميزة الوحيدة التي تدفع الأسر لتحمل معاناة ذويهم مقابل حفاظ تلك المصحات على خصوصية بيانات المرضى، هذا بالإضافة لقلة مصروفات العلاج.

وفقا لما رصده التحقيق يتم اختيار المناطق غير المأهولة بالسكان لإقامة المصحات، والتي تكون عادة في مناطق المقطم وحدائق الأهرام وشبرامنت والمريوطية والقاهرة الجديدة والشروق والعبور، كما أن مقرات هذه المصحات غير ثابته تتغير باستمرار.

أسعار المصحات

"مصراوي" رصد أسعار العلاج في مصحات الإدمان الخاصة، وبالتواصل مع إحدى المصحات الشهيرة في منطقة المقطم طلب دفع مبلغ تأمين 5 ألاف جنيها، ومبلغ 800 جنيها من أجل العرض على الطبيب وإجراء الفحوصات المبدئية، ويتطلب العلاج في الفترة الأولى تخليص الجسم من السموم، وتعرف هذه الفترة ب "الديتوكس" وتستغرق أسبوعين، يليها العلاج النفسي والتأهيل ويحتاج للاحتجاز لمدة تبدأ من شهرين حتى 6 شهور. وبالسؤال كانت تكلفة الليلة 250 جنيها، أي حوالي 50 ألف جنيها.

بالتواصل مع مصحة أخرى تقع في منطقة القطامية تكلفة المبيت في الليلة الواحدة 2000 جنيها، ومبلغ التأمين 10 ألاف جنيها، وتحدث المسؤول عن نفس فترة العلاج والتي تصل إلى 6 شهور.

مصحة أخرى لها مقران في مدينتي الشروق والعبور، ويتم حساب تكلفة العلاج الشهري بمبلغ 3800 جنيها و 5200 جنيها، ويترك الاختيار لأهل المريض في اختيار الأنسب لميزانيتهم، على أن مدة العلاج لن تقل عن 6 شهور.

بالتواصل مع مصحة أخرى مقرها في طريق الأتوتستراد في المعادي تكلفة المبيت 180 جنيها، ولا يشترط دفع تأمين، لكنه طلب الحضور في اليوم الذي يتواجد فيه الطبيب.

الادمان

مأساة طارق

30 عاما هو عمره لكن عمر معاناة والده مع الإدمان 40 عاما، وهي التجربة التي حولت حياته إلى جحيم؛ فبعد أن كان يرأس شركة ناجحة في حي الزمالك أصبح يبيع كل ما يملك، تارة لشراء المخدرات، وتارة أخرى من أجل العلاج.

بحزن شديد تحدث "طارق" اسم مستعار بناء على طلبه، وروى لـ"مصراوي" معاناة والده مع مصحة لعلاج الإدمان غير مرخصة والتي انتهت بوفاته، بكلمات تختلط بالدموع تحدث عن وفاة والده واضطراره الصمت خوفا من الوصم الذي سوف ينال أسرته ويؤثر عليهم، لأن المجتمع لا يرحم، علاوة على خوفه من تشريح جثة والده؛ وهي إهانة لحرمة جثمانه يعلم جيدا أن أسرته لم تتمكن من تحملها.

يعود "طارق" بذاكرته للوراء ويروي مأساة والده قائلا:" التحق والدي بعدة مصحات خاصة كانت تكلفتها باهظة تصل إلى 20 ألف جنيها شهريا، وهي أماكن على اختلاف أسمائها كانت تقدم له نفس جرعة المخدرات لكن في شكل أدوية، كان يخرج منها في حال أسوأ؛ لذلك التحق بالمصحة غير المرخصة لرخص ثمنها وخاصة أنه أنفق كل أمواله، وعندما تعافى أحد أقاربنا تفاءلنا بالمصحة التي يديرها شخص اسمه "ع. ك" علمت فيما بعد أنه مدمن متعافي، وليس طبيبا".

العقاب البدني ليس هو دائما أسوأ ما يمكن أن يحدث في المصحات غير المرخصة لعلاج الإدمان، يقول "طارق": كان والدي دائم الشكوى من عدم النظافة وسوء المعاملة واستخدام الألفاظ النابية، فضلا عن الطعام السيء والمكان الرديء للنوم، وكانت الفترة الأصعب وهي "الديتوكس" لسحب المخدر من جسمه وكانت في شقة بمنطقة معزولة في المقطم، يتشارك فيها ما يقرب من 40 مدمن في مساحة صغيرة، لكن الأخطر عدم وجود طبيب متخصص يشرف على العلاج بشكل دائم فالطبيب الوحيد الموجود طبيب امتياز عمره 24 عام يتواجد يوم واحد في الأسبوع لمتابعة كافة مشاكل المرضى الصحية".

الخوف من الفضيحة

كلما حاول "طارق" التجاوب مع شكوى والده يكون الرد بأن الشكوى أمر طبيعي للمدمن لأنه شخص اعتاد طوال عمره على الحصول على السعادة من خلال حقنه؛ بالتالي عند العلاج أمر لا ينصح بالالتفات إليه، يقول باكيا:" في المرة الأخيرة كانت شكواه مختلفة". بعدها نقل والده إلى شقة "الديتوكس" في المقطم كنوع من العقاب ثم عاد إلى المصحة الموجودة حينها في حدائق الأهرام ومنها إلى شبرامنت، ورفض صاحب المصحة السماح بخروجه، رغم انخفاض وزنه من 80 كيلو إلى 48 كيلو فضلا عن عدم حصوله على الأدوية المعالجة لفيروس C وهي إصابة منتشرة بين مدمني المخدرات نظرا لتبادل الحقن.

في الليلة السابقة لوفاة والد "طارق" أصيب والده بقيئ استمر طويلا وغاب عن الوعي، إلا أن الموظف المناوب الليلي كان يغط في نوم عميق، وهي التفاصيل التي عرفها فيما بعد عن طريق أحد أقاربه الذي يعالج بنفس المصحة، وفي العاشرة من صباح اليوم التالي تم نقل والد "طارق" إلى مستشفى "أبو النمرس"، ووفقا للسجلات الرسمية تم تشخيص الأمر بأنه غيبوبة سكر إضافة إلى اضطرابات في القلب، إلا أن صاحب المصحة والمرافقين له أخرجوه من المستشفى، وأخبروا ابنه أنهم في طريقهم إلى مستشفى الهرم ثم أبلغوه أنهم في طريقهم لمستشفى القصر العيني ثم انتهى بهم المطاف في مستشفى الهرم وبمجرد وصول أسرته كانت وافته المنية.

ما بين الصدمة والحزن والغضب لم يعرف "طارق" كيفية التصرف، وبدعوى الخوف من الفضيحة وتشريح جثة والده وهي حجة طبيب الطوارئ المستقبل لحالة والده، وأيضا ما أقنعه به صاحب المصحة، وصمته عن حق والده هو أكثر ما يندم عليه "طارق" ويشعره بالمرارة.

قلة أعداد الأطباء النفسيين

"مصراوي" بحث في أسباب انتشار مصحات علاج الإدمان غير المرخصة، والتي لا تضم عادة الكفاءات الطبية المفترض وجودها للإشراف على العلاج.

ورصد التحقيق قلة عدد الأطباء النفسيين واتجاه غالبيتهم للسفر للخارج بعد الحصول على درجة الماجستير.

تحسين أجور الأطباء، هذا هو أهم ما أكد عليه دكتور سامح حجاج، مساعد مدير مستشفى العباسية للصحة النفسية، في تصريحاته لـ"مصراوي" قائلا:" لا يمكن الحديث عن تقديم خدمة جيدة بدون تحسين أوضاع مقدمي الخدمة وهم الأطباء"، لافتا إلى انخفاض الأجور وهو ما يدفع كثيرا من الأطباء إلى البحث عن فرص عمل خارج مصر لتحسين مستوى معيشتهم".

وقال إن الإدمان مشكلة قومية ينبغي التصدي لها من خلال التوعية والتصدي لتداول المخدرات ثم زيادة المستشفيات العلاجية وتحسين أوضاع الأطباء للحفاظ على الكوادر العلمية والطبية.

وأكد حجاج أهمية نشر ثقافة اللجوء للعلاج النفسي، وهو ما يساهم في التدخل المبكر.

فيما يتعلق بنقص عدد الأطباء النفسيين في مصر، قالت دكتورة ندى عادل، مدير إدارة الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية، إن العامل الاقتصادي يؤثر بشكل كبير ما يدفع الأطباء للسفر بحثا عن تحسين أجورهم، مشيرة إلى تدريب أطباء الوحدات الصحية على كيفية الاكتشاف والتدخل المبكر لعلاج الإدمان، لافتة إلى أنه يجري الآن بناء 3 مستشفيات جديدة تغطي محافظات مصر تقريبا، باستثناء مناطق منها سيناء، ويتم اللجوء لأقرب محافظة من مدن القناة.

1

صعوبة ترخيص المصحات

"مصراوي" تواصل مع طبيب حاول الحصول على ترخيص لإنشاء مصحة خاصة لعلاج الإدمان، طلب عدم ذكر اسمه، وقال:" واجهت صعوبة شديدة وتعرضت للابتزاز المادي لدفع رشوة مقابل تسهيل الإجراءات، ولذلك تفهمت أسباب الأطباء الذين يفتتحون مراكز علاجية دون الحصول على موافقات رسمية لصعوبة الأمر وتعقيده رغم الزيادة المطردة في أعداد المدمنين".

لفت دكتور مصطفى سلطان، استشاري الطب النفسي، إلى وجود مشكلة إدارية بحتة مع إدارة العلاج الحر في وزارة الصحة، والتي تضع مواصفات ومتطلبات لمستشفيات علاج الإدمان تعتبر بمثابة عراقيل، منها أن يكون المبنى إداري وهو ما لا يتوفر في أماكن كثيرة. ومن ثم يعزف الأطباء عن إنشاء مستشفيات إدمان.

وطالب "سلطان" وزارة الصحة بتسهيل إجراءات استخراج التراخيص للمصحات الخاصة، مشددا على أهمية دعم مراكز علاج الإدمان فى المستشفيات النفسية على مستوى الجمهورية من خلال عدة آليات منها تدريب الأطباء على علاج الإدمان والدور الذي تقوم به الأمانة العامة للصحة النفسية. 

وأضاف استشاري الطب النفسي، أن الأمر المهم أيضا لتحسين منظومة علاج الإدمان هو تحسين مرتبات الأطباء، والتي تعتبر ضعيفة جدا بالمقارنة بالدول الأخرى، ما دفع غالبية الأطباء المتخصصين اللجوء إلى السفر للخارج لتحسين أوضاعهم المالية.

وأكدت دكتورة منال العطار، عضو المجلس القومي للصحة النفسية، عدم وجود أي تعقيدات في إجراءات إنشاء المصحات الخاصة، والتي تخضع لأحكام القانون، ويتم مراجعة البرامج العلاجية بوجه عام من إتباعها أسلوب علمي واستخدام أدوية مصرح بها ومن حيث الموافقات التأكد من أمور عامة.

مأساة فادي

"والدة فادي" اسم مستعار لسيدة خمسينية تشعر بمراره كلما لمحت أي شيء يذكرها بابنها الذي تجتهد لنسيان المعاناة التي تشاركوها حتى وفاته قبل حوالي عام في إحدى المصحات غير المرخصة لعلاج الإدمان، وسبب المرار ليس فقط الحزن لفقد الابن، تقول والدة فادي:" لم أفكر في تقديم شكوى ضد المصحة التي تركته يحتضر وبعد التردد على 3 مستشفيات وافته المنية؛ والسبب هو الخوف من استكمال مسلسل الفضائح الذي بدأ قبل 4 أعوام مع ادمانه وعند وفاته تملكتني الرغبة في دفن فضائحه معه، لكني لم أتخلص من تأنيب الضمير لتقصيري في المطالبة بحقه".

تكمل قائلة:" تصاعدت حدة المشاكل بين زوجي وأبنائي ما دفع فادي الأكثر هدوءً وكتمانا إلى الإدمان، وكانت البداية من خلال الترامادول ثم انتقل إلى البودرة أو الهيروين؛ وهو ما أفقده ما تبقى من عقله وتكرر سرقته لممتلكاتنا لبيعها، وأصبح يضرب والده حتى طرده، واختفى ثم ظهر في حالة سيئة؛ وطلب مساعدته للعلاج".

وبدأت رحلة العلاج فشلت في إدخاله مستشفى حكومي وأمام قوائم الانتظار الطويلة ألحقته بمستشفى خاص كنت أعلم أنه غير مرخص ونجح في علاجه، رغم شكواه المتعددة ولكن الطبيب أخبرني أن الشكوى أمر طبيعي بالنسبة لأي مدمن، لكنه بعد حوالي عام انتكس، وعندما بحثت عن المصحه وجدت أنها أغلقت أبوابها.

وألحقته للعلاج في المصحة التي توفي فيها في منطقة حدائق الأهرام، ولم يكن يرغب في دخولها فقمت بتطبيق نظام الخطف، كنت أتمزق من الألم لكن لم أمتلك بديل أخر خاصة لقلقي على سمعة أخته التي رسبت في الثانوية العامة، هذا بالإضافة لمرض والده الشديد، ووقتها لم أرتاب من تنقل مقر المصحة المتكرر من مناطق غير مأهولة بالسكان إلى أخرى، حيث انتقلت إلى عمارة في المقطم ثم فيلا في القاهرة الجديدة".

في العاشرة من صباح إحدى الأيام تلقت أم فادي اتصالا من المصحة يطلب منها الحضور بسبب تراجع حالة ابنها الصحية، وبالفعل وجدته في حالة سيئة ولم تلتفت لمحاسبة مسؤول المصحة وهو ليس طبيبا كما عرفت فيما بعد، بل هو مدمن متعافي، وتنقلت بين ثلاث مستشفيات إلى أن وافقته المنية عند الوصول لمستشفى القصر العيني الفرنساوي، أكثر ما يؤلمني أنني لم أفكر في الشكوى وعندما ذهبت لمقر المصحة مؤخرا وجدته مهجورا لأنه كان مستأجرا، وحينها كان لسان حالي مات وسره معه، لكن حسرتي لم تمت".

2

طريقة "الشحن"

"الشحن" هو أسلوب تتبعه المصحات الخاصة بصفة عامة من أجل إلحاق المريض للعلاج بالمصحة في حالة رفضه، من خلال تخديره ونقله في سيارة إسعاف، وذلك بالاتفاق مع أسرته، وتكلفته تبدأ من ألف جنيه.

في هذا السياق قالت دكتور منال العطار، عضو المجلس القومي للصحة النفسية إن أسلوب "الخطف" أو "الشحن" غير قانوني حتى لو تم بالتراضي مع الأسرة.

3

قوائم انتظار المستشفيات الحكومية

"بكل أسف تزايدت أعدد المدمنين بل يمكن القول أنها تضاعفت خلال السنوات الأخيرة"، بهذه العبارة الصادمة بدأ حديث دكتورة ندى عادل، مدير إدارة الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية، وعن طول قوائم الانتظار من أجل الالتحاق بالعلاج في المستشفيات الحكومية، قالت إن المستشفيات تستقبل أعداد كبيرة، كما أن لديها استعداد لاستقبال حالات أكثر، خاصة وأنها تغطي غالبية محافظات الجمهورية، وأشارت إلى أن الاتجاه العالمي الآن للعلاج من خارج المصحة، أو من المنزل إلا في حالة علاج أعراض الانسحاب القوية، لافتة إلى استقبال أعداد كبيرة من المرضى في العيادات الخارجية، يصل إلى 150 مريض يوميا.

وأضافت أن زيادة الإقبال على العلاج في المستشفيات يمكن اعتباره مؤشر جيد لزيادة الوعي نتيجة حملات التوعية عن أبجديات الطب النفسي، والتي ساهمت في التأكيد على أن العلاج النفسي ليس وصمة.

وعن مراحل العلاج ، قالت دكتورة ندى عادل أن المريض يخضع للكشف عليه طبيا ونفسيا، من أجل معرفة مرحلة الإدمان التي وصل لها، ثم يبدأ التحفيز على العلاج، وتختلف الجلسات من مريض لأخر، بعدها يبدأ العلاج النفسي والتأهيلي، وجلسات العلاج السلوكي المعرفي، ثم التدريب على إدماج المريض في المجتمع بعد فترة تتراوح بين 3 الى 6 شهور، مع استمرار المتابعة معه كل أسبوعين على مدار سنتين.

الرقابة على الإعلانات

بالبحث على مواقع التواصل الاجتماعي رصد "مصراوي" عشرات المصحات والتي لها مواقع إلكترونية تقدم إرشادات للعلاج ومعلومات عن الإدمان، وبالرجوع إلى صندوق مكافحة الإدمان تبين أنها كثير منها غير مرخص.

وأكد دكتور علي عبدالله، رئيس مركز الدراسات الدوائية، أهمية الرقابة الصارمة للإعلانات المقدمة عبر كافة الوسائل سواء كانت قنوات تلفزيونية أو مطبوعات والأخطر والأهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن المسؤولية تقع بالأساس على إدارة العلاج الحر في وزارة الصحة، والتي تقصر في الرقابة على الإعلانات والمنشآت العلاجية في الأحياء الشعبية وفي الأقاليم.

قالت دكتورة منال العطار، عضو المجلس القومي للصحة النفسية، إن المجلس لا يملك أي صلاحيات للإشراف والمراقبة على الإعلانات، وقالت:" لكن هي وسيلة لمعرفة الأماكن المخالفة، ويمكن التحرك على أساسها".

التوعية غير المستمرة

أكد رئيس مركز الدراسات الدوائية أهمية توفير تبعات الإدمان؛ وذلك عبر التوعية والتثقيف، موضحا أن الإدمان يبدأ من تدخين السجائر ثم الحشيش ومنه إلى الترامادول، الذي يدفع بالمدمن للانتقال إلى الأسوأ وهو الهيروين، وهنا تكمن ضرورة التوعية حتى لا يصل الشباب لمرحلة الانتحار.

يكمل في سرده للحلول مؤكدا على أهمية تقليل المعروض من المواد المخدرة حتى نتمكن من "إغلاق الحنفية" كما يقولون، فضلا عن تشديد الرقابة على مقدمي الخدمة العلاجية من الأطباء والصيادلة. لأن المرضى يتساهلون مع مسألة شراء المسكنات وهم لا يعرفون أن قرص المسكن يمكن أن يوصل للإدمان. وختم حديثه قائلا:" الأزمة أيضا أن كل الأطراف تعمل في جزر منعزلة عن بعضها"، لافتا إلى ضعف التعاون بين الجهات المسؤولة عن محاربة الإدمان.

عن حملات التوعية الحالية قال دكتور علي عبدالله، رئيس مركز الدراسات الدوائية، إنها تتسم بالضعف وعدم الاستمرارية، فضلا عن عدم وصولها للفئات المستهدفة، فهي لم تنزل إلى المدارس الثانوية والفنية والعمال أي فئات الأكثر عرضه للإدمان.

في السياق ذاته أكدت دكتورة ندى عادل، مدير إدارة علاج الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية، على أهمية التوعية المستمرة، ليس فقط من خلال وسائل الإعلام، لكن في المدارس أيضا، مؤكدة على أهمية دور الأهل في ملاحظة أي تغيير على أبنائهم. وأكدت على أهمية إيقاظ ضمائر الصيادلة، موضحة أن سهولة بيع وتداول المخدرات يجب وقفه وأن بعض المرضى قال لها:"لو عايزة ترمادول أجيبلك في 5 دقايق".

وطالبت مدير إدارة علاج الإدمان بتغليظ رقابة كل من إدارتي الصيدلة والعلاج الحر في وزارة الصحة.

دبلومة علاج الإدمان

غياب وجود دبلومة علمية متخصصة في علاج الإدمان، واحدا من أهم الأسباب زيادة وجود مصحات غير مرخصه تقدم أساليب علاجية غير علميه، وذلك وفقا لما ذكره دكتور أحمد أبو العزايم، استشاري الطب النفسي ورئيس الاتحاد العربي للجمعيات غير الحكومية للوقاية من الإدمان.

ووجه أبوالعزايم الاتهام للمجلس الأعلى للجامعات قائلا إنه يعمل ضد الدولة لعدم موافقته على أي دبلوم تخصصي في علاج الإدمان، باستثناء دبلومة المعهد القومي للتنمية المهنية المستدامة، وطالب بإنشاء تخصصات في علم الإدمان؛ منها :" الوقاية والإعلام الموجه للوقاية من الإدمان، طب شرعي الإدمان والعلاج بالموسيقى وغيرها"، لافتا إلى أن الزمالة المصرية للطب النفسي لا تنتهي بالتخصص مثل أي تخصص أخر.

ولفت أبوالعزايم إلى تأثير أزمة التمريض، وهي أزمة عامة تعانيها مصر وتزداد صعوبتها بالنسبة لعلاج الإدمان، وهو ما يحتاج إلى تدريب خاص، فضلا عن تأهيل المعالج النفسي وهو خريج كلية الآداب قسم علم نفس والذي يحتاج للتأهيل بشكل يساعد على استكمال العلاج لاسيما في حالة وجود مشاكل أسرية يمكنها دفع المدمن للانتكاسة.

نفت دكتورة ندى عادل، مدير إدارة علاج الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية، وجود صعوبة في الحصول على دبلوم أو ماجستير الطب النفسي، موضحة أن الإدمان يندرج تحت تخصص الطب النفسي؛ لأنه مرض، وأضافت قائلة:" من الأفضل وجود زمالة علمية متخصصة لعلاج الإدمان؛ وهو ما سوف يجعل تخصص علاج الإدمان جاذبا للأطباء".

برتوكول لعلاج الإدمان

في نهاية عام 2015 أصبح لدينا برتوكول علاجي مستند على أدلة علمية تم تطبيقه منذ بداية العام في مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية، هذا هو ما كشفت عنه دكتورة ندى عادل مدير إدارة علاج الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية، موضحة أنه غير ملزم للمستشفيات الخاصة، كما أكدت على عدم وجود فجوة بين الأنظمة العلاجية العالمية والمتبعة في مصر.

أوضحت دكتورة ندى عادل أن مجموعات الدعم والمساندة، لها دور مهم في العلاج لكن تتم تحت إشراف طبي وإجراءات مشددة، وتكون بمشاركة متطوعين لهم رابطة يتعلمون من خلالها كيفية مساعدة المرضى، ويتدربون على تقديم الدعم للمرضى.

4

الخط الساخن للصحة النفسية

الخط الساخن للعلاج النفسي يستقبل شكاوى واستفسارات من المتصلين من كافة أنحاء الجمهورية، ويضم أخصائيين اجتماعيين وطبيبة للرد على الاستفسارات، ويتم تحويل الشكاوى إلى إدارة شكاوى المستشفيات الحكومية.

عن الاتصالات التي يتلقاها الخط الساخن للصحة النفسية قالت دكتورة أماني فلاح، مدير ادارة الخط الساخن بالأمانة العامة للصحة النفسية، إن غالبية الاتصالات تكون لمعرفة أماكن المستشفيات والعيادات الحكومية ويتم إرشادهم للأقرب إلى النطاق الجغرافي الذي يعيشون فيه.

وأضافت :" لا يمكن تشخيص أحد من خلال التليفون لكن يتم إرشاده حول كيفية التصرف في حالة الحصول على جرعة زائدة من المخدر على سبيل المثال، وعادة التدخل الطبي يكون في أضيق الحدود".

ولفتت إلى أن غالبية الاتصالات التي يتلقاها الخط الساخن خاصة بالإدمان وتبعاته، وقالت:" حتى الآن ثقافة اللجوء للعلاج النفسي محدودة، لأن الناس لا تتعامل مع المخ على أنه عضو مثل باقي أعضاء الجسم، ويتم التعامل مع من يعاني مشكلة نفسية على أنه مجنون".

5

وصم المدمنات

كشفت دكتورة ندى عادل، مدير إدارة علاج الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية، عن أن الوصم يؤثر على إقبال السيدات على العلاج والنتيجة أفضل في الاسكندرية والقاهرة، لافتة إلى خوف الآباء من علاج بناتهم بسبب الوصم.

وتحدثت عن تخصيص برامج علاجية تناسب كافة الفئات، يوجد مستشفيات تخصص أيام محددة لاستقبال المراهقين، والسيدات لمواجهة الوصم والخجل.

للسيدات نصيب كبير من مكالمات الخط الساخن للصحة النفسية، وفقا لتصريحات دكتورة أماني فلاح، مسؤول الخط، والتي قالت إن الوصم والخوف من الذهاب لمكان علاجي به رجال هو السبب وراء اللجوء للاتصال التليفوني للحصول على المشورة؛ لاسيما أن السرية محفوظة، وأحيانا تكون التساؤلات عن مشاكل خاصة بأسرتها، والأزمة الأكبر بالنسبة للفتيات لتخوف أباءهن الشديد على سمعتهم.

أخصائي نفسي في الأقاليم

أشار دكتور أحمد أبوالعزايم، استشاري الطب النفسي، إلى أهمية وجود أخصائي نفسي في كل وحدة صحية في الأرياف لمتابعة حالة المريض، وليس فقط طبيب القرية الذي يقدم الرعاية الصحية الأولية متخصص طب نفسي وطب نفسي وقائي.

وقالت دكتورة ندى عادل، مدير إدارة الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية، إن الأمانة قامت بتدريب أطباء الوحدات الصحية على كيفية اكتشاف حالات الإدمان، والإجراءات الواجب إتباعها من أجل التغلب على قلة أعداد الأطباء، وضمان تقديم الرعاية الطبية في كل مكان.

صورة 6

الحق في الشكوى

عن آلية تلقي الشكاوى قالت دكتورة ندى عادل، مدير إدارة الإدمان في الأمانة العامة للصحة النفسية :"لسنا الجهة المنوط بها بحث الشكاوى، ويقتصر دورنا على مراقبة المستشفيات الحكومية، والتأكد من حماية خصوصية المرضى تطبيقا لنصوص القانون".

وأوضحت دكتورة أماني فلاح، مدير إدارة الخط الساخن بالأمانة العامة للصحة النفسية، أن الخط الساخن للصحة النفسية يستقبل شكاوى عن انتهاكات وقعت لمرضى داخل المصحات غير المرخصة لعلاج الإدمان ويتم تحويلها للمجلس القومي للصحة النفسية.

"عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة ما ينتج عنه تعريض حياة المرضى للخطر"، هذا هو ما تحذر منه دكتورة أماني فلاح، مسؤول الخط الساخن للصحة النفسية، موضحة أن المصحات غير المرخصة لا توفر طبيب بصورة دائمة وفي حالة أعراض الانسحاب العنيفه تحدث مشاكل صحية خطيرة، يمكن حدوث تشنجات أو مضاعفات خطيرة منها الفشل كلوي أو التغير المستمر في ضغط الدم والنبض.

قالت دكتورة منال العطار، عضو المجلس القومي للصحة النفسية، إن المجلس يتلقى بلاغات إما من مرضى أو من ذويهم أو من أشخاص يسكنون بالقرب من المصحات غير المرخصة، موضحة أن رقابة المجلس على المصحات الخاصة ترتكز على المصحات المرخصة المدرج أسمائها في السجلات الرسمية.

تكمل: وفي حالة تلقي الشكوى يتم بحث الأمر من خلال التواصل مع كل من الأمانة العامة للصحة النفسية وإدارة العلاج الحر في وزارة الصحة والإدارة العامة لمباحث المخدرات، ويتم توفير أماكن لعلاج المرضى والتواصل مع أسرهم، أما في حالة الوفاة يتم تحويل الأمر للنيابة العامة".

وأوضحت أنه يجري مطالبة وزارة العدل بحصول مفتشي المجلس القومي للصحة النفسية على الضبطية القضائية أسوة بإدارة العلاج الحر في وزارة الصحة.

فيما يتعلق بالتخوف من الإبلاغ عن المصحات غير المرخصة لعلاج الإدمان أكدت دكتورة منال العطار على أن خصوصية المرضى يضمنها القانون، كما أن علم المريض بعدم ترخيص المصحة لا يسقط الحق الشكوى.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان