مرضى الغسيل الكلوي.. "حياة متعلقة بورقة" -(صور وفيديو)
كتب وتصوير – أحمد جمعة:
وقف الرجل الخمسيني محمد صلاح ينظر إلى الورقة المُعلقة في مدخل وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى الريان في منطقة المعادي تفيد بغلقها مؤقتًا مطلع ديسمبر المقبل. تمتم بكلمات غير مكتملة قبل أن ينطق "طب نروح فين.. والله حرام". حال جمال ينطبق على نحو 160 مريضًا ممن تخدمهم الوحدة ومصيرهم مُعلق بإمداد المستشفى بالمستلزمات الطبية من فلاتر ومحاليل.
تعاني المستشفيات والمراكز الخاصة من أزمة نقص المحاليل الطبية منذ أكثر من 3 شهور، ضمن ما يقرب من ألف عقار طبي، نتيجة لارتفاع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار خلال الفترة الأخيرة. وزاد من الأمر قرار البنك المركزي بتحرير أسعار الصرف، وهوّ ما ترتب عليه توقف بعض الشركات عن إنتاج وتوريد تلك المحاليل.
لا يُهم صلاح ومن معه داخل الوحدة تفنيد إدارة المستشفى لتلك الأزمة، مطلبهم واحد يريدون معرفة هل سيستمرون في العلاج داخل الوحدة، أم سينتقلون إلى مركز أخر؟ "لو مشتونا وفرولنا بديل. وياريت وزارة الصحة تشوف حل.. مفيش غير كده".
يقول صلاح الممدد على أحد الأسِرة بينما تخرج منه خراطيم طبية خلال خضوعه لجلسة الغسيل الكلوي "من 15 يوم لقينا واحدة بتخطرنا أن الوحدة هتقفل 1 ديسمبر والحقوا شوفوا مكان لأن مفيش محاليل متوفرة ولا فلاتر. عملنا محاضر ورحنا النيابة ووزارة الصحة علشان نمنع تنفيذ القرار. حرام الناس تستحمل فوق طاقتهم".
صلاح ليس وحده الذي بات مهددًا بإيقاف تلقي جلسات الغسيل، كما أن مستشفى الريان ليس وحده هوّ الأخر الذي يعاني من تلك الأزمة، فبحسب مصادر طبية تحدثت إلى مصراوي فإن 5 مراكز خاصة بمدينة طنطا أغلقت في وقت سابق نتيجة الأزمة قبل إمدادهم بالمستلزمات الأسبوع الماضي ومن ثم أعادوا فتحهم، كما هدد مدير المستشفى الميري الجامعي بالإسكندرية بإغلاق وحدة الغسيل نهاية الشهر الجاري حال استمرار الأوضاع الحالية.
توضح الدكتورة ماجدة الطنطاوي، رئيس الإدارة المركزية للطب العلاجي، أن نسبة المرضى الذين تجرى لهم جلسات غسيل كلوي بالمراكز الخاصة تبلغ 30,5% من إجمالي عدد المرضى على مستوى الجمهورية، أما باقي الحالات والتي تبلغ نسبتها 69,5% من إجمالي عدد المرضى فتجرى لها جلسات الغسيل الكلوي بمستشفيات الوزارة والتأمين الصحي والمراكز الطبية المتخصصة والمستشفيات التعليمية والجيش والشرطة.
تقطع آهات سيدة أربعينة تتأوى من تأثير جلسة الغسيل، حديث صبري علي أحد الخاضعين لجلسة الغسيل الكلوي. "شايف دي لو فوتت جلسة هيحصلها ايه؟ إحنا بنغسل 3 مرات في الأسبوع. لو مغسلتش مرة، التانية بالسلامة!".
يقول الدكتور خالد محمد، نائب مدير المستشفى، إن الأزمة ليس سببها نقص الموارد المالية، لكنها تكمن في عدم توفر المستلزمات منذ شهرين "معانا الفلوس ومش لاقيين الفلاتر والمحاليل"، مضيفًا أنهم يتعاملون مع المرضى الحاصلين على قرارات العلاج على نفقة الدولة، والتأمين الصحي، حيث تتواجد 29 ماكينة غسيل لخدمة 160 مريضًا ويعملون على 3 نوابات يوميًا.
لكن الدكتورة رشا زيادة، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية، أشارت إلى أنه تم مخاطبة المديريات لإرسال احتياجاتهم التي تكفي لمدة 3 أشهر، وتم عقد اجتماع مع شركات التوزيع الكبرى والتي تعهدت بالتزامها بالنسب الخاصة بهوامش الربح المنصوص عليها بالقرارات الوزارية.
يؤكد نائب مدير مستشفى الريان أنهم يضطرون لشراء المحاليل بأسعار أعلى لعدم توفرها وكذلك الفلاتر "سعر الفلاتر وصل لـ 160 جنيه للسوق بعد أن كان لا يتجاوز 60، وسعر كرتونة المحاليل وصل 220 بدلًا من 80 جنيه"، بل في بعض الأحيان يضطرون لشراء أدوية غير أساسية بأكثر من 4 آلاف جنيه لضمان توريد المستلزمات، على حد قوله.
وجدد وزير الصحة أحمد عماد تأكيده على توفر الفلاتر الطبية أمس الثلاثاء. وقال في تصريحات للصحفيين إنه تم شراء الفلاتر اللازمة للمستشفيات ضمن مناقصة برلين بتخفيضات كبيرة، وهذا كان له الفضل في خفض تكلفة الجلسة الواحدة من 140 جنيه إلى نحو 90 جنيهًا، لكننا دعمنًا للمراكز الخاصة والمستشفيات قررنا رفع سعر الجلسة إلى 200 جنيه وتتحمل الوزارة هذا الفارق بنحو 600 مليون جنيه، والمريض لن يتأثر بتلك الزيادة مطلقًا.
هذا القرار يراه نائب مدير مسشفى الريان بمثابة "جزء من الحل لتغطية فرق الأسعار"، لكن الأهم توفير المستلزمات الطبية.
اهتم جمال محمد –أحد المترددين على وحدة الغسيل بمستشفى الريان- بمتابعة المقابلات الإعلامية حول أزمة مراكز الغسيل الكلوي، حيث استمع إلى حديث وزير الصحة عبر التلفزيون نافيًا وجود أزمة في نقص المستلزمات. يقول "بلاش يحرقوا أعصابنا. إحنا لو مغسلناش هنطلع على المقابر".
فيديو قد يعجبك: