نائب 25/30 عن تفاصيل قانون الجمعيات الأهلية: مشفق على الناس وعرفنا أخر التعديلات قبلها بدقائق
حوار-إشراق أحمد:
أقر مجلس النواب، أمس، قانون الجمعيات الأهلية، بعدما وافق عليه مجلس الدولة، لتنغلق صفحة الجدال الذي شهده القانون منذ طرحه داخل البرلمان مطلع هذا الشهر، لكن على غير هوى كثير من منظمات المجتمع المدني، وأيضا بعض أعضاء المجلس، الذين عارضوا خروج القانون لما وجدوا فيه من إضرار بمصلحة الناس، وكان من بين هؤلاء نواب كتلة 25/30.
مصراوي تحدث هاتفيا إلى إيهاب منصور، نائب مجلس النواب عن دائرة العمرانية، وأحد أعضاء الكتلة. وأوضح في حوار معه تفاصيل الجلسة النهائية التي شهدت إقرار القانون، واستعرض رؤية المعارضون للقانون، مؤكدا أنهم لم يأخذوا الفرصة داخل البرلمان للحديث عن سلبيات القانون بالنسبة لهم، وأنه يمكن العدول عن القانون فقط في حالة وقوع أزمة تمس الناس، متوقعا أن يقل عدد الجمعيات الأهلية في مصر إلى النصف خلال عام.
حدثنا عن تفاصيل ما حدث بالجلسة النهائية لمناقشة قانون الجمعيات الأهلية أمس؟
بداية فوجئنا قبل بدء الجلسة بتوزيع كتيب، عبارة عن تقرير تكميلي، به 23 ملحوظة ونصوص مقترحة وأسباب تعديلات، نحو 80 صفحة، فلم يكن من المعقول أن نقرأ ونذاكر قانون بمثل هذه الأهمية قبل دقائق من مناقشته، التي كانت في الثالثة مساءً.
وحينما حاول النواب المعترضون على القانون أخد الكلمة لطرح الرؤية، تم منعنا من المناقشة وقيل لنا نصا "مش هديكوا الكلمة النهاردة"، وتحدث فقط النواب الموافقون، رغم استمرار رفع أيدينا وأصواتنا بقول "لا يتم النظر إلينا"، إلا أنه كان هناك تجاهل تام وإصرار على تمرير القانون بسرعة، فلم يستغرق الأمر نحو الساعة.
وهل اتخذ النواب المعارضون موقف بشأن هذا؟
نعم خرجنا من الجلسة، بعد "محايلة" لأخذ الكلمة.
وهل حديث النواب المعارضون كان ليحدث تغيير؟
لم يكن سيحدث تغييرا كبيرا لكن كنا سنطرح الرؤى ربما ننجح في تغييرها "نخلي الناس تشوف السلبيات على الأقل"، لكننا لم نعطَ الفرصة لطرح الرؤية حتى تُرفض.
وما هي أسباب رفضك للقانون في الأساس؟
لم أعارض وجود قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية حين تم طرح الفكرة. أنا مع وجود ألية لمنع ما يضر بأمن مصر، فكنت بين الموقعين لدخول القانون إلى البرلمان للمناقشة، لكن حينما اطلعت عليه ودرسته وتشاورت مع متخصصين، وجدته "سيء جدا"، إن لم يكن أسوأ ما يمكن كتابته في هذا الأمر، لأن مواده تحجم عمل الجمعيات والمؤسسات التي تقدم خدمات للناس، ومَن التقيت بهم طيلة الفترة الماضية أكدوا لي هذا الرأي.
إذن التقيت مع رؤساء جمعيات طيلة فترة طرح القانون للمناقشة؟
نعم تقابلت مع العديد من أصحاب المنظمات والجمعيات الخدمية، وكانت أخر مرة قبل يومين من إقرار القانون، حين عقدت كتلة 25/30 مؤتمر صحفي بإحدى الفنادق لإعلان رفض مواد القانون، وتوجهت الدعوة العامة إلى الجمعيات الأهلية، وكثير منهم كانوا في حالة قليل شديد، حتى أنهم اجمعوا على قول "لو القانون مشي بهذه الكيفية إحنا أكرم لنا نقفل وبلاها عمل تطوعي"، واذكر صاحب جمعية عمره 59 عاما، يعمل في هذا المجال منذ نحو 18 عاما قال لي "مش بعد العمر ده الواحد عايش بكرامته واتحبس".
ومَن أبرز الذين التقيت بهم؟
الدكتور طلعت عبد القوي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، التقينا به قبل أسبوع، وقال إن القانون سيء جدا، وعدد لمدة ساعة المشاكل في كل البنود، لكنه للأسف لم يتحدث بصوت مسموع "فلما رئيس الاتحاد يقول هذا الكلام ويطلع قانون بهذا الشكل اسأله هو شخصيا أين كنت.. ليه معلاش صوتك، ليه مقولتش أن في خطر هو يتحمل مسؤولية كبيرة برضه".
حدثنا عن أبرز المواد غير المرغوب فيها بالقانون؟
الكثير من المواد سيئة لكن أبرزها ما يتعلق بالعقوبات، إذ نصت على الحبس والغرامة، في حين أنه في قوانين أخرى حينما تم المطالبة بتشديد العقوبة مثلما فعلت مع قانون الضريبة المضافة، وتحدثت عن زيادة الغرامة المدفوعة على المتهربين كان الرد "لو زودت العقوبة القاضي هيميل إلى البراءة..متزودش عشان القاضي يقدر يدي عقوبة".
حدث ذلك قبل شهور بسيطة فهل من العدل والطبيعي حين نتحدث عن قانون الجمعيات تكون العقوبة الحبس ما لا يقل عن عام ولا يزيد عن 5 سنوات والغرامة، أما المتهرب من الضرائب "اللي مبيدفعش حق الدولة" يعاقب بالحبس أو الغرامة، التي يصل الحد الأقصى لها في القانون إلى 50 ألف جنيه.
ماذا أيضا عن مواد العقوبات؟
أسباب العقوبة ذاتها بها مشكلة، هل يجوز أن يكون تأسيس الجمعية بالإخطار والموافقة كتابة، ثم يأتي القانون ليعاقب صاحب الجمعية بالحبس في حال انتقال المقر دون التقدم بموافقة الجهة الإدارية "يعني الأصل يكون سهل وأنا اعقد الفروع".
هذا ما يتعلق بالعقوبات.. ماذا عن المواد المنظمة لعمل الجمعيات؟
هناك مادة تتحدث عن التبرعات، تحتم التقدم إلى الجهة الإدارية للحصول على موافقة خلال 30 يوم في حالة الحصول على تبرع "طيب الجمعيات الصغيرة اللي ساعات بيجيلها تبرع شهري 100 جنيه فقط لا غير هيعملوا إيه عشان يقدموا موافقة على التبرع ده"، أنا مشفق عليهم، كذلك البحوث الميدانية والاستطلاعات لابد من الحصول على موافقة من الجهات وهي متعددة في القانون.
قالت بعض الجهات الحقوقية المنتقدة للقانون إن هناك نصوص مخالفة للدستور. ما تعليقك؟
لدينا مجلس الدولة جهة محترمة، وقامات دستورية مثل رئيس مجلس النواب وأخرين موجودين في المجلس، فهم مَن لديهم دراية بهذا الشأن، لأنه سيكون أمر سيء في تاريخ المجلس إن ظهر عوار دستوري في القانون.
بالعودة للبداية في ما كانت الأسباب المطروحة لإقرار قانون للجمعيات الأهلية؟
ما قيل في المجلس أنه يوجد بعض الجمعيات المشبوهة التي يجب التصدي لها.
وهل تم تحديد نوعية النشاط المشبوه وعدد هذه الجمعيات؟
قيل إن الجمعيات تعتمد على تمويل أجنبي ليس بغرض التنمية، لكن بهدف الإضرار بأمن مصر، وحينما سألنا عدد العدد قيل نحو 200 جمعية.
تداولت الأوساط الحقوقية أن القانون يستهدف بشكل أساسي الجمعيات الحقوقية.. ما تعليقك؟
صراحة لم يذكر شيء بعينه داخل جلسات البرلمان عن الجمعيات الحقوقية.
وكيف استقبل النواب القانون؟
قبل نحو أسبوعين دخل القانون للمناقشة، التي تمت على مدار يومين، كان في موافقة من جانب كبير، أما النواب المعارضون فقلنا إن القانون يحتاج لكثير من التعديلات، لكن باب المناقشة كان يغلق دون منح الكلمة لجميع منَ أراد الحديث عن التعديلات، فنحن في هذا القانون لم نُمنح الكلمة كما طلبنا.
وماذا كان رد فعلك والنواب المعارضين؟
قلنا إننا مع حل هذه الجمعيات وحبس مَن يعمل بها وتغريمهم إن ثبت ذلك، وإنه ممكن طرح باب لهذا وليس إصدار قانون بهذه الهيئة "لأن مش عشان اقفل كام جمعية لا تذكر أهدد 48 ألف تانية وارهب الناس بهذا الشكل مينفعش".
حدثنا عما فعله النواب المعارضون للقانون بداية من طرح القانون؟
في الجولة الأولى لمناقشة القانون، اعترض عدد من النواب منهم المنتمي لأحزاب وأخرين مستقلين، تحدثنا عن مدى سوء القانون وما يمكن أن ينتج عنه من تهديد لمصالح الناس، حتى أن إحدى النائبات ذكرت أن حوالي 30% من الخدمات الصحية في القاهرة والجيزة تقوم بها جمعيات أهلية وقالت "هنعمل ايه لما النسبة دي فجأة الدولة تلاقيها بتطالبها بحل مشاكلهم".
ونوهنا أن قانون الحكومة رغم وجود ملاحظات عليه إلا أنه كان "أرحم" من هذا القانون، غير أن أحد لم يستمع، لذا تقدمت إلى المجلس بطلب سحب توقيعي من على هذا القانون قبل نحو ثلاثة أسابيع، وهذا الاعتراض أدى إلى تحسين المواد إلى حد ما.
وما هي هذه التحسينات؟
قدمنا العديد من التعديلات لكن ما استطعنا فعله هو تحسين بعض المواد، بعدما أعاد مجلس الدولة 23 مادة من أصل 89 لوجود مشاكل بها، لكن ما تم تحسينه هو 7 مواد فقط، أبرزها المادة الثانية المتعلقة بتوفيق الجمعيات لأوضاعها التي أصبحت خلال عام بدلا من 6 شهور، وكذلك المادة 42 تم تقليل أسباب حل الجمعية، ليصبح حل مجلس الإدارة في حالة عدم الانعقاد.
وكيف تم الاتفاق على تلك التعديلات أو التحسينات كما تصفها؟
التحسينات كانت نتيجة لعقد كتلة 25/30 للمؤتمر الصحفي الذي كان مذاع، وتابعه أعضاء البرلمان، فبعضهم حاول الاستجابة شيئا ما، لكنها محاولات لتحسين القانون بينما "جوهر وروح" القانون كما هو.
هل هناك خطوات ستتخذونها كنواب معارضين للقانون أم انتهى الأمر؟
الأمر انتهى جزئيا، الأغلبية وافقت على القانون بصفة نهائية، لكن اتمنى من الزملاء المحترمين الذين وافقوا على القانون، أن يتابعوا الجمعيات الفترة المقبلة "يشوفوا الناس الغلابة هتضرر ولا لأ"، بحيث يمكن العودة وتعديل المواد "ده لو كان في الوقت بقية".
إذن هل يمكن تعديل القانون؟
نعم من الغد يمكن تقديم طلب تعديل، لكن اعتقد أنه لن يحدث إلا في حالة وقوع أزمة على الأرض، وإن كنت لا أتمنى حدوث هذا، وأن يخيب ظني لكن للأسف "القانون ده هيضر الغلابة شويتين تلاتة ضرر مش قليل".
وفي رأيك ما أكثر الفئات المتضررة من القانون؟
بالتأكيد الجمعيات الخدمية التي تعمل في مجال الصحة والتعليم وغيرها، هم مَن اهتم بهم أكثر من الجمعيات الحقوقية، فعلى سبيل المثال حملات توزيع البطاطين في الشتاء اتساءل "هل هتبقى بالسهولة بعد تطبيق القانون؟"، فالأكثر تضررًا من القانون هي الأماكن "اللي منعها هيوجع الناس في أكلهم وشربهم وصحتهم وتعليمهم".
ماذا عن قانون الحكومة فيما اختلف عن قانون البرلمان الذي تم إقراره؟
الفرق في الأرقام المالية والعقوبات والتضييق على الفرعيات. على سبيل المثال في بند تخصيص مبلغ مالي عند التأسيس، قانون الحكومة ذكر ألف جنيه، فيما قانون البرلمان 10 آلاف "ودي الحكومة اللي طول الوقت بنقول أنهم بيزودوا أعباء ومش حاسين بالناس"، لكن أكرر أن قانون الحكومة لم يكن الأفضل، لكن الخيار بين القانونين كان المفاضلة بين السيء والأسوأ.
وهل حقا لم يتم الأخذ بقانون الحكومة لأنه أُرسل متأخرًا إلى البرلمان؟
لأ. قانون الحكومة وصل في 2 نوفمبر الجاري، وكان يمكن إعطاء مزيد من الوقت لإعادة المداولة والمناقشة، لكن تم الاستجابة لمداولة قانون المرور والمواصلات والحقيقة كنا ككتلة 25/30 ممن طالبنا بهذا، ولم نعد لقانون الحكومة مرة ثانية.
بعض الجهات الحقوقية قالت إن سياسة البرلمان معارضة للحريات.. كيف ترى هذا؟
لا اتفق مع ذلك، لم أرَ قوانين أخرى تقيد الحريات، وقانون الجمعيات لا يقيد الحريات بمفهومها العام لكن عمل الجمعيات.
ما الذي تتوقعه بعد تطبيق القانون؟
أتوقع خلال عام أن يقل عدد الجمعيات إلى النصف مقابلة زيادة عدد الناس المحتاجين للمساعدة الذين كانت تخدمهم تلك الجمعيات "أحنا بنتكلم عن ملايين بتستفيد من الجمعيات دي"، وإن كنت لا أتمنى ألا يحدث ذلك.
فيديو قد يعجبك: