لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصراوي في منزل متهم بتفجير الكنيسة البطرسية.. "الفقر ضارب أركان البيت"

07:03 م الثلاثاء 13 ديسمبر 2016

محرر مصراوى مع والدة المتهم

كتب - محمد شعبان:

بخطوات حثيثة تقترب الأم صاحبة الـ60 عاما من غرفة ابنها مطالبة إياه بالاستيقاظ، متساءلة عن سبب استغراقه في النوم حتى وقت الظهيرة، لتخبره بأنها أعدت وجبة من العدس على الغداء، لكنها لم تكن تعرف أنها ستكون الأخيرة له قبل القبض عليه لاتهامه بالتورط في تفجير الكنيسة البطرسية الملاحقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أول أمس الأحد، والذي سقط على إثره 25 قتيلا وعشرات المصابين.

"محمد حمدي" شاب ثلاثيني، لم يكن اسمًا معروفًا لدي العامة، باستثناء قاطني شارع محمد زهران بمنطقة حلمية الزيتون، حيث يمتلك صالون حلاقة أسفل العقار الذي يقطن بالطابق الثالث منه، إلا أن اتهامه بتفجير الكنيسة البطرسية بالاشتراك مع 3 آخرين جعله مسارًا للحديث والتساؤلات.

15502833_1369785376389555_491423224_o

مع غروب الشمس، وقف خريج معهد المطرية أسفل منزله، مطالبًا والدته "منى محفوظ" بمنحه مبلغ من المال "أصله بقاله فترة قافل المحل عمل حادثة بالموتسيكل من شهرين على كوبري أكتوبر، وكان محجوز في مستششفى الهلال"، يخبرها بعدها بنبأ غير سار "أنا سمعت إن رامي ومراته علا اتقبض عليهم"، ليقرر زيارة شقيقته الصغرى أميرة التي تقطن بشارع مجاور "أنا نزلت من البيت وروحت قعدت عند قريبتي ومن ساعتها مشوفتوش تاني"، وفق رواية الأم لمصراوي.

"مش ناوي يا حمادة تخلص شقتك، عاوزين نفرح بيك".. تطالب أميرة شقيقها بضرورة الانتهاء من تجهيز "عش الزوجية" ليرد عليها بكلمات لا تزال عالقة في أذهان السيدة العشرينية "افصلي تفكيرك فيا، وريحي أعصابك شوية"، لينظر في هاتفه لمعرفة الوقت، إنها العاشرة والربع، ليقرر المغادرة، ليعود بعدها بلحظات طارقًا الباب "نسيت أسلم على الولاد، هما فين يا أميرة؟.. كان حاسس إنه هتحصلوا حاجة".. تقول الأخت بينما تتساقط الدموع من عينيها إن مكالمة جمعتهما قبل الحادث بيوم "مكان ما أرضي توديني توديني، لما أموت إدفنوني جنب أبويا".

15555594_1369785173056242_1879715299_o

يصعد الشاب إلى الشقة التي ورثتها والدته عن أهلها، يدخل غرفته البسيطة المكونة من سرير ذا طراز قديم ودولاب بني اللون ملاصق له، واضعا رأسه على الوسادة التي أعدتها له الأم بعد إصابته بكسور في الرأس جراء تلك الحادثة، لكن ثمة شئ حول الهدوء الذي يسود المنطقة إلى ثكنة عسكرية، عربات الشرطة وعناصر مسلحة ترتدي الزي الأسود الخاص بالعمليات الخاصة تفرض كردونا أمنيا، "الشرطة جاءت الساعة 2 وربع الفجر وقبضوا على محمد، وخدوه معاهم بكل احترام، وخلوه يقفل الباب بالمفتاح".. تؤكد رانيا، التي تقطن في الشقة المواجهة له.

جرس الهاتف الجوال الخاص بالأم لا يتوقف، تهرول نحوه بانقباض شديد في الصدر، "يا حاجة منى، إلحقي ابنك الحكومة جات قبضت عليه من البيت وقلبوا الدنيا هنا"، تتسمر الأم في موضعها، فلا تقدر على التحرك قيد أنملة، لتجري اتصالا بزوج ابنتها علي عبد العزيز، صاحب ورشة زجاج، طالبة منه النجدة والعون.

15540314_1369785206389572_434515812_o

"البيت لقيته متبهدل على الآخر، وكل حاجة كانت على الأرض".. تحاول صاحبة الـ60 عاما البحث عن ابنها، ليخبرها الأهالي "يا حاجة ماتخفيش، ساعتين تلاتة وهيرجع هما بس أكيد واخدينه تحري"، لم يطمئن فؤاد أم محمد لعبارات الجيران فقلبها يحدثها بأن الأمور ليست على ما يرام، خاصة عقب الاستماع لتفاصيل ما دار على لسان جارتها "رانيا".

مع الوهلة الأولى التي تطئ فيها قدمك الشارع المكتظ بالمحلات، تجد الأهالي يحدقون في المارة "معلش يا أستاذ، أصل إحنا بقالنا يومين في رعب".. يقول الحاج سعيد، إستورجي"، مشيرا إلى أن "حمادة" -كما يلقب بالشارع- كان محبا للجميع، ولم تظهر عليه أية علامات تدل على اعتناقه لأية أفكار عدائية، يقطع حديثه رجل ثلاثيني "مش قولنا محدش يتكلم.. مش عاوزين مشاكل".

15555419_1369783803056379_687074047_o

الحزن يخيم على سكان العقار، الجميع يحفظ جملة واحدة عن ظهر قلب "مانعرفش حاجة"، إلا أن والدة محمد حمدي، لم تترد في استضافتنا للدفاع عن "فلذة كبدها" الذي يعد عائل الأسرة "ابني اتظلم.. ابني كان على فرشته ولا نعرف أي حاجة عن الحادثة"، مؤكدة أنه مع وفاة زوجها اضطر "حمادة" للعمل وهو في المرحلة الثانوية ليساعدها في توفير نفقات المنزل إلى جانب معاش شقيقها البالغ 1200 جنيه.

تجلس الأم قصيرة القامة ببشرة قمحية في إحدى أركان الشقة المكونة من غرفتين لتؤكد أنها لم تلاحظ أي تغير على نجلها خلال الفترة الأخيرة، خاصة أنه لم يتغيب عن المنزل "هو ابني الكبير، بنتي مروة ماتت وسابتلي طفلة، وأميرة متزوجة، بس هو كان عصبي وبيصلي على فترات، ومالوش في السياسة ولا المظاهرات، كان بتاع أفلام ومسلسلات"، لتتذكر حديث مقتضب دار بينهما قريبا "قولت له يا واد يا حمادة.. مش خايف من الموت مش هتصلي".

15555160_1369785143056245_1473098505_o

تصمت "مني محفوظ" بينما أغرورقت مقلتيها من الدموع، لتقول ابنتها أميرة "محمد كان بيعشق الكلاب والموتيسكلات، وهو اللي مجهزني وأختي اللي ماتت علشان كده متجوزش لحد دلوقتي"، مشيرة إلى أنه عمل في أكثر من مهنة بداية من محل الحلاقة مرورا بشركة دعاية وإعلان عام 2012، ثم شركة شهيرة، لتسترجع كلمات لا تزال عالقة في ذهنها "من فترة قريبة قال لأمي قريب ربنا هيفرجها، وهجيب حاجة حلوة لأميرة وبنتها شهد".

حيرة أصابت الأم، وأرقّ يعصف بعقلها، وبيت دون عائل، وقرار من النيابة بحبس "محمدحمدي" 15 يومًا على ذمة التحقيقات، فيما تُتمتم الوالدة ببعض الكلمات "قادر يا كريم تظهر الحق، عوضي عند الله، احنا مش قادرين نوكل محامي.. مش معانا فلوس، وخايفة ماشفوش تاني".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان