لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

جمال عيد: الداخلية "فوق القانون".. وفكرة الرئيس عن الديمقراطية "غير صحيحة" - حوار

10:45 ص الإثنين 22 فبراير 2016

حوار - هاجر حسني:
تصوير - نادر نبيل:
يرى جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن ما يحدث في مصر هو نموذج مشوه لديكتاتوريات أمريكا اللاتينية، فهناك حالة من تقييد حرية الرأي والتعبير بالإضافة إلى الإفلات من العقاب الذي أصبح سمة لهذه المرحلة.

بالحديث عن البرلمان، قال عيد، في حواره مع مصراوي، إن المجلس الحالي "مُعيّن" وأنه لا يستطيع أن يعقد عليه أمل كبير في مناقشة القوانين المهمة، واصفًا إياه بأنه "برلمان الحكومة وليس الشعب". وإلى نص الحوار:

ما سبب منعك من السفر؟
تم إخباري أن هناك قضية ولكن لم يبلغني أحد، وكل ما علمته أن هناك قرار من النائب العام بمنعي من السفر بسبب قضية ما، ولكن ما هي القضية أو تفاصيلها لا أعلم شيئا!!، ولكنهم في المطار أبلغوني أن أتوجه لإدارة الجوازات فذهب المحامي 4 مرات وذهبت أنا مرتين، وهناك رفضوا إعطائي أية تفاصيل، بالرغم من أنني سلكت الإجراءات الرسمية.. فقدمت طلب ولكن الضابط المسؤول رفض وقالي "أنا مبديش ورق روح اشتكيني"، واحنا هنا بنتكلم على بلطجة بوليسية، ولكنني لا أعلم حتى الآن السبب الحقيقي وراء منعي من السفر، فأنا لا أدري إذا كان هذا منع بوليسي مثلما حدث مع عمر حاذق ـ هو شاعر من الإسكندرية تم منعه من السفر أثناء سفره لهولندا لاستلام جائزة حرية التعبير ـ أم منع بسبب قضية حسبما قيل لي، ولكن أيضًا إذا كان بسبب قضية فأنا لا أملك أوراق رسمية حتى أستطيع الطعن على القرار.

وماذا عن توقعاتك لطبيعة هذه القضية إذا كان هذا هو السبب الحقيقي؟
لا يوجد شئ ضدي؛ ولكن ما أعلمه جيدًا أنه لا يجوز منع شخص من السفر وبعد ذلك أبحث له عن تهمة أو سبب إلا في "الدول البوليسية".

هل هناك تناقض بين تجديد الخطاب الديني وموجة الاتهامات في قضايا ازدراء الأديان؟
هذا السؤال يوجه للدولة، كيف تتبنى خطاب وتنفذ عكسه، ما أعرفه تماما أن الأسوأ من المتشدد دينيًا أو المتطرف هي الدولة التي تُزايد على هذا المتطرف، هذا ما يذهب بنا للحالة التي نحن فيها، أشخاص يصدقون أن هناك مطالبات فعلية بتجديد الخطاب الديني وعندما يبدأوا في الاجتهاد ـ الذي ربما يصيب وربما يخطئ ـ يفاجأوا بتهم ازدراء أديان وأحكام حبس مثل كرم صابر الذي صدر بحقه حكم بخمس سنوات لمجرد أنه كتب رواية لها علاقة بالتراث، وفي الاتهام كانت إحدى جمل راويته "أنه نظر إلى البر الغربي ولَعن" والمعروف في التراث أن البر الغربي هو الموت فكيف لي أن أحاكم شخص على شئ أنا لا أفهمه.

إذًا ترى أن تجديد الخطاب الديني مجرد شعارات؟
إذا صدقنا التصريحات التي تُقال من الرئيس والأشخاص على رأس النظام ستكون مصر مثل الدول الاسكندنافية (أكثر الدول ديمقراطية)، لكن ما أراه من أفعال هو نموذج مشوه لديكتاتوريات أمريكا اللاتينية.

وماذا تعني بـ "نموذج مشوه لديكتاتوريات أمريكا اللاتينية"؟
ديكتاتوريات أمريكا اللاتينية تعني أن هناك حكم عسكري به قمع لكنه يحارب الفساد ويحسن من الحالة الاقتصادية للشعب بخطط اقتصادية حقيقية، فبعض الناس يقبلوا بغياب حريتهم في مقابل لقمة العيش، ولكن ما يحدث هنا هو عدم وجود حريات أو محاربة فساد أو حتى خطط اقتصادية حقيقية واضحة، بل بالعكس نرى 22 دراجة نارية في موكب الرئيس في دولة فقيرة وتعاني، الدراجة الواحدة بحسب تقديرات الخبراء في هذا المجال لا يقل ثمنها عن 300 ألف جنيه، وهذا يعني أن رموز الحكم هم من يستأثرون بالثروة في مصر.

كيف ترى الجهود بين الداخلية والقومي لحقوق الإنسان بشأن الاختفاء القسري؟
المجلس القومي متواطئ، لأنهم إذا كانوا لا يعلمون فكان لابد أن يأتي من عينهم بأشخاص يفهمون جيدا، فالاختفاء القسري يعني أن السلطة أو المقرب منها يقبض على شخص بالمخالفة للقانون ويضعه في مكان غير قانوني ويخيفه وينكر أنه لديه، وبإظهار الداخلية لبعض الأشخاص بعد اختفائهم بمدة لا يعطي لها مساحة لتقول أنه لا يوجد اختفاء قسري، لأن الفترة منذ أن اختفى هذا الشخص حتى ظهوره تسمى اختفاء قسري. والتوقيع على اتفاقية الاختفاء القسري الدولية ليست ضرورية لأنه في النهاية جريمة اختطاف واضح المعالم يُعاقب عليه، ولكن لا يوجد جهة تُعاقب، والبلاغات لدى النيابة لا يتم تحريكها، فإذا كان هناك ضابط اختطف شخص وعذبه لانتزاع اعتراف منه أو أي سبب آخر ولم يعاقب فلن يمنع ذلك آخرون من ارتكاب نفس الفعل.

ما تقييمك لأزمة مستشفى المطرية؟
كلام الدكتورة منى مينا كان واضحا، فهناك أمناء شرطة تعدوا على طبيبين وعندما ذهبا إلى تقديم بلاغ في القسم تم احتجازهما في نفس القسم، وأصبحا محتجزين بسبب تقديمهم لبلاغ، وتم الضغط عليهما للتنازل حتى تنازل أحدهما، في مقابل إخلاء سبيل أمناء الشرطة، ولذلك فليس هناك معنى لسيادة القانون وفي تقديري المشكلة ليست في أمناء الشرطة ولكن في الجهاز الذي يعمل به الأمناء وهي وزارة الداخلية والتي أصبحت فوق القانون ولا تحاسبها النيابة مع وجود عوامل تساعدها من قانون تظاهر وإعلام يساندها وأصبح يسود "قانون الغابة".

ما رأيك في التعامل مع حادث مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني؟
هناك مثل يقول "يكاد المريب يقول خذوني" فكيف قبل التحقيقات، تصدر الداخلية بيانًا يقول أنه حادث سيارة، وهذا ليس مرة واحدة أو غلطة ولكنه حدث وقت مقتل شيماء الصباغ وخالد سعيد، إنما يكون هناك تراث من الكذب ثم أكذب مرة أخرى في واقعة مثل هذه. لن أقول أنهم متورطون ولكن هذه التصرفات تثير الشك وعلامات الاستفهام حول وزارة الداخلية خاصة وأن ممارسات الداخلية معروفة والتعذيب يتم بصورة منهجية، ولكن استباق التحقيقات والكذب وعدم انتظار تقرير الطب الشرعي، فما يجعل وزارة الداخلية تكذب يعني أنها تُخفي حقيقة.

طبيعة الأبحاث التي كان يقوم بها ريجيني والخاصة بالنقابات المستقلة، في رأيك وراء مقتله؟
الدولة إذا أرادت أن تتعسف مع شخص أجنبي غير مرغوب فيه فتمنعه من دول الأراضي من البداية، ولكن بمجرد دخوله لمصر لا تكون الدولة مسؤولة فقط عن عدم تعذيبه بل مسؤولة عن حمايته، ولكن ما حدث هو أن الداخلية لم تحمي هذا المواطن وهذا تقصير، متورطة أم لا في مقتله هذا شئ آخر، ولكن بيانها عن مقتله في القانون يسمى "قرينة" من الممكن أن تستخدم ضدها.

هل ترى ثمة تناقض بين حديث الدولة عن حرية الرأي واستمرار احتجاز الصحفيين؟
الدولة تقول ما يحلو له ومن يشاء يصدق فعليه، ولكن أنا يهمني الفعل، فأحد الصحفيين كشف تزويرًا رسميًا، وأرسل خطابًا للنائب العام أن والده تم القبض عليه ظهرًا، والمحضر الرسمي مكتوب فيه أنه تم القبض عليه 7 مساءً، في هذه الحالة لا يرد النائب العام، ويخرج إعلامي تابع للنظام يقول أنكم تريديون هدم مصر، وهذا عار عليهم.

بالحديث عن الإعلام، وصفت الإعلام بالـ"مشوه" وانتقدت الإعلامي أحمد موسى، لماذا؟
أنا لم انتقده، بالرغم من أن ذلك ليس جريمة، فنحن علمنا ـ والحقوقي مثل الصحفي له مصادره ـ أنه يتم استدعاء بعض الأشخاص من جهات سيادية لتخويفهم حتى لا ينتقد، وأحمد موسى بالنسبة لهم هو مسطرة الدولة التي تقيس بها الآراء، فمن يقول خطاب مختلف عن أحمد موسى يتم تهديده، وأحمد موسى ومحمد الغيطي وغيرهم من إعلاميي "الأسطول السادس" هم المقبولون من الدولة.

وهذه نقطة سوداء في تاريخنا عندما يكون هؤلاء الإعلاميون متتصدرين للمشهد الآن، والإعلاميون المهنيون يتم عدهم على أصابع اليد الواحدة، وهنا لا أقصد الشباب أنا أتحدث عن التليفزيون الرسمي والخاص والصحف المطبوعة، لأن الأمل مازال في صحافة الإنترنت.

هل تتوقع أن يحقق الإعلاميون الشباب وصحافة الإنترنت تغييرًا خلال الفترة القادمة؟
الإعلام غير الرسمي والإنترنت ليس بشئ هين نستهون به، فهناك 55 مليون مستخدم للإنترنت وأغلبهم من الشباب، فبالطبع الإنترنت قادر بقوته على ان يكون إعلامًا بديلًا، لأنه قادر بقوته أن يسحب ورائه الإعلام التقليدي من صحافة وتليفزيون ورغم أن الطريق طويل ولكنهم مستمرين.

قلت سابقا النظام الحالي سيُحول المصريين لمرضى ساديين، ماذا كنت تقصد؟
واقعة جوليو ريجين تم التعامل معها على أنه تجاوز، بمعنى أننا متقبلون ذلك والناس تبلدت فيها المشاعر وأصبحنا نقبل الضرب والإهانة كأنه شيئًا عاديًا، وهذه سادية، بل هناك أشخاص يدافعون عما حدث له البعض قال إنه وقح وجاسوس ومعارض للدولة، ولكن كل ذلك لا يعد مبررًا لإساءة المعاملة، إذا كان خرق القانون يتم محاكمته ومحاسبته بآدمية، فهل سمعنا قبل ذلك عن أحد من نظام مبارك اللص بناء على المستندات تم إهانته أو ضربه، فللأسف لدينا أشخاص من استمرار القمع أصبحوا ساديين ويرون أن الانتهاك شئ عادي، ولكن الانتهاك جريمة ومن يقوم به مجرم ولابد من محاسبته.

هل ترى أن البرلمان قادرًا على مناقشة القوانين التي تمس حقوق الإنسان؟
في رأيي، أنا أتعامل بأنه ليس هناك برلمان، لأنه من المفترض أن يكون منتخبا والبرلمان الحالي أشبه بالبرلمان المُعين وأنا فاقد الأمل فيه، ليس لدي قناعه أنه ربما يناقش القوانين بشكل جاد ولكن قناعاتي بأنه ربما يزيد من الأمور سوءًا.

طالب وزير العدل بقتل الإخوان ثأرًا لأفراد الشرطة، كيف ترى هذه التصريحات؟
تصريحات الزند تعيدنا لما تحدثت عنه من وجود تبلد في المشاعر، وتصريحات وزير العدل الذي سبقه عن أبناء عاملي النظافة كانت سببا في إقالته من منصبه ليس بسبب القانون ولكن بضغط من الناس فأقيل ولكنه لم يعاقب فماذا حدث، خرج وزير العدل الحالي وألقى بتصريحات تحث على العنف وأيضا لم يحاسب، فعندما يتحدث شخص عن القتل لا يستطيع أن يتحدث عن محاكمات عادلة وما بالكِ إذا كان هذا الشخص هو وزير العدل، هذه كارثة.

لماذا لا تعترف إلا بثورة يناير بالرغم من اعتراف الدستور بثورتي يناير و30 يونيو؟
بالطبع أنا اعترف بثورة 25 يناير فقط، لأن 30 يونيو كانت تظاهرات للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة وليست ثورة، وأنا كنت أفضل أن يُجرى وقتها انتخابات مبكرة.

كيف ترى إبداء الرئيس ملاحظاته على قرار رفض البرلمان لقانون الخدمة المدنية؟
هذا يؤكد أن فكرة الرئيس عن الديمقراطية غير صحيحة، وأن هذا ليس برلمان، وأنهم يلعبون "ملك وكتابة" على القوانين وليس مناقشة حقيقة لها كما قال الدستور، فهذا برلمان الحكومة وليس الناس.

أنت ممنوع من الظهور في الإعلام الرسمي، هل كل الحقوقيين يتعاملون بنفس الطريقة؟
أنا ممنوع من الظهور ضمن آخرين، وليس كل الحقوقيين يتعاملون بنفس الطريقة، ولكن هناك "حقوقيين النظام" لا يظهرون فقط في الإعلام ولكنهم يسافرون للتمهيد لزيارات الرئيس بالخارج ويتحدثوا عن الأوضاع الجيدة في مصر، وأنا ذكرت بعض الأسماء وهؤلاء ذهبوا إلى ألمانيا أثناء زيارة الرئيس.

تعيين الإمارات وزيرًا للسعادة كان له أثره على الشارع المصري، كيف تقيم هذه الخطوة؟
الإمارات دولة قمعية لديها 94 سجين رأي، وأعنف حملة قبض في الإمارات منذ تأسيسها تحدث الآن، لدرجة أن هناك دكتور بالجامعة معتقلًا، فابنه انتقد وقال والدي مسجون ظلم فتم حبسه عامًا، فالحديث عن السعادة لا يهمني وما يهمني هو ما يحدث على الأرض، فالإمارات والسعودية دولتان مستبدتان وتدعمان الثورات المضادة، وأكثر الدول ديمقراطية ليس لديها وزيرًا للسعادة، فما يحدث هو تزيف وعي لمن يريد أن يصدق.

ما رأيك في التقريرين السنويين لمنظمتي هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، اللذان هاجما مصر؟
هاتان المنظمتان ليستا في عداء معنا ولكن مصر هي التي تعاديهما لأنهما تتحدثان عن أرقام وحقائق، فعندما تقول مثلا أن هناك أوضاع سيئة في الصحافة تذكر أسماء صحفيين محتجزين ومقالا وطبعات تم منعها، فهذه المؤسسات لديها مصداقية ودورها ليس تلميع الأنظمة وهي تعمل على كافة الدول بما فيها مصر، ولكن مصر الانتهاكات بها زادت توحشا فتعاديهما، وهاتان المنظماتان لا يوجد في مصادقيتهما في العالم كله، وأنا أرد عليهم بأن أذكر أسباب ما يذكرونه في تقاريرهم وليس اتهامهم بالكذب دون رد.

وفي الحديث عن أمل بوجود حرية رأي، فنحن ليس لدينا حرية رأي تسمح بها الدولة وأنا اتفق مع ذلك وهناك إخماد للأصوات المنتقدة، ولكن هناك إنترنت ولكن للأسف من يكتب عليه يدفع ثمن ما يكتبه فالعقاب يأتي بعد أن يكون نُشر الرأي، لكن في الصحافة الأمر مختلف فيمكن منع عدد جريدة قبل صدورها وهذا حدث حتى في صحف مقربة من النظام.

إذا هل فقد المواطن الأمل في التغيير ومثالا على ذلك العزوف في الانتخابات البرلمانية؟
أنا أرى أن استمرار صوت المعارضة هو نتيجة للوعي عند الشباب وهذا ليس من الضرورة أن يكون مؤيدًا ولكن أن يعبر عن رأيه لأنه أفضل كثيرًا من اللامبالاه، فيرفض أن يمشي بجوار "الحيط" ولكنه ينتقد ويقاطع والدولة تعلم أن أغلب المواطنين من الشباب وتعلم أن لديها مشكلة معهم، ولذلك فالآراء التي يعبر بها الشباب على الإنترنت ومقاطعة الانتخابات جزء من جبل جليد يسمى الغضب.

بعد 5 سنوات على ثورة يناير، ما قيمة المكاسب التي حققها الشعب، وما ثمن ذلك؟
في وجهة نظري أن المكاسب التي تحققت ليست بسيطة، فأصبح هناك وعي، والمواطن استعاد إحساسه ببلده وأصبح يعبر عن رأيه سواء كان مؤيد أو معارض، وعلى الرغم من أن أغلب رموز نظام مبارك تم تبرأته إلا أننا نعلم جيدًا أنهم لصوص، كما أننا انتهينا من وهم الإسلام هو الحل على الرغم من استمرار بعض المؤيدين، وهذا طبيعي لأن المواطن لا يعلم حقيقة أمر إلا بعد تجربته، مثل الطفل الذي لا يعلم سخونة الشئ إلا بعد أن "يتلسع" منه، (فنحن اتلسعنا من الإخوان وعلمنا حقيقتهم والآن نتلسع من الدولة العسكرية)

وبما أن هذه هي ثورة الشعب بقيادة الشباب، فالشعب هو من دفع الثمن من محتجزين وأشخاص يُشهر بهم، فنحن الآن ندفه ثمن الديمقراطية ولكنها آتية أتية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان