إعلان

هل يحق للمواطن المصري إبداء رأيه بشأن الالتحاق بالخدمة العسكرية؟ - (تقرير)

07:33 م السبت 14 مايو 2016

الخدمة العسكرية

كتبت ـ هاجر حسني:

أصدرت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، قرارها رقم 34 لعام 2000، نصت فيه على "أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمان، فضلًا عن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين والحق في عدم التعرض للتمييز"، وذلك طبقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أن اللجنة اعترفت في قرارها رقم 77 لعام 1998 بحق كل فرد في إبداء "الاستنكاف الضميري"من الخدمة العسكرية، كممارسة مشروعة للحق في حرية الفكر والوجدان والدين، على النحو المنصوص عليه في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتعليق العام رقم 22 للجنة المعنية بحقوق الإنسان، الذي اعتمدته في دورتها الثامنة والأربعين والتي عقدت في عام 1993.

ويُعرف الاستنكاف الضميري، برفض الشخص الالتحاق بالخدمة العسكرية، بناءً على معتقدات دينية أو مذهبية أو إنسانية، تُفيد بأنه شخص "سلامي"، ولا يميل إلى حمل السلاح، مُستندين في استنكافهم لقرارات حقوقية غير ملزمة.

ودعت اللجنة، الدول باستعراض قوانينها وممارساتها، فيما يتصل بمسألة الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، في ضوء قرار اللجنة 1998/77؛ وطالبت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أن تُعد تجميعًا وتحليلًا لأفضل الممارسات فيما يتصل بالاعتراف بحق كل فرد في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، وبتوفير أشكال خدمة بديلة، استنادًا إلى أحكام قرار اللجنة 1998/77، وأن تلتمس هذه المعلومات من الحكومات والوكالات المتخصصة، وكذلك من المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة بالموضوع، وأن تقدم تقريرًا يتضمن هذه المعلومات، إلى اللجنة في دورتها الثامنة والخمسين في إطار البند الفرعي المعنون "الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية" من البند المناسب من جدول الأعمال.

"الإلتزام بالقانون"

ويقول محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن الاستنكاف الضميري، فكرة منتشرة بين الشباب، خاصة في الدول الاستعمارية مثل أمريكا، فهناك شباب كثر رفضوا التجنيد في فترة حرب فيتنام، ومثل إسرائيل، فلديها شباب يرفضوا الالتحاق بالجيش؛ لأنهم يرون أن هذا الجيش يستهدف المدنيين العُزل وليس المواقع العسكرية.

وأضاف زارع، أن "مصر غير ملتزمة باتفاقية الاستنكاف الضميري، وحتى الآن لم تصدر أي وثيقة من الأمم المتحدة، بهذا الأمر، وحتى إذا صدر لن يكون إلا بإرادة الدول، كما أن المطالبة بتوفير هذا الحق غير دستوري وقانوني، لأن هناك قانون ينظم الخدمة العسكرية وله شروط معينة، كما أن الدولة لها التزامات دولية ومن حقها أن تفرض قانونًا للتجنيد الإجباري والخدمة المدنية، ومعظم دول العالم لديها قانون التجنيد الإجباري".

وعن حصول بعض الشباب على إعفاء بعد اعتناقهم الاستنكاف الضميري، أوضح زارع أن "الإعفاء لا يكون إلا لأسباب بعينها في قانون التجنيد، وجزء آخر يتعلق بتقدير السلطات، كوجود شخص له نشاط سياسي معين ويمثل خطر على الأمن لأنه من المفترض ألا ينتمي أي شخص له خلفية سياسية إلى المؤسسة العسكرية، وكذلك إذا كان الأقارب من الدرجة الأولى لهم أيضا اتجاه سياسي، بالإضافة إلى الاكتفاء من المتقدمين للخدمة العسكرية، وبناءً عليه يتم إعفاء هذه الدفعة أو جزء منها".

وتابع "لا يمكن لأحد أن يمنع شخص من التعبير عن رأيه، طالما هذا الشخص لم ينتهك مواد الدستور؛ فمن حقه أن ينادي بما يشاء، ولكن حاليًا مَن يرفض التجنيد يتعرض للمحاكمة، وسيظل الاستنكاف موضوع أخلاقي لأن هناك أشخاص ترى أنها لا تستطيع حمل السلاح، وإذا كان هذا الشخص معترض على التجنيد فعليه أن يسلك مسلك قانوني للاعتراض عليه".

ضوابط

وفسرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي تستعرض تنفيذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الحق في حرية الفكر والوجدان والدين وتطبيقها فيما يتعلق بالاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية.

وبيّنت، في تعليقها العام رقم 22 لعام 1993 أن العهد لا يشير صراحة إلى الحق في الاستنكاف الضميري، بيد أن اللجنة تعتقد أن هذا الحق يمكن أن يستمد من المادة 18، حيث أن الإلزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطير مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة، وهي تركز على استخدام القوة بهدف القتال، باعتبارها المحور الذي يدور حوله الاستنكاف الضميري.

من جانبه، قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن "هناك قرارًا من لجنة حقوق الإنسان رقم 77 لعام 1998 يؤكد حق كل فرد في إبداء الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، وهو حق مشروع وفقًا للمعايير الدولية، ولكن مصر لم تأخذ به"، لافتًا إلى أن الخدمة العسكرية في مصر إجبارية، والمتهرب منها يتعرض للمحاكمة، فالمطالبة بالإعفاء من الخدمة العسكرية لابد أن تكون لسبب قوي حتى لا تعتبر تهرب من الخدمة.

وأضاف أبو سعدة، أن "هناك معتقدات لبعض الأشخاص تمنعهم من الالتحاق بالخدمة العسكرية، مثل شروع بلد مسلمة في الحرب على دولة أخرى مسلمة، وبالتالي يكون دافع الشخص مهم، وهو رفضه للحرب مع دولة مسلمة، وهو ما حدث في عام 1991 مع مجند احتياطي مصري أثناء حرب الكويت والعراق، حيث رفض الاشتراك في الحرب"، موضحًا أن "المطالبة بحق الاستنكاف لابد أيضًا أن يكون مقننًا، بمعنى أن يكون معتقد الشخص الديني أو المذهبي يؤمن بالسلمية المطلقة، التي تمنعه من قتل أي كائن حي حتى ولو حيوان، وليس لمجرد رفض الشخص للخدمة".

الاستنكاف الجزئي

وتابع أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن "هذه المعتقدات موجودة في دول كالهند وإسرائيل، التي عاقبت عدد من الضباط الرافضين للاشتراك في قتل المدنيين في فلسطين وعدم استهداف مناطق عسكرية، وهو ما يعتبر استنكاف جزئي برفض حالة معينة، ولكن رفض الالتحاق من الأساس يعتبر تهرب".

وعن مجموعة القرارات الصادرة من الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في هذا الشأن، أوضح أبو سعدة، أن "مجموعة الحقوق تلك تُعتبر مبادئ أساسية وقاعدة عامة مجردة، وكل شخص لابد أن يحتكم في هذه المسألة لعقيدته وليس لمجرد رأيه الشخصي"، مضيفًا "إذا كان الشخص مسيحيًا؛ فعليه أن يحتكم لأمور دينه وكذلك إذا كان مسلمًا، لافتًا إلى أنه في بعض الأحيان يكون الحق في الحياة مباح للانتهاك إذا كان هذا الشخص عدو أو يهدد أمن البلاد، كما أن القوات المسلحة قائمة على الدفاع ضد أي محتل أو عدو فقط، وبالتالي فالالتحاق بالجيش مهمة مقدسة".

إخلال بالمؤسسة العسكرية

ورأى شريف هلالي، رئيس المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، أن "الاستنكاف الضميري فكرة جديرة بالمناقشة، لأنها تطبق في كثير من دول العالم، لأن هناك أشخاص غير قادرين على التعامل بعنف أو مؤمنين برفض الحرب"، لافتًا إلى "أن الشخص إذا دخل الجيش مجبرًا لن يؤدي التزاماته بشكل جيد، خاصة في حالة الحرب".

وأضاف هلالي، أنه "حتى إذا تم إجبار هؤلاء الأشخاص على الالتحاق بالجيش؛ فربما ينقلون معتقداتهم لباقي المجندين، وهذا سيخل بانضباط المؤسسة العسكرية، وبالتالي فمن المصلحة أن يتم عرض هذه الفكرة على المستوى الحقوقي، وبالطبع هناك مخاوف من أنه إذا تم السماح بهذا الأمر أن يطالب الجميع بالإعفاء من الخدمة".

وتابع هلالي، "إن وجود هذه الحالات في الجيش لن يفيد المؤسسة العسكرية، وبالتالي لابد من بحثها من خلال أطباء علم النفس، ومحاولة التعرف على الأسباب الحقيقية لهؤلاء الأشخاص قبل إعفاءهم، كذلك من الناحية الحقوقية لأن هذا يعد جزء من حرية المعتقد، والتأكد من أن هذا الشخص غير مُدع، وبالطبع سيتطلب ذلك وقتًا طويلًا للتنفيذ في مصر، ولكن من الممكن أن يُنفذ بالقياس على الأزمات الصحية باعتبار هذا الأمر عائق نفسي، وسيؤثر على أداءه في الخدمة"، لافتًا إلى أن قرارات مجلس حقوق الإنسان ليست إلزامية، وتنفيذها سيحتاج لتعديل في الدستور والقوانين المصرية، وهذا سيتخذ وقتًا طويلا لتحقيقه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان