اقتحام الداخلية لنقابة الصحفيين.. "دولة" تتناوب على جسد صاحبة الجلالة - (تقرير)
كتب - محمد قاسم:
سابقة لم تشهدها نقابة الصحفيين من قبل منذ نشأتها في اربعينات القرن الماضي، حيث اقتحمت قوات الأمن مبنى ''قلعة الحريات'' مساء الأول من مايو وألقت القبض صحفيين اثنين كانا معتصمين داخل جدرانها احتجاجا على تفتيش قوات الأمن منزلهما بحثا عنهما بزهم اتهمهما بالدعوة للتظاهر.
قوات الأمن نفذت أمر الضبط والإحضار الصادر من النيابة – كما تقول الداخلية في بيان لها – دون تواجد نقيب الصحفيين أو من ينوب عنه فيما عدّه البعض انتهاكا لحرم النقابة.
ثلاث محاولات
في حوالي التاسعة مساءً، اقتحمت قوات الأمن مبنى نقابة وألقت القبض على الصحفي عمرو بدر، رئيس تحرير ''بوابة يناير''، والصحفي محمود السقا الصحفي في نفس البوابة، أثناء اعتصامهما داخل مقر نقابة الصحفيين تنديدا بمداهمة قوات الأمن لمنزليهما.
وجاءت مداهمة قوات الأمن لمقر النقابة تنفيذًا لقرار النيابة العامة بضبطهما وإحضارهما، بتهمة التحريض على التظاهر في ''جمعة الأرض هي العرض'' يوم 15 إبريل.
وكشف أعضاء بنقابة الصحفيين، عن تفاصيل اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة.
وأوضح أعضاء النقابة -والذي يتحفظ مصراوي على ذكر اسمائهم؛ حفاظًا على أمنهم الشخصي- أن الأمن حاول اقتحام النقابة 3 مرات، اليوم الأحد، بثلاث طرق مختلفة.
وكانت المحاولة الأولى، عندما قام عدد من أفراد الأمن، بمحاولة استخدام ماكينة الصراف الآلي الموجودة داخل مقر النقابة، بينما رفض أفراد الأمن المنوطين بتأمين النقابة، ذلك، وطالبوهم باستخدام ماكينة أخرى خارج المقر.
وفي المحاولة الثانية، استعان أفراد الأمن المحيطين بمقر النقابة، بأحد عمال توصيل الطلبات التابعين لإحدى المطاعم الشهيرة بشارع شامبليون؛ من أجل دخول النقابة وإبلاغهم بمكان تواجد بدر والسقا، إلا أن مخططهم باء بالفشل، وفق المصادر.
وفي المحاولة الثالثة والأخيرة انتظرت قوات الأمن، رحيل أسر الصحفيين المعتقلين المعتصمين داخل النقابة، في التاسعة من مساء اليوم، (موعد رحيلهم اليومي)، ومن ثم قاموا باقتحام النقابة؛ لتسهيل مهمة العثور على عمرو بدر ومحمود السقا.
''السيسي لا يعلم!''
انتفضت الجماعة الصحفية وندد أغلب كبار الصحفيين بالواقعة، وأعربوا عن رفضهم لتصرفات وزارة الداخلية وطالب بعضهم بإقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار.
من جهته، قال ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، في تصريحات هاتفية لمراسل مصراوي اليوم الأحد، أنه تحدث مع رئاسة الجمهورية لاستيضاح الأمر، مؤكدًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي لا يعلم بواقعة اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة، وغير راضٍ عنه.
وأضاف رزق: ''اقتحام مقر النقابة مرفوض تمامًا، وما حدث لن يمر مرور الكرام وسيتم فتح تحقيق عاجل ومحاسبة من اتخذ هذا القرار''.
فيما استنكر الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، الوقعة وقال في تصريحات هاتفية لمراسل مصراوي، الأحد: ''إن كان صحيحًا ما حدث داخل نقابة الصحفيين فهذا خطأ كبير، لأنه لم يحدث طوال تاريخ النقابة''.
وأضاف مكرم: ''نظام الرئيس السابق حسني مبارك لم يجرؤ على اقتحام النقابات المهنية رغم الأزمات التي مرت بها العلاقة بينهما، وخاصة نقابة المحامين''.
النقابة تردّ
نقابة الصحفيين لم تتوان في الرد، حيث دعت إلى اجتماع عاجل لمجلس إدارتها. وقال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، إن النقابة بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية، ضد وزارة الداخلية.
وطالبت النقابة بإقالة وزير الداخلية. دعا مجلس النقابة في اجتماع في وقت متأخر مساء الأحد، إلى اجتماع الجمعية العمومية للنقابة يوم الأربعاء للتباحث في الواقعة.
كذلك أعلن يحي قلاش، نقيب الصحفيين، الاعتصام المفتوح في مقر النقابة، واعتبار مجلس النقابة في حال انعقاد دائم لحين عقد اجتماع الجمعية العمومية.
وأوضح قلاش في تصريحات خاصة لمصراوي، أن دخول رجال الأمن إلى النقابات، لا يتم إلا بأمر من النائب العام، وقال ''إذا كان النائب العام قد أصدر قرارًا بذلك فكان لابد من إخطارنا''.
وقال بيان صادر بعد الاجتماع إن الواقعة ''تؤشر على منهج جديد لتعامل السلطات المعنية مع النقابات المهنية''، ودعا كافة النقابات إلى تدارس الواقعة وتأثيرها على العمل النقابي.
رواية الداخلية
إلا إن وزارة الداخلية نفت ''اقتحام النقابة''. وقالت إن قوات الأمن كان معها أمر ضبط وإحضار للصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا.
وزعم اللواء أبو بكر عبدالكريم، مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام والعلاقات العامة في مداخلة هاتفية على قناة سي بي سي مساء الأحد، أن بدر والسقا ليسا من أعضاء نقابة الصحفيين، وهو ما يتنافى مع حقيقة أن بدر عضوا في النقابة وكان مرشحا على عضوية مجلس النقابة في الانتخابات السابقة.
وأوضح عبد الكريم أن الوزارة كان لديها معلومات حول اختباء الصحفيين داخل النقابة، مضيفًا ''عدد محدود من الضباط لا يتجاوز 4 أو 5 طلبوا ضبطهما من داخل النقابة''.
وفي وقت لاحق، أصدرت وزارة الداخلية بيانا قالت فيه إن القبض على بدر والسقا جاء وفقا لقرار النيابة، وبتنسيق مع مسؤول الأمن في النقابة، وإن الصحفييْن ''سلما نفسيهما طواعية ودون استخدام أي نوع من أنواع القوة''.
وتعرضت نقابة الصحفيين خلال شهر إبريل، لتضييقات أمنية وأغلقت قوات الأمن شارع عبد الخالق ثروت التي تقع فيه النقابة أكثر من مرة، خلال الاحتجاجات الأخيرة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية وتنازل الحكومة المصرية عن جزيرتي ''تيران وصنافير'' لصالح المملكة السعودية.
كما تعرض عدد من الصحفيين للقبض والتفتيش من قوات الأمن خلال تظاهرات 15 إبريل و25 إبريل الماضية.
اقرأ أيضا:
هل يحق للداخلية ''دستوريًا'' اقتحام نقابة الصحفيين؟ - (تقرير)
نقيب الصحفيين : أطالب بإقالة وزير الداخلية
الداخلية تنفي اقتحام نقابة الصحفيين.. وتؤكد ''بدر والسقا ليسا عضوين بها''
تفاصيل اقتحام نقابة الصحفيين: 3 محاولات أمنية.. وبدر والسقا في مكان مجهول
ياسر رزق: السيسي لا يعلم باقتحام نقابة الصحفيين من قبل الأمن
مكرم محمد أحمد: نظام مبارك لم يجرؤ على اقتحام النقابات
نقابة الصحفيين: ''وزير الداخلية ورط مصر في فضيحة عالمية''
صحفيون يدعون للتجمع أمام مقر النقابة اعتراضًا على اقتحامها من قبل الأمن
فيديو قد يعجبك: