إعلان

خبير: دراسات التغيير المناخي "ممولة".. ويفسر حقيقة تشريد 6 مليون مصري (حوار)

06:58 م الإثنين 23 مايو 2016

الدكتور صالح عزب

كتب - عبدالله قدري:

في الثاني والعشرين من أبريل الماضي الذي يواكب اليوم العالمي للأرض، وقعت 171 دولة بينهم مصر، على اتفاقية باريس للمناخ بمقر الأمم المتحدة، في تطور قال عنه مراقبون إنه يعزز من آمال تقليل تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري، ويلزم الاتفاق الدول الموقعة عليه، إلى خفض درجة حرارة الأرض درجتين مئويتين، من خلال الانتقال من مصادر الطاقة الملوثة للأرض كالفحم إلى مصادر أخرى صديقة للبيئة كالطاقة الشمسية.

لكن هل حصة مصر من غاز ثاني أكسيد الكربون كحصة الدول المنتجة للنفط حتى تلتزم بهذه الاتفاقية؟، وهل الاتفاقية وسيلة لكبح جماح الدول النامية من خلال تقليل أنشطتها الاقتصادية؟، هذه الأسئلة طرحها "مصراوي" على الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصادي البيئي بجامعة أكتوبر الدكتور صالح عزب في الحوار التالي لمعرفة الإجابة عليها.. وإلى نص الحوار..

كيف ترى الدراسات التي تحدثت عن التغير المناخي؟

دراسات التغير المناخي في مصر "غير صادقة". أغلبها ممولة ومطلوبة من جهات أجنبية، وتهول من قضية التغير المناخي، وأظن أن هذه الدراسات وقعت في شراك التسييس لتحقيق مصالح للدول المتقدمة.

ما هو وجه الاستفادة للدول المتقدمة من هذه الاتفاقية؟

يوجد اتجاه في الدول الغربية لرعب الشعوب من قضية التغير المناخي، وهم مستفيدون من ذلك، لأن هذه الدول، ومنها ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا واليابان، يعملون في التكنولوجيا الصديقة للبيئة (الخضراء – الكربونية)، والتي تطلق انبعاثات أقل من التكنولوجيا العادية، وهدفهم هو فتح سوق لهذه التكنولوجيا، وبالتالي فإنهم لن يستفيدوا من هذه التكنولوجيا إلا من خلال رعب الشعوب، وإلزامنا باتفاقية لتقليل انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون، ومن ثم نلجأ إليهم لشراء التكنولوجيا الصديقة للبيئة.

لكن هل يعني ذلك عدم جدوى اتفاقية المناخ في الحفاظ على البيئة؟

كانت قضايا التغير المناخي في أول ألأمر ذات بُعد أخلاقي تنادي بالمحافظة على الأجيال القادمة والبيئة وغيرها من القضايا الأخلاقية، لكن تم تسيسها واتخذت أبعاد اقتصادية، وأصبحت الشركات الكبرى ترفع شعار الراية الخضراء . لستُ ضد توقيع الاتفاقية، هو أمر جيد بالنسبة لمصر، لكن ينبغي علينا أن لا نصدق أن ثاني أكسيد الكربون فقط الناتج عن الأنشطة الاقتصادية هو المسبب الأوحد في ظاهرة التغير المناخي والاحترار العالمي.

هل هناك مسببات أخرى للاحترار العالمي غير ثاني أكسيد الكربون؟

هناك عوامل أخرى تساهم في الاحترار العالمي بجانب غازات ثاني أكسيد الكربون، وهما عاملان: أحدهما طبيعي يتمثل في التغيرات في الإشعاع الشمسي القادم إلى الأرض، الثورات البركانية، التغيرات في مدار الكرة الأرضية، وتحركات القارات، وتشكيلات الجبال الرملية، بالإضافة إلى التغيرات البيولوجية الأتية من الغلاف الجوي. أما العامل البشري فيتمثل في الأنشطة الاقتصادية الإنسانية المؤدية الى التغير في تركيزات غازات الاحتباس الحراري ومنها ثاني أكسيد الكربون.

أضف إلى ذلك أن هناك عوامل تسهم في تركيز غازات ثاني أكسيد الكربون بخلاف الوقود الأحفوري، وهي الأيروسولات (الجزئيات الناتجة عن صناعة الفحم)، الأنشطة الزراعية والحيوانية. إزالة الغابات وغطاء الأشجار والتصحر. كل هذه العوامل تساهم في الاحترار العالمي وليس ثاني أكسيد الكربون فقط.

إذاً.. بماذا تفسر الاهتمام الدولي بقضية المناخ؟

معروف أن الفحم يطلق كميات أكبر من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، أضعاف ما يطلقه البترول بالنسبة لكل وحدة طاقة حرارية. الغرب قلق من الصين والهند لأن معدلات النمو في تزايد وسريعة جدًا. والدليل أن أمريكا تطلق نسبة أكبر من الصين والهند فلماذا لا يشعرون بالقلق من أمريكا؟. في الحقيقة هم يحاولون كبح جماح النمو من خلال تقليل استخدام الطاقة، ومن البديهي أنه لا يوجد نشاط اقتصادي يقوم بدون استخدام الطاقة.

وما هو إسهام مصر من كمية الانبعاثات مقارنة بدول العالم؟

اسهام مصر في كمية الانبعاثات قليل جدا يُقدر بنحو 0.6 بالمئة، فهو لا يتجاوز الواحد في المئة، بينما أمريكا هي أكبر ملوث في العالم إذ تتطلق نحو 22% من الانبعاثات، تليها الصين في المرتبة الثانية 21%. وبالتالي لا يُعقل أن تقارن يساوي الغرب بين الدول ذات الانبعاثات أقل والدول الأكثر تلويثًا للبيئة.

كيف تفسر توقيع مصر على الاتفاقية بالرغم من ضعف نسبتها من الانبعاثات؟

توقيع مصر على الاتفاقية أمر جيد.. لكن كيف نلزم أنفسنا بتقليل نشاطنا الاقتصادي من الفحم ونحن لا زلنا نعتمد عليه اعتمادًا أساسيًا في الصناعات؟. إذا تخلينا عن الفحم فجأة كيف نسد جوع الفقراء. الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لم تتجه إلى قضية المناخ وغيرها من القضايا ذات البعد الدولي، إلا بعد أن حلت المشاكل الأساسية لديها من صرف صحي ومياه الشرب والقمامة، ثم أن الغرب لا زال يعتمد على الوقود الأحفوري ولا يستطيعوا أن يستغنوا عنه، فدرجة الحرارة تصل إلى 20 تحت الصفر، وبالتالي فهم في حاجة للغاز الطبيعي أو الفحم أو البترول في التدفئة والطهي وغيرها من أمور ضرورية للحياة.

كما أنك لا تستطيع إجبار الشركات والمصانع على الطاقة البديلة لأنها لا زالت مكلفة، ونحن في مصر لا زلنا نعتمد على الطاقة من الوقود الأحفوري.

كيف ترد على غرق المناطق الساحلية في مصر بسبب ارتفاع درجات الحرارة ؟

يوجد دراسات تقول بأن مصر من أكثر ثلاث دول ستضرر من التغير المناخي وهم (بنجلاديش، وهولندا، ومصر ) لأن - بحسب هذه الدراسات- فإن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى ارتفاع كمستوى البحر، وبالتالي غرق الأماكن المنخفضة، الدراسات التي تمت عن مصر عن هذه النتائج، اعتمدت على مسوحات ودراسات طبوغرافية، لم تؤخذ من هنا، كلها تمت في الخارج، وأخذنا نتائجها وسلمنا بها . 98% من هذه الدراسات تهول من ظاهرة التغير المناخي، بدليل أن الزيادة الأخيرة في درجات الحرارة في مصر حدثت ما بين أعوام 900: 1250 م، بالرغم أن وقتها لم يكن هناك تركيزات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الجو مثل الآن، لأن القفزة في تركيزات ثاني أكسيد الكربون حدثت بعد الثورة الصناعية. ولم نسمع وقتها عن مناطق غرقت أو 6 مليون مواطن تم تهجيرهم، كما تروج هذه الدراسات عن مصر.

كيف ترى مدى تجاوب مصر مع هذه الدراسات؟

للأسف هذه الدراسات جعلت مصر ساهمت في تشكيل مصر لجان فحص لقضية المناخ، هذه اللجان خسرت مصر أموالًا كبيرة، ذلك مثل تشكيل لجنة التغيرات المناخية، التي رأسها أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة السابق، حيث صرفت هذه اللجنة أكثر من مليار جنيه، على مصدات مواجهة آثار التغيرات المناخية. كل هذا جاء وسط العجز الاقتصادي والمشاكل الاقتصادية التي تعاني بها مصر، والسؤال هنا: لماذا كل هذا الانفاق على ظاهرة لم يثبت صحتها حتى الان، ومدى تأثر مصر بها غير معروف وغير محدد. لأن كلها توقعات. لا يمكن أن تقاس إلا على مستوى عقود زمنية كبيرة.

لكن ألا يعد ذلك جورًا على الأجيال القادمة؟

أكثر شيء مرتبط بالتغير المناخي هو مراعاة حقوق الأجيال القادمة في ما نملك من موارد. هذه النقطة فيها جدل وليس معناه الجور على الأجيال القدمة, لكن الأجيال القادمة ستكون أغنى مننا كما نحن أغنى ممن قبلنا، لأن هذه هي حركة التطور الطبيعي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان