وزير الري: نواجه تحديات كبرى لتوفير المياه.. وسد النهضة ملف الدولة المصرية كلها - حوار
كتب- محمد قاسم:
يسعى الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية، لبناء أفاق جديدة وإيجاد سبل بديلة لتفادي أية أزمات مائية مستقبلية تواجه مصر، حيث يرى أن استخدام المياه يصل إلى 80 في المئة وهى النسبة الأعلى إفريقيا في الوقت الذي تعد الأولى في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي المعالج، كما يوضح عبد العاطي أن ملف سد النهضة الأثيوبي هو ملف الدولة المصرية بمفهومها الشامل، وأن وزارة الري مسؤولة عن الجانب الفني في وضع تقييم فني لتأثيرات السد.
يُطالب وزير الري خلال مقابلة مع مصراوي، ببناء علاقات مع دول حوض النيل بالمفهوم الشامل للتنمية وليس طبقًا لمفهوم تنمية الموارد المائية أو التعاون المائي فقط، وبالتالي بناء جسور من الثقة تضفي مزيد من التعاون يسفر عن نتائج مرجوة فيما يخص ملفات المياه.
وإلى نصّ الحوار..
مصراوي: في البداية وضح لنا موقف مصر المائي الحالي وهل سنُعاني أزمة في المياه مستقبلًا؟
وزير الري: إيراد مصر من النيل 55.5 مليار متر مكعب محدد منذ 1959، حيث كان عدد سكانها 20 مليون نسمة، فكان نصيب الفرد حينها يتخطى 2000 متر مكعب مياه في العام، وخط الفقر الطبيعي يعني أن يصل استهلاك الفرد إلى 1000 متر مكعب.
وبحساب حصة مصر المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، على عدد سكان مصر في الوقت الحالي، 90 مليون نسمة، نجد نصيب الفرد 600 متر مكعب، وفي عام 2030 سيصبح عددنا 120 مليون فرد وسنتعامل مع نفس حصة مصر من المياه ونصيب الفرد سيقل عن ذلك، وهذا تحد كبير لأن استهلاكنا من المياه حاليًا 80 مليار متر مكعب: إذن كيف تكون حصة مصر 55.5 مليار متر مكعب والمواطن يستهلك 80 مليار متر مكعب، في كافة الاستخدامات، بينما تزيد الاحتياجات المائية لتلبية الطلب على الغذاء والأغراض الأخرى؟
بدأت جولاتك الخارجية في السودان وإثيوبيا ما يعكس اهتمام بالغ لأزمة بخصوص سد النهضة.. ماذا كانت نتائجها؟
لمسنا نوايا حسنة للتعاون، ولابد من تكثيف مصر لعلاقاتها مع دول حوض النيل بالمفهوم الشامل للتنمية وليس طبقًا لمفهوم تنمية الموارد المائية أو التعاون المائي فقط، وبالتالي بناء جسورًا من الثقة تضفي مزيد من التعاون يسفر عن نتائج مرجوة فيما يخص المياه.
ما آخر تطورات المفاوضات الثلاثية؟
لا جديد، منذ 3 أسابيع انتهى اجتماع اللجنة الثلاثية للتفاوض في أديس أبابا وتقاربت وجهات النظر حول النقاط الخلافية في الدراسات الفنية المقرر إجرائها لتقييم تأثيرات سد النهضة، لكن عقود المكتب الاستشاري الفرنسي – الذي يعد للدراسات- لم يحدد موعدا بعد لتوقيعها، وسنصارح الرأي العام بكل شفافية بأي تقدم يتم إحرازه.
ما ردك على تصريحات وزير الإعلام الأثيوبي عن الانتهاء من 70 في المئة من أعمال السد؟
قبل الرد على تصريحات وزير الإعلام الأثيوبي يجب التحقق من صحتها أولًا، وننسق مع وزارة الخارجية في ذلك.
برأيك هل وصلت أزمة سد النهضة لطريق مسدود؟ وما رؤيتكم؟
ملف سد النهضة تديره الدولة المصرية بمفهومها الشامل، ووزارة الري ملتزمة بالجانب الفني فقط من الملف، لكني أرى أن الأمر يحتاج لبناء جسور من الثقة والتعاون بين دول حوض النيل لتحقيق المنفعة للجميع، ولا نستهدف من خلال مفاوضاتنا مع إثيوبيا الخروج بمكاسب للمصريين فقط. وهناك بالفعل حلولًا كثيرة تتم دراستها لتخطي الأزمة الحالية، ولا أستطيع الخوض في الحديث عن تفاصيل تلك السيناريوهات، ولكن أؤكد أن هناك حلولاً، وعندما يتم التوافق في شأنها، سيتم الإعلان عنها.
ما تفسيرك لانخفاض منسوب المياه في نهر النيل مؤخرًا؟
هناك جفافًا في منطقة حوض النيل، وكمية الأمطار التي تتساقط أقل من المعتاد ونأمل أن يكون هناك تحسن خلال الأشهر المقبلة.
البعض انتقد دور السودان مؤخرًا تجاه مصر في أزمة سد النهضة.. ما تقييمك؟
السودان دولة شقيقة وبيننا وبينها مصاهرة، ولا يجب أن ننساق إلى أحاديث الإعلام التي تثير الحساسيات في زعمها أن الخطر يأتي من السودان، ويجب أن ننظر إلى الجانب الإيجابي في علاقات التعاون ولا نلتفت إلى الجوانب السلبية.
ماذا عن مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط؟
هو مشروع طموح وتنفيذه يتم على المدى الطويل للربط "الملاحي النهري" بين بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط سيكون ممرًا جديدًا للتنمية وشريانا لنقل التجارة والعمالة من الجنوب إلى الشمال والعكس، ويتطلب إرادة من بعض الدول.
ويهدف المشروع إلى فتح منافذ للدول الإفريقية الحبيسة على البحر المتوسط عن طريق نهر النيل، وسيكون نقلة كبيرة في العلاقات بين دول حوض النيل؛ حيث سيتضمن الربط الكهربائي وخط سكك حديدية وكابلات لنقل البيانات ما سينعكس على تحويل هذه المناطق إلى جاذبة للاستثمار المصري للزراعة فيها لتغطية احتياجاتنا من المنتجات الغذائية في ظل توافر هذه البنية لتحقيق شريان التنمية والحلم الحقيقي لشعوب حوض النيل.
وبتنفيذ ذلك المشروع سيتم تشجيع الاستثمار المصري في إفريقيا، وكذلك تشجيع التبادل التجاري والزراعي بين الدول الإفريقية، وهو الطريق الأسهل لحل مفاوضات المياه الأعوام الماضية.
وماذا عن خطة الوزارة لتطوير منظومة الري؟
هناك خطة من 2010 لإدارة الموارد المائية من ضمنها تطوير المنشآت المائية التي تقادمت ولم تتطور منذ عصر محمد علي، وعند حساب تكلفة الترميم وجدنا تقاربها مع بناء منشآت جديدة من بينها قناطر أسيوط (2012) لتحقيق أكبر استفادة من رفع كفاءة المنشآت المائية ومن ناحية توليد الكهرباء بقيمة 32 ميجا تكلفتها حوالي 100 مليون جنيه في السنة فضلاً عن تدريب مهندسي الوزارة على استخدام التكنولوجيا، كما قامت الوزارة بتأهيل القنطرة الخاصة بترعة الإبراهيمية، وتشغيل البوابات المائية للقنطرة بطرق حديثة.
ما دور الوزارة في مشروع المليون ونص المليون فدان؟
تقوم فلسفة مشروع المليون ونصف المليون فدان على استصلاح أراضي من 700 إلى 750 ألف فدان، بينما بقيّة المساحة هي للتنمية العمرانية والصناعية، وسنستخدم المياه الجوفية في المراحل الأولى للزراعة فقط؛ حيث أن غالبية المخزون الجوفي في مصر مياه غير متجددة، بينما سيتم توفير المياه للمشروع من خلال تدوير المياه الناتجة عن صرف المناطق العمرانية والسكانية والصناعية ضمن نطاق المشروع، والعمل على معالجتها واستخدامها أكثر من مرّة فهو مشروع تنموي متكامل وجاء كأحد الحلول الخاصة بمواجهة أزمة التغيرات المناخية وتأثيرها المتوقع على غرق مناطق في الدلتا. فلن نترك السكان الذين سيتضررون في هذه المناطق من دون أن نخطط لهم أماكن بديلة وفرص عمل.
تعدينا خط الفقر المائي وتلبية احتياجاتنا من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية سيكون من خارج الحدود.. ماذا سنفعل لمواجهة ذلك؟
لدينا في وزارة الري إدارة رشيدة ومحترفة للموارد المائية؛ حيث تمكنت من التعامل مع حصة المياه الثابتة منذ عام 1959 وتجعلها تكفي استخدامات عدد السكان الحالي، وهذا نتيجة إعادة تدوير المياه مرتين. وكفاءة استخدام المياه في مصر تصل إلى 80 في المئة وهى الأعلى في أفريقيا ومصر تعد الأولى في أفريقيا في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي المعالج، والفلاح المصري "شاطر" جدًا؛ حيث يستخدم المياه وعيد تدويرها مرات ولا يكلف الدولة كثيرًا. ونشارك في أكبر برنامج لمعالجة الصرف الصحي في أفريقيا لهدف اعادة استخدامها في الزراعة بمواصفات وزارة الصحة والبيئة، لسد الفجوة المائية المتزايدة نتيجة زيادة السكان، ونعمل مع دول حوض النيل لزيادة حصة مصر من المياه.
كيف ترى التغيرات المناخية؟
من أخطر التحديات التي تواجه الموارد المائية، لتأثيرها على ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط أمام سواحل الدلتا، وهو تحدٍ آخر، وتعمل الوزارة على تنفيذ برامج طموحة لحماية الشواطئ المصرية والدلتا من الغرق وهناك سيناريوهات للتغيرات المناخية مثل تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية بالدلتا. تؤثر التغيرات المناخية أيضًا على فترات الفيضان والجفاف فالتغيرات ستحدث فترات جفاف قوية وفيضانات عالية وهذا حدث في الـ20 عامًا الماضية، حيث كانت هناك بعض سنوات الفيضانات مرتفعة بشدة والعام الماضي تأثر بجفاف شديد لم يحدث في الـ100 سنة الماضية، لذا لابد من إدارة السد العالي إدارة رشيدة؛ لكي نحافظ على سلامته وسلامة المنشآت، ونحن نعمل ليلاً ونهاراً لمواجهة تلك التحديات.
فيديو قد يعجبك: